مقالات الأعداد السابقة

مقتطفات من حوار الناطق الرسمي مع إذاعة “صوت الشريعة” حول اجتماع موسكو

مستمعي إذاعة صوت الشريعة الكرام! في الخامس والسادس من شهر “فبراير” عقد قاطنوا مدينة “موسكو” الأفغان اجتماعا في عاصمة “روسيا” بمناسبة السلام في “أفغانستان”، والذي شارك فيه إلى جانب ممثلي “الإمارة الإسلامية” عدد من الساسة والزعماء الأفغان وقادة الأحزاب، استمر الاجتماع إلى يومين، وفي اليوم الأخير من الإجتماع أصدروا بمواقفة من جميع المشاركين بيانا مشتملا على تسعة بنود، أهمها انسحاب قوات الاحتلال من أفغانستان.

على الرغم من النقاط الإيجابية في الإجتماع لكنه أثار مخاوف وأسئلة لدى كثير من الناس، وبهذه المناسبة أجرينا حوارا مع الناطق الرسمي للإمارة الإسلامية “ذبيح الله المجاهد” _حفظه الله_ وناقشنا معه تلك السؤالات التي تجول في خاطر كثير من الناس.

 

إذاعة صوت الشريعة: فضيلة الشيخ السيد ذبيح الله المجاهد وكما تعلمون، انعقد اجتماع بين ممثلي الإمارة الإسلامية وعدد من الشخصيات والساسة الأفغان في مدينة “موسكو” بمناسبة السلام الأفغاني، فكيف تقيمون هذا الاجتماع؟ وكم أنتم متفائلون إلى نتائجه؟

ذبيح الله المجاهد: بسم الله الرحمن الرحيم، حامدا ومصليا، أما بعد: إن اجتماع “موسكو” كان إنجازا كبيرا للشعب الأفغاني وتقدما كبيرا “للإمارة الإسلامية” في المجال السياسي، ولعلكم رأيتم البيان الختامي فقد اشتمل على قرارات مشتركة بين الأفغان، اتفق المشاركون على مسائل مهمة للأفغان أجمعين، اجتمع رأيهم وتوحدت كلمتهم على أمر مهم ألا وهو انسحاب القوات المحتلة من أفغانستان، والأفغان المشاركون أيدوا هذا الأمر، لأنهم علموا أن المحتلين هم الذين أوقدوا نيران الحروب في البلاد، لقد شارك في اجتماع موسكو جميع الأحزاب السياسية التي لها تدخل ما في قضية أفغانستان، وهذا البيان كان بيان الجميع، هؤلاء كلهم أكدوا بصوت واحد أننا لا نريد القوات المحتلة في أفغانستان، ولينسحبوا كاملا.

وهذه كانت رسالة مهمة إلى أمريكا والاحتلال، أن الأفغان كلهم يكرهون الاحتلال، حتى الذين والوهم في بداية الاحتلال لمصالح شخصية صاروا الآن يتبرؤون عنهم، ويريدون انسحابها الكامل.

والأمر الثاني الذي اتفق عليه الأفغان هو تطبيق النظام الإسلامي في أفغانستان، وهؤلاء المشاركون كانوا من أحزاب وأطياف مختلفة حتى من الذين والوا الاحتلال لكنهم اتفقوا اليوم على أن النقطة الوحيدة لحل معضلة أفغانستان هو الحكم الإسلامي، الحكم الإسلامي الكامل.

فهذان الأمران مهمان، ناضلت الإمارة الإسلامية لأجل تحقيقهما بل وجهاد الشعب الأفغاني ضد الإتحاد السوفييتي كان لتحقيق هذين الهدفين، والجهاد ضد أمريكا أيضا مستمر لتحقيقهما، وقد وافق الأفغان في اجتماع موسكو عليهما وأكدوا على تحقيقهما.

وكان هذا الاجتماع رسالة واضحة لأولئك الذين يعيشون في أفغانستان تحت حماية المحتلين ويصرون على استمرار الاحتلال الأجنبي أنهم إن كانوا مسلمين وأفغانيين فيجب أن يعيدوا النظر في موقفهم تجاه هذه القضية، لأن انسحاب قوات الاحتلال مما يتفق عليه الأفغان وهي مطالبتهم جميعا.

وكذا تم مناقشة مسائل أخرى وتم الاتفاق عليها في ضوء الشرع الإسلامي، وكذا انفتح باب التفاهم بين الأفغان وكذا تم دحض تلك المخاوف والأسئلة التي تطرح دوما أنه إن خرجت القوات الخارجية عن أفغانستان فلن يكون هناك بين الأفغان بوابة التفاهم وستندلع بعد انسحابهم حروب وصراعات داخلية، لقد اتضح من اجتماع موسكو أن الأفغان بإمكانهم أن يتفقوا على موقف واحد ولكن العقبة دونه هو الاحتلال الأجنبي.

 

إذاعة صوت الشريعة: لقد كان موقف الإمارة الإسلامية من السلام الأفغاني أنه ما لم ينته الاحتلال لن نتفاوض ولن نلتقي مع الجانب الأفغاني، ولكن شاهدنا في اجتماع مسكو أن ممثلي الإمارة الإسلامية فاوضوا عددا من مسؤولي وساسة إدارة كابول فما هو توجيهكم لهذا الموضوع؟

ذبيح الله المجاهد: إن موقف الإمارة الإسلامية حول هذا الأمر لم يتغير وأما التفاوض مع الساسة الأفغان فليس بمعنى التفاوض مع الحكومة العميلة، وإن موقفنا هو رفض التفاوض مع الكيان العميل والحكومة العميلة التي أنشأتها أمريكا، وتقوم بحمايتها وتمويلها وليست إدارة الأفغان، وإننا لا نتفاوض معها بصفتها نظاما وحكومة.

لأننا لو جلسنا معها للتفاوض بصفتها حكومة ورضينا بها نظاما فهذا سيثير أسئلة حول شرعية مقاومتنا الجهادية المقدسة، وسيكون دليلا على شرعية هذه الحكومة التي قامت تحت ظل الاحتلال، وهذا مما يأباه كل أفغاني حر أبي، فموقف الإمارة الإسلامية حول هذا الأمر لم يتغير ولم يتبدل.

وأما هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يوما ما في إدارة كابول وفي أحزاب سياسية مناهضة، وخالفونا بل وقاتلونا، فإن الإمارة الإسلامية لم ترفض المفاوضات معهم ولا ترفض ولا ينبغي أن ترفض، لأن المفاوضات والمفاهمة تكون لحل المشاكل ووأد الخلافات وهذا فرع أن تكون بينك وبين الذي تجلس معه للتفاوض نزاعات وخلافات.

وقد شاركت في اجتماع موسكو جهات مختلفة وقد كان فيهم مجرمون كبار قاتلونا وخالفونا، جلسنا وتفاوضنا معهم، وليست هناك مشكلة شرعية في الجلوس مع العدو اللدود، ها وقد جلسنا نتفاوض مع الأمريكيين، والأمريكيون هم أعداءنا الألداء، وسيبقون أعداء لنا، لأنهم كفرة ونصارى، جاءوا ليستأصلونا ومنذ ثمانية عشر عاما احتلوا بلادنا، وقتلونا تقتيلا، وفعلوا بنا الأفاعيل، دمروا بلادنا وردونا على عقب، ولكننا جلسنا مع مبعوثهم “خليلزاد” نتفاوض معه حول انهاء الإحتلال.

إن هدفنا الأساسي هو انهاء الاحتلال وتطبيق النظام الإسلامي، ونسعى لتحقيق هذين الهدفين في ميداني الجهاد والسياسة، لأن العدو تنازل وجاء إلى طاولة الحوار، فنستعمل ضده القوة في ميدان القوة ونتفاوض معه إن أراد التفاوض.

وهكذا نجلس مع الجهات الأفغانية لحل النزاعات والخلافات عن سبيل الحوار، ألا فليطمئن المجاهدون، ولا يقلقوا، أن جميع الجهات التي قاتلونا لو أرادوا الحوار معنا لحل المعضلة نجلس معهم، ولكن هناك نقطة يجب التنبه لها بأننا لا نقبلهم ولا نعترف بهم ك حكومة ونظام.

و أما هؤلاء الذين جلسنا معهم‘ فهم الآن أفغان عاديون، لا حظ لهم في النظام، وإننا بحاجة للجلوس معهم لدحض الشبهات التي أثارها الإعلام ضد الإمارة الإسلامية في أذهانهم.

إننا أكدنا مرارا وتكرارا أننا لا نريد عند الانتصار أن نقابل هؤلاء الذين والوا الاحتلال وارتكبوا جرائم ضد الشعب الأفغان بالثأر والانتقام بل إننا نريد أن نقابلهم بالصفح والعفو والتسامح والغفران، ولا نريد سفك الدماء واستمرار الحروب، وخير دليل على ذلك أننا نلقي القبض يوميا على العشرات من عناصر الشرطة والجيش لكننا نصفح عنهم ونطلق سراحهم ونمن عليهم ونرسلهم إلى منازلهم ولو قتلوا منا الكثير.

فكذا السياسيون إن وافقونا في انهاء الاحتلال الأجنبي من أفغانستان فنحن نرحب بهم، ونحل معهم المشاكل عبر الحوار، فإن هذا الشعب عانى من الحروب الطويلة منذ عقود ولا نريد أن يلتهب في نيران الحروب إلى عقود مديدة، أو تندلع نيران الحروب الداخلية بعد انسحاب القوات الأمريكية مثلما حدث بعد انسحاب القوات السوفييت.

إننا لم نتحدث مع إدارة كابول بشكل رسمي، ونراه خطوة إيجابية ضد المحتلين، وخطوة إيجابية في توحيد الأفغان وإزالة العقبات وحل العصبيات القومية.

نحن نريد تأسيس نظام إسلامي قوي، ونعمر وطننا، ولا نريد أن نشتغل بالخلافات الهامشية والأهداف الثانوية لئلا تضيع أهدافنا العالية.

وكما أسلفت أمامنا خياران، خيار الدعوة والتفاهم والتعقل، وإن فشل ولم ينتج فنضطر إلى الخيار الثاني القتال.

 

إذاعة صوت الشريعة: حق لبعض الناس أن يتساءلوا أنه قد شارك في اجتماع موسكو مسؤولو إدارة “كابول” القدامى الذين كانوا من أعداء الإمارة الإسلامية والمجاهدين، فبأي دليل يجلس ممثلو الإمارة الإسلامية مع هؤلاء ؟

ذبيح الله المجاهد: لقد أجبت على هذا السؤال في السابق مفصلا، وأكرر مرة أخرى أنه من المنظور الإسلامي تجب المعاداة من حيث الأهداف والمصالح، فمن يكون عقبة أمام أهدافنا ولا يدعنا لنطبق النظام الإسلامي، ولا يتركنا لنعبد الله وحده في الأرض، نقاتل ضده، ولذلك لا يُقبل الاحتلال الكفري على الأراضي الإسلامية لأنهم يفسدون في الأرض ويصدون الناس عن سبيل الله.

وأما مجرد الجلوس مع الأعداء فليس بممنوع، إن رسولنا صلى الله عليه وسلم جلس مع زعماء القبائل على الرغم من كونهم مشركين، إن أدبيات ميداني القتال والتفاوض مختلفة، في ميدان القتال نحن نقاتل ونستعمل الأسلحة والقوة، وفي الميدان السياسي نستعمل الأخلاق السامية والأدبيات العلمية، لا نعير الجانب المقابل ولا نذعره ونسعى لاقناعهم وكف شرهم، وإننا نؤكد مرة أخرى أننا لن نتازل، ولن نرضى بغير النظام الإسلامي، ولن نرضى بالاحتلال، بل نسعى لانهائه في كلا الميدانين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى