نصّ خطاب أمير المؤمنين الشيخ هبة الله (حفظه الله) في الاجتماع الحاشد لعلماء أفغانستان
إخواني العلماء وقادة الشعب الأعزة ومسؤولوا الإمارة الإسلامية الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
في البداية، أهنئكم جميعا بالنصر العظيم للإمارة الإسلامية. أهنئ الجميع على هذا النصر الذي جعل بلادنا حرّة وأقام حكم الإسلام فيها. إن انتصار جهاد أفغانستان إحسان عظيم من الله عز وجل للأمة المسلمة بصفة عامة وللشعب الأفغاني بصفة خاصة. تقبل الله جميع الجهود والتضحيات، تقبّل الله استشهاد المجاهدين وأبناء الشعب الذين استشهدوا في الجهاد.
خلال السنوات العشرين الماضية، ضحى الجميع وعانوا من المشكلات. أرجو لأسر الشهداء والأيتام دعما جيدا. ومن نصر جهادنا بالقول أو الفعل تقبله الله. أسأل الله تعالى أن يجازي الأرامل والأيتام والمسلمين المصابين في الجهاد خيراً.
من أيّد جهادنا في الدنيا قولا وفعلا ودعاء وبأي وجه كان، فجزاهم الله خير الجزاء على الجهاد. ونحن نشكره، وجزى الله خيرًا المتعاونين مع ضحايا الزلزال الأخير.
الإخوة الأعزاء! إن انتصار جهاد أفغانستان ليس فخرا للأفغان فحسب، بل هو فخر المسلمين في جميع أنحاء العالم، والمسلمون في العالم سعداء بانتصار الإمارة الإسلامية. يعرف مسلموا العالم أن رسالة السلام والأمن تكمن في الإسلام، وكمال الإيمان يأتي من حقيقة أن المسلم في مأمن من أي شر لمسلم آخر، ويستحب لكل مسلم في الإسلام أن يسلم غيره من المسلمين من أذى يده ولسانه. مسلموا العالم سعداء بشعار السلام والأمن ويحبون من ينفذ هذا الشعار، وإن الجهاد يجلب معه -في الظاهر- دماراً، ولكنه يثمر السلامة والأمن.
مسلمو العالم ينتظرون الشكل العملي لشعار السلام والأمن، فالحكام الراهنون في البلدان الإسلامية لا يهتمون إلا بمصالحهم الخاصة، ويتجاهلون مطالب المسلمين. في وقت الغزو الأمريكي لم يكن أحد يستطيع أن يدعو إلى سبيل الله. والكفار لم يقاتلونا على الأرض والممتلكات، بل كان قتالهم لنا بسبب الإيمان والعقيدة. قبل سنوات قليلة لم يكن يستطع أحد أن يذكر اسم الجهاد والمجاهد، لقد كانت نعمة الجهاد أن تتحرر البلاد وكل ما أردناه.
ما زلنا نواجه نوعا من الصراع، حيث يريد الآخرون فرض مطالبهم، ونحن نسعى لتحقيق أهدافنا، والله وحده قادر على مساعدتنا، ولا نريد إلا مرضاة الله، ولا نرضى من الدنيا وأهلها ما يغضب ربنا.
في مملكة «قطر» عندما اقتربت المحادثات بين الإمارة الإسلامية والأمريكيين من نهايتها، كنت حزينًا للغاية بشأن الطريقة التي سنقاتل بها بعد ذلك عملائهم مرة أخرى. وبينما هم كانوا يعارضون تقوية النظام الإسلامي، لم نكن نحن نعتزم قتال هؤلاء الأفغان الذين كانوا أصدقاء الكفار. ولم يكن هدفنا أبدا قتل الافغان المتعاونين مع الأمريكان رغم أنهم كانوا يقفون بجانب الغزاة دوما، بل قلنا لهم باستمرار أن يأتوا ويلقوا أسلحتهم ويتركوا تعاونهم مع الكفار ضد الدين والوطن.
أنا كنت على قناعة راسخة بأن صفوف الإمارة الإسلامية كانت على حق وأن المجاهدين يقاتلون في سبيل الله فقط وليس لهم غرض أو غاية، ولو ثبت لي أن مجاهدي الإمارة الإسلامية لا يقاتلون بصدق؛ أقسم بالله أني كنت سألتحق بأي مجموعة أخرى أجدهم مجاهدين مخلصين حقًا.
وكما أن الأمن ضروري لعامّة المسلمين، فإنّ الأمن ضروري في الهيئة الحكومية، ويجب إنهاء الفساد والرشوة والأنانية والاستبداد والقومية وحب المصالح الشخصية، وإذا لم ينته الفساد فلن يكون النظام لمصلحة المسلمين، بل سيكون لصالح شرذمة قليلة من الأفراد.
ومن أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار يجب أن يضع المسؤولون رغباتهم وميولهم الشخصية جانباً، ويطبقوا الشريعة في أنفسهم، ويطبقوا الشريعة في بيوتهم وفي كلّ حياتهم. فالأصل في النظام الإسلامي أن تترك رغباتك وتخضع نفسك بالكامل لشريعة الله! فإذا كنت لا تلتزم بالشريعة في حياتك، فادعاؤك تطبيق الشريعة على خلق الله كذب! وإذا كانت الرغبات والمصالح الشخصية هي الهدف في نظام؛ فسيفوت الأمن! لأجل هذا لم يكن هناك أمن في النظام السابق لأن الرغبات والميول الشخصية كانت قبل المبادئ.
إنّ الدين الإسلامي هو الضامن لجميع القيم من الأمن والحرية وغير ذلك، والنظام الشرعي قائم بفريقين؛ أحدهما: الحكام، والآخر: العلماء. إذا لم يوجه العلماء المسؤولين إلى الخير ولم ينصحوهم، أو أغلق الحكام أبوابهم على العلماء وحرموا أنفسهم منهم، فلن يقوم النظام الإسلامي.
فترة الجهاد والحرب منفصلة عن فترة الحكم، وقد جاهد المجاهدون حتى الموت، وكان الانتصار بالسلاح. أما في الحكم فالعدل سر بقاء النظام، ولا يمكن لأي حكومة أن تستمر في الظلم، وفي حالة الظلم لا يستطيع النظام الإسلامي البقاء. سمعت أن بلطجية ما زالوا موجودين ولديهم السيارات المصفحة يتجولون بها، قلت للمسؤولين إنهم إذا لم يتمكنوا من ملاحقتهم، فسوف ألاحقهم.
أيها الأخوة الاعزاء! اتحدوا، اتحدوا، ولا تتفرقوا، لا تسمحوا بالاستبداد، لا تسمحوا باضطراب الأمن. للعلماء والشعب أن ينصحوا الحكام ويوجهوهم إلى أخطائهم ويلتقوا بهم ويذكروهم في المجلس، ولكن ليس من المناسب أن يذكر ضعف المسؤولين في وسائل الإعلام، لأن الحكومة والشعب سوف يتضرران، وتحدث فجوة بين المسؤولين والشعب. فكما أن للعلماء الحق في نصح الحكام، هكذا يجب على مسؤولي الحكومة إسداء النصح لبعضهم البعض.
بعد الهزيمة في ساحة المعركة، يحاول العدو الآن متابعة أهدافه من خلال المؤامرات والمخططات. تقف أفغانستان اليوم مستقلة، واتباع هذا الطريق هو حق مسلم لنا، ولا يمكن لبلد أن يتقدم إذا لم يكن مستقلاً، والحمد لله، نحن دولة مستقلة الآن، الأجانب لا يأمروننا، لدينا نظامنا الخاص، وعندنا العلاقة مع الله الواحد، ولا نقبل كلام من غضب الله عليه.
نقول للتجار أن يرجعوا، عليهم أن يعودوا لبناء المصانع والاستثمار في البلد. لأن المساعدات الخارجية لا تستطيع تنمية اقتصادنا، بل هم يجعلوننا محتاجين وينزعون عنا استقلالنا الاقتصادي.
الإسلام دين أمان، نحن نريد الأمن والسلام، وعلى دول الجوار أن لا تشعر بأي خطر من جانبنا.
شاركت في لقاء العلماء اليوم بهدف الثواب، ولو عقد هذا اللقاء في بدخشان ونورستان، لكنت شاركت فيه. نحن أمة تحلم بالاستشهاد والأمريكان استخدموا أم القنابل في أفغانستان، ولو انهم استخدموا القنابل الذرية لن نترك خدمة ديننا، فقد أوضح لنا القرآن والشريعة جميع الأحكام. نحن فقط خدام هذا الشرع.