مشروع المفاوضات وآمال الشعب
منذ فترة استعد مسؤولو الولايات المتحدة الأمريكية للتفاوض المباشر مع المندوبين السياسيين للإمارة الإسلامية بعد إدراكهم لحقيقة الوضع على الأرض، وبدأت محادثات مهمة وبنّاءة بين الجانبين حول إنهاء الاحتلال الأمريكي، حيث أحيت آمال شعب أفغانستان المظلوم في رؤية بلاده مستقلة، إسلامية، يعمها الأمن والإستقرار.
بما أنه يتم مناقشة خروج القوات الأمريكية خلال المفاوضات، ومن جهة أخرى يصرح مسؤول رفيع كوزير خارجية أمريكا حول جديتهم في سحب القوات العسكرية من أفغانستان، فإن الشعب الأفغاني يرى في هذه الأخبار بشريات لحياة آمنة ومستقرة لهم في المستقبل القريب، إذ أن السبب الرئيسي للحرب الدائرة هنا هو وجود قوات احتلال أجنبية وقيمها بعمليات عسكرية ضد الشعب.
إن الشعب الأفغاني والمحللين في الشأن الأفغاني يعلمون يقينًا أن خروج القوات الأجنبية سيطفئ نار الحرب المشتعلة منذ 17 سنة، وسيتمتع الشعب الأفغاني بالحياة الآمنة بعد 40 سنة من المعاناة، إن شاء الله.
إن إمارة أفغانستان الإسلامية مثلما دافعت وحافظت على القيم الدينية ومصالح شعبها وهويته الأفغانية بكل شجاعة، وإخلاص، وضحت بالغالي والنفيس من أجل ذلك في ميدان الجهاد المسلح، فإنها الآن وقد حان وقت اقتطاف ثمرة الجهاد الجاري؛ تتخذ خطوات مدروسة، جديرة بالتقدير، في ميدان السياسة والدبلوماسية من أجل إنهاء الإحتلال، وبناء الدولة، وتحقيق السلام، ومن أجل فلاح ونجاح الشعب دينيا ودنيويا، وهي تسير إلى الأمام في هذا المشروع بكل حنكة واقتدار، ملتزمة بالأصول والضوابط.
ومن أجل أن لا تخيب آمال شعبنا المظلوم هذه المرة، يجب على جميع الجهات التصرف بمسئولية مع هذه الفرصة السانحة، وبما أن جزءا كبيرا من هذه المسؤولية تقع على الجانب الأمريكي، فعلى المسؤولين الأمريكيين ألا يظنوا بأنهم يواجهون جماعة أو حركة سياسية، بل ترتبط هذه المفاوضات بحياة واستقرار شعوب بأكملها، فيوميا يتكبد عدد كبير من الناس خسائر بشرية ومادية فادحة، وهذه الخسائر لا تلحق فقط بالجانب الأفغاني، بل تواجه الحكومة الأمريكية وشعبها اضطرابات منذ أكثر من عقد ونصف بسبب قضية أفغانستان، وتتكبد أيضا قواتها المحتلة خسائر بشرية ومادية كبيرة على الأرض.
بناء على ذلك فإن المسؤولية الأخلاقية تدعو لدفع المحادثات والمفاوضات الجارية إلى اتجاه منتج ومثمر، وبدل الاهتمام بمسائل تفصيلية وإجرائية وإيجاد عقبات وعراقيل، ينبغي التركيز على حل المعضلة الكبرى كهدف أساسي حتى لا تخيب آمال الملايين من عوام الناس المتضررين حول مآل هذه المفاوضات، حيث أن غايتهم الوحيدة هي الحياة وفق قيمهم في بلادهم.
نسأل الله عز وجل أن يوصل سفينة آمال شعبنا المظلوم هذه المرة إلى بر الأمان وأن يحقق أمانيهم بالعيش مرفوعي الرأس بعز وأمن وسلام.
و ما ذلک علی الله بعزیز.