مقالات الأعداد السابقة

نجاح الدبلوماسية الأفغانية في تسلّم السفارات الأفغانية

غلام الله الهلمندي

 

تسلّمت الإمارة الإسلامية -بشكل رسمي- مبنى السفارة الأفغانية في طهران (26 فبراير/شباط 2023)، على الرغم من أن الدبلوماسيين الذين عيّنتهم الإمارة الإسلامية دخلوا السفارةَ الأفغانية في طهران منذ شهور، غير أن إدارة السفارة خلال تلك الأشهر كانت بيد دبلوماسيين من النظام السابق. إن تسليم السفارة إلى الإمارة الإسلامية خطوة مهمة يضفي الطابع الرسمي على علاقات كانت موجودة بين البلدين من قبل، وبذلك بدأت صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وليس هذا فقط، بل إن الإمارة الإسلامية تسلّمت السفارات والقنصليات الأفغانية في عدة دول مجاورة وغير مجاورة، منها: باكستان، ودبي، وتركيا، والصين، وروسيا، وأوزبكستان، وتركمانستان وغيرها. كما أن عدد غير قليل من السفارات الأفغانية التي تم تعيين ممثليها في عهد النظام السابق، والتي لم يتم تسليمها إلى الإمارة الإسلامية حتى الآن لها علاقات مباشرة مع وزارة الخارجية الأفغانية، وذلك أيضًا إنجاز كبير، لأن عدم وجود علاقة للسفارة مع البلد الذي تمثله أمر غير مفهوم ومخالف للمبادئ والأعراف الدبلوماسية! وأمر يتعارض مع مصالح الشعب، لاسيما مع تقديم الخدمات للمواطنين المقيمين في تلك الدولة الأجنبية، إذ كيف يمكن أن تمثل أحدًا ليس بينك وبينه أي علاقة؟ إنه أمر غير مفهوم البتة!

إن تسلم الإمارة للسفارات والقنصليات في البلدان المختلفة، بلا شك، يمهد الطريق للاعتراف بشرعية الإمارة الإسلامية في المستقبل. ولا بد من الاعتراف بها لأن هناك مصالح سياسية واقتصادية مشتركة لا تتحقق إلا بالاعتراف الرسمي بها من قِبل العالم. كما أن هناك أضرار مشتركة لا بد أن نمنعها ونجنب بلادنا دفع أثمانها. والإمارة الإسلامية ترحب بعلاقات ودّية جيدة ومتوازنة مع البلاد المجاورة والمجتمع الدولي على أساس ثقة متبادلة ومصالح مشتركة.

إن الحكومة التي تسيطر على كامل التراب الأفغاني لجديرة بتعيين الممثلين وإدارة سفارات بلادها على مستوى العالم. وعدم تسليم السفارات إلى الإمارة الإسلامية خطوة غير مدروسة، واستمرار لسياسة الضغوط والعدوان الفاشلة فيما يتعلق بأفغانستان. آن الأوان للتخلي عن هذه السياسات التي أثبتت الأيام بأنها ليست في صالح أحد.

إن تسليم عدد من السفارات الأفغانية إلى إمارة أفغانستان الإسلامية يعدّ إنجازاً كبيراً لوزارة الخارجية الأفغانية، إذ نجحت في بناء ثقة سياسية متبادلة وعلاقات دبلوماسية فعالة مع الدول المجاورة وغير المجاورة. كما أن تسليم السجناء الأفغان إلى الإمارة الإسلامية نتيجة مفاوضات مع الدول المجاورة يعدّ خطوة كبيرة نحو الاعتراف بشرعية الإمارة الإسلامية خلال فترة مقبلة. وهذا يعني أن الدبلوماسية الأفغانية فعالة في المنطقة وعلى مستوى العالم بشكل ملحوظ. وهناك جهود دبلوماسية أخرى لا يُستهان بها تقوم بها وزارة الخارجية الأفغانية بكل جدية ومصداقية، ولكن رغم ذلك، فإن الطريق لا يزال طويلاً أمام الخارجية الأفغانية، إذ أن معظم السفارات الأفغانية في الدول الأجنبية ما زالت بيد دبلوماسيين من النظام السابق، ولكننا نأمل أن الخارجية الأفغانية ستخوض هذا الطريق الطويل بكل قوة وجدارة وبراعة.

وهذا التعامل الجيد من قبل الدول هو -في الحقيقة- اعتراف ضمني بشرعية الإمارة الإسلامية، ولكن نظرًا لبعض الظروف التي تعرفها تلك الدول جيدًا، لا يتم الإعلان عنها في الوقت الراهن، وقد يتم ذلك في المستقبل القريب. وبالأساس ليس بإمكان الدول المجاورة ودول المنطقة عدم تقبل الإمارة الإسلامية كحقيقة مسلّم بها وكأمر واقع للأبد، فإلى متى سيغمض العالم عينيه عن هذه الحقيقة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى