مقالات الأعداد السابقة

نهضة تحديث وتطوير الطرق في أفغانستان

عمادالدين الزرنجي

 

يعد الاهتمام بتحديث وتطوير شبكة الطرق والمواصلات والعمل على إنشاء الكباري والمحاور الجديدة من العوامل المهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية في أي دولة، حيث يؤكد الخبراء أن تطوير الطرق وإنشاء الكباري يساعد في حل أزمة المواصلات والقضاء على الازدحام والتكدس المروري، بالإضافة إلى مساهمتها في جذب الاستثمارات والتوسع في إنشاء المناطق الصناعية المتعددة.

من المؤسف أن أفغانستان الحبيبة لم تشهد خلال العقود المنصرمة -لعلل وعوامل متعددة- عزماً جاداً في تحديث شبكة الطرق والمواصلات. وهذا ما أثر سلباً على الاقتصاد الأفغاني وأنتج غلاء الأسعار، رغم تدفق المليارات من المساعدات المالية من جانب الدول والمؤسسات الخارجية خلال العقدين الماضيين لتطوير وتحديث الطرق، غير أنّ قادة الدولة العميلة أهدروا تلك الأموال الباهظة واستغلوها لمصالحهم الفردية. كتبت صحيفة (Washington Post) أن دولة أمريكا منذ عام 2001 إلى عام 2016 خصصت أكثر من ملياري دولار لإعمار وتحديث الطرقات في أفغانستان، لكن المبلغ ضاع بسبب الفساد وسوء الإدارة.

بعد تولي الإمارة الإسلامية حكم البلد، عملت على تحسين البنية التحتية، ورصف الطرق لتسهيل حركة النقل بين المحافظات وبين المدن والقرى، وتشجيع حركة الصناعة ونقل البضائع. وبحسب التقرير المنشور من جانب وزارة الفوائد العامة الأفغانية فإنها تبنت نهضة في تحديث وتطوير الطرقات العامة التي سوف تؤثر -بعد اكتمالها- على تنمية الاقتصاد الأفغاني بشكل غير مسبوق. ذلك لأن الطرقات الواسعة المعبدة تقلل من المصارف وبالتالي تؤثر على التخفيف والتنزيل في الأسعار. من جانب آخر سوف تربط هذه الطرقات أفغانستان بالبلاد المجاورة والبعيدة.

من أهم الطرق التي بدأ تحديثها هي نفق سالنك الشهير، الذي يربط شمال أفغانستان بجنوبها، والذي يحظى بأهمية اقتصادية بالغة حيث ينقل البضائع والأموال التجارية من  أربعة بنادر منها بندر حيرتان وأقينه إلى كابل عبر هذا النفق. وبحسب إعلان وزارة الفوائد العامة الأفغانية سوف يُحدّث 80 كيلو متراً منه خلال عامين.

هذا وقادة الجمهورية، رغم إعلان البنك الآسيوي ودولة اليابان عن عزمهما في تحديث وترميم سالنك، لم يستطيعوا تحقيق أي نجاح في هذا المجال. حيث أن البنك الآسيوي خصص عام 2016 الميلادي 36 مليون دولار فقط لإكمال المطالعات والبحث عن كيفية ترميم سالنك. لكن التنيجة بحسب التقارير المنتشرة كانت ضئيلة جدا.

أما الطريق الثاني الذي تعتزم الإمارة الإسلامية تحديثه هو طريق كابل-كندهار الذي يحظى بأهمية بالغة جدا حيث يربط الولايات الغربية والجنوبية بمدينة كابل، وهو الطريق الذي يصل مركز أفغانستان بميناء تشابهار الإيرانية. ولأن أفغانستان بلد منقطع عن البحار وهو في حاجة إلى الاتصال بسائر الدول فإن طريق كابل-كندهار من الطرق المصيرية من هذه الناحية.

إن عدم اعتناء النظام السابق بهذا الطريق سبب تخريبه. لذلك كانت السيارات في إياب وذهاب عليه بصعوبة بالغة. ولقد أعلنت الإمارة الإسلامية عن عزمها الجاد في تحديث وتطوير 480 كم منه خلال العام الجاري وفعلا بدأ العمل. إن ترميم هذا الطريق المصيري سوف يساهم في ازدهار وتنمية الاقتصاد الأفغاني. يقول محمد يونس مومند، رئيس غرفة التجارة: بتطوير هذا الطريق سيتحسن وضع التجارة وستصل فواكهنا الطازجة في أقرب وقت إلى السوق.

والطريق الثالث هو طريق هرات-غور. هذا الطريق لم تعتن به الحكومات السابقة لذلك كان الناس يتنقلون عبره بصعوبة بالغة. خاصة في فصل الشتاء عندما تنزل الثلوج والأمطار. ونظراً إلى أهمية هذا الطريق، قام سكان ولاية غور بمظاهرات واسعة في زمن الاحتلال لكنها لم تفد شيئًا. وحاليًا شمّرت وزارة الفوائد العامة عن ساعد الجد في تحديث وترميم هذا الطريق الأساسي.

وفي مدينة كابل، عاصمة البلد، بدأت بلدية كابل بتطبيق عشرات المشاريع في بناء الطرق الجديدة، حيث ساهمت في تحسين وجه المدينة. منها طريق كوتل خيرخانه الذي يربط مدينة كابل بثلاثة عشر ولايات شمالية، ويقلل من حجم الزحام والتكدس المروري. وفعلا بدأ تطبيقه بتكلفة تتجاوز 250 مليون أفغاني. ومن المقرر أن تنتهي أعماله خلال عشرة أشهر.

أما الطريق الثاني الذي ستقوم بلدية كابل بتحديثه وتطويره هو طريق ذاكرين الذي يربط شمال مدينة كابل بجنوبها. وهو أول طريق حلقوي في هذه المدينة. وسيستغرق سنتين بتكلفة حوالي 200 مليون أفغاني.

وهنالك مئات المشاريع الأخرى لتعبيد وتحديث وبناء الطرق على مستوى أفغانستان، لاسيما الطرقات الخربة، المشكلة التي عانت وتعاني منها أفغانستان، خاصة أن أفغانستان بلد جبلي وشتاؤها ممطر ومثلج.

إن هذا الحجم الكبير من المشاريع المتعلقة ببناء الطرق يبين عزم الحكومة الجاد على النهضة والرقي بأفغانستان وتنميتها اقتصاديا. والحركة التي أطلقتها الإمارة الإسلامية في تحديث البنية التحتية ومنها الطرقات مبشرة بمستقبل زاهر اقتصاديا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى