مقالات الأعداد السابقة

نص كلمة الشيخ عبدالحكيم حقاني رئيس الفريق التفاوضي للإمارة الإسلامية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده، الذي بلغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وعلى آله وأصحابه ومن سار على دربه أجمعين.

أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)) الحج.

إلى جميع المشاركين المحترمين في اجتماع المفاوضات الأفغانية الافغانية!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنها فرصة جيدة لنا أن نجتمع بعد الكثير من المشاكل والصعوبات ونتحدث في جو من التفاهم عن حل أزمة البلاد في الأربعين سنة الماضية.

تلتزم الإمارة الإسلامية باحترام مبدأ التفاهم لإنهاء المشاكل الناشئة عن الاحتلال الأجنبي بالتفاهم المشترك مع الأطراف الأفغانية الأخرى.

لا شك في أن الأفغان كشعب مسلم هم كيان واحد وأن أفغانستان موطن مشترك للجميع.

إن المشاكل التي نشأت بين الأفغان في هذا البلد خلال العقود الأربعة الماضية ترجع إلى الاحتلال والتدخل الغير القانوني للغزاة الأجانب.

صحيح أن الأفغان كأعضاء في أسرة واحدة لديهم ميول فكرية وتنظيمية وسياسية مختلفة. لكن ما يتفق عليه جميع الأفغان هي هويتهم الإسلامية التي تجمعهم جميعًاحول محور واحد.

بعض المصطلحات غير المألوفة التي تم الترويج لها في ظل الاحتلال هي الواردات الأجنبية التي لا مكان لها في القاموس الإسلامي ولا يمكنها حل مشاكل الأفغان. لذلك فإن كل كلمة في هذه المفاوضات يجب أن تكون لحل مشكلة بلادنا كمسلمين وليس لإرضاء الآخرين.

إن الإمارة الإسلامية ملتزمة بإجراء عملية المفاوضات بين الأفغان في ضوء تعاليم الإسلام المقدسة.

المحادثات الأفغانية-الأفغانية

في المفاوضات بين الأطراف الأفغانية يجب على جميع الأطراف أن نجتمع بروح من القبول المتبادل والتسامح والصبر، وأن نتواصل بهذه الروح إلى التفاهم مع بعضنا البعض، ونعمل بهذه الروح من أجل السلام والازدهار في بلدنا الذي مزقته الحرب.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف يجب ألايعيق رسم وتقديم خطوط حمراء وخضراء طريقنا. بل يجب علينا جميعا بصفة المسلمين أن تكون مراعاة التعاليم الإسلامية هي النقطة الأساسية للجميع، والتي يقول الله عنها في القرآن الكريم: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

ويقول عز وجل في آية أخرى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا).

إن مشاركتنا في الحوار بين الأفغان تتمثل في اتخاذ قرار مشترك بشأن إقامة دولة إسلامية في أفغانستان المستقلة.

إننا أوصلنا الكفاح المقدس من أجل استقلال البلاد بالجهاد والتضحيات والجروح والأسر إلى هذه المرحلة. وقد حان الوقت الآن للبدء في مسيرة إنشاء نظام إسلامي مستقبلي وإعادة بناء البلد في بيئة خالية من أي تأثير خارجي بالاشتراك مع الجهات الأفغانية الأخرى.

أود أن أذكر أمرا ضروريا في هذا الصدد، وهو أن أفغانستان ليست غنيمة يتم لغرض توزيعها جلب الأشولة، بل إن أفغانستان أمانة ويجب على كل جانب أن يأتي بنية تحمل أكبر قدر ممكن من المسؤولية.

إننا لا نعتبر الحوار بين الأفغان فرصة لإعادة إحياء جراح الماضي، ولكن كفرصة للتوصل إلى فهم مشترك للمستقبل في ضوء الدروس المستفادة من مآسي الماضي. فلا يقلقنّ أحد من أننا لا نريد السلام، وأننا نريد الحرب فقط.

إن الحرب قد فرضت علينا، لأنه قد اعتُدي على ديننا وبلدنا، وإننا بصفتنا مسلمين فإن الدفاع عن الدين والوطن ضد العدوان الأجنبي واجب ديني على كل الأفغان. وإن السلام والتفاهم الذي يمكن أن ينتج عنه منع التدخل الأجنبي وحكم النظام الإسلامي هو أولويتنا الحالية.

النظام القادم

إننا ندعو من خلال المفاوضات بين الأطراف الأفغانية إلى نظام مركزي إسلامي أفغاني شامل في أفغانستان تمثل مواقفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية الهوية الإسلامية لأفغانستان، وهو نظام لا يمثل تهديدًا للآخرين ولا يتم تهديده من قبلالآخرين.

نحن نؤمن بأن أفغانستان هو الوطن المشترك لجميع الأفغان، وإنّ المشاركة في إدارة هذا البلد، وبناؤه، وتعزيز القيم الإسلامية والوطنية، والدفاع عن استقلاله وسلامة أراضيه هي من مسؤولية كل عضو في هذا البلد، وإن إتاحة فرصة متكافئة في إطار الكفاءة للاضطلاع بهذه المسؤولية من حق كل أفغاني.

إن جهادنا وكفاحنا ليس من أجل الحصول على السلطة. بل هو لتحقيق استقلال البلاد من الاحتلال الأجنبي ولإقامة النظام الإسلامي. ولذلك، نطمّن شعبنا والعالم أنه ليس لنا غير هذين الهدفين، ولا نؤيد احتكار السلطة من قبل أي شخص بما في ذلك نحن بأنفسنا أيضا، بل نريد نظاما إسلاميا حيث يرى فيه كل أبناء الوطن أنفسهم على أساس الجدارة، ويتمتع كل فرد بحقوقه المشروعة من خلال الوفاء بمسؤولياته في بناء الوطن.

نحن نؤيد مشاركة كل أبناء البلد على أساس الجدارة والنزاهة في النظام المستقبلي ونعارض بشدة أي نوع من المشاركة العرقية أو الحزبية.

إننا نعتقد أن أفغانستان كدولة مستقلة عضو مسؤول ومسالم في المجتمع الدولي. وكما أننا لا نسمح للآخرين أن يشكلوا تهديدًا عمليًا أو محتملًا لاستقلال واستقرار وأمن أرض بلدنا وشعبنا من أرضه أو الأرض الأجنبي، كذلك لا نسمح لأي طرف داخلي أو خارجي باستخدام أرضنا كحصن أو ميدان مسابقة ضد الآخر لتهديد استقرار وأمن الدول الأخرى.

لقد ذاق الأفغان الطعم المر للتدخل السياسي والعسكري الأجنبي لما يقرب من نصف قرن، لذلك كما نصرّ على معارضتنا للتدخل الخفي والعلني للآخرين في شؤوننا الداخلية كذلك نؤكد لجميع دول العالم أننا لا ننوي التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة.

إننا نسعى لعلاقات مستقلة مع الدول الأخرى على النحو المحدد في ضوء المصالح المشروعة والتعامل المتقابل، ولا نسمح أن تتأثر هذه العلاقات من المنافسات بين الدول الأخرى.

الالتزام باتفاقية السلام

من جانبنا نحن ملتزمون بالاتفاقية الموقعة بين إمارة أفغانستان الإسلامية والولايات المتحدة، وقد أثبتنا ذلك عمليًا. ويجب على الولايات المتحدة وحلفائها أيضًا إنهاء وجودهم العسكري والاستخباراتي في أفغانستان والوفاء بالتزاماتهم بموجب الاتفاقية.

ويجب على الأمريكيين وجميع الأجانب الآخرين الامتناع عن أي نوع من التدخل العسكري والمالي والاستشاري في شؤون بلادنا، وترك الأفغان لإزالة الأسباب الفعلية والمحتملة للحرب بأنفسهم في جو خالٍ من أي أوامر وتدخلات لتحقيق السلام الدائم في البلاد والتوصل إلى تفاهم مشترك حول حكم النظام الإسلامي المستقبلي.

وفي الختام أشكر جميع المشاركين على حسن استماعهم وإصغائهم…

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى