ملف الصمود – سقوط النموذج الغربي، بسبب حرب أفغانستان
مافيا المخدرات وعصابات الجريمة المنظمة تحكم سيطرتها على دول الغرب.
أموال الهيروين تنقذ البنوك من الإفلاس ثم تسيطر عليها وتبتلع الاقتصاد.
:::::::::::::::::::::
# خبير إيطالي: 325 مليار دولار من عوائد تجارة المخدرات الدولية اندمجت في الاقتصاد المشروع فزاد نفوذ “مال الجريمة” على سياسات البنوك.
# مافيا المخدرات أصبحت أكبر مصرف مالي في إيطاليا بسيولة تصل إلى 65 مليار يورو.
# حركة معارضة في إيطاليا تطالب حكومتها بالانسحاب من أفغانستان لأن الحرب لم يكن لها سبب وجيه.
# من نتائج حرب أمريكا على أفغانستان كان زيادة قوة مافيا المخدرات وسيطرتها على الحياة الاقتصادية.
# مافيا المخدرات هي الكيان الاقتصادي الوحيد القادر على القيام بالأعمال الاستثمارية، وهى تعمل على نطاق دولي على هيئة شركات متعددة الجنسيات بما يجعل الحديث عن مواجهة مافيا المخدرات مجرد لغو.
# إجمالي أرباح المافيا في إيطاليا يصل إلى حوالي 26 مليار دولار وعاد ذلك بالنفع على الاقتصاد.
# مافيا المخدرات في أمريكا وإسرائيل كانوا من أكبر المستفيدين من شن الحرب على أفغانستان.
# الطائرات بدون طيار كانت السلاح الأساسي في حرب السيطرة على هيروين أفغانستان.
# تمهيداً لانسحابها من أفغانستان، أمريكا تعيد رسم خريطة إنتاج وتوزيع المخدرات حول العالم، وتلك نظرة جديدة لتفسير مجازر المسلمين في بورما، وحروب سوريا ولبنان.
# في مجال الحرب على الإرهاب حدثت نقلة كبيرة في خريطة التحالفات، فالمصالح المشتركة تغلبت على عقبات الأيديولوجي والعقائد.
# البرجماتية أصبحت “عقيدة” مشتركة تجمع ” الجهاديين” مع الاستعماريين في أجواء الربيع العربي.
# هناك “إرهاب صديق” وآخر “إرهاب معادى” والفيصل بين الحالتين هو مصالح أمريكا و”حاكمية” إسرائيل.
# الأفضل كثيراً من قتل عدوك هو سيطرتك عليه وجعله يقاتل من أجلك.
# جرائم اغتصاب المجندات في الجيش الأمريكي وصلت إلى درجة الحرب غير المعلنة – و أوباما يصف المغتصبين بأنهم خونة !!.
# في عام 2012 أقام 26 ألف عضو بالجيش الأمريكي علاقات جنسيه “غير مرغوب فيها”!!.
# جنرالات أمريكيون واجبهم مكافحة الاعتداءات الجنسية، يغتصبون المجندات.
::::::::::::::::::::::::
أولا ـ نظرة عامة :
أفغانستان مقبرة الغزاة تلك حقيقة يؤكدها تاريخ ذلك البلد على الدوام.
ومع ذلك أقدمت الولايات المتحدة ومعها دول حلف الناتو، ومجموعة من أحقر الحلفاء الأقزام على غزو أفغانستان، في تظاهرة عسكرية سياسية وإعلامية لم يسبق لها مثيل، أرادوا بها إرهاب العالم كي يدعم عدوانهم طوعاً أوكرهاً.
وقد نجحوا في ذلك فتسابقت أكثر الدول لمد يد العون بمختلف أنواعه فشهدت ساحات القتال جنوداً من حوالي خمسين دولة جاءت لتشهد مائدة الدم وتحقق ما توقعوا أنه نصر تاريخي سهل، ومكاسب في دنيا المال ودنيا السياسة.
أرادت الولايات المتحدة ودول الناتو وباقي الأوباش أن يرهبوا شعب أفغانستان فيذعن للأمر الواقع ويقبل بالدنية في دينه ودنياه، فيصبح وسطياً “يقبل يد المحتلين شاكراً لهم الفتات الذي قد يمنحوه أو يمنعوه، ويصبح “واقعياً “فيعترف بسيادة “الشيطان الأمريكي الأكبر” وأتباعه من القردة، وسيدة الصهيوني المرابي الدولي مشعل الحروب والفتن حول العالم، يملأ بها خزائن أمواله المخضبة بدماء الشعوب وفقراء العالم .
من أفغانستان خرجت إمبراطوريات العدوان مهزومة مهيضة الجناح ولم تلبث أن تحولت إلى دول تابعة لغيرها “بريطانيا وتبعيتها للولايات المتحدة”، أو سقطت واختفت من خريطة العالم مثل الإتحاد السوفيتي.
والعالم الآن يحبس أنفاسه منتظرا كيفية السقوط الأمريكي الأوروبي بعد هزيمتهم المدوية والماحقة في أفغانستان.
ــ احترفت الولايات المتحدة عمليات الحروب بلا حرب، أي تلك التي يقاتل فيها غيرها نيابة عنها، ويدفع دمائه ثمناً للنصر الذي تقفر هي بكل رشاقة كي تعلنه نصراً أمريكياً خالصا، فتستولي على كل ثماره وتوزع أشواكه على الذين خاضوا غماره المهلكة.
هكذا فعلت في جهاد أفغانستان ضد الاحتلال السوفيتي، وتسعى لتحقيقه الآن في سوريا، وبلاد عربية أخرى تخوض حروباً مجدية انحرفت عن مسارها، أو تعاني من موجات ربيع أنهكت الشعوب وتهدد سلامة الأوطان وجعلت مصائرها موضع شك.
ولكن في أفغانستان شعب آخر، وإسلام يحمله رجال حقيقيون، لا يساومون ولا يعتدون، “معتدلون” مثل الصراط المستقيم، “وسطيون” مثل حد السيف.
= مثلما حدث للسوفييت وهزيمتهم في أفغانستان التي عجلت بانفجار مشاكلهم الداخلية وعيوب بنيانهم الشيوعي كله، في المجتمع كما في الاقتصاد والسياسة، فإن الولايات المتحدة وأوروبا انفجرت مشاكل بنيانهم المليء بالثغرات والعيوب والنقائص التي أظهرتها نيران الحرب التي اكتوت بها الجيوش وناء بحملها الاقتصاد.
وفى عام 2008 الذي ظهر فيه للمعتدين استحالة انتصارهم عسكرياً في أفغانستان، أطلت عليهم في داخل بلادهم تلك الأزمة المالية والاقتصادية التي ما زالت مستمرة وتنخر في أعماق نظامهم السياسي وتراكيبهم الاجتماعية، حتى باتت بلادهم على أعتاب ثورات داخلية لا تبقى ولا تذر بين الفقراء والأغنياء، بين المهمشين والمتخمين، ثورة المحتقرين من المهاجرين والملونين وأصحاب الأديان والمذاهب الأخرى غير الفصيل العرقي الحاكم والمتسلط (البروتوستات الأبيض الأنجلوساكسون)
أمريكا تغطى على ضعفها الداخلي بأسطورة الإرهاب الإسلامي الذي يهددها.
وهي في ذلك لا تتورع عن توجيه ضربات إلى الداخل من صناعتها وبأيدي إسلامية استدرجتها أو ورطتها، أو أقنعتها بالتعامل معها في ميدان “الإرهاب الإسلامي الداخلي”. و
من وقت لآخر تطل عمليات ملفقة ركيكة من صناعة أجهزة الاستخبارات الأمريكية هدفها توجيه العداء الشعبي صوب الإسلام، ومساندة الحروب الأمريكية على بلاد المسلمين حول العالم والمنطقة العربية تحديداً.
الوضع في أوروبا على وشك الانفجار، وعلى غير المتوقع اندلع العنف في واحدة من أغنى بلاده وأكثرها للخدمات في مجال العدالة الاجتماعية.
في السويد اندلع عنف لم يسبق له مثيل منذ سنوات، وأحدث المتظاهرون خراباً واسعاً في الممتلكات والمدارس ومخافر الشرطة.
منبع الاضطراب كان ضواحي فقيرة بالقرب من العاصمة، أي حيث يعيش أكثر الفئات التي تتوجه لها العناية الاجتماعية التي يبدو أنها غير كافية أو أنها ليست بذلك القدر الذي تروج له الدعاية الحكومية.
على الجانب الآخر وقف أمين عام حلف شمال الأطلس “راسموسن” ينعى الدور الأوروبي وأحلام العظمة التي راودت القارة العجوز وطموحاتها الاستعمارية التي تجددت بالسير خلف راعيها الأمريكي إلى ساحة الحرب في أفغانستان، ولكنها كانت رحلة قصيرة أعقبتها ندامة كبيرة وأزمة اقتصادية تعصف بالقارة الخائبة التي تقسمت بين معسكر للأغنياء وآخر للفقراء، والجميع يتهددهم أما الإفلاس أو الحرب الأهلية.
يقول ” راسموسن” أن أزمة أوروبا قد تحولها من لاعب أساسي على الساحة الدولية إلى مجرد مشاهد من مقاعد المتفرجين بسب أزمة الديون التي تمنع دولها من الاهتمام بالاستثمار في الدفاع والأمن المشترك “حسب قوله”.
لقد نسى راسموسن أن هناك شيء اسمه “مزبلة التاريخ” التي تنتظر الجيوش المهزومة في مغامرات طائشة في أفغانستان، تلك الهزيمة المدوية لأقوى جيوش العالم أمام جهاد شعب فقير محاصر من أعداءه ومن أمته.
الدول القوية والغنية اهتزت أركانها كما لم يكن يتصور أحد، وما تعانيه منذ عام “رؤية الهزيمة” في أفغانستان / عام 2008/ كان أعمق من هزيمة عسكرية وأكبر بكثير من مجرد أزمة مالية واقتصادية، لقد طال الانهيار الأساس العقائدي والفلسفي لحياتهم ذاتها.
طائرات بدون طيار.. حرب بلا موت
الديمقراطية التي حاربت فطرة الدين وسلطة الأخلاق على الإنسان، أوصلتهم إلى سلسلة لا نهاية لها من الأزمات المتحكمة في الفرد والمجتمع والدولة.
رغبتهم العارمة في شن حروب العدوان للسطو على الثروات والأرض واسترقاق الشعوب اصطدمت بأصحاب الدين الذين يرفضون الخضوع لغير خالقهم ويرون الموت أهون من ذلك فيقبلون عليه طلباً لرضاه.
حملتهم على أفغانستان كشفت تلك الحقيقة بشكل هز كيانهم كله.
فسخروا تفوقهم العلمي وطاقتهم المالية لتطوير أسلحة جديدة تمكنهم من شن حروب رابحة لا تعرضهم للموت، فكانت الطائرات بدون طيار رمزاً وفلسفة وجود أكثر منها سلاح قتال.
إنها تجسيد لحقيقة هؤلاء الذين هم “أحرص الناس على حياة” فهم يريدون تحويل الحرب إلى لعبة أزرار تدار من على بعد آلاف الكيلومترات أي يريدونها “حرب بلا موت”.
وذلك إن حصل / ولن يحصل مطلقا / فسيكون انقلابا في مفهوم الحرب التي تعني قبول الفرد بخيار الموت لأن هناك ما هو أثمن من الحياة ذاتها، أو أن هناك أنماطا من الحياة المذرية يكون الموت أهون منها بكثير.
في زمن السلم وفى ظل أنظمة معادية للدين أو غير مبالية به ظهر لهم إله جديد هو “الذهب” أو العملات التي تأخذ قوتها منه أو حتى من اعتبارات مبهمة وغير محددة مثل “قوة الاقتصاد”.
فالدولار لا يمتلك الآن أي غطاء ذهبي يعادل قيمته، بل يعتمد على نفوذ وقوة الولايات المتحدة التي فرضت على العالم – في وقت ما- أن يتخذ من الدولار عملة لتجارته الخارجية.
لهذا فإن اهتزاز الدولار وتهافته حالياً يعتبر أكثر من كونه مجرد أزمة مالية أو اقتصادية إنه اهتزاز لمبدأ عقائدي، لقد ترنح “صنم الذهب” وبالتالي ارتجت كل منظومة “القيم
الأخلاقية” في الغرب.
وإلا فما معنى أن تؤدي الأزمة المالية في الغرب إلى أن تسيطر عصابات المافيا على البنوك وبالتالي كل شيء من صناعة وتجارة وسياسة ومشاريع؟؟.
وما هو دور حرب أفغانستان في وصول تلك المافيات إلى تلك القدرة الجبارة ؟؟.
بل ما هو دور عصابات المافيا في إشعال تلك الحرب، التي هي حرب الأفيون الثالثة، أو فلنقل حرب الهيروين الأولى؟؟.
وتلك أسئلة حساسة للغاية لأنها تلمس الأصل الشيطاني لحضارة الغرب الديمقراطي.
= معروف أن الجيوش النظامية التي تتورط في حرب عصابات طويلة الأمد فإنها تتعرض للتلف، فيلزم إعادة تأهيلها من جديد، أو بناء قوات نظامية جديدة لتحل محلها. وعند عودة الجيش الأحمر إلى بلاده مهزوماً من أفغانستان تعرض لحالة شديدة من الهبوط المعنوي وانهيار الروح القتالية وضعف الانضباط وفى الجهاد القصير الذي نشب في طاجيكستان (1993-1995) ظهر الكثير من نقاط الضعف في الجيش الروسي أدهشت المجاهدين الطاجيك.
وتجلت نفس العيوب بشكل أوضح في قتال الشيشان التي أظهرت بقايا الجيش الأحمر السوفيتي في حالة من البؤس قل نظيرها.
والشواهد الآن تشير إلى أن الجيش الأمريكي وباقي حلفاؤه في أفغانستان يعانون بالفعل من ذلك الانحلال الرهيب للطابع القتالي لجيوشهم وضعف معنويات الجنود وانحطاط السلوك والانضباط.
الجيش الأمريكي ارتفعت فيه نسبه انتحار الجنود بشكل أثار القلق، ولكن تفشي الاغتصاب والتحرش ضد المجندات أثار رعباً لدى المسئولين والرأي العام، رغم أن الأرقام المعلنة لا تمثل إلا جزء من الحقيقة.
وتلك عوامل تدفعهم أكثر إلى إسراع الخطى للوصول إلى حالة “حرب بلا موت” أي حرب الأزرار التي تدار عن بعد بلا جنود ولا مخاطر ولا أمراض نفسية ولا اغتصاب الجنود لرفيقاتهم في السلاح و “طريق المجد”. أما المقاتلين فعلى الحكومة الأمريكية أن تستأجرهم من شركات المرتزقة التي صارت مؤسسات متعددة الجنسية مهمتها القتل الحر تحت تغطية قانونية شاملة من حكومة الولايات المتحدة، إنها نوع من عصابات الإجرام وأحد المافيات التي بدأت تسيطر بالفعل على المجتمع الأمريكي وباقي مجتمعات أوروبا.
——————————–
1 ــ حكومات المافيا
لا تعيش الأسرار طويلاُ في عالم اليوم، فأدوات الاتصال الحديثة سهلت عملية نقل المعلومات بسرعة وبعيداً عن وسائل الإعلام الكبرى التابعة للمجرمين الكبار. مع ملاحظة عمليات المطاردة والتضييق المتواصل على تلك الأدوات الحديثة للاتصال على شبكة الإنترنت.
قليلة هي الأبحاث الجادة أو الاستطلاعات الصحفية الجريئة التي خاضت في موضوع الجريمة المنظمة في دول الغرب وارتباطها بعالم المال والسياسة.
ورغم أن ذلك الارتباط هو حقيقة قائمة في الغرب منذ سنوات طويلة حيث تقف منظمات الجريمة في صف واحد مع الأنظمة الحاكمة، فيما عدا لحظات عابرة حين تضطرب العلاقة فيلزم وضع ضوابط جديدة لها كي تواصل عملها بفاعلية أكبر مع توزيع أكثر واقعية لعوائد الجريمة.
معلوم إن جزيرة صقلية التابعة لإيطاليا هي منشأ عصابات المافيا، ومنها انتقلت إلى باقي البلدان وعلى الأخص الولايات المتحدة التي شهدت فصولاُ مثيرة ودامية لتطور تلك العصابات وطبيعة ارتباطها بالنظام الأمريكي.
وقد نشأت دولة إسرائيل على يد تشكيلات إجرامية من نفس الطراز، أي أنها دولة أنشأتها عصابات المافيا اليهودية بأذرعتها الرهيبة حول العالم. ومعلوم أن المافيا الإيطالية هي التي أهدت الجيش الأمريكي أول انتصاراته فوق التراب الأوروبي حين استولت على جزيرة صقلية ثم دعت إليها الجيش الأمريكي المرابط على سواحل الشمال الأفريقي. وتلك مجرد إشارة إلى ارتباط المافيا بالجيش والاستخبارات الأمريكيتين. ومعلوم أن نشاط المافيات في أمريكا وأوروبا يشمل طيفاً واسعاً ومتنوعاً من الترابط والتعاون المشترك، وكذلك ارتباط عصابات المافيا مع البنوك ورجال الصناعة والتجاريين الكبار.
ومع تعاظم دور عصابات المافيا في المال والاقتصاد والإعلام، أصبح لها دور لا يمكن إغفاله في عملية صنع القرار في الولايات المتحدة ودول أوروبا عموماً.
= وما يهمنا في أفغانستان هو دور “مافيا المخدرات” في قرار إدارة الرئيس جورج بوش غزو أفغانستان.
وارتباط مافيا المخدرات في الولايات المتحدة بالإدارة الأمريكية وحكومة إسرائيل.
ظلام الغموض حول حادث 11 سبتمبر 2001 قد بدأ ينقشع، والمتشككون وجامعوا الأدلة بدأوا ينظمون صفوفهم ويرفعون صوتهم داخل الولايات المتحدة، وقد أشار الكثير منهم إلى تورط مباشر للحكومة الأمريكية في تدبير الحادث للوصول إلى غايات معقدة داخل وخارج الولايات المتحدة، وأن إسرائيل كانت متورطة فيه أيضا وبعمق، وأن الحكومة الأمريكية (والإسرائيلية أيضا) كانت لديها معلومات مسبقة وتفصيلية عن الحادث، بل وشاركتا في ترتيبه واستثمار نتائجه.
وهذا يعنى الحديث عن مافيا المخدرات الإسرائيلية ودورها في غزو أفغانستان وما قامت به للسيطرة على كنوز الهيروين وتقوية قبضتها الدولية. ومن المعلوم دوليا أن أكبر منطقة لغسيل أموال تجارة المخدرات هي إسرائيل والولايات المتحدة. لهذا فأينما وجدت زراعة المخدرات أو تصنيعها أو نقلها فهناك أمريكا وإسرائيل. وأكبر حروب المخدرات في العالم يخوضها حالياً الجيش الأمريكي، واحدة منها هي حرب الكوكايين في كولومبيا والثانية هي حرب الأفيون في أفغانستان.
دور إسرائيل في أحداث 11 سبتمبر رغم محوريته فإن التعتيم عليه دائم ومستمر، كذلك دورها الملموس في حرب أفغانستان والمعدات الحديثة المستخدمة فيها، خاصة ما يريدون تصويره بأنه المعجزة التسليحية في هذا القرن، ونجم حرب الأفيون في أفغانستان، أي الطائرة بدون طيار التي ارتبطت أيضاً بإسرائيل كمنتج وبائع أساسي حتى لدول صناعية كبرى مثل ألمانيا.
وكثير من طائرات إسرائيل تلك تعمل في أفغانستان لدى قوات الغزو، خاصة القوات الألمانية أيضاً.
= قليلة هي الإشارات التي تخرج من دول الغرب حول سيادة عصابات الجريمة المنظمة على المجتمعات والدول هناك، ومع ندرة تلك الإشارات فإنها صادمة لكل من يطلع عليها، خاصة هؤلاء الذين يظنون أن الغرب يمثل شيئاً ذا قيمة معنوية في حياة البشرية، ويصدقون تلك الأكاذيب حول “أخلاقيات!!” الغرب أو حقوق الإنسان، أو مزحة “الديمقراطية” السمحة.
من ايطاليا خرجت بعض الإشارات اللافتة للنظر تشير إلى حقيقة سيطرة عصابات المافيا خاصة مافيا المخدرات على الدول الغربية.
واحدة من الشهادات الهامة أدلى بها الشهير ” أنطونيو ماريا كوستا” الرئيس السابق لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة.
قال كوستا أن أرباح العصابات الإجرامية شكلت مصدر السيولة المالية الوحيد المتاح أمام بعض البنوك التي كانت على شفا الانهيار خلال الأزمة المالية عام 2008.
يمكن توضيح المعنى الذي يريده كوستا إذا استخدمنا صياغة مباشرة وأقل التفافا، إنه يريد القول أن مافيا المخدرات قد تمكنت من السيطرة الكاملة على عدد من البنوك إبان الأزمة المالية التي بدأت عام 2008 (عام اتضاح حقيقة الهزيمة في أفغانستان) ومازالت الأزمة المالية مستمرة حتى الآن وإلى حين إشعار آخر.
فإن كان الوضع عام 2008 كما يصفه كوستا فلنا أن نتخيل الوضع الآن بعد مرور ست سنوات على الأزمة المستمرة، فإلى أين وصلت سيطرة مافيا المخدرات في أوروبا والولايات المتحدة ؟.
الصورة تتضح أكثر قليلاً بما أوردة الكاتب الإيطالي الشهير “روبرتو سافيانو” في مقال بصحيفة “لابوبليكا” وفيه يقول أن 352 مليار دولار من عوائد تجارة المخدرات العالمية مرت بعملة “تدوير” كاملة لتمتزج بالاقتصاد المشروع وهو ما يثير تساؤلات حول مدى نفوذ “أموال الجريمة” على السياسات المالية للبنوك.
يقول “سافيانو” أن الكثير من الدول الغربية تلجأ إلى المكابح وهى تكافح تجارة المخدرات في خضم الأزمة.
وتوضح تلك العبارة أنه بسبب الأزمة المالية وحاجة الولايات المتحدة وأوروبا إلى الأموال فِإنها تغض الطرف عن (صناعة تهريب المخدرات) لأنها تصب في البنوك ومنها إلى مفاصل الاقتصاد الشرعي خلال عمليات “الغسيل” المشهورة.
فإذا كانت النشاطات التقليدية لعصابات المافيا تمتد من تجارة المخدرات وتمر بتجارة السلاح “وصناعة الدعارة” والإقراض الربوي، فإن نشاط عصابات المافيا- خاصة مافيا المخدرات – امتد ليصل إلى أهم قطاعات الاقتصاد لاستثمار أمواله فيها والحصول على المزيد من القوة السياسية.
تقارير من إيطاليا تشير إلى أن نشاط المافيا تعاظم لدرجة أصبحت فيها تلك العصابات تعمل كأكبر مصرف مالي في البلاد بسيولة سنوية تصل إلى 65 مليار يورو.
لقد سقطت الكثير من الشركات المتعثرة في قبضة “المافيا” من باب الحاجة إلى القروض والسيولة المالية. فتوسعت سيطرة المافيا في الاقتصاد نتيجة الأزمة المالية، بينما توفر المال لدى مافيا المخدرات نتيجة مساهمتها في حرب أفغانستان وحصولها على حصة من عوائد الهيروين الذي تشرف القوات الأمريكية على إنتاجه وتوزيع فتات الحصص على الحلفاء.
مع ملاحظة أن مافيا المخدرات الأمريكية والإسرائيلية هم صانعو حرب الأفيون التي كانت أحداث 11 سبتمبر مبرراً “شرعياً ” لها.
وفى ايطاليا التي نتكلم عنها هنا، بدأت حركات شعبية تطعن في شرعية تلك الحرب وتطالب حكومة بلادها بالانسحاب سريعاً من أفغانستان.
فتقول حركة “خمسة نجوم” المعارضة على مدونته في الإنترنت (إن الحرب في أفغانستان أمر مخز لاسيما أنه لم يكن هناك سبب وجيه للقيام بها، فضلا عن أنها أسفرت حتى الآن عن مقتل 52 جندياً إيطالياً وحوالي 70000 أفغاني معظمهم من المدنيين).
ولكن من النتائج الهامة لتلك الحرب، التي لم يلتفت إلى خطورتها إلا القليل من المختصين، هي سيطرة مافيا المخدرات على دول الغرب، وانتقال تلك السيطرة بالتالي لتصبح سيطرة عالمية على اقتصاديات وسياسيات باقي دول العالم، ذلك العالم الذي ما زل يدور في الفلك الغربي حتى الآن، بحيث يكون من الخطأ / الناتج عن حجب المعلومات أو قصور المعلومات المتاحة / عدم رؤية دور مافيا المخدرات ومصالحها في أي مشكلة دولية مهما بدت بعيدة عن المجال المباشر للمخدرات.
مثلا دور عنصر تجارة المخدرات فيما يحدث من مجازر للمسلمين ميانمار (بورما) حيث أمريكا تعيد إحياء دور “المثلث الذهبي” في زراعة الأفيون وصناعة الهيروين بعد أن أصبح ضياع كنوز أفغانستان من بين يديها شيئاً مؤكدا، رغم مجهوداتها الجبارة للحفاظ على وضعها المسيطر على أفيون أفغانستان بعد الانسحاب والحفاظ على مستوى زراعته الحالي وعلى سهولة تدفقها بين يديها بشكل دائم وبسعر زهيد { وتلك نفس نظرية هيمنتها على النفط، أي السيطرة الكاملة على السلعة من المنشأ حتى المصب مروراً بعملية التكرير}.
مع الفارق الكبير جداً بين أرباح المخدرات وأرباح النفط الذي لا يمكن مقارنة أرباحه بأرباح المخدرات الهائلة.
في إيطاليا مرة أخرى يقول “ماركو فنتورى” رئيس إتحاد التجار { إن المافيا هي الكيان الاقتصادي “الوحيد” القادر على القيام بالأعمال الاستثمارية {
فهل هناك مؤشر خطورة أوضح من ذلك ؟؟.
يقول “فنتوري” {أنه في الوقت الراهن وبسبب الأزمة المالية تمت إقامة علاقة خفية وتواطؤ بين أجزاء محددة من عالم المال والأعمال والجريمة المنظمة {.
ولكن المزيد من الكشف حول النفوذ السياسي المتنامي لعصابات المافيا يجئ على لسان “جوزيبى بوزانو” رئيس لجنه مكافحة المافيا في البرلمان الإيطالي السابق فيقول { إن عصابات المافيا في خلال السيطرة على المال والاقتصاد تهدف إلى خلق حكومة بديلة في إيطاليا {.
ونقول أن تعبير “حكومية بديلة” لا يكفى لتوصيف الحالة بشكل دقيق، فالمافيا (بالذات مافيا المخدرات) هي الحكومة الحقيقية في إيطاليا بل في الولايات المتحدة وأوروبا.
ومحاولة التستر على تلك الحقيقة بالقول أن الحكومة الإيطالية وجهت ضربات لعصابات المافيا عن طريق مصادرة نحو 7 مليارات يورو على مدار “السنوات الماضية” هو قول تضليلي، وسحابة دخان لحجب الحقيقة الساطعة ولو بشكل جزئي.
فمن مصلحة المافيا أن تدير الدولة عن طريق أجهزة الدولة نفسها، فذلك يكلفها أموالا أقل لأن الضرائب التي يدفعها الشعب تساهم في تمويل تلك الحكومة “الشرعية”، والمليارات السبعة هي تبرعات تدفعها المافيا كي تتمكن أجهزة الدولة من الدوران لخدمة المافيا التي تمتلك الآن البنوك، والصناعات الهامة، والإعلام. وغسل وجه الدولة بالقول أنها تكافح المافيا، هو عمل لا يقل أهمية عن غسيل الأموال لأنه يخفى الحقيقة البشعة عن أعين الشعب.
تقول دراسات وكتاب في ايطاليا أن نشاط المافيا زحف من مناطق نفوذها التقليدية في الجنوب، حتى وصل إلى الوسط والشمال حيث الصناعة والبنك الكبرى. وأن المافيا تعمل خارج الحدود وعلى نطاق دولي وعلى شكل شركات متعددة الجنسيات، تتحدث لغات كثيرة، وبطريقة متشعبة وغاية في التعقيد بما يجعل الحديث عن مواجهة مافيا المخدرات مجرد لغو باطل، إذ أنها تحولت بالفعل إلى حكومة عالمية أو على أقل تقدير جزء أساسي من حكومة عالمية تدير شئون العالم.
في إيطاليا وحدها تصل أرباح “النشاط الإجرامي” في البلاد إلى ما يتراوح بين 8.5 إلى 13.8 مليار يورو، حسب دراسة أجرتها جامعة كاتوليكا بمدينة ميلانو. ورغم وجود منافسة قوية بين المافيا المحلية ومافيات قادمة من الخارج منجذبة بالسوق الاقتصادي ونفوذ المافيا شبه العلني. ذلك التدفق جعل إجمالي أرباح عصابات المافيا العاملة في إيطاليا يصل إلى حوالي 26 مليار دولار أو ما يعادل 1.8% من النتائج الإجمالي المحلى.
عاد ذلك بالنفع على وضع إيطاليا الاقتصادي، فبعد أن كانت نسبة عجز الموازنة قد تخطت نسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي وكان الإتحاد الأوروبي قد أخضعها لرقابة صارمة، فقد عاد الإتحاد وأعلن أن الميزانية الإيطالية أصبحت متوازنة، وأن الالتزامات التي قطعتها الحكومة على نفسها ستبقى نسبة العجز تحت حاجز 3% ، ذلك الخبر السار كما وصفته وكالات الأنباء ساقه رئيس وزراء إيطاليا “انريكوليتا” إثر عودته من اجتماعات القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل. وتلك من (الأيادي البيضاء) لمافيا المخدرات على الاقتصاد الإيطالي، رغم أن رجلهم السياسي الشهير رئيس الوزراء الأسبق (سيلفيو برلسكونى) قد أكدت المحكمة قرار سجنه لمدة أربع سنوات. ولكن أمثاله مازالوا كثيرين بفضل ثروة ونفوذ المافيا.
—————————-
2 ـ حرب الأفيون.. ابحث عن المستفيد!!
هناك أزمة مالية خطيرة، قد تؤدى إلى انهيار اقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا. تلك الأزمة كانت من مصلحة مافيا المخدرات بشكل الخاص، فهي التي استفادت منها لتوسيع سيطرتها على البنوك والاقتصاد بشكل عام.
وبالتالي فمن المنطقي أن تكون مافيا المخدرات في الولايات المتحدة وإسرائيل لهم ضلع أساسي في إعلان الرئيس بوش حربا صليبية ضد “الإرهاب الإسلامي” من خطاب له في كنيسة في واشنطن. وبعد أقل من شهر اجتاحت جيوشه أفغانستان لتخوض حرب الأفيون الثالثة.
كان هدف الحرب واضحاً من التوجه الرئيسي لمجهود جيوش العدوان، حيث ركزت على أكبر مناطق زراعة الأفيون (كانت البلاد وقتها خالية تقريباً من زراعة الأفيون بعد أن منعت الإمارة الإسلامية زراعته) فاستولى المعتدون على ولاية هلمند التي كانت تنتج 70% من الأفيون في أفغانستان، ثم جلال آباد – إقليم ننجرهار- الذي كان ينتج 25% من أفيون أفغانستان.
وأول أعمال الاحتلال كان إطلاق زراعة الأفيون إلى حدها الأقصى في المناطق المذكورة وفى غيرها، وتم تطوير تقنيات تحويل الأفيون إلى هيروين، والنتيجة أن إنتاج الهيروين قد تضاعف 40 مرة خلال تواجد حلف الناتو في أفغانستان (حسب مصادر روسية ـ محطة روسيا اليوم الفضائية ـ بتاريخ 12 مايو 2013 ــ برنامج روسيا والتصدي لحرب الأفيون(.
ولاية هلمند ارتفعت نسبة إنتاجها للأفيون بحيث صار يشكل 90% من إنتاج أفغانستان وأكبر من كل إنتاج العالم من مادة الأفيون. إذا عرفنا ذلك فهمنا لماذا تركز أمريكا معظم قواتها في ذلك الإقليم ومعها كل قوات بريطانيا. في هلمند والأقاليم القليلة التي حولها توجد قوات أقرب حلفاء الولايات المتحدة الموثوقين وكلهم تقريبا من نفس العرقية الدينية المسيطرة على أمريكا والعالم (الانجلوساكون البيض البروتوستانت).
طائرة بدون طيار.. سلاح حرب الأفيون الأول :
السلاح المعجزة – أي الطائرة بدون طيار ــ بفحص مهماتها تتضح الأهداف الحقيقية للحرب وفى صدارتها كان السيطرة على حركة الأفيون بشكل تام تقريبا، سواء داخل أفغانستان أو عبر حدودها مع باكستان أولا ثم مع طاجيكستان ثانياً ثم مع إيران ثالثاً.
كان من السهل نسبياً التخلص من معامل تصنيع الهيروين العاملة على الحدود الأفغانية أو القريبة من مزارع الأفيون، وكان لتلك الطائرات دورها الكبير في مقدمة باقي الأسلحة المتوفرة لدى قوات الاحتلال في الجو وعلى الأرض. المعركة الأكبر لتلك الطائرات كانت ضد معامل تصنيع الهيروين في المناطق القبلية من مناطق وزيرستان الباكستانية، التي عملت فيها تلك الطائرات بشكل مكثف وبكل حرية منذ اليوم الأولى للاحتلال وحتى الآن، وبدون أدنى اعتبار لما يسمى بسيادة باكستان، فتلك السيادة كانت قد ألغيت منذ أن قررت واشنطن استخدام باكستان كمنصة انطلاق عسكري واستخباري ضد أفغانستان. فقد تعاونت كل الأجهزة الباكستانية لقاء عمولات تدفع للعسكريين والسياسيين وقادة أجهزة الأمن. إنها عملية شراء للدولة عبر شراء كبار المسئولين فيها، وذلك أمر ليس بجديد في باكستان كما أنه سياسة أمريكية مطبقة بنجاح في مناطق نفوذها في دول العالم المتخلف.
الطائرات بدون طيار تولت مطاردة وتدمير صناعة الهيروين البدائية المنتشرة على الجانب الباكستاني والتي تحصل على الأفيون الخام من أفغانستان أومن مزارع القبائل الباكستانية على الحدود.
كما طاردت عمليات التهريب التي تقوم بها عصابات “غير مرخص لها”، أي من المغامرين أو المتطفلين الذين لا يقدمون خدمات للاحتلال تعادل الحصول على جزء من غنيمة المخدرات. وهكذا أصبح التهريب والتصنيع تحت السيطرة الأمريكية في المناطق الثلاث التي ذكرناها.
كانت الحدود الشمالية مع طاجيكستان ذات حساسية خاصة وعمليات (بدون طيار) ضد مئات مصانع الهيروين البدائية على الجانب الأفغاني كانت تمثل ضربة تحت الحزام لروسيا الاتحادية التي لا تشذ على القاعدة الغربية كثيراً من حيث سطوة مافيا المخدرات على الحياة الاقتصادية.
يقول مصدر أفغاني ( إن روسيا يصلها من أفغانستان 95 طن فقط من أصل 4000 طن هيروين تصنع في أفغانستان ). ويبدو أن روسيا انسحبت نتيجة لذلك من اتفاقية (تنفيذ القانون ومكافحة المخدرات) في 30 يناير 2013 وقال الروس تبريرا لذلك أن تلك الاتفاقية التي بدأ سريانها عام 2002 لا تتفق مع الواقع الحالي واستنفدت إمكانياتها.
إعادة رسم خريطة الهيروين في العالم :
ذلك يعنى أن أمريكا سوف ترحل مهزومة من أفغانستان وبالتالي لن تستطيع أن تدعي السيطرة على المخدرات فيها، إضافة إلى أنها استولت على كنز الهيروين، فقللت كثيراً النسبة التي كانت تحصل عليها المافيا الروسية من أفغانستان خلال فترة الحروب الأهلية والتي تراوحت حسب بعض التقديرات، ما بين عشرة إلى خمسة عشر من المائة من الإنتاج الأفغاني من الهيروين.
ومن الكمية الحالية البالغة 95 طناً من الهيروين لا تكاد السلطات الروسية أن تصادر منها شيئاَ يذكر سوى جرامات أو كيلوجرامات قليلة / حسب نفس البرنامج التلفزيوني المشار إليه / وفيه أيضا قال خبير روسي ( إن وثيقة انتداب قوات “حفظ السلام” في أفغانستان لم تنص على مقاومة المخدرات، لهذا لم تبذل مجهوداً في هذا الصدد، سوى في العامين أو الثلاث الأخيرة ولكنهم الآن مشغولون في الانسحاب).
من المفهوم أن أمريكا خلال الأعوام الثلاث الأخيرة أو حتى قبل ذلك تعيد حساباتها الإستراتيجية الخاصة بأفيون أفغانستان وبدائله المحتملة على نطاق العالم، سواء في المناطق التقليدية القديمة أو ابتكار مناطق أخرى ربما تكون في أفريقيا أو جنوب شرق أسيا بإعادة الروح إلى المثلث الذهبي المكون من كمبوديا ولاوس وتايلاند وربما تنضم بورما إلى تلك المنظومة.
لهذا تبارك أمريكا حكومة بورما الدموية ومجازرها البشعة ضد المسلمين، ويستقبل أوباما في البيت الأبيض الرئيس البورمي السفاح، لتشجيعه /حسب النفاق الأمريكي المعتاد/ على المزيد من الإجراءات الديمقراطية التي تعنى في بورما المزيد من المجازر الحكومية المنظمة ضد المسلمين، والقبول بمكانة في الخريطة الأمريكية الإقليمية لإنتاج وتصنيع وتهريب الهيروين.
= ولا يمكننا إهمال دور عنصر المخدرات في حرب سوريا الدائرة حالياً، وهى الحرب التي هدفها الأول التمكين لإسرائيل في المنطقة وتأمينها إلى الأبد، وتمديد خط الغاز القطري عبر سوريا إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط لضرب المكانة الروسية الراسخة في سوق الطاقة الأوروبية، وبالتالي الانتقاص من القيمة الجيو سياسية لروسيا كقوة صاعدة ومنافسة للولايات المتحدة، وإضعاف مكانتها ودورها المتوقع ضمن القوة الأسيوية القادمة نحو سقف العالم والتي تضم معها الصين والهند.
= إسرائيل قوة عظمى في تجارة المخدرات الدولية، من أدواتها مافيا يهودية تعمل في الولايات المتحدة وحول العالم. كما أن شبكة البنوك الإسرائيلية هي متنفس أساسي لعملية غسيل الأموال لمافيا المخدرات الدولية.
ليس هذا فقط فعلى مستوى أقليم الشرق الأوسط تعتبر إسرائيل هي المهندس الأول لعملية التوزيع الإقليمي للمخدرات خاصة في تلك الدول المرتبطة معها باتفاقيات سلام أو اتفاقات أمنية وتجارية سرية أو علنية.
وحرب سوريا تتيح لإسرائيل بالتعاون مع دول الناتو والولايات المتحدة إنشاء “مشروع دولة” عملاق لزراعة وصناعة المخدرات في سوريا ولبنان إضافة إلى إسرائيل نفسها.
لقد وصلت إسرائيل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، بل وتصدير النفط والغاز بعد بدء استثمار حقول الطاقة من مياه البحر الأبيض المتوسط، فبدأت بالتصدير إلى الهند. آفاق إستراتيجية المخدرات بعد تغيير الخريطة الجيو سياسية لمنطقة “الشام الكبرى” تتيح لإسرائيل فرصة سانحة، أكثر أهمية بكثير من الناحية المالية والسياسية، لأن تكون المنتج الأول للمخدرات خاصة بعد الاستبعاد المتوقع لأفغانستان من مجال إنتاج الأفيون بعد الانسحاب الأمريكي الأوروبي من ذلك البلد.
وبما أن الارتباط وثيق بين “حرب الأفيون” في أفغانستان وبين الطائرات بدون طيار، وأن إسرائيل هي منتج وبائع رئيسي لذلك السلاح. وأن الطائرة بدون طيار هي سلاح خاص “بحروب المخدرات” أكثر منها سلاح عسكري لحروب تقليدية، وكان ذلك واضحاً خلال فترة استخدامها في أفغانستان. فلنا أن نتوقع مستقبلا مزدهرا لتلك الطائرات في المنطقة العربية إذا ما وجدت “الخريطة الأمريكية للتوزيع الاستراتيجي لإنتاج وتجارة المخدرات حول العالم” مجالا للتطبيق، خاصة إذا تغيرت الخريطة السياسية في الشرق الأوسط نحو مزيد من التفتيت للدول العربية، وبالتحديد في سوريا وبلاد الشام.
وقبل أن نطوى تلك الصفحة الآن – ومؤقتاً- نقول أن النشاط التالي مباشرة لتلك الطائرات في أفغانستان ومناطق الحدود على الجانب الباكستاني كان تدمير المدارس الدينية واغتيال طلابها ومدرسيها من العلماء، والإدعاء كذباً في كل مرة أنها قتلت مسلحين وأفراد محتملين في حركة طالبان أو القاعدة.
وقد تمكنت تلك الطائرات من قتل عدد كبير من أفراد الأسر العربية والأوزبكية الذين لجأوا من أفغانستان إلى المناطق الباكستانية خلال حرب عام 2001 ويمكن اعتبار تلك العمليات مجرد جرائم ضمن حرب غير مشروعة ولا مبررة سوى هدف الاستيلاء على كنوز الأفيون وتحويل أفغانستان / التي كانت نظيفة قبل وصولهم / إلى أكبر مزرعة للأفيون في العالم وعلى مر التاريخ.
————————–
3 ــ أيام أوباما السوداء
عندما تولى أوباما الحكم في الولايات المتحدة، كان ذلك البلد ومازال يمر بنقطة انعطاف كبيرة في تاريخه الصاخب، إذ تكاتفت ضده قوتان مدمرتان :
الأولى كانت الحرب في أفغانستان التي طحنت قواته المسلحة وأجهزة مخابراته واستنزفت ميزانيته.
والثانية كانت الأزمة المالية التي لم يسبق لها مثيل ، والتي زحفت لتشمل أيضاً الحلفاء الأوربيين الذين شاركوا في العدوان على أفغانستان.
حاول أوباما علاج المشكلتين فأرسل إلى أفغانستان 30 ألفاً من جنوده في محاولة لإحراز نصر عسكري أو إقناع حركة طالبان بالمشاركة في الحكم بشروط الأمريكيين وتحت سيطرتهم. والنتيجة أن زيادة عدد الجنود أدت إلى كثرة إصاباتهم في المعارك وانخفاض معنوياتهم، فشعرت حركة طالبان أن النصر بات في يد المجاهدين الذين ارتفعت معنوياتهم، فأصرت على مطالبها بالجلاء التام غير المشروط لقوات الاحتلال.
لعلاج الأزمة المالية طبع أوباما 700 مليار دولار، ثم وزعها على كبار اللصوص الذين تسببوا في الأزمة المالية فانخفضت قيمة الدولار ولم تنفرج الأزمة، بل ازدادت رسوخا.
انسحبت قوات أوباما من العراق بعد خسائر بشرية ومالية فادحة. ولم تكن الحرب مفيدة بأي شكل للولايات المتحدة، بل كانت بكاملها لمصلحة إسرائيل وتأمين جانبها الشرقي من قوة العراق العسكرية والنفطية. كما أن القوى المحلية في العراق نظمت صفوفها لخوض حرب إبادة ضد بعضها البعض، وهى حرب لا يمكن حسمها في مئات السنين، وهذه فائدة كبرى لإسرائيل تحاول تكرارها في سوريا وباقي بلاد العرب، بل أن أفغانستان هي الأخرى في قائمة الإستهداف بذلك النوع من الحروب الأبدية.
أوباما يعتزم سحب قواته من أفغانستان بنهاية العالم المقبل 2014 بدون أي نصر عسكري أو سياسي. أي أنه فشل في استخدام القوة العسكرية كما فشل في استخدام الخديعة السياسية، وزادت حركة طالبان قوة ورسوخاً، وبدت مستعصية على التورط في ذلك النوع من حروب الفتنة والانتحار الذاتي.
بينما انسحب أوباما من العراق بعد أن تكفل شعبها بتدمير نفسه واستنزاف قواه البشرية والمادية في حرب أبدية بين مكوناته. وسوريا بدأت بالمسير على نفس الطريق، ولبنان انطلقت فيها رصاصة البداية حتى يأكل الشعب نفسه ويبيد مقاومته فلا تبقى أي بندقية تستهدف إسرائيل من أي الجهات. وذلك هو مفهوم الأمن الإسرائيلي في أحد جوانبه.
إسرائيل التي تحتل الإرادة الأمريكية تريد من تلك الدولة أن تقوم بمهمتين أخيرتين : الأولى التدخل عسكرياً في سوريا على النمط العراقي أو على الأقل النمط الليبي، المهمة الثانية والأصعب هي توجيه ضربة عسكرية كبرى لإيران ضد البرنامج النووي ظاهراً، ولكن في الحقيقة لتدمير البنية الاقتصادية والعلمية لإيران وإعادتها إلى الحظيرة الأمريكية وعودة إسرائيل إلى قلب طهران كما كانت في السابق.
هدفان رئيسيان يعجز أوباما عن تنفيذهما لإسرائيل لأن الأدوات المتاحة لديه لا تكفى لإنجاز المهمة، هذا فضلاً عن صعوبة المهام وخطورة تداعياتها خارج حدودها المحلية. يتلكأ أوباما في تنفيذ المهام، ويلوح أحياناً بالرفض ويسير في مسارات بديلة نحو حلول وسط أو حتى يتراجع مع حفظ ماء الوجه، وذلك موقف لا يعجب إسرائيل، فبدأت تثير في وجهه المتاعب والفضائح حتى لا يشعر أنه مطلق اليد وصاحب قرار مستقل عن إسرائيل في فترة ولايته الثانية التي لا يحتاج فيها الى دعم اللوبى اليهودي في انتخابات رئاسية قادمة.
الدفعة الأولى من الفضائح التي أثيرت في وجهه كانت تحتوى على ثلاث سقطات عادية بالنسبة لأي حاكم هناك، لولا سوء النية المبيتة للضغط على ذلك الرئيس الضعيف سيء الحظ. ولكن في اثنتان منها ما يستحق الإشارة لأن بينها تشابه وبين الفضيحة الأمريكية في 11 سبتمبر 2001. الفضيحة الأولى تتعلق بالهجوم على السفارة الأمريكية في بنغازي (ليبيا) في 11 سبتمبر 2012 في ذكرى حادث سبتمبر في نيويورك منذ 11 عاماً.
وتم الكشف عن أن الاستخبارات الأمريكية حذرت من الهجوم ولكن تم تجاهل التحذير وإخفائه إلى أن وقع الهجوم. وذلك يعنى ببساطة أن الإدارة كانت تعلم بالهجوم مسبقاً وكان لها مصلحة في تنفيذه. ولكن مسئولي المخابرات الأمريكية من الدرجة المنخفضة لم يكن لديهم علم بتورط حكومتهم بتدبير الحادث، فرصدوه قبل وقوعه وأبلغوا القيادة بذلك، ولكنها تكتمت على التحذير لأن الهجوم كان (لابد أن يقع) حتى يستفاد من تداعياته وردود الفعل الأمريكية عليه، تماما كما حدث في 11 سبتمبر 2001 الذي ترتبت عليه نتائج خطيرة للغاية ليس بالنسبة لأفغانستان والعراق والمنطقة العربية التي تعصف بها (الفوضى الأمريكي الخلاقة) بل أن النتائج لا تقل مأساوية على الشعب الأمريكي نفسه الذي فقد الكثير من حقوقه الدستورية، وتحكمه قوانين استثنائية تعرضه لسلب جميع حقوقه، متى قررت السلطات ذلك، إذ يكفيها مجرد الإدعاء على أي شخص / بلا أي دليل/ بأنه يشكل خطراً أمنيا.
أسمت الإدارة الأمريكية قوانينها الفاشية تلك “القانون الوطني” أي أنه قانون لحماية الوطن وقمع الخونة الداخليين الذين هم في الواقع كل معارض يتجرأ على كشف خيانات الحكومة الأمريكية أو اليد الإسرائيلية العابثة والمتحكمة في حياة الأمريكيين.
ومن ذلك “القانون الوطني” جاءت الفضيحة الثانية لأوباما الذي تجسست إدارته على صحفيين في وكالة أنباء “إسشيوتد برس” ورغم أن ذلك إجراء عادى تحت ظل القانون المذكور، إلا أن أوباما لم يشأ أن يواجه الإعلام بتلك الحقيقة المؤلمة، وفضل أوباما أن يشير إلى أن المعلومات التي تجسست عليها وزارة العدل كانت تؤثر على أمن عناصر القوات العسكرية والاستخبارات التي تعمل في دول خارجية. وبالتالي رفض الاعتذار عن الحادث لأنه مسنود بالقانون الوطني وبكلمة “الأمن” الرهيبة التي عندها تخرس كل الألسنة.
وهنا تظهر الديمقراطية بوجهها الحقيقي البشع كنظام إرهابي دموي لا يعرف القانون ولا يحترم الإنسان.
الفضيحة الثالثة كانت “اضطهاد ضريبي” قامت به مصلحة الضرائب ضد مجموعة يمنية متشددة تدعى جماعة الشاي. وتخلصاً من الفضيحة قدم أوباما كبش فداء هو القائم بأعمال رئيس مصلحة الضرائب.
طبعاً لا يمكن مقارنة ذلك بما فعلته إدارة أوباما ومن قــــــــبلها إدارة بوش من اضطهاد مالي ومصادرات ومحاكمات تتعلق بأموال المسلمين وجمعيات خيرية وأشخاص يخرجون زكاة أموالهم كما تقتضى شريعة دينهم، كل ذلك تحت ستار الكلمة المرعبة (الأمن)، والشعار الفاشستى الأمريكي” مكافحة الإرهاب” الذي يعنى أساساً استباحة المسلمين في كل مكان، والعدوان على أوطانهم وإرهابهم بشتى الوسائل، بدعوى مكافحة إرهاب هو في الواقع تصنيع مباشر أو غير مباشر للمخابرات الأمريكية.
الجديد في مكافحة الإرهاب
في أواخر شهر مايو الماضي 2013 قدم أوباما ما أسماه “إستراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب”. وكالعادة ثار عليه أعداؤه الجمهوريين الذين أسسوا في عهد الرئيس الجمهوري بوش لتلك الحرب الإجرامية ضد الإسلام والمسلمين، وهى حرب منافقة إلى جانب أنها وحشية وغير أخلاقية. معتقل جونتنامو كان أول رموز تلك الحرب المشئومة. ثم جاءت الطائرة بدون طيار التي قتلت المئات من الباكستانيين والعرب والأفغان والأوزبك خلال ضرب مناطق الحدود الباكستانية بما فيهم من نساء وأطفال وشيوخ، بأوامر مباشرة من أوباما وتنفيذ قسم خاص بالمخابرات المركزية.
لقد حدث بالفعل تغير جوهري في سياسة أوباما تجاه ما يسميه “جماعات إرهابية” إذ تمكن من تطويع واستخدام قطاع لا يستهان به، وتسخيرها في خدمة أهداف بلاده. وسواء كان التطويع مؤقتا أم أنه دائم واستراتيجي بهدف استكمال سياسة ” الفتنة العظمى ” في المنطقة الإسلامية، أي حروب الطوائف والأديان بواسطة جماعات وهبت نفسها للعمل ضد أمتها بالتعاون مع دول اليهود والنصارى الذي هم أهون الأضرار كما يتصورون. في مجال الحرب على الإرهاب حدثت بالفعل نقله كبيرة في خريطة التحالفات فالمصالح المشتركة تغلبت على عقبات الِأيديولوجيا والعقائد، فالبرجماتية أصبحت عقيدة مشتركة تجمع الجهاديين مع المستعمرين في أجواء الربيع العربي. إن سياسة أمريكا بالحرب على الإرهاب قد تغيرت بالفعل أو تقلصت حسب تعبير أوباما، وهو تعبير واقعي ودقيق رغم أن خصومة الجمهوريين زايدوا عليه قائلين أنه فرط في أمن بلاده. لقد تقلصت الحرب الأمريكية على الإرهاب لأن المسلمين الذين تمسكوا بتوصيف أمريكا وإسرائيل كأعداء للأمة الإسلامية أصبحوا هم الأقلية العددية، بينما حلف الشيطان الأعظم يزداد وتنضم إليه الكتائب تلو الكتائب. فيتكرر مشهد يعتصر القلوب حينما إنضمت كتائب المسلمين المنهزمين إلى جيوش التتار القادمة من الشرق في العصور الغابرة، وآخرين إنضموا إلى جيوش “الفرنجه” القادمين من الغرب، فقاتلوا أمتهم طمعا في ذهب المستعمرين الغزاة وطلبا لرضاهم.
فى بداية الغزو الأمريكي لأفغانستان وصف أمير المؤمنين ” الملا محمد عمر “، ذلك الزلزال الذي أحدثه الغزو في النفوس، بذلك الزخم العسكري الهائل، وقوة النيران والطائرات التي لم ير مثلها أحد، شبه ذلك بفتنة المسيخ الدجال. ولكن بقوة إيمان وجهاد شعب أفغانستان أوشكت تلك الفتنة أن تنجلى، ولكنها أناخت في فناء العرب. وصدق الذي قال (ويل للعرب من شر قد إقترب)، فقد إقتربت الفتنة وأنشبت أظافرها في رقاب الذين فتحوا لها قلوبهم وديارهم.
لهذا فإن المتابع لا يحتاج إلى ذكاء كبير كى يقرأ حقيقة ما تعنيه عبارة أوباما من أن دعم دول “الربيع العربى” هو جزء أساسي من إستراتيجيتة الجديدة لمكافحة الإرهاب. إذا فذلك “الربيع” الزائف هو تأكيد للأمن القومى الأمريكي وأمان لإسرائيل وتثبيت لمبدأ الفوضى الخلاقة التي من معانيها نشر الفتنه الشاملة بين المسلمين والفتنه الكبرى في بلاد العرب على كافة الأسس الممكنة، العرقية والدينية والسياسية، وأى شيء آخر يمكن العثور عليه أو اختراعه حتى يكون فتنة. وهناك بيننا من يرى في ذلك كله خدمة للدين والوطن. فلم يكن متصوراً لولا ذلك “الربيع” أن نرى المجاهد المسلم مع الإسرائيلي والأمريكي في خندق واحد. وهناك من ينادى بدفع ذلك الجيش المشترك لفتح المزيد من بلاد المسلمين !!.
هذا قطاع هام من مجاهدي الفتنة، ولكن هناك قطاع من المجاهدين مازلت تتصيده طائرات بدون طيار بأوامر من أوباما وبأيدى المخابرات الأمريكية، ويقال أن المهمة إنتقلت إلى الجيش الأمريكي، لكن الدم يظل مسلماً في الحالتين. فهناك مسلمون يتخطفهم القتل غيله بالطائرات في كل من أفغانستان وباكستان واليمن والصومال، وذلك فريق آخر من المجاهدين. إذن أوباما أصاب الحقيقة بقوله أن نطاق الحرب على الإرهاب قد تقلص. فهناك “إرهاب صديق” وإرهاب آخر معادى. والمعيار في الحالتين هو مصالح أمريكا و”حاكمية” إسرائيل.
لأن فئة كبيرة قد خرجت من التصنيف الأمريكي للإرهاب كى تدخل نطاق الأصدقاء الإستراتيجيين، ذلك لأنه تحالف طويل المدى هائل الأهداف، وفى حال نجاحه فقد تستأصل شأفة هذه الأمة بأيدى أبنائها، أو على الأقل سوف يشغلها الإنتحار الذاتي عن أن تكون أمه قادرة على فعل أي شيء يفيد دنياها أو يرفع من شأن دينها.
يفيد هنا ذكر تعليقات خبراء ومحللين أمريكيين عن تحول موقف الولايات المتحدة من ذلك الشيء الذي كانت تدعوه إرهاباً.هذا التحول الذي ذكروه هو الذي جعل أوباما يعتقد أن تهديد الإرهاب قد تراجع في الولايات المتحدة. يقول هؤلاء ” أن خير دليل على تضارب موقف الإدارة الأمريكية هو موقفها من الحرب في سوريا فإدارة أوباما تقدم الأموال إلى الحركات المعارضة دون التدقيق في هويتها وانتمائها، وبالتالي فإن هذه الأموال تصل إلى إمتدادات لتنظيم القاعدة في سوريا مثل جبهة النصرة. وكثير من التقارير المنشورة في الولايات المتحدة أشارت إلى أن الحركات المسلحة بمختلف أطيافها تتقاسم المساعدات التي تتدفق عليها من الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج، فالولايات المتحدة حسب تلك التقارير – قد أعطت الضوء الأخضر لحلفائها الإقليميين في تركيا والأردن وقطر والسعودية والإمارات لتقديم كافة أشكال الدعم للحركات المسلحة بما فها جبهة النصرة المصنفة كامتداد لتنظيم القاعدة في العراق ” ـ (صحيفة الأهرام المصرية ـ من مقال سارة عبد العليم ـ 29 مايو 2013 )ـ ” وأكثر من محلل وخبير أمريكي في شئون مكافحة الإرهاب أكدوا أن الإدارة الأمريكية هي التي تعطى الضوء الأخضر لهذه الدول ليس فقط بتحويل أراضيها إلى قواعد انطلاق نحو الساحة السورية مثل تركيا والأردن ولبنان، وإنما تعطى ضوءاً أخضراً لإمداد هذه الحركات بمنظومات الأسلحة المتطورة الفتاكة مثل الصواريخ المضادة للدروع والطائرات وراجمات الصواريخ بالإضافة إلى أجهزة الاتصال المتطورة التي تعمل بالأقمار الصناعية “ـ نفس المصدر السابق ـ
وأخيرا نجحت الولايات المتحدة في إقناع حلفائها الأوروبيين برفع حظر توريد السلاح للجماعات المسلحة السورية، فأثار ذلك حفيظة موسكو التي أعلنت أنها ستزود سوريا بمنظومة صواريخ “إس 300” المتطورة المضادة للطائرات، وإسرائيل هددت أنها سوف ترد إذا وصلت تلك المنظومة إلى سوريا. إنه تدويل مكتمل الأركان لانتفاضه الشعب السوري، وكأن درس تدويل جهاد شعب أفغانستان ضد الإتحاد السوفيتي لم يتعلمه أحد، ذلك التدويل الذي عندما تصدت حركة طالبان لإصلاح انحرافه، جاءها الرد على هيئة عدوان دولى قادته أمريكا وحلف الناتو لاحتلال أفغانستان. تلك هي دروس التاريخ القريب، فهل من مُدَكر؟؟.
——————————-
4 ــ أمريكا: حرب اغتصاب المجندات
تلك فضيحة أخلاقية تكشف ليس فقط فساد القيادة العسكرية الأمريكية ولكن تكشف أيضا نفاق الموقف الحضاري الغربي من المرأة، وأنه موقف انتهازي بحت ولا يستند على أي ركيزة أخلاقية. فذلك النظام الرأسمالي المتوحش لا يبالى بالإنسان، رجلا كان أو امرأة. وأتقن امتهان المرأة بتسخيرها في أعمال لا تليق بها ولا بإنسانيتها ولا بدورها في الحياة. ثم صوروا ذلك التعدي بأنه انتصار و”تمكين!!” للمرأة.
آخر “تمكين” للمرأة كان وضعها في صفوف الجيش وسط مجندين يأتي معظمهم من قاع المجتمع ممن أغلقت أمامهم كل أبواب الارتقاء وتحصيل العلم والمال، فانخرطوا في الجيش لعلهم يجدون فرصة. بينما انصرف أبناء الصفوة ومتوسطي الحال إلى فرص الحياة العريضة.
انخفض مستوى الجيش، حتى لم يعد يطيق البقاء فيه إنسان يمتلك أي فرصة أخرى خارجه، أو يمتلك شعورا بنفسه كإنسان له كرامة وآدمية. فاضطر الجيش إلى التوسع في قبول النساء اللاتي يعانين من نفس المشاكل، كما فتح أبوبه للشواذ جنسيا وقدم لهم الحماية، فازداد المستوى الأخلاقي في الجيش الأمريكي انحطاطا.
الآن توصف الجرائم الجنسية في الجيش على أنها حرب حقيقة غير معلنة وتجرى في الخفاء. وصفها آخرون بأنها كرة ثلجية بدأت في التدحرج. ومع كل التحفظ والإخفاء فإن القليل الذي تسرب كان صادماً للرأي العام وينم عن وجود كارثة حقيقية داخل الجيش الأمريكي. الرئيس أوباما رد بعصبية واصفاً من يقوم بذلك الفعل بأنه خائن. ولكن يبدوا أن الخونة كثيرون وكبار وبدونهم لن يكون لأمريكا جيش.
تقول الإحصائيات الرسمية / أي غير الدقيقة / أن حالات الاعتداء الجنسي في الجيش عام 2012 قد زادت بنسبه 6% عما كنت عليه عام 2011 ، وإحصائيات عام 2012 أشارت إلى أن 26 ألف عضو بالجيش قد مارسوا نوعاً من العلاقات الجنسية “غير المرغوب فيها !!” حسب التعبير الأمريكي العجيب.
التقرير الرسمي الصادر عن البنتاجون أشار إلى أن نسبة دعاوى الاغتصاب تزايدت بشكل كبير، فخلال أسبوع واحد تم التحقيق في 21 دعوى اغتصاب، وأن 35 حالة اغتصاب مازلت رهن التحقيق. ولكن أي تحقيق هذا مادام كبار المسئولين عن مكافحة الاعتداءات الجنسية متورطون في ممارسة تلك الأعمال المشيئة، والأمثلة كثيرة، والمهم هو دلالاتها وليس تفاصيلها. فمما لا شك فيه أن فشل المغامرات العسكرية الكبرى في الخارج قد عبر عن نفسه في سلوكيات الجنود إما على شكل عمليات انتحار أو أعمال وحشيه مفرطة ضد المدنين، أو التصرفات الجنسية الشاذة مع الأطفال، وأيضاً التحرش أو الاغتصاب ضد زميلات السلاح من المجندات المشاركات في الحرب وأهوالها.
وبصفتها الطرف الأضعف في علاقة “الشراكة العسكرية” فالمرأة تكون عرضة للاعتداء، فالأضعف دائما عليه أن يتحمل نزوات الأقوى وعليه أيضا تحمل تبعات الانحراف الذي كان هو ضحيته، وذلك ما يحدث بالضبط مع النساء المجندات بعد تعرضهن للاغتصاب أو التحرش. فغالبا ما يتم إلقاء التبعة عليهن بل ومعاقبتهن.
لقد بدأ التحرش بالنساء في الجيش الأمريكي مند انخراطهن في ذلك الجيش منذ أكثر من نصف قرن. انحدر الجيش مهنيا وفشل عمليا في إثبات قدرة رجاله كمحاربين حقيقيين.
هؤلاء الجنود ومن أجل إثبات رجولتهم وقدرتهم، تحولوا إلى حيوانات مفترسة تقتل الأضعف والأشد عجزاً في الدفاع عن نفسه، سوءا كان مدنيا في بلد محتل أو كان رفيقة سلاح تقاتل إلى جانبه. الإتحاد الأمريكي للحريات المدنية يؤكد أن الجيش يعامل بقسوة النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب فأصبحن حوامل، جاء ذلك ردا على اعتزام الجيش فرض سياسة الإجهاض ضد المجندات اللواتي حملن سفاحاً من زملائهن أو رؤسائهن.
لم يقتصر مدى وباء الاغتصاب على الحالات الفردية، بل وصل إلى درجة حفلات اغتصاب جماعي من أمثلتها ما وقع عام 1991 أثناء انعقاد مؤتمر سنوي لمنظمة “تايل هوك” الذي شهد حالات اغتصاب طالت متدربين ذكور ومتدربات إناث في صفوف القوات البحرية (المارينز).
وهناك حوادث أخرى تم توجه الاتهام فيها لعشرات الضباط. ليس الأمر مقصوراً على صغار الضباط بل طال العديد من ذوى الرتب الرفيعة أبرزهم الجنرال ديفيد باتريوس “بطل حرب أفغانستان” الذي حقق أعلى درجات الفشل أثناء قيادته العسكرية، فتحقق على يديه وقوع هزيمة بلادة أثناء مدة خدمته في ذلك البلد، وربما لهذا السبب تحديدا نقلوه مديرا للاستخبارات المركزية !!. “باتريوس” استقال بعد أن تكشفت علاقته الجنسية بكاتبة سيرته الذاتية.
وهكذا سقط الوجه المشرق الذي أعدته ماكينة الدعاية ليكون رمزاً للمؤسسة العسكرية المتهافتة. وبعد وقت ليس بطويل تحرش ضابط بسلاح الجو الأمريكي بسيدة في مرآب للسيارات في حديقة عامة. المفاجأة ليست في ذلك الفعل المعتاد أمريكيا ولكن المفاجأة هي أن ذلك الضابط ويدعى (جيفرى كروسينسكى) هو نفسه المسئول عن فرع مكافحة الاعتداءات الجنسية في سلاح الجو. ولنا أن نتصور حال الضباط الآخرين الذين لا يشغلهم سوى ارتكاب الجرائم الجنسية مع الزميلات.
آخر ما أذيع حتى هذه اللحظة من تلك الفضائح رغم مجهودات التكتم حتى لا ينهار ما تبقى من سمعة كاذبة لذلك الجيش غير السوي، كان خبرا ننقل نصه الذي ورد في صحف يوم 23مايو2013 نقلا عن وكالة الأنباء الفرنسية، يقول الخبر :
}في استمرار لسلسلة الفضائح الجنسية التي تلاحق الجيش الأمريكي، أعلن “هارفى بريت” المتحدث باسم الجيش أمس أنه تم وقف الجنرال “رايان روبرتس” رئيس وحدة التدريب بقاعدة فورت جاكسون العسكرية بولاية كارولينا الجنوبية عن الخدمة على خلفية التحقيق في شكاوى تتهمه بالاعتداء الجنسي. وأوضح المتحدث باسم الجيش أنه سيتم الاستمرار في وقف روبرتس عن العمل إلى حين إعلان الانتهاء من التحقيق في الاتهامات الموجه إليه. وتعتبر قاعدة فورت جاكسون المكان الذي يقصده أغلب المجندين الجدد لخوض تدريباتهم الأساسية، وفى مقدمة هذه التدريبات يأتى التدريب على كيفية الوقاية من الاعتداءات الجنسية {.
ونختم هذا المقال بدون تعليق سوى بعض علامات التعجب(!!!!!) .