هل قَبِل أشرف غني بنفسه للنظام الجمهوري حتى يرغم الآخرین علی قبوله؟
یعتبر أشرف غني نفسه مدافعًا عن النظام الجمهوري والديمقراطية، بينما لو وُضِعَت أفعاله تحت المنظار فستبدوا مماثلة لديكتاتورية الفرد الواحد.
تتمثل إحدى مشاکل أشرف غني الرئيسية في أنه ينظر إلى السياسة من منظور ميكافيلي، فلیس له أي التزام بأي مبدأ أخلاقي في سبيل تحقيق مكاسب سياسية، وليست مبادئ الأمانة والصدق والوفاء بالعهد والرجولة بالنسبة له سوى عملات مزورة لا قيمة لها في سوق السياسية.
ولم يكن استولاؤه علی سدة الحکم نتیجة احتیاله الفاضح في الفترة الماضية فسادُه الوحید، بل خان وغدر بشریك حکمه الدكتور عبد الله أیضاً. کما استخدم نائبه الأول کأداة رغم أنه هو الذي أوصله إلى الحكم بأصواته الكثيرة، وبدلاً من التركيز على مشاكل الناس وفق شعاراته الانتخابية، ركَّز على الشعبوية وخداع الناس، وحول القصر الرئاسي إلى ساحة من المعجبين والمتملقين.
لكن أشرف غني يظن أن الناس عميان ولا يفقهون شيئا، وإن كان معجبوه ومتملقوه لا يبصرون فعاله أو يتجاهلونها عمداً، فإن خصومه منتبهون بشدة إلى كل حركاته وسكناته، ويحددون تعريف شخصيته من خلال أفعاله كي يعاملوه في ضوء تلك الاعتبارات.
وصف أشرف غني نفسه بالمدافع عن النظام الجمهوري خلال بدء المحادثات الأفغانية، لكن دعونا نلقي نظرة على مدى تقبُّلِه للنظام الجمهوري الذي يريد الآن تقبله من الآخرين.
لقد سخر من الانتخابات التي هي مبدأ الجمهورية في كلتا الفترتین من حکمه، ثم ألغى نتائجها، وعوضا عنها وصل إلى كرسي “الأرك” من خلال صفقة سياسية، بالإضافة إلى ذلك فهو لا يولي أي اهتمام للبرلمان الذي هو أحد أهم ركائز الديمقراطية، كما أنه لا يعطيه أي سلطة للإشراف على التشريعات والشؤون الحكومية.
خلال فترة ولايته السابقة والحالية، كان معظم وزراء حكومته يشغرون المناصب الوزارية دون موافقة مجلس النواب، وما زال يتبع نفس السياسة في تشكيل الحكومة، والبرلمان الذي تتمثل مهمته في تشريع القوانين وتعديلها، إنما يَطَّلِعون على القوانين عندما يوقع عليها أشرف غني وينتشر الخبر في وسائل الإعلام.
كما أنه حصر جميع إجراءات تشكيل السياسة والحكم على نفسه، وذلك من أسوأ شكال الديكتاتورية، إنه يَطَبِّق على الشعب المؤمن (الذي يبلغ 35 مليون نسمة) تلك الوصفات المقلوبة والفاسدة التي لا يقتنع بها سوى عقله العلماني.
وهذا يثبت أن الجمهورية بالنسبة له مجرد شعار لخداع الناس، حيث يريد أن ينال بعضا من التأييد تحت هذا الشعار؛ لأن التجارب أظهرت أنه ليس لديه التزام حقيقي بأي مبدأ، والتزامه الوحيد منحصر بالسلطة فقط! وفي سبيل تحقيقها والحفاظ عليها لا يبالي بفعل أي شيء ولا ارتكاب أي قبيح.