مقالات الأعداد السابقة

مدينة هِرات؛ القلب النابض لاقتصاد أفغانستان

إدريس رحمتي

لطالما لعبت ولاية هِرات دورًا كبيرًا في الثقافة والفن والتراث الأفغاني والإسلامي على مرّ العصور، وهي اليوم تلعب دورًا بارزًا في اقتصاد أفغانستان في مختلف القطاعات الاقتصادية، مما سيجعل أفغانستان في قائمة الدول النامية في شتى المجالات بإذن الله.
فولاية هِرات كما كانت -ولا تزال- جوهرة أفغانستان التاريخية ذات الإرث الثقافي العريق؛ تشهد اليوم نهضة اقتصادية استثنائية تحت القيادة الحكيمة لإمارة أفغانستان الإسلامية بجهود لا تعرف الكلل، إذ صارت اليوم قلب الاقتصاد الأفغاني النابض، بفضل مشاريع البنية التحتية والصناعية الطموحة التي ترسم ملامح جديدة لمستقبلها. هذه المشاريع، التي تضفي بريقًا جديدًا على هِرات، تضعها في مسار التقدم لتصبح منارةً اقتصادية ليس فقط لأفغانستان، بل للمنطقة بأسرها.
ففي ظل حكم الإمارة الإسلامية، تشهد الولاية ازدهارًا غير مسبوق يجمع بين عبق الماضي وإشراق المستقبل، حيث نلاحظ بدء العمل على عدة مشاريع اقتصادية كبيرة من قبل الإمارة الإسلامية في هذه الولاية، منها:

 

۱. مشروع تابي الكبير
يُعد مشروع تابي أحد أهم المشاريع في هِرات. هذا المشروع، الذي يتضمن أيضًا خطوط السكك الحديدية، ومشروع الكهرباء والألياف البصرية، يُعد ممرًا حيويًا لتلبية احتياجات الطاقة، ويُسهم في خلق فرص عمل، وزيادة الإيرادات في جميع أنحاء أفغانستان. ونظرًا للموقع الجغرافي الاستراتيجي لهِرات؛ فإن هذا المشروع يحظى بأهمية كبيرة لما يحمله من آثار اقتصادية واجتماعية إيجابية للشعب الأفغاني.

 

۲. خط سكك حديد خواف-هِرات
يُعتبر هذا المشروع تطورًا مهمًا في مجال النقل والتجارة في هِرات، إذ لا يُسهّل فقط نقل البضائع، بل يعزّز أيضًا العلاقات التجارية مع الدول المجاورة. ويهدف المشروع إلى زيادة الوصول إلى الأسواق الدولية، مما سيلعب دورًا حيويًا في نمو الاقتصاد المحلي في هِرات بشكل خاص وأفغانستان بشكل عام.

 

۳. التطورات في المدينة الصناعية
لقد شهدت المدينة الصناعية في هِرات تطورًا كبيرًا منذ سيطرة الإمارة الإسلامية. فعدد الشركات الصناعية كان يبلغ 120 شركة عند بداية عهد الإمارة، واليوم، بفضل الله، وصل هذا العدد إلى 1150 شركة. هذا النمو السريع يدل على اهتمام قادة الإمارة الإسلامية بتطوير الصناعة وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية لتحويل أفغانستان من دولة مستوردة إلى دولة مصدّرة. وقد أسهمت هذه المراكز الصناعية في خلق فرص عمل للعديد من المواطنين. كما بدأ العمل على افتتاح مدينة صناعية أخرى كبيرة في هِرات ستكون مجهزة بأحدث التقنيات.

 

4. سد باشدان
يُعد سد باشدان، الذي يشهد تقدمًا كبيرًا في عمليات بنائه، من أهم الموارد المائية المستقبلية في هِرات، حيث سيُسهم في تلبية احتياجات الزراعة والري.

 

5. إنشاء محطة نقل كبيرة
بدأت في هِرات أعمال بناء أكبر محطة نقل في أفغانستان. هذا المشروع، الذي تبلغ قيمته 20.5 مليون دولار، سيُسهم في توظيف حوالي 4000 شخص بشكل مباشر وغير مباشر. وتقع هذه المحطة بالقرب من مطار (خواجة عبد الله الأنصاري) الدولي، ومن المتوقع أن تُسهم في تقليل الازدحام المروري في هِرات.

 

6. المناجم والموارد الطبيعية
تحتوي هِرات أيضًا على موارد طبيعية غنية يجري العمل على استغلالها، من بينها:
۱. منجم الملح
۲. منجم غوريان الكبير (چهار بلاك)
۳. منجم الحديد في غاجه ببشتون زرغون
4. منجم الرخام في چشت شریف
5. مناجم الفحم الحجري في نيك أوبي وكري.

يجري العمل بشكل مكثف على استغلال هذه المناجم، إذ تمثل جزءًا من الإمكانيات الاقتصادية لولاية هِرات. وإذا ما أُحسن استغلال هذه الموارد، فيمكن أن تُسهم في زيادة الإيرادات وتحقيق التنمية المستدامة في هِرات بشكل خاص وأفغانستان بشكل عام.
كما بدأ العمل على مشاريع كبيرة وصغيرة أخرى في هذه المدينة، ولكن بسط تفاصيلها يحتاج إلى وقت أطول.

كل هذه النجاحات وتحول هِرات إلى قطب اقتصادي في أفغانستان يعود إلى الجهود المستمرة والشاقة للشخصيات البارزة في البلاد، فقد كان لهم دور مهم في دفع عجلة المشاريع الاقتصادية في هِرات، مما يجعل هؤلاء القادة، الذين يولون اهتماماً خاصاً بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمدينة ولأفغانستان جمعاء، محل تقدير وثناء.
وفي ضوء التقدمات الأخيرة في هِرات، يمكن القول بأن هذه الولاية تشهد تحولًا لتصبح القلب النابض لاقتصاد أفغانستان. ومع استمرار الاستثمارات وتطوير المشاريع الحالية في هِرات، ستتحول هذه المدينة إلى واحدة من أهم المراكز الاقتصادية على مستوى المنطقة.
وبالجملة، نستطيع أن نقول: أن التاريخ سيقف شاهداً على تحوّل مدينة هِرات إلى قلعة اقتصادية مزدهرة تحت قيادة رؤساء ذوي رؤية بعيدة المدى. وما زال الأفق مفتوحًا لتحقيق المزيد من الإنجازات بفضل الإرادة الصلبة لقادة الإمارة الإسلامية، الذين سطروا أسماءهم بحروف من ذهب في سجل هذه النهضة الاقتصادية. ثم إن هذه الولاية، التي كانت يومًا مهداً للحضارة، تستعد اليوم لأن تكون منارةً للاقتصاد الحديث، تشع نورًا على جميع أرجاء أفغانستان والمنطقة، ليلتقي فيها الماضي مع الحاضر في لوحة فريدة من الازدهار والنمو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى