من يقف وراء الاغتيالات الغامضة؟
لقد كثرت في الآونة الأخيرة الاغتيالات الغامضة في كابول وبعض المدن الأخرى، ففي السابق عندما كان تقع أية حادثة في أفغانستان فإن مرتكبها والجهة المسؤولة كانا معروفين. لكن في الأشهر الأخيرة حصلت زيادة ملحوظة في الأحداث التي لا يمكن توجيهها، وفي الظاهر يبقى مرتكبها مجهولا.
فخلال الشهر ونصف الشهر الماضي على سبيل المثال، قُتل عشرات الصحفيين في كابول وقندهار وغزنة، وبالأمس اغتيل الرئيس التنفيذي لهيئة مراقبة الانتخابات في كابول في ظروف غامضة! وبعد كل حادثة واغتيال يوجه مسؤولو “أرغ” – الذين يُعتقد أنهم المتهمون الحقيقيون في هذه الاغتيالات – أصابع الاتهام إلى الإمارة الإسلامية دون أي تحقيق! لكنه اتهام لا أساس له من الصحة؛ لأن الإمارة الإسلامية لا تهاجم الأشخاص والمؤسسات المحايدة، ولم يثبت أنها استهدفت أياً من الصحفيين خلال كفاح السنوات 19 الماضية، فكيف يعقل أن يحدث تحول إلى هذا الحد في سياستها لتستهدف الصحفيين وغيرهم من الناشطين المدنيين.
حقيقة الأمر هي أن بلدنا يمر في الوقت الحالي على مرحلة حرجة ودقيقة للغاية. فبحسب الاتفاقية التي تم التوصل إليها مع الولايات المتحدة في “الدوحة”، يجب على جميع القوات الأجنبية الانسحاب من أفغانستان العام المقبل. كما بدأت المحادثات بين الأفغان فعلاً، وأصبحت أفغانستان على مشارف تحول جذري جديد، ويدرك مسؤولو “أرغ” أن تيار هذا التحول قوي لدرجة أنه يمكنه أن يهز ركائز سلطتهم غير الشرعية، وأن حكمهم الذي كسبوه من خلال الانتخابات المزورة سينتهي قبل أوانه، لذلك بدأوا ببذل جميع جهودهم وطاقتهم من أجل إكمال فترة حكمهم.
فقد تنوعت أساليب “أرغ” في التشبث والبقاء في الحكم، وأطلق مساعيه في مختلف المجالات، فمن ناحية يحاول باستمرار عرقلة عملية السلام والمفاوضات، ومن ناحية أخرى كثف جهوده لشراء أسلحة من دول مختلفة استعدادًا لحرب مقبلة، ومن ناحية أشعل نيران الاغتيالات الغامضة في المدن، ليُظهر للعالم أن الوضع في أفغانستان سيخرج عن نطاق السيطرة، وأن القوات الأجنبية يجب ألا تنسحب وفق الخطة المتفق عليها.
ولتحقيق الهدف المذكور، شنت سلطات “أرغ” سلسلة عمليات القتل والاغتيالات الغامضة، بشكل مباشر وغير مباشر، فيهاجمون أهدافًا شديدة الحساسية، والتي تخلف تفاعلا دعائيا وعاطفيا واسعا.
مثل الهجوم على جامعة كابول، والهجوم على مستشفى للولادة، وقتل العديد من الصحفيين البارزين والشخصيات الإعلامية.
لا ينبغي الاستخفاف بهذه الاغتيالات الغامضة التي تُرْتكب في المدن الأفغانية، وخاصة في كابول، ويجب التحقيق فيها بدقة وشفافية، حتى يفتضح مرتكبوها أمام الشعب والمجتمع الدولي، وقد دأبت إمارة أفغانستان الإسلامية على إدانة عمليات الاغتيال هذه وطالبت بالكشف عن مرتكبيها عاجلاً.