مقالات الأعداد السابقة

من المشاریع الصغیرة إلی المشاریع الكبیرة

بقلم: أفغانيار

 

“نرجو من الإخوة الأجانب والمؤسسات الناشطة في أفغانستان، أن يحوّلوا مشاریعهم الصغیرة إلی مشاریع كبیرة جذریة”. كانت هذه كلمة أشرف غني، الرجل المدین للأجانب في تربیعه علی كرسي الحكم الأفغاني. كلمة سمعها شعبنا عبر الإعلام. وهي كلمة تكشف الستار عن الحقيقة الثابتة للجمیع وهي عدم استفادة شعبنا من حضور المذكورين.

كنا من قبل علی یقین بأن حضور المؤسسات الخارجیة والمحتلین لن يجدیي شیئاً ولن يحل شیئاً من مشاكلنا؛ بل سيزیدنا هماً واختلافاً وفساداً. لكن لم یكن یصدقنا كثیر من الناس. إن حصیلة حضور المحتلین ومؤسساتهم، هي تطبیق مشروعات صغیرة عوّدت شعبنا علی السؤال وانتظار مساعدة الأجانب، وزرعت شیئاً من الكسل والبطالة والاِتكال علی الآخرین.

إن “المؤسسة” كلمة تعرّف علیها شعبنا بعد الاحتلال الأطلسي لأفغانستان. الكل یعرف أنها تطلق علی مؤسسات أجنبیة جاءت بعد الاحتلال إلی أفغانستان، لتقدم خدمات رفاهیة واجتماعیة واقتصادیة إلی شعبنا. أصحاب هذه المؤسات طافوا البلد من أقصاه إلی أقصاه، والتقطوا الصور والأفلام لفقر شعبنا ومعاناتهم من المشاكل وأرسلوها إلی شعوب أوروبا وأمریكا، استجلاباً لمساعداتهم المالیة. فكانت المساعدات متدفقة إلی أفغانستان والمؤسسات مشغولة بتقدیم بعض الخدمات. یقول رسول پویان، أحد المحللین: “إن أكثر مشاریع الأجانب عبر المؤسسات، كانت مكتوبة علی الأوراق ولیس لها وجود في أرض الواقع. فكانوا یهیؤون خرائط عمل وأحیاناً كانوا یلتقطون بعض الصور ویرسلونها إلی سادتهم الأجانب لكي یحصلوا علی أموال جدیدة لیملئوا بها جیوبهم”. [موقع أفغان موج].

والحقیقة أن مساعدات الشعوب كانت تذهب إلى طریقین في أفغانستان؛ قسم منها كانت تتسلمه الدولة وقسم منها تتسلمه المؤسسات الأجنبية. وكانت مساعدات المؤسسات تتخلص في بناء “المراحيض وإعطاء الحنطة إلی الناس وإعطاء الزیت إلی البنات في المكاتب”. ولكن الأموال التي كانت تتسلمها هذه المؤسسات من الأجنبیین كانت باهظة جداً. فكانت المؤسسات تزرع جذور الفساد بین الشعب الأفغاني، ومن جانب آخر كانت تبادر إلی عمل مشاریع صغیرة لا تجدي نفعاً.

أحد الكتاب الأفغان، يضع أمامنا صفحة واضحة من دور الأجانب في إرساء قواعد الفساد في أفغانستان وقیامهم بأعمال سطحیة: ” إن الأجانب لهم دور نشط في السابق وفي مستقبل الزمان في إفساد شعبنا وبلدنا. لقد تركوا المشاریع ناقصة. والمشاریع التي قاموا بإكمالها، لم تكن اقتصادیة بل كانت في تربیة الكوادر والتعلیم. ولم نشاهد منهم بوادر لإنعاش الاقتصاد الأفغاني وتنمیته”. [شبكه اطلاع رسانی أفغانستان].

ویقول (هادي شایان): “لم یسعی الأجانب يوماً في التنمیة الاقتصادیة لأفغانستان”. [جریدة افغانستان].

إن الرقم القیاسي للبطالة في البلد خیر دلیل علی فشل مشاریع الأجانب في أفغانستان. كما أن الأموال التي أرسلت إلی أفغانستان، كافیة لتكمیل جمیع مشاریع دول أوروبا المختلفة، لكن الفساد والاختلاس وغیرها من الآفات؛ حال دون استفادة البلد من آثار هذه الأموال الباهظة.

وعوداً على بدء، فإن شعبنا لم یستفد من مشاریع الأجانب ومؤسساتهم؛ لأنها كنت محدودة وسطحیة، ولم تكن جذریة. وهذا ما دفع غني إلى أن يوجّه نداءه إلی الأجانب ويستجديهم للقيام بدور أكثر فاعلیة ونشاطاً، ولیوسعوا نطاق خدماتهم، وليحوّلوا المشاریع الصغیرة إلی مشاریع كبیرة. أیًّا كانت نتیجة كلمة غني علی الأجانب، فقد أثبتت خطأهم المتعمّد في أفغانستان.

لیته لم يستجدي الأجانب، ليته استنتج أن الأجانب هم المحتلون وهم العدو الأول للإسلام والبلد والشعب. بل كان علیه أن یبحث عن سبل الحل لهذه المشكلة دون اللجوء إلى الأجانب. ولكن مع الأسف، رغم ذلك كله یتمادی الرجل في غیه، وبمثل هذه الكلمات الفارغة وهذا الموقف الدنيء یتضرع إلی المحتلین لیغیروا استراتیجیتهم تجاه أفغانستان ویقوموا بتطبیق مشاریع ضخمة. خیانة الأجانب باتت واضحة للجمیع، والشعب على وشك أن ينفجر ویثور على هذه الجنایات. وكأن “غني” قد تفطن إلی ذلك، فألقى مثل هذه التوصیات إليهم.

إضافة إلی ذلك، حدث ولا حرج عن دور المؤسسات الخارجیة في نشر الفساد في أفغانستان، وهذا الأمر یتطلب مجالاً أوسع لنلقي الضوء عليه. ولكن ما یهمنا هو أن جمیع مشاریع الأجانب في أفغانستان طیلة السنوات الماضیة كانت هباءاً منثوراً، ولم تحل عقدة من عقد الشعب الأفغاني، وكلمة غني الأخیرة خير شاهد على ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى