مقالات الأعداد السابقة

موجة جدیدة من نشاطات التنصیر في أفغانستان

بقلم: گل آغا افغانیار

شاهد الجمیع في الفیسبوك صوراً عن تواجد ونشاطات دعاة المسیحیة شمالي أفغانستان في الأسابیع الماضیة. كانت تلك الصور تعرض إجراء “غُسل التعمید” علی بعض الرجال والنساء شمالي البلاد.

ولیس الخبر بجدید، بل منذ حضور المحتلین في أفغانستان واجه الشعب الأفغاني المسلم موجة عارمة من جانب المبشرین المسیحیین. حقیقة إن أفغانستان نظراً للفقر السائد علیها وعدم ممانعة الحکومة، أرض خصبة لنشر المسیحیة المحرفة بین شعبنا. إلا أن حساسیة شعبنا لهذه القضیة وتمسکهم بدینهم جعل المبشرین یُخفون نشاطاتهم بذرائع متنوعة.

إن جذور نشاطات المسیحیین في أفغانستان قدیمة جداً، وأقدم مبشر مسیحي دعی الأفغان إلی المسیحیة هو”الحواريّ توماس، الذي قام بالتبشير في مناطق العراق وإيران وأفغانستان الحالية في الفترة ما بين عام 42 إلى 49 بعد الميلاد، إلا أنه لم يصلنا شيء عن تأثير التبشير في منطقة جبال هندوكوش”. [موقع القنطرة].

وفي عهد سیطرة الإمارة الإسلامیة علی البلاد، وُجهت الاتهامات إلی مؤسسة بریطانیة باسم “شلترنو” بأنها تقوم بتنصیر الشعب. فقامت السلطات الأفغانیة آنذاك بإلغائها ومحاکمة وطرد عمالها من البلد”. [موقع إصلاح آنلاین].

وحدیثاً، بدأت عملیة التنصیر في أفغانستان بعد الحملة الصلیبیة التي قامت بها الدول الغربیة تحت قیادة الأمریکان بعد حادثة ۱۱ سبتمبر. وقال “جورج بوش” أکثر من مرة بأنها حملة صلیبیة علی الإرهاب.

وقد کانت قضیة ردة “عبدالرحمن” ، المواطن الأفغاني الذي ارتد عن الإسلام علناً وجهاراً عام 2006م، ثم سجن وبعد مدة بتدخل من الغربیین خلص من المحاکمة، کانت ترجمة وتفسیراً لکلمة بوش.

ولم تکن قضيته نهایة المطاف؛ بل أثیرت قضیة التنصیر بعدما نشرت “الجزیرة” فلماً وثائقیاً عن قاعدة باغرام. حیث وُجدت هناك نسخ عدیدة من الإنجیل باللغتین “البشتو والدري” وکانت هذه الواقعة التي شهدها العالم تفسیراً آخر لکلمة بوش.

كما أن هناك العديد من الجاليات والبعثات التبشيرية جاءت إلی أفغانستان وتعمل هنا بالفعل. ففي عام 2006م تمكنت الكنيسة الكورية أن ترسل حوالي ألفي إنجيل إلى أفغانستان. وتوجد ألف أو أكثر من ألف من الهيئات والمنظمات الأوروبية والأميركية التي تعمل في أفغانستان بأسماء مختلفة. وليس ثمة جهة من الحكومة أو غيرها لتراقب هذه المنظمات وترصد أعمالها وتسيطر عليها.

وفي تقریر نشرته وکالة “آسوشتدبرس”عن نشاطات التنصیر في أفغانستان، صرحت أن المبشرین بدأوا بحملة تبشیریة واسعة النطاق عبر تقدیم خدمات اجتماعیة إلی الشعب الأفغاني في جمیع المجالات، وهي تحظی بحمایة الجیش الأمریکي.

إن أکثر المؤسسات التي تقدم الخدمات في أفغانستان تهدف إلى تنصیر الشعب الأفغاني. وهي تعتني بالفقراء أکثر من سائر أطیاف الشعب. [موقع خاوران].

وأخیراً أعلنت “غنچه گل” إحدی العاملات في موسسة “شلترنو” المتهمة بتبلیغ المسیحیة في أفغانستان بعهد الإمارة الإسلامیة، أنها في کابل وتقوم بنشاطاتها في إطار مؤسسة “شلترنو” التي ألغیت في زمن حکم الإمارة الإسلامیة. [إصلاح آنلاین].

وقد استأجر المسیحیون مباني یقومون فیها بعباداتهم، وتقوم الشرطة والجیش الأفغاني بمسؤولیة حراستهم. إن هولاء المبشرین ترجموا الاإنجیل إلی اللغتین البشتونیة والدریة، وقاموا بتوزیعها في نطاق واسع. و”المبشرون یستغلون جمیع الفرص لتنصیر شعبنا. الفقر هو المفتاح الرئیسي للنفوذ في وجودهم وتغییر معتقداتهم. وأحیاناً یعِدون بعض السذج لقاء قبولهم بالمسیحیة، توفیر عیش رغید في البلاد الأوربیة.

وقد اعترف “حسین اندریاس” الرجل الذي یدعي أنه ارتد عن الإسلام إلی المسیحیة، والمسؤول عن إدارة موقع المسیحیین الأفغان باللغة الفارسیة؛ بأنه یوجد في أفغانستان کنائس کثیرة. ونستطیع أن نسمي لکم ولایات کابل، قندهار، غزني، هرات، جلال آباد، مزارشریف، بامیان، تخار، بکتیکا وننجرهار. [ موقع کابل پرس].

وفقا لتقریر موقع “قنشرین” المسیحیة يتراوح عدد المسيحيين في أفغانستان بين ألف وألفين وخمسمائة، وهم كلهم يمارسون معتقدهم في الخفاء، بحسب أصدقاءهم الغربيين. وقد أعلن “حسین اندریاس” مسؤول موقع المسیحیین الأفغان باللغة الفارسیة: “أن عدد المسیحیین الأفغان في الداخل والخارج یتراوح بین ۵۰۰۰ إلی ۱۰۰۰۰ آلاف مسیحي”. [موقع کابل پرس].

وقد رکز المبشرون علی المرأة الأفغانیة بوجه خاص تحت مسمیات مختلفة. وقد تبنّت رولا غني -زوجة أشرف غني- دوراً بارزا في هذا المجال، إذ تعتبر المرأة الأفغانیة أسیرة تحت مخالب الإسلام، وتری أنها المنقذة التي ستنتشلها من هذه المصیبة. ولذلك فتحت رولا غني مکتباً داخل القصر الرئاسي، قامت فيه بحملة دؤوبة في هذا المجال. وقد اعترفت بأنها ساعدت البعثات في أفغانستان. ومعلوم أن رولا سعاده غني، من مواليد لبنان 1948م، والدها ماروني وأمها يهودية. تقول في إحدى المقابلات: “أن أكون مسيحية ليست جريمة، مع ذلك أمي يهودية. أعتقد أنّ المرأة الأفغانية اعتقنت الإسلام تحت الضغط، إذا شرحت الإنجيل لهنّ، من دون شك، أكثر من نصفهنّ سيعتنقن المسيحية. لقد ساعدت الكثير من البعثات المسيحية في أفغانستان، وهذا ما أقوم به أيضاً في القصر الرئاسي. على الشعب الأفغاني أن يعرف معنى المسيحية التي هي عكس ما أعلن لهم من قبل (الملالي)، وحرية المرأة في أفغانستان هي رسالة مسيحية أقوم بها”.

وهنالك تقاریر غیر رسمیة عن اعتناق بعض المقامات المسیحیة مقابل امتیازات هائلة تسلموها من الغرب ومن المبشرین المسیحیین.

أیاً کانت العوامل في اعتناق البعض للمسیحیة المحرفة، وأیاً کانت الأرقام حول وجود المسیحیین والکنائس، فإن قضیة التنصیر منذر خطر عظیم یهدد مستقبلنا. وإننا فقدنا أملنا في أن تقوم دولة کابل برد فعل للتصدي لهذه الأزمة، ولکن الأمل مازال موجود في جهود دعاة مؤمنین مثابرین محتسبین، لیدشنوا حملة جماعیة لإيقاف نشر المسیحیة في أفغانستان، ویخططوا تخطیطاً جاداً لتربیة الجیل الجدید وتقویة إيمانه. وهنالك مسؤولیة کبیرة تقع علی عواتق أصحاب المال لیوفروا أعمالاً للفقراء حتی لا یجبروا تحت وطأة الفقر على اعتناق المسیحیة المحرفة. ولا نشك في فشل المحاولات التنصیریة في أفغانستان؛ لأن الباطل زهوق دائماً. وما ذلك علی الله بعزیز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى