مقالات الأعداد السابقة

مظلومية المرأة الأفغانية

نواف المطيري

 

أولى الإسلام أهمية كبرى لحقوق النساء، فأوصى بهن النبي ﷺ خيرًا وحثّ على إكرامهن، فقال ﷺ: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم)[1]، وقال ﷺ: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي). وفي كتاب الله، أعطيت المرأة حقوقها كاملة، فمن حقها في الميراث إلى حقها في بيت الزوجية وحقها في المهر، إلى غير ذلك من حقوق المرأة التي كانت تُهمل في الجاهلية، فأنصفها الشرع الحكيم وردّ لها حقوقها، وذلك لأن المرأة محور أساسي في صلاح المجتمعات، فهي التي إن صلحت صلح الأبناء واستقامت البيوت واضمحلت المنكرات والتبرج والفواحش، فهي مربية الأجيال وأم العلماء والقادة، فكل عالم من علماء الأمة تجد له أمًّا مربية عظيمة تدعو له وتعلّمه أحسن الخصال.

 

سعي الغرب لإفساد المرأة

ولمكانة المرأة العظيمة في صلاح المجتمعات؛ سعى الغرب -بكل ما يملك من أدوات- لإفسادها؛ فوجّه لها الإعلام الهابط، وأخرجها في شتى مجالات الإفساد ونشر الرذيلة. وجعل الغرب قياس التزام المجتمعات بالإسلام بالتزام نسائهن بالحجاب ولزومهن بيوتهن ومحافظتهن على تربية أبنائهن، فإذا رأوا التزام المرأة بتعاليم دينها وعفّتها ورفضها الانسياق وراء الدعاية الغربية؛ وجهوا لها أسهم الإعلام وحاولوا -بشتى السبل- إخراجها من بيتها ونزع حجابها، ليصلوا إلى غاياتهم في خراب الأسر وتفككها، فيسهل عليهم الوصول إلى عقول الأبناء والبنات.

 

فشل الغرب في تغريب المرأة الأفغانية

رغم استمرار الحرب الأمريكية لمدة عشرين عامًا، ظلّت الأسرة الأفغانية والنساء في أفغانستان متمسكات بتعاليم الإسلام، ولم يغيرن ولم يبدلن بفضل الله ﷿؛ مما أثار حنق المحتل الذي شعر بالفشل في تحقيق أهداف حربه، إضافة إلى فشله العسكري، وفشله في بث سمومه الفكرية. فبدأ بحملاته التشويهية ضد الإمارة الإسلامية، وبث الإشاعات في موضوع تعاملها مع النساء. وبفضل الله تعالى، تفشل حملاتهم في كل مرة، وتصطدم بحقيقة أن الإمارة الإسلامية تعامل النساء وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية السمحة، وتجد المرأة كل خير وإكرام، لا كما يحصل في دول الغرب من جعلها سلعة لشهواتهم، تتعرى لكسب المشاهدات، وتخرج من بيتها لتعمل ليل نهار لتؤمّن طعام يومها.

ومع حرص الإمارة الإسلامية على التعليم إلا أنها حرصت على أن يتم تنقية التعليم من شوائب التغريب، فمنعت الاختلاط بين الجنسين، ومنعت دخول النساء في الأقسام الخاصة بالرجال والتي تحتاج إلى جهود بدنية لا تستطيعها النساء، ومنعت تدريس بعض المواد المخالفة للشريعة الإسلامية.

 

ابتعاث النساء والإعلام؛ من أساليب الغرب في إفساد المرأة المسلمة

كان للإعلام أثر كبير في إفساد المرأة في كثير من الدول الإسلامية والعربية، فغشوا النساء بقدوات مزيفة من المغنيات والممثلات و(المثقفات) اللاتي يحملن الأفكار الإلحادية أو النسوية، ونشروا التعري والفسق، وشجعوا كل ساقطة تنشر مفاتنها واستضافوها في القنوات والمجلات. ولما ضعف دورهم الإعلامي مع صعود الإعلام الإسلامي وقوة تأثيره خلال فترة مضت؛ رتبوا برامج لابتعاث النساء إلى الدول الغربية؛ فتغيرت أفكار كثير من النساء المبتعثات ونزعن الحجاب ورجعن إلى أوطانهن ينشرن الفكر الغربي.

 

ثبات المرأة الأفغانية مصدر فخر واعتزاز ونموذج يُحتذى به

انتصار المرأة الأفغانية على الحرب الشعواء التي شُنّت ضدها لمحاولة سلخها عن عقيدتها؛ نموذج يُحتذى به، فبالرغم من الفقر والحرب وطول أمد الصراع في أفغانستان، إلا أن حفيدات خديجة وعائشة وأم عمارة ﵅ أثبتن للعالم أجمع أن المرأة المؤمنة لا تُزعزعها المحن ولا تخدعها الشعارات البراقة، وأن المرأة إذا حملت رسالة الإسلام وتحصّنت بالعقيدة أعدّت للأمة جيلاً لا ينحني ولا يتزحزح.

______________

([1]) رواه أبو داود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى