
نصيحة الإمارة
حافظ منصور
عندما سيطرت الإمارة الإسلامية على أفغانستان، وطهّرتها من لوث الاحتلال وأذنابهم العملاء، برز كثيرٌ من النّاس يريدون نصيحة الإمارة الإسلامية في قالب خطابات أو مقاطع فيها شيءٌ من السخرية والاستهزاء والاحتقار، بمبرر أنهم إنما يبغون صلاح الإمارة ونصحها وإرشادها وتسديدها: فالدّين النصيحة.
فالنّاصح المريد للخير إنّما يرسل النّصيحة وغرضه صلاح من يرسل له وهدايته، يقول الإمام الخطابي: (النّصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له)، فهذه غايتها، أمّا مبعثها فهي الشفقة والرحمة، وأما وسيلتها فلا تكون إلا مغلفة بالأدب الجمّ والعبارات الطيبة التي تعكس شفقة المرسل وإرادته للصلاح.
وكم من فيديوهات ورسائل توجيهية وترشيدية يزعم ناشروها ومرسلوها بأنها “نصيحة”، و”الفضيحة” هي أقرب تسمية لها. قال الإمام ابن رجب:
(ومِن أظهرِ التعيير: إظهارُ السوء وإشاعتُه في قالب النصح وزعمُ أنه إنما يحمله على ذلك العيوب إما عاماً أو خاصاً، وكان في الباطن إنما غرضه التعيير والأذى؛ فهو من إخوان المنافقين الذين ذمهم الله في كتابه في مواضع، فإن الله تعالى ذم من أظهر فعلاً أو قولاً حسناً وأراد به التوصل إلى غرض فاسد يقصده في الباطن، وعدَّ ذلك من خصال النفاق كما في سورة (براءة) التي كشف فيها المنافقين وفضحهم بأوصافهم الخبيثة : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) [التوبة:107] ) اهـ.
فلذلك أخي المسلم! اعرف بأنّ الإمارة الإسلامية تقبل الاقتراحات المفيدة البنّاءة، فعليك إصلاح نيتك قبل إسداء النصيحة، كما يتوجب عليك اتباع الإرشادات الإلهية والسنن النّبوية والأخلاق الإسلامية في نصيحتك وتوجيهك.
وتذكّر أخي النّاصح دائمًا قول الفضيل بن عياض رحمه الله: (المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير).