
من الفوضى إلى الاستقرار: تحول جذري في المشهد الأفغاني
أ. أويس علي
قبل سنوات، كانت أفغانستان تعاني من حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، مما جعلها بيئة طاردة للاستثمار، حيث كان رأس المال يبحث عن طريق للهروب، وكان الاستقرار مجرد حلم بعيد المنال.
لم يكن المستثمرون يجرؤون على ضخ أموالهم في بلد يفتقر إلى الأمان والثقة، إذ كانت الأوضاع المضطربة تحول دون أي مشاريع طويلة الأمد.
ولكن اليوم، تغير المشهد تمامًا.
لم تعد أفغانستان تلك الأرض التي يتجنبها المستثمرون، بل أصبحت ساحة خصبة للمشاريع الطموحة، في ظل بيئة آمنة وواعدة للاستثمار. ومن بين أبرز الشهادات على هذا التحول الكبير، عودة رجل الأعمال الأفغاني الشهير مرويس عزيزي إلى كابول، ليس كزائر متردد، بل كمستثمر واثق يسعى للمساهمة في نهضة وطنه من جديد.
عودة مرويس عزيزي: استثمار بالمليارات وبناء المستقبل
في خطوة تعكس ثقة كبيرة بمستقبل أفغانستان، أعلن مرويس عزيزي عن استثمارات ضخمة تتجاوز 10 مليارات دولار في قطاع الطاقة، إلى جانب 500 مليون دولار لمشاريع خيرية تهدف إلى تحسين حياة الشعب الأفغاني. لم تكن هذه العودة عادية، بل مثلت شهادة حقيقية على أن أفغانستان اليوم ليست كما كانت في الأمس، بل أصبحت أرضًا للفرص والنمو الاقتصادي.
وسط حضور كبار قادة الإمارة الإسلامية، وضع مرويس عزيزي حجر الأساس لمشروع خيري ضخم وغير مسبوق في قلب كابول، يحمل اسم “مدينة فريشتا عزيزي الطبية”، وهو مشروع بحجم حلم يمتد على 350 ألف فدان، ليصبح صرحًا شامخًا يخدم المجتمع الأفغاني بأبعاده المختلفة.
“مدينة فريشتا عزيزي الطبية”: نموذج جديد للتنمية الصحية
تعد “مدينة فريشتا عزيزي الطبية” أحد أكبر المشاريع الخيرية في تاريخ أفغانستان، إذ تضم:
- مستشفى متطور لعلاج السرطان، يوفر خدمات طبية متقدمة للمرضى الذين كانوا يضطرون للسفر للعلاج خارج البلاد.
- مستشفى متخصص في أمراض النساء والولادة، يقدم رعاية صحية شاملة للنساء والأطفال.
- دار أيتام تستوعب 10,000 طفل، توفر لهم المأوى، التعليم، والرعاية الكريمة لضمان مستقبل أفضل.
- جامعة طبية ومدرسة للتمريض، تسهم في إعداد كوادر طبية متخصصة لخدمة القطاع الصحي في أفغانستان.
- مساكن للطلاب والأساتذة، لتوفير بيئة تعليمية متكاملة تساعد في بناء أجيال جديدة من الأطباء والممرضين.
مشروع بهذا الحجم لم يكن ليبصر النور في ظل الفوضى التي عانت منها البلاد سابقًا، لكنه أصبح اليوم حقيقة واقعة بفضل الاستقرار الذي أعاد لأفغانستان وجهها الحقيقي كبلد للفرص والاستثمار.
نحو الاستقلال الطاقي: خطة طموحة تمتد لخمس سنوات
إلى جانب العمل الخيري، يمتلك مرويس عزيزي رؤية اقتصادية بعيدة المدى تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الطاقة. وقد أعلن عن خطة طموحة تمتد لخمس سنوات، تبدأ بمشروع ضخم في كابول يتمثل في محطة طاقة شمسية بقدرة 200 ميغاواط، على أن تتبعها سلسلة مشاريع طاقية ضخمة تهدف إلى تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الخارجية، وتعزيز استخدام الموارد المستدامة في البلاد.
إن تحقيق الاستقلال الطاقي لا يعني فقط تلبية احتياجات المواطنين من الكهرباء، بل يعزز أيضًا من قدرة أفغانستان على تحقيق التنمية الصناعية والزراعية، مما يفتح آفاقًا جديدة أمام الاقتصاد الوطني.
البيئة الاستثمارية الجديدة: أفغانستان أرض الفرص
هذه التحولات الكبيرة لم تكن لتحدث لولا الجهود الحثيثة التي بذلتها الإمارة الإسلامية لإعادة الأمن والاستقرار، وتهيئة بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين. فبعد أن كان رأس المال يفرّ خوفًا من المصير المجهول، عاد اليوم بثقة، ليس فقط بحثًا عن الأرباح، بل للمساهمة في بناء مستقبل جديد للبلاد.
ما يحدث في أفغانستان اليوم ليس مجرد تحسن اقتصادي، بل قصة تحول حقيقية، تكتب بحروف الإنجاز والطموح، وتمهّد الطريق لمستقبل مشرق لأجيالها القادمة. بين الأمس واليوم، لم يكن الفرق مجرد أرقام، بل كان تحولًا جوهريًا يعيد لأفغانستان مكانتها كبلد للأمل والازدهار.