مقالات الأعداد السابقة

من يقف وراء السرقات في مدن أفغانستان؟

رضوان الكابلي

إن تواجد السرقة والسارقين في المجتمعات أمر عادي لامفر عنه. لاتستطيع الدول والحكومات التخلص منها. وهي ظاهرة جنائية قديمة قدم الإنسان. إلا أن انتشارها وعدم قيام مسؤولي الأمن بوظائفها تجاهها أمر غير عادي. لا أن انتشارها دليل عدم شعور القادة بمسئوليتهم تجاهها.

وربما دليل على تدخل الدولة فيها. وإذا حدثت هذه الحالة في دولة تتطلب التوقف والتأمل، خاصة إذا حدثت في دولة تدعي كفاح الجرائم وإحلال الأمن. شاهد الشارع الأفغاني أخيرًا سلسلة من السرقات المسلحة الدموية على صعيد البلاد. سرقات مشبوهة ينفذها السارقون على مرأى ومسمع من الشرطة. والأعجب أن هنالك حدثت سرقات نفذها رجال الشرطة مباشرة. مثلما حدثت في محافظة نيمروز، التي أدت إلى احتجاجات وتحصنات.

كلما تحدث سرقة يتسائل الشعب فما دور الشرطة في كفاح السارقين. وما هي فائدة وجود الشرطة؟ أليست فلسفة وجود الشرطة القتال مع السارقين والقتالين والذين يسعون في نشر الفساد ويهددون أمن المجتمع؟

إن مثل هذه التساؤلات جعلت الشعب يمدّ إصبع الاتهام إلى الشرطة، واليقين بأن يد الشرطة والسارقين في قصعة واحدة. هذه التساؤلات وبعض حوادث السرقة التي ارتكبها رجال الشرطة جعل اليأس يتغلغل في الشعب ويدفعهم يقومون باحتجاجات ومظاهرات في بعض المحافظات.

وحسب التقارير الميدانية والتي نشرتها بعض الوكالات الخبرية فإن الأوضاع الأمنية متأزمة جدًّا. مع أن أشرف غني ادّعى في حواره مع قناة طلوع أن عشرين آلاف جنديا متواجدون الآن في كابل. ولكن دون جدوى.

نشر موقع dw حوارات أجرتها مع ضحايا السرقة في كابل. بتأمل في كلمات الضحايا ندرك مدى تقصير الشرطة وتورطهم في ملف السرقات الموجودة حاليًا في أفغانستان. كيومرث آذريان أحد ضحايا السرقة. سرقت سيارته قبل أربعة أشهر في ساحة ثانوية مريم والتي تقع مسئولية حفاظها على عاتق المركز الحادي عشر للشرطة. مباشرة بعد سرقة سيارتة راجع إلى الإدارات المسئولة ولكن دون جدوى.

يقول آذريان: عندما تحدثت مع رجال الشرطة حول حادث سرقة سيارتي، قالوا لي: أخي! لاتبحث عنها، لن توجد. اشترى آذريان سيارته بعد ادّخار مبالغ ضئيلة خلال سنوات ولكن سرعان ما فقدها. يقول آذريان في فساد رجال الشرطة وتورطهم في قضايا السرقة: إن قصة هذه الإدارات قصة الهموم والأحزان.

إن عدم الكفاية وعدم الشعور بالمسئولية والفساد المخيمة على هذه الإدارات آيستني من مواصلة المصير. إن قلق الشعب من الأوضاع الأمنية المتأزمة مشهود وملموس. المواطنون في كابل يحذرون مسافريهم من الثقة إلى سيارات الأجرة ويوصونهم بالتحري والدقة اللازمتين في هذا المجال.

إن تدهور الأوضاع في بعض مناطق كابل جعل المواطنين لايجترئون على الخروج من بيوتهم بعد الساعة التاسعة مساء. فالمسافر لايثق السائق والسائق لايثق بالمسافر. يقول سيد مجتبى، وهو صاحب دكان كبير في كابل: لانستطيع اصطحاب أكثر من ألفي أفغاني. كثرت السرقة وسد الطرق. يسرقون الجوالات والأموال عنفًا في رابعة النهار. أما في الليل لايوجد الأمن أصلا.

أما شفيق الله صاحب مطعم في مدينة كابل أيضًا قلق من انتشار السرقة في مدينة كابل. هو يقول: وفي الليالي عندما أرجع إلى بيتي، يعتريني الخوف والفزع من وجود السارقين.

وسط هذه المخاوف من السرقة والسارقين، ازداد عدم ثقة الشعب بالشرطة. لما أن مراكز الشرطة هي المسؤولة الأولى من توفير الأمن وقمع السرقة والسارقين. لكن عدم كفاءتها سببت فقدان الثقة بها عند الشعب. بل إن الشعب يوجه أصابع الاتهام إلى الشرطة. كما يقول سيد مجتبى: هنالك كثير من الشرطة متورطون في قضية السرقة بل شركاء مع السارقين بالأسهم. إنّ جرأة السارقين على ارتكاب السرقة في رابعة النهار دليل واضح على مشاركتهم مع السارقين.

يبدي أذريان أسفه العميق عندما يتحدث عن مراجعته إلى الشرطة بعد حادث سرقة سيارته: تألمت جدا عندما سرقت سيارتي في قرب من شرطة الجنائي. عندما راجعت إلى مركز الشرطة أحالوني إلى ذاك الشرطي المنتسب إلى الجنائي. وجدته بعد بحث وتفتيش كثير في إحدى ملاعب الحاسوب.

هذا وقد حدثت في الأسبوع الماضي حادثة سرقة في محافظة نيمروز هزت الوطن وكشفت عن الدور التخريبي للشرطة المنتسبة إلى إدارة كابل. بحسب التقارير الميدانية نقل في أوايل شهر ميزان رجل مجروح مغمى عليه إلى المستشفى الحكومي. وكان في جسده أثر إصابة سكين وإطلاق رصاص. وعندما أفاق صرح أن رجال الشرطة حاولوا سرقة سيارته فلما واجهوا بإنكاره ومقاومته، ضربوه بالسكين وبعد ذلك أطلقوا في بطنه رصاصًا ثم سرقوا السيارة.

ومن غده راجع المجروح مع إفراده إلى محل السرقة وشاهدوا إحدى الكاميرات المنصوبة في المحل، وجدوا أن السارقين ملبسون بلباس الشرطة وراكبون في لنجر(سيارة الشرطة). وبعد ذلك قدموا شكاويهم إلى الشرطة وحاكم الولاية. لكن حتى كتابة هذه السطور لم يحصلوا على نتيجة. لذلك قرر علماء المحافظة تدشين مظاهرات واحتجاجات واسعة إجبارا لقادة المحافظة على إلقاء القبض على المتورطين في هذه الجناية. الأعجب أن هذا الحادث حدث في قلب المدينة والشواهد الموجودة تدل صراحة على أن السارقين كانوا من الموظفين الرسميين في إدارة الشرطة. هذه حوادث تقع في المدن وهنالك كثير من الحوادث المؤلمة تقع في القرى وخارج المدن. ليس أسبوع إلا فيها تقع سرقة في الطرقات والشوارع الكبيرة خارج المدن.

بات واضحًا للجميع أن الشرطة واقفة وراء كثير من السرقات والاختطافات. العلة الأساسية في تفشي ظاهرة السرقة في عدم معاقبة السارق. تدار على ألسن الشعب: أن السارق يرجع من مركز الشرطة قبل المسروق منه. وحدث أن هدد السارق المسروق منه في داخل سيارة الشرطة في طريقهم إلى مركز الشرطة.

من المسئول عن هذه الأوضاع الأليمة التي جعلت أفغانستان جحيمًا لايطاق؟ وهل ستنتهي هذه الأوضاع الأليمة في الحكومة الفاسدة الحالية؟ الحكومة التي صارت عشا للفساد، لايمكن أن تقضي على أزمة السرقة. إن علاج هذا المرض الفاشي هو تطبيق القوانين الإسلامية في ظل حكومة إسلامية منبثقة من القرآن الكريم والسنة النبوية. وماذلك على الله بعزيز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى