بيانات ورسائلمقالات الأعداد السابقة

نصّ كلمة السيد أمير خان متقي وزير خارجية إمارة أفغانستان الإسلامية في الاجتماع التشاوري السادس لصيغة موسكو

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

السادة الممثلون المحترمون للدول الأعضاء والدول الضيوف في الاجتماع السادس لصيغة موسكو التشاورية بشأن أفغانستان، صباح الخير للجميع.

أود في البداية أن أعرب عن شكري لحكومة الاتحاد الروسي التي دعت، كما في السابق، وفد إمارة أفغانستان الإسلامية لحضور الاجتماع السادس لصيغة موسكو التشاورية. كما أود أن أشكر وزارة الخارجية الروسية، وعلى رأسها وزير الخارجية السيد سيرغي لافروف، على كرم الضيافة.

 

اتخذت حكومة الاتحاد الروسي مبادرة “صيغة موسكو” في وقت كانت فيه الأوضاع في أفغانستان غامضة ومقلقة. وقد أتاحت هذه الصيغة لإمارة أفغانستان الإسلامية فرصة الحوار مع الدول المؤثرة في المنطقة وما ورائها، حتى قبل تحرير البلاد، وهو ما ساهم بشكل كبير في تعزيز هذه العلاقات. ولهذا السبب، كانت إمارة أفغانستان الإسلامية دائماً ممثلة على أعلى مستوى في هذه الاجتماعات.

 

أيها الحضور الكرام، لحسن الحظ، بعد مرور ثلاث سنوات على استعادة إمارة أفغانستان الإسلامية للحكم، شهدت العلاقات بين أفغانستان ودول المنطقة تطورات ملحوظة.

بعد أن قبلت جمهورية الصين الشعبية سفير إمارة أفغانستان الإسلامية في بداية هذا العام كأول دولة، تمكنا بعد ذلك من توقيع اتفاقيات ثنائية تم بموجبها قبول سفرائنا من قبل دول الإمارات العربية المتحدة وجمهورية أوزبكستان.

لحسن الحظ، تستمر هذه العملية، ونحن نشارك في محادثات بناءة مع دول أخرى، ومع مرور الوقت تتوسع دبلوماسيتنا بشكل أكبر. نأمل أن نحقق تقدماً مشابهاً مع دول أخرى قريباً.

كما تجدر الإشارة إلى أن دول كازاخستان وقرغيزستان قد أزالت اسم “حركة طالبان”، الذي كان سابقاً يرتبط بإمارة أفغانستان الإسلامية، من قائمة الجماعات المحظورة. هذه الخطوات تعكس تفاهماً سياسياً جيداً وإزالة العقبات أمام تطوير العلاقات الثنائية.

كما نقدر التصريحات الإيجابية للمسؤولين رفيعي المستوى في الاتحاد الروسي في هذا الصدد، ونأمل أن نرى خطوات أكثر فعالية في المستقبل القريب.

 

أيها الحضور الكرام، من أبرز المجالات التي حققت فيها إمارة أفغانستان الإسلامية تقدماً كبيراً هو استعادة الأمن والاستقرار في أفغانستان.

بعد ما يقرب من نصف قرن من الحروب المفروضة وعدم الاستقرار المستمر، تتمتع أفغانستان الآن بأمن شامل.

خلال السنوات الثلاث الماضية، نجحنا في تغيير الخطاب السائد في أفغانستان من القلق الأمني إلى محور التنمية، إعادة البناء الاقتصادي، وجذب الاستثمار، وتقديم خدمات أفضل للشعب الأفغاني.

نظراً للموقع الجغرافي المتميز لأفغانستان في المنطقة، فإن أمنها واستقرارها يعود بالنفع على جميع دول المنطقة وما وراءها.

خلال السنوات الثلاث الماضية، انصب اهتمام الحكومة الأفغانية على بناء المؤسسات الحكومية، خاصة المؤسسات الأمنية، ومكافحة الجماعات التخريبية. والحمد لله، بفضل الإجراءات الفعالة التي اتخذتها الأجهزة الأمنية لإمارة أفغانستان الإسلامية، لا يوجد اليوم أي جماعة قادرة على استخدام الأراضي الأفغانية لتهديد أمن المنطقة.

وتجدر الإشارة إلى أن معظم الهجمات التي نفذت باسم “داعش” في أفغانستان خلال السنوات الماضية كانت تنفذها عناصر من دول أخرى جاءت إلى أفغانستان من الخارج.

نحن ندعو جميع دول المنطقة إلى التعاون معنا لمنع “داعش” من تجنيد مواطنيها وإرسالهم إلى أفغانستان لتنفيذ عمليات تخريبية. تشير المعلومات إلى أن “داعش” قد أنشأ مؤخراً مراكز تجهيز وتدريب خارج حدود أفغانستان، مما يثير قلق حكومتنا.

وفي بعض الأحيان، تعرب بعض الدول في مجلس الأمن الدولي أو عبر وسائل الإعلام عن قلقها بشأن وجود تهديدات في أفغانستان، ولكن هذه الادعاءات لا أساس لها. نعتقد أن هذه التصريحات ناجمة عن نقص في المعلومات أو تشويه متعمد.

نحن نطلب ألا ينظر إلى أفغانستان من خلال أعين الغرباء، بل يجب الاعتماد على مصادر موثوقة. نحن على استعداد للتعاون في هذا الصدد.

إلى جانب الأمن، أود الإشارة إلى أن المخدرات التي كانت في الماضي مصدر قلق كبير للمنطقة والعالم، قد تم القضاء عليها بفضل السياسات المسؤولة والجدية لقيادة إمارة أفغانستان الإسلامية.

نحن نشهد في الآونة الأخيرة تهريباً للمخدرات المصنعة من الخارج إلى أفغانستان، ونتوقع من جميع الدول المجاورة التعاون معنا لمواجهة هذه المشكلة.

أفغانستان مستقلة وآمنة ومستقرة وخالية من المخدرات هي مصلحة مشتركة للمنطقة والعالم.

 

أيها الحضور الكرام، إن الأمن المستتب في أفغانستان يوفر لنا ولشركائنا الاقتصاديين الفرصة لبدء تنفيذ مشاريع إقليمية كبيرة كانت متوقفة لسنوات عديدة.

وقد بدأت مؤخراً مشاريع ضخمة مثل خط أنابيب “تابي” للغاز في الأراضي الأفغانية، ومشروع نقل الكهرباء من تركمانستان إلى باكستان عبر أفغانستان (TAP)، وتطوير شبكة السكك الحديدية والألياف البصرية في أفغانستان.

هذه التقدمات تشير إلى أن الوقت قد حان للاستفادة من الفرص المتاحة في أفغانستان، وتؤكد سياسة الحكومة الاقتصادية التي تسعى إلى تعزيز التعاون الإقليمي.

نحن مهتمون أيضاً بتنفيذ مشاريع إقليمية أخرى مثل مشروع “أفغان ترانس”، وممر “لازورد”، وممر “الشمال-الجنوب”، ومشروع “كاسا-1000″، وخط السكك الحديدية بين تركمانستان وأفغانستان وطاجيكستان (TAT).

تشير الإحصائيات إلى أن التجارة بين أفغانستان والدول المجاورة، خاصة إيران، طاجيكستان، أوزبكستان، تركمانستان، كازاخستان، والاتحاد الروسي، قد ازدادت بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الماضية.

يوفر الوضع الحالي في أفغانستان بيئة مناسبة لجذب الاستثمارات في قطاعات التعدين، الزراعة، الطاقة الشمسية، والرياح، والمياه، والممرات التجارية مثل الطرق السريعة وخطوط السكك الحديدية، والصناعات التحويلية.

 

أيها الحضور الكرام، تحقيق هذا الهدف يتطلب فهماً سياسياً سليماً وتوسيع التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف. لذلك، أقترح التعاون مع الدولة المضيفة وأعضاء صيغة موسكو، تحويل هذه الآلية إلى عملية تعاون بين أفغانستان والمنطقة.

في الختام، أود الإشارة إلى الوضع المأساوي في الشرق الأوسط. للأسف، فشلت المنظومة الدولية في منع المجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعب المظلوم في غزة، مما يثير تساؤلات حول فعالية الأمم المتحدة.

نتوقع من القوى المؤثرة في المنطقة والعالم تحمل مسؤولياتها واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف قتل الأبرياء في غزة ولبنان وباقي المناطق.

 

شكراً جزيلاً. أتمنى لكم يوماً سعيداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى