مقالات الأعداد السابقة

ما الذي يبحث عنه توماس فيست في لقائه مع العصبة الهاربة؟

التقى وزير الخارجية الأمريكي توماس ويست في تركيا مع هاربين من الحكومة السابقة، في الآونة الأخيرة.

مع سقوط النظام السابق، الذي ارتبط -في الغالب- بالعصبيات العرقية، والفشل في الحكم، والاعتماد المفرط على الدول الأجنبية، وتلوثهم بجميع أنواع الفساد؛ فقد هرب عدد من المسؤولين الحكوميين السابقين الذين كان لهم دور رئيسي في تكوين مثل هذه الهوية القبيحة إلى خارج البلاد.

هؤلاء هم الذين قدموا امتحانهم للشعب وللعالم خلال فترة حكمهم، ثم فروا من أفغانستان بالممتلكات المادية لهذا البلد ولهذا الشعب، وهم يتمتعون الآن بحياة مترفة، بعيدا عن أعين الشعب الأفغاني، مستهزئين بشرائح من الشعب الأفغاني، حيث خدعوهم ونهبوا ثرواتهم وأموالهم، وإذا وجدوا فرصة أحيانا يفتحون أفواههم استجابة لضغوطات استخباراتية من الدول المضيفة أو يعقدون اجتماعات رمزية لا روح فيها لإظهار وجودهم في الساحة السياسية، ولإظهار أنهم لا يزالون مؤثرين، ويطرحون وجهات نظرهم، أو يؤيدون قضية ويعلقون عليها، هؤلاء الأغبياء ما زالوا يفكرون في العودة إلى الفترة الذهبية من حياتهم في أفغانستان، عندما كانوا يتنمرون على الشعب المسكين  معتمدين على ما كان بيدهم من المناصب والممتلكات.

والآن بعد أن أصبحت أفغانستان -خلافا لرغبات الكثيرين- بلدا حرا، لديها إرادة قوية في أن تسلك طريق الاستقرار والازدهار من خلال التحكم في مصيرها، تلك الإرادة تعارضها عدد من الدول بحيث تسعى في إعادة الهاربين الذين انقرض تاريخهم إلى البلاد، وتسعى لفتح الطريق أمامهم للعودة إلى البلاد مرّة أخرى.

واليوم يُرفع شعار تشكيل الحكومة الشاملة في أفغانستان، وبالتأكيد أن الغرض من تشكيل مثل هذه الحكومة هو فرض نفس الأجندة السابقة التي كانت تمثل بالأمس القريب دولًا معينة في النظام الأفغاني المنهار، وكان لها اليد العليا في المناسبات السياسية والأمنية في أفغانستان. حيث يبحث (فيست) مع نفس الوجوه إعادة أفغانستان إلى نفس الفترة التي شارك فيها الأفغان بشكل صوري في صنع القرار.

المشكلة في أن توماس فيست وزملائه في البلدان الأخرى لم يقبلوا حتى الآن أن الأفغان لا يريدون الهيمنة عليهم، وأنه لا يمكن فعل ذلك بقليل من الأجندة الفاسدة المنبوذة، التي لم تعد ذات قيمة لدى الشعب الأفغاني، حتى يسلطوها مرة أخرى على مصير أفغانستان وشعبها. وإن هذا النوع من الجهود ليس غير بناء فحسب، بل يدل على أن الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تردد شعار الحكومة الشاملة في أفغانستان، لا زالت تتبنى رؤية الهيمنة على أفغانستان، ولم تتخلى بعد عن العديد من مخططاتها، واستراتيجياتها تجاه أفغانستان والمنطقة.

الولايات المتحدة والدول الأخرى، التي تردد شعار الحكومة الشاملة في أفغانستان لديها العديد من الأدوات والاستراتيجيات لتصعيد الأزمة في أفغانستان، ومن بين هذه الأدوات شخصيات هاربة وغير مرغوبة.

من ناحية أخرى، يسعى الأفغان إلى تحقيق رؤيتهم الخاصة واستراتيجيتهم وتفكيرهم لحل مشكلاتهم الداخلية وبناء حكومة لا مجال فيها للتدخلات الأجنبية.

إن الإمارة الإسلامية على استعداد لتقديم خدمات بناءة لمن يريد أن يشارك في تقرير مصير شعبه، ليكون فاعلاً وبعيدًا عن الإغراءات المالية، وسوف يلتزم مجلس لوي جرغا بالمطالب المشروعة للمشاركين ويقرر حل الكثير من المشكلات التي يسعى الأجانب في تضخيمها.

كما شكلت الإمارة الإسلامية لجنة للعلاقة مع الشخصيات الأفغانية من أجل عودتهم إلى البلاد، مما سيسهل العودة الكريمة للأفغان البعيدين عن الوطن الذين هم حريصون على خدمة وطنهم.

يجب على توماس ويست التفكير في التوافق مع الشعب الأفغاني كطرف مهم من القضية في أفغانستان، بدلاً من تصوير وتمجيد هؤلاء الفاسدين الذين لم يعد لهم مكان في المجتمع الأفغاني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى