
محاولة تكتيم أمريکا هزيمتها في أفغانستان
بقلم: بدير أبو مثنىلقد تنبأت الإمارة الإسلامية في تصريحاتها السابقة ومازالت مستمرة على تصريحاتها أن الإمارة في أفغانستان ستنتصر على الأشرار من الأمريكان ومن تحالف معها من الغربيين والشرقيين، وربما تنبأ بهذا التصريح غيرهم أيضاً،ولم تكن هذه التصريحات قطعا وفق الحسابات المادية لموازين القوى، ولو جرت وفق هذه المعايير لما تنبأ أحد بانتصار أفغانستان على أمريكا، ولكنها كانت وفق فهم واع للسنن الإلهية وكيف عامل ربنا عزوجل الجبابرة والطغاة في هذا الكون، بعد إجتيازهم لحدود الله، وصدق الله عزوجل إذ يقول (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا){43 فاطر}، ولكن الذي لم نتنبأ به هو ما يجري من إذلال لأمريكا فاق كل التصورات والحسابات رغم أنه أيضا من سنن الله عزوجل (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء) {26 آل عمران}، مما أفقدها هيبتها، ويجعلها غير قادرة بإذن الله رغم استعمال جميع وسائل البأس والقوة والتنكيل والاضطهاد، فالأمر إذن أكبر من الهزيمة، وهذا ما جعل الهيکل الأمريكي الحاكم المجرم يقول في ذهول واضح ” لم نكن نتوقع هذا الحجم من المواجهة”.
الإدارة الأمريكية في أفغانستان تقف اليوم عاجزة تماما، ومشلولة شللا كاملا، وقد فشلت فشلا ذريعا في إدارة المعركة، فالبيت الأبيض نراه مضطربا وهو يبحث عن سبيل للخروج من المستنقع، لأنه لم يعد أمام جنرالات الشر والإرهاب الأمريكان من حيلة إلا أن يخدعوا أنفسهم بالكذب الرخيص علاجا لما حل في نفوسهم من انهيار معنوي خطير، وأغرب ما في الأمر أنهم يكذبون بطريقة مفضوحة، وهذا يعني أن العقلية الأمريكية التي تفننت في قتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ في أفغانستان عمدا مع سبق الإصرار باتت عاجزة تماما عن تمرير أكاذيبها على أقل تقدير، وفشلها في إخفاء الحقيقة أفقدها مصداقيتها، فلم يعد أحد يصدق مزاعم أمريكا فيما تطرح من أهداف إنسانية من وراء احتلالها لأفغانستان وهي التي تستخدم أمام العالم أحدث المقاتلات الحربية في قصف البيوت في أفغانستان، ولم يعد أحد يصدق أمريكا في ما تعلنه من أرقام كاذبة عن عدد قتلاها وجرحاها، وقد فضحتها اللقطات الإعلامية الذكية، فعلى أفضل تقدير لا تعكس الأرقام المعلنة رسميا أكثر من 10% من الحقيقة، مما جعل الجندي الأمريكي أرخص جندي في العالم فهو يقتل ويوارى التراب دون أن يذكر اسمه، ولم يعد أحد يصدق التهديدات الأمريكية العنترية الفارغة بسحق المقاومة في أفغانستان قاطبة-وأجسادها النتنة بين ميت وجريح في الصور خير شاهد على ذلك-، لقد سقطت أمريكا في أفغانستان، وسقطت معها مشاريعها السياسية الهادفة بكل الحقد الصليبي إلى هدم العقيدة الإسلامية ودك أركان الإسلام الموجودة في صورة الإمارة الإسلامية.
وأسوأ ما ألم بأمريكا من وضع مخز أنها لا تدري ما تفعل، فهي تستحيل المكوث في أفغانستان، فالجنود الأمريكان قد انهاروا تماما، فمنهم من يعيش اليوم على العقاقير المهدئة للأعصاب حتى ينسى، ومنهم من يرى في الانتحار الحل الأمثل، وهي لا تستطيع مغادرة أفغانستان، فالمغادرة دون تحقيق الأهداف تعني نهاية أمريكا على أقل تقدير كقوة عظمى، وفي ظل الحالة الموجودة تغرق أمريكا يوما بعد يوم فيزداد وضعها سوءا وتعقيدا، فهل هناك من هو أسوء حالا اليوم من الشيطان الأمريكي؟، (وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ){59 يس}،
ألم تر كيف هزمت في كونر ونورستان وتجاب ووردك ولوجر وسروبي وقندهار وبكتيا وكذا في المناطق الشمالية الأفغانية وعلى أبواب مارجة الأبية (هلمند)؟
ومما لا شك فيه أن هذا الإذلال له آثاره الهامة لصـالح المسلمين لو استثمر جيدا إن شاء الله-
وهنا أحب أن أقول إلى أولئك المرتزقة من الداخلين والخارجين الذين لم يتركوا فرصة إلا وذكرونا فيها أن أمريكا قوية وأننا ينبغي علينا أن نتفهم الواقع، وأن ننحني للعاصفة، فأمريكا في قراءتهم للواقع لا تقهر، وغير ذلك من التعابير المهزومة، نقول لهم: إنكم في واقع الحال قد اتخذتم أمريكا ربا من دون الله، ولعلكم تشاهدون ربكم يذل في جبال أفغانستان على أيدي المجاهدين الأبطال الأبرار، وسوف لن يكون لکم قدرة بعد هذا اليوم على نشر الإحباط واليأس في نفوس المسلمين ، ولن ترى فيکم أمريكا بعد اليوم إلا مجرد طفيليات ضارة إن شاء الله .
وإلى تلك الدول التي تحالفت مع أمريكا في حربها على الأراضي الإسلامية عموماً والأفغانية خصوصاً، فاستجابت للإغراءات الأمريكية من النفط والبترول والمعادن وغيرها، فغاصت معها في فلوات أفغانستان وجبالها وأوديتها أقول لهم فمنكم من ذاق مرارة الحرب مثل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا مما جعل شعوبکم تلعن قادتکم، ومنکم من يترقب بمناظيره المجاهدين الأبطال فهو يؤمن أن الخطر سيدركه عاجلا أم آجلا فعليکم يا صناديد الظلم والجبروت بالخروج قبل أن تخرق أجسادكم طلقات المجاهدين وترك هذا الشعب الغيور الذي لا يتماشى معه أي نظام أخر سوى الإسلام وتاريخنا شاهد على ما نقول.
وإلى أولئك القادة المرتزقة الذين باعوا أنفسهم وكرامة أمتهم ومصالحها للشيطان الأمريكي مقابل دولارات قليلة، وأصبحوا في عداء مع شعوبهم مما جعل بقاءهم مرهون بالحماية الأمريكية،- أمثال: سياف، ورباني، ومجددي والجيش العميل..-نقول لهم :امتازوا من هؤلاء وسادة الشر والفساد في العالم وأعيدوا النظر في سياسة مشيكم مع فرعون القرن الحادي عشر-الأخطبوط الأعمى- وذلك قبل أن تخنقوا بحبال المجاهدين الواثقة مثل ما خنق نجيب وغيره، وإن أيام خروج سيدكم قريباً أيما كان إن شاء الله.
وأقول كذلك للذين يجاهدون في سبيل الله عزوجل من أبناء هذه الأمة،عليهم من الله يد واقية وعين كالية وحراسة كافية، المؤتمنين على ماضيها وحاضرها ومستقبلها ليتحركوا ولا يخافون في الله لومة لائم كي يفرضوا واقعا جديدا ينقذ الأمة من حالة الانكسار التي تعيشها اليوم، فقد آن لأهل الكرامة والجود إذن أن يبذلوا كل جهد مستطاع ليحطموا قيود الواقعية المهزومة، لقد آن لهم أن يعملوا مخلصين كي تتبوأ أمتهم العريقة المكانة التي تليق بها بين الأمم، آن لهم أن يحققوا لأطفال هذه الأمة ونسائها وشبابها وشيوخها-الذين ضحوا بمليون ونصف شهيد أيام الدب الأخرص وقريباً من هذا العدد أيام ذويه من الداخلين أنفسهم-الأمن والاستقرار، وأن يبنوا لهم مستقبلا أفضل يليق بأمة الإسلام، وأن ينفضوا عن كواهلهم غبار الذل والعار والهزيمة، وأن يعيدوا لهم ما سلب من كرامة.
اللهم وفقنا يا رب العالمين لإنجاز هذه الأمنية الغالية الدينية. آمين