مقالات الأعداد السابقة

مصیر الاحتلال أمام الأبطال

أبو فاتح السجستاني

لقد تدفق جيش الاحتلال الأمریکي بالتعاون مع الدول الصلیبیة الأخری، كالسيل الجارف إلى أرض أفغانستان في عام 2001م، واحتلها بقوة النار والحديد، والعنف والقتل والتهجير، ودخلها بقضه وقضیضه، وخیله ورجله، ومناطيده وطائراته، ورهطه ورباطه، وعدده وعدته، ودخلها في حشده وجيشه واحتلها، وهاجمها بالطائرات الفتاکة، والأساطیل الرابضة، والمدافع المدوية، والبنادق المسددة نحو الشعب الأفغاني.

دخل الأعداء بلاد الأفغان،‌ واحتلوا مدنهم وقراهم، وعاثوا وأفسدوا، وقتلوا الشیوخ والأطفال، وهتکوا الحریم، وانتهکوا المحارم، وارتکبوا العظائم، ودمروا المساجد والبیوت، والسکك والحارات، واستعملوا کل عقلیتهم ضد هؤلاء المستضعفین؛ حیث فاض ضرهم، وفشا شرهم، وتلظی البلد بعنادهم، والتهبت أقطار بلاد الأفغان بفضائض عداوتهم، وانتشر بغیهم.

لکن هذه الجرائم، لم تمنع الشعب الأفغاني من العمل في سبیل عقیدتهم، وقد قاموا رجالا ونساء، صغارًا وکبارًا، فخرج من بینهم الأبطال المساعیر، والأنجاد المغاویر، وکماة الوقائع، وحماة الحقائق؛ هؤلاء الذین کانوا یتساقون بینهم نجیع الدماء، لا یألون إقداما ولا ینکصون إحجاما، ولا یعرفون انهزاما، وشعارهم کان جلابیب الصبر، ودثارهم سرابیل القطر، حاربوا عدوهم بقلوب مطمئنة، وجرأة صادقة، خاضوا هائل الغمرات، وجابوا سطعة الوقعات، واتخذوا موقفا شامخا أمام احتلال بلدهم‌ من قبل جیوش الصلیبيين، وقدموا أرواحهم وممتلكاتهم في سبيل تحقيق غایتهم، وإن موقفهم أمام المحتلين لم تکن يداً تمتد إليهم حباً وذلاً؛ بل کانت یدا تحمل البنادق، وقلبا أقدم ولم یحجم، وتقدم ولم یعقب، وتقحم ولم یعرج، وبسيارات تحمل الأطنان من المتفجرات، وبرجال يحبون الموت في سبيل غايتهم، وبإيمان أقوى من جدر معاقل الصليبيين.

وبرزانتهم وشجاعتهم، أشرق صباح النصر من مطلعه، وعادت الأمور إلی منزعها، ورقوا إلی ذروة الفتوحات، وتعلقوا بعُراعر الانتصارات، وأجبروا الصلیبین بالانسحاب والفرار من أرض الغزاة؛ ومن عرین الأبطال.

وانهزمت جیوش الکفرة أمام ثلة من الرجال؛ هؤلاء الذین کانوا یعتمدون علی الذي خلقهم، ویثقون بعدله ورحمته، ویطلبون الموت شهداء في ساحة الحرب، ویقدمون دمائهم الزکیة حتی ینالوا علی غایتهم، وتکفنهم ثیابهم وتغسلهم دمائهم، وتصلي علیهم ملائکة الرحمن. ومصیر الاحتلال في مواجهة الأبطال، هو الانکسار والانهزام کما ورد عبر صفحات التاریخ، ولا یحکي عن المحتلین سوی مزبلة التاریخ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى