مقالات الأعداد السابقة

معركة بين العصي والدبابات

“بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثون للغزو السوفيتي لأفغانستان”

معركة بين العصي والدبابات

[قصة لمجاهد أفغاني (محمد خان تراقي) كان يطارد دبابات الجيش الأحمر ويقارعهم بعصاه متوكلاً على الله].

القارئ سعيد

 

قبل عدة عقود لما استولى الشيوعيون على أفغانستان، وتدخل الدب الروسي لصالحهم مباشرة واحتلوا أفغانستان في اعتداء واسع صارخ، كان العالم -وخاصة أمريكا- يرتجف رعباً وهلعاً من القوات السوفيتية.

ونظراً لتنافس هاتين القوتين وتصارعهما، كان يُتوقع أن أمريكا والدول الغربية الأخرى ستعلن دعمها للمجاهدين الأفغان بعد الاحتلال السوفييتي فوراً وستقوم بدعمهم عسكرياً، ولكن الأمريكيين الذين انهزموا أمام الروس في كوريا، وفيتنام وكوبا والجبهات الأخرى، سيطرت عليهم حالة من الذعر والخوف.

ولذلك لما سافر بعض المناوئين الأفغان للشيوعية إلى أمريكا، وطلبوا الدعم منها ضد السوفييتيين، أجابتهم أمريكا -وفقاً لما قاله الصحفي الأفغاني (محمد حسن ولسمل)-: أن أفغانستان كنا قد اعتبرناها سابقاً منطقة نفوذ للاتحاد السوفييتي، فلذا لا نعتبر احتلال الروس لها اعتداء على مصالحنا، كما أننا لا نريد أن نثير حساسية السوفياتيين بمساندة ودعم المقاومة الأفغانية.

في بداية الاحتلال السوفييتي كان جواب أمريكا هذا حيلة ماكرة، وإلا فالسبب الحقيقي هو هلع أمريكا والدول الأخرى من قوة الروس التي كانوا يعتبرونها غير قابلة للانهزام، وكانوا يشبّهون تدخلها آنذاك بوطأة الفيل التي لا يستطيع الإنسان رفعها والتخلص منها.

لقد كانت مواجهة الجيش الأحمر صعبة مرعبة حتى كانت فرائص البنتاغون النووي ترتعد أمامه، إلا أن الأفغان كانوا مضطرين إيمانياً ووجدانياً ووطنياً لمقارعة الدبابات الروسية.

بدأ الأفغان جهادهم في أنحاء البلاد بأيدٍ خالية. يقول أحد مجاهدي ذلك العصر: في البداية لما كانت الدبابات الروسية تجتاح قرى الأفغان لم يكن لدى المجاهدين أية أسلحة لمجابهتها، حيث كان أقوى سلاح لديهم البنادق محيلة الصنع والتي لم يكن لها أي تأثير على الدبابات. ثم صنع المجاهدون قنابل زجاجية من محلول الصابون والبترول لمهاجمة الدبابات، وكان يلزم على المجاهد المهاجم أن يقترب مسافة 10 أمتار من الدبابة، وفي كثير من الأحيان كان الروس يسبقون المجاهدين ويستهدفونهم ويُردُونهم قتلى قبل الوصول إلى الهدف.

 

وفي الأعوام الأولى للاحتلال الروسي كان (محمد خان تراقي) من مجاهدي ولاية هلمند الأوائل. محمد خان كان أميّاً، قضى عمره في رعي الأغنام، لكنه كان مؤمناً قوياً كاملاً فكرياً. فلما غزا الروس أفغانستان، سمع محمد خان من العلماء أن الكفر احتل ودخل بلادنا، وصار الجهاد فرضاً علينا، فودّع محمد خان قطيعه وتركه، لكنه لم يطرح عصاه، بل خرج بعصاه لمقارعة الدبابات الروسية.

محمد خان الذي أصبح فيما بعد مجاهداً عظيماً وترعرع في جبهته وتربى على يديه قادة كبار، يُقال أنه كان ذا عزم قوي وتوكل عظيم. ولما كان يخرج بعصاه لمقارعة الدبابة الروسية كان يصدح بهذه الأهزوجة؛ رفعاً لمعنويات مجاهديه وأفراده:

زما په لاس کې ډانګ ډانګ. . . .  خدای ته مې تکیه ده

(في يدي العصا العصا. .. ولكن ثقتي بالله العظيم)

له تاسره که توپ ده یا که ټانګ یا طیاره ده.

(إن كان لديكم مدافع ودبابات وطائرات)

زما په لاس کې ډانګ ډانګ. . . .  خدای ته مې تکیه ده

(ففي يدي العصا نعم العصا. .. وثقتي بالله العظيم)

 

نعم كان في يدي محمد خان والمجاهدين الآخرين عصياً، ولكن ثقتهم وتوكلهم كان على الله وحده، ولذلك هزموا القوات السوفيتية في مدة قليلة وألحقوا بهم خسائر في كافة الميادين. وقد أثبتت مقارعة المجاهدين الأفغان للدبابات الروسية بعصيهم أنه من الممكن مواجهة السوفييت، بل مواجهة كل محتل معتد، فقلّ الرعب من الروس في قلوب العالم وأمريكا، وتقدموا لمساعدة المجاهدين الأفغان.

انهزم الاتحاد السوفييتي، ولأن القلم كان بيد العدو؛ كتب التاريخ أن ريغان وصواريخ ستينغر هزمت السوفييت، ولكن الحقيقة أنه قد هزم السوفييت المجاهدون الذين كانت في أيديهم العصي وثقتهم بالله عز وجل.

وإن كنا متوكلين حقاً على الله سبحانه وتعالى وبذلنا ما في وسعنا اليوم من العصي لمواجهة المحتلين لبلاد المسلمين، فسيكرمنا الله بالنصر العاجل وسيطهر أراضينا من المحتلين الأنجاس بإذن الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى