من لا يخدم مصالح أميركا فهو إرهابي
بقلم: حافظ منصور
لو ألقينا نظراً مترامي الأطراف إلى العالم لرأينا أن أمريكا هي من تزعم حمل راية الحرية والديموقراطية في الكرة الأرضية. وكذلك لو تحدثنا عن الإرهاب فسنجد أن أمريكا هي من تحمل راية محاربة الإرهاب، وتصنيف الإرهاب، وعلى هذا نصل إلى نتيجة مفادها أن أمريكا تدافع عن الحرية والديموقراطية في العالم، وفي نفس الوقت تحارب الإرهاب العالمي.
والإرهاب هو أي عمل يهدف إلى ترويع فرد أو جماعة أو دولة؛ بغية تحقيق أهداف.
ولكن لم نتعرف على دور حامل راية محاربة الإرهاب. يتجلى دور أمريكا في الحرب على الإرهاب في فيتنام حيث كان حصيلة حرب أمريكا على الإرهاب في فيتنام هو «مليون ومئة ألف» قتيل أغلبهم من المدنيين «الأطفال والنساء والرجال».
وكذلك الحرب الأمريكية وحلفائها على اليابان حيث راح ضحيتها فقط في مدينة هيروشيما «ما بين 90,000 إلى 166,000» قتيل من المدنيين، وفي ناغازاكي «ما بين 60,000 إلى 80,000» قتيل من المدنيين، وهذه إحصائية لا تشمل الحرب كلها فقط بل هي إحصائية لمدينتين لا أكثر.
أما الحرب الأمريكية على العراق فقد أشارت الدراسات التي أجرتها مجلة “لا نسيت” الطبية البريطانية المرموقة إلى أن 655,000 مدني قتلوا من بداية الغزو الأمريكي على العراق في 19 مارس 2003، وحتى (تشرين) أكتوبر 2006م. وكذلك صرحت الأمم المتحدة أن نحو 34,000 عراقي قتلوا خلال عام 2006م فقط. وهذه مجرد إحصائيات بسيطة لا غير، لحرب أمريكا على الإرهاب.
الحرب الأمريكية على نيكاراغوا التي رفعت قضية إلى المحكمة الدولية عام 1986م، وكانت التهمة هي أن أمريكا تدعم المعارضة المسلحة وتفخخ الموانئ، وحكمت المحكمة لصالح نيكاراغوا. لكن أمريكا لم تعترف بقرار المحكمة الدولية، وأعلنت الحرب على نيكاراغوا، وكانت نتيجة حرب أمريكا على الإرهاب آلافاً من القتلى المدنيين الأبرياء.
يعلم القاصي والداني أن دخول أميركا في أفغانستان بذرائع واهية خلّف آلافاً من القتلى والمعاقين، ومليون مدمن، كلها بذريعة محاربة الإرهاب، فلو تم قياس أفعال أمريكا في الحرب على الإرهاب ضمن قياس تعريف الإرهاب، لتبين أن أمريكا هي حاملة راية الإرهاب في العالم. فهي التي تروع الأفراد والجماعة والدول، وتسعى إلى تغيير الحكم في عدة دول بالقوة. ليس من المنطق أن تأتي من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، وتقتل أطفالًا ونساءً بحجة حماية أطفال ونساء بلدك، وليس من المنطق أن تعلن الحرب على دولة بسبب ما يمس حماية أقليات، وبلدك رقم واحد في عمليات القتل والعنصرية والقومية، وليس من المنطق أن تدافع عن حرية المرأة وبلدك رقم واحد في سوء معاملة المرأة، وفي اغتصاب المرأة والأطفال.
أمريكا ترى دفاع أهل فلسطين عن أنفسهم إرهاباً، ويجب اقتلاعه. لكنها ترى أيضاً أن هجوم إسرائيل على غزة وقتلها أبرياءً من أطفال ونساء هو دفاع عن النفس، وحق مشروع لإسرائيل.
وحسب هذه الدلائل والحقائق، فإن تعريف الإرهاب يجب أن يكون بالصيغة الآتية: «كل عمل يقوم به أفراد أو جماعة أو دول لا يعود بفائدة على المصالح الأمريكية فهو إرهاب».
وبعين هذا التعريف تنظر أمريكا لكل دول العالم والأفراد والجماعات. فهي مستعدة أن تمارس الإرهاب في نيكاراغوا، وتنشر الإرهاب في العراق وأفغانستان، وتقتل أطفالًا ونساء في اليابان وفيتنام لحماية مصالحها ليس إلا. وانطلاقًا من هذا التعريف فإن أمريكا لا ترى قتل البوذيين للمسلمين في ميانمار عمل إرهابي، ويجب محاربته. ولكنها ترى في دفاع أهل غزة في وجه الظلم والطغيان الإسرائيلي إرهاباً.
الدلائل كثيرة، والحقائق لا تحصى لكل من أراد أن يتعرف على حقيقة أمريكا، وخدعة الحرب على الإرهاب. فلا تجعلهم يخدعونك ويغرسون فيك فكرة أنك إرهابي، لا تجعلهم يغرسون في فكرك أن كل من يدافع عن حقه وحياتها بوجه الإرهابي الأمريكي هو إرهابي.