مقالات الأعداد السابقة

نجاح الإمارة الإسلامية في مكافحة المخدرات

يعقوب الهلمندي

 

منعت الإمارة الإسلامية خلال الفترة الأولى لحكمها لأفغانستان في التسعينيات زراعة الخشخاش، وذلك بإصدار أمر من قبل أمير المؤمنين الملا محمد عمر -رحمه الله- يقضي بمنع زراعة الخشخاش في المناطق التي تخضع لسيطرة الإمارة الإسلامية، وقد انخفضت معدلات زراعة الحشيش والخشخاش آنذاك إلى الصفر. وكان ذلك إنجازًا كبيرًا في تلك الفترة، لاسيما أن أضرار المخدرات لا تخفى على أحد، كما أنها تتنافى مع المعتقدات الدينية للمسلمين.

إلا أنه ومنذ سقوط نظام الإمارة الإسلامية واحتلال أفغانستان بيد الأمريكان وأعوانهم عام (2001) ازدادت وازدهرت من جديد زراعة الخشخاش الذي يُستخرج منه الأفيون، المكون الرئيسي لمخدر الهيروين. انتشر الخشخاش في أرجاء البلاد، مشارقِها ومغاربِها بشكل جنوني وغير مسبوق، وعادت المخدرات إلى البلاد من جديد، وكثر عدد المدمنين للمخدرات إلى حد كبير، بل أصبح قلب آسيا عاصمةَ إدمان المخدرات في العالم.

فمن بين نحو 40 مليون نسمة (هم عدد سكان أفغانستان) بلغ عدد المدمنين في البلاد 3.5 مليون شخص، وخلال هذه الفترة لجأ عدد من المدمنين إلى “بل سوخته” الجسر الشهير الذي كُتبت عنه مقالات، حتى امتلأ رويدًا رويدًا بالمدمنين، وأصبح مقبرة جماعية وكارثة إنسانية وعارًا على جبين الاحتلال والإدارة السابقة.

وخلال العشرين سنة الماضية كانت أفغانستان المركز الرئيسي لزراعة الخشخاش على مستوى العالم. وفي ظل الاحتلال الأمريكي الغاشم أصبحت أفغانستان أكبر منتج للمخدرات وخاصة الأفيون والحشيش، بل تكونت فيها دولة يليق أن نسميها دولة المخدرات، وذلك بفضل الاحتلال الذي دخل البلاد بذريعة الحرب على الإرهاب المزعوم، وبذريعة إعادة إعمار أفغانستان!!

كانوا يدّعون بأنهم يعيدون إعمار أفغانستان زورًا، ولكنهم دمّروا حياة شبابنا وأطفالنا ونسائنا الذين وقعوا في شباك الإدمان بسبب نشر هذا الداء العضال عن عمد، وحوّلوا الجسور وما تحتها داخل المدن وخاصة العاصمة كابل إلى مآوي دائمة وآمنة للمدمنين، أو بالأحرى حوّلوا ما تحت الجسور إلى مقابر جماعية لهم، مقابر جماعية للمتعاطين للمخدرات الذين لقوا حتفهم بسبب تناولهم جرعة زائدة.

نشر المحتلون -بسبب عدوانهم الأبدي وعداوتهم الدائمة للمسلمين- المخدرات نشرًا في أرجاء البلاد حتى يدمن شبابنا ويغفلوا عن قتالهم ومواجهتهم، وحتى لا يهمهم مصير أنفسهم ومصير دينهم وترابهم وشعبهم وحتى أسَرهم، وحتى يموتوا بصمت، ويُدفنوا حيث ماتوا.

ولكن الإمارة الإسلامية فرضت الحظر على زراعة محاصيل المخدرات التي اشتهرت بها البلاد خلال العقود الماضية، المهمةُ التي كانت تبدو مستحيلة، ولكنها أمام الحزم والجدية والشعور بالمسؤولية صارت مهمةٌ سهلة. لقد حاربت الإمارة هذه المعضلة بكل جدية، وأصدرت مرسوماً رسمياً في أبريل / نيسان 2022، يقضي بحظر زراعة الخشخاش، وقالت إنها تخوض حرباً على اقتصاد المخدرات، وآثارها الجانبية المدمرة، رغم أنه يقوم عليها جزء يعتدّ به من الاقتصاد الأفغاني وتُشكل المورد الرئيسي للبلاد. ونجحت الإمارة الإسلامية في القضاء عليها إلى حد كبير جدا، كما تشهد التقارير بأن الجهود المبذولة من قبل الإمارة الإسلامية تمكّنت من تحقيق تراجع كبير في زراعة الخشخاش في المناطق الرئيسية، إذ إن تقارير الزراعة السنوية سجلت تراجعاً بنسبة 80 في المئة مقارنة بالعام الماضي.

ورغم حظر زراعة الخشخاش، لم تهبط -والحمد لله- قيمة العملة الأفغانية أمام الدولار الأمريكي، ولم تتوقف عجلة تنمية الاقتصاد الوطني حسب تقرير البنك الدولي. وهذا يدل على حسن إدارة حكومة الإمارة الإسلامية لشؤون الدولة وعدم تلويث الوطن بالفساد المالي. إنه قرار حكيم مصيري أثبت أن هذا النظام يحب الأفغان ويحب الشباب ويرحم الأطفال والنساء، ليس فقط الأفغان، وإنما يحب البشرية، إذ أن هذا القرار ينفع كذلك شعوب المنطقة والعالم.

إن الإمارة الإسلامية حرصت على تبيان موقفها من زراعة وتجارة المواد المخدرة خلال أول مؤتمر صحفي عقدته فور سيطرتها على زمام الأمور في كابل. ومعركتها هذه ضد المخدرات مستمرة باذن الله. وتطمئن الإمارة الإسلامية العالم بأن أفغانستان لن تكون مركزا لإنتاج أي نوع من أنواع المخدرات، وكذلك تطالب المجمتع الدولي بدعم ومساعدة المزارعين الأفغان في إيجاد مصادر بديلة حتى يحصلوا على لقمة عيشهم دون قلق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى