
وجه آخر من مخططات الأعداء
أبو سحبان
في الأسابیع الماضیة أثار أحد نواب البرلمان الأفغاني قضیة إعادة النظر في مادة الثقافة الإسلامیة في جامعات أفغانستان بذریعة أنها حاضنة لنشر الفكر الجهادي بین الطلاب الجامعیین. ومن جانب آخر، ادعی نفس النائب أن المساجد في أفغانستان صارت مكاناً لنشر الفكر المُغالي بین العامة.
إن تصریحات هذا النائب العلماني وتصفیق الأخرین لها، أقنع النواب بإحضار وزراء: الحج، والإرشاد والأوقاف، ووزیر المعارف، ووزیر التعليم العالي إلی البرلمان. وعقد البرلمان جلسة طارئة بحضور الوزراء المذكورین، نظراً لأهمیة الموضوع للمحتلین والعملاء. وحظي المجلس بتغطية إعلامية واسعة، خاصة من الصحف العلمانیة، لذلك قامت جمیع صحف كابل بنشر تقریر موسع حول هذا الحفل وقراراته.
وكانت معظم تصریحات النواب تتمحور حول خطر نفوذ الفكر الجهادي بین طبقة الدارسین في الجامعات، والشكوی من تواجد علماء مجاهدین في المساجد. واعتبروا أن الفكر الجهادي بین الشباب أخطر خطر یهدد مستقبل الدولة العمیلة. وقد كانت الجلسة جلسة محاكمة للوزراء الثلاث حول تقصيرهم في هذه القضیة، وقد عرض هؤلاء الوزراء برامجهم تجاه القضیة.
إنني كمواطن أفغاني أتعجب من تصرف هؤلاء الجالسین علی كراسي البرلمان. إن الشعب الأفغاني المسكین یعاني من كثیر من الأزمات والمشاكل التي أثارها نفس هؤلاء النواب. لقد غضوا الطرف عن البطالة والفقر ومشكلة المسلسلات الماجنة التي تبث على التلفاز وآلاف من المشاكل الأخری التي خلفها المحتلون في هذا البلد، والتفتوا إلى خطورة مادة الثقافة والمساجد التي هي ثكنات الإسلام الأخیرة! مع العلم أن المادة التي تدرس في الجامعات هي مادة غربلتها أیدي العملاء وأخضعوها لأفكارهم العلمانیة.
إن أراد هولاء النواب العملاء حل مشاكل الشعب فعلیهم العنایة أولاً وقبل كل شيء بمنع المسلسلات والأفلام والبرامج الماجنة التي تستهدف عقيدة الشعب وإیمانه. إن أزمة المسلسلات التركیة من القضایا الأساسیة لشعبنا، وقد رفعوا أصواتهم واعترضوا لما أنها تهدد مستقبل الأبناء، ولكن لم تجد هذه الصراخات والاعتراضات آذاناً صاغیة وقلوباً واعیة. وقد اعترفت “مژگان المصطفوي” مساعدة وزارة الثقافة والإعلام في فرع الإعلام أن بعض القنوات المحلية تبث برامج وأفلام ضد شعائر الإسلام، وفي معظم الأحیان تنشر الإباحیة والمجون والسفور. هذه تصریحات إحدی الحاضرات في مجلس النواب في الشهر المنصرم.
إن التقاریر حول قلق الشعب من خطر المسلسلات التركیة متوفرة في وكالات الإعلام. وهذا (أحمد أچكزی)، أحد المواطنین الأفغان، یشكو من برامج القنوات التلفازیة ويقول: “هاجرت إلى إحدی البلاد الإسلامیة قبل خمس عشرة سنة، ثم رجعت إلی البلد واشترینا تلفازاً، فكانت عائلتي تشاهد أفلامه. وقبل سنتین بثت “شبكة طلوع” مسلسلاً تركیاً يحكي قصة حیاة أختین، إحداهما كانت تسمی “فاطمة گل” وقد سمعت قصتها مراراً من زوجتي وبناتي. فعزمت علی مشاهدتها، فشاهدت في هذا المسلسل أن هاتین الأختین في ارتباط دائم مع الأجانب، وإنني كمشاهد ساذج فهمت هذه الرسالة الخطیرة من هذا المسلسل، لذلك -وبعد توجیه الأهل- أخذت التلفاز وألقیته خارج البیت.”
هذا نموذج من شكاوى شعبنا من الإعلام الفاسد في أفغانستان، فلا ندري لماذا لا يهتم نوابنا بقضیة المسلسلات التركیة مع وجود اعتراض شعبي واسع تجاهها. لو قام النواب بإحضار وزیر الثقافة والإعلام، لما كنا شاهدنا مثل هذه الأفلام. ولكن النواب لا یلقون بالاً لهذا الجانب؛ حذراً من غضب سادتهم المحتلین ومخافة أن یقطعوا أرزاقهم، معاذ الله.
إن هذه الحكومة العمیلة برئیسها العمیل لن ترضی بتدریس مادة تربي جیلنا علی الجهاد والشرف والمجد، بل كل سعیها ينصب علی تربیة جیل غافل مستغرق في الشهوات. هذا على الرغم من أن مادة الثقافة الإسلامیة لاتجد أهمیة في الأوساط العلمیة، بل باعتراف الطلاب أنفسهم أن مادة الثقافة الإسلامیة من المواد المهملة والمغفلة، مثل مادتي الرسم والخط. وأحیاناً تحظی المادتین الأخیرتین بعنایة أكثر من مادة الثقافة الإسلامیة.
وأخبرني أحد التلامیذ أنهم في العام المنصرم لم یفتحوا مادة العربیة ولو مرة واحدة؛ وذلك لعدم وجود أستاذ یدرسها، ولكن مادة الإنجلیزیة من المواد الأساسیة.
إن هذا التغافل والتغاضي مهّد الأرضیة لتربیة جیل لا یوجد في قلبه شيء من محاسن الإسلام، بل ربما وُجد طالب متعلم لا یدري كیف يؤدي الصلوات، فضلاً عن الزكاة والحج والشرائع الأخری. في ظل هذه الحكومات العلمانیة وسكوت العملاء وأبناء الدرهم والدنانیر یضیع الإسلام ویحرم الشعب من بركات الإسلام. إن مرور الوقت سوف یكشف الستار عن مخططات هؤلاء. وقد يحصل -لا قدر الله- أن یلغي هؤلاء مادة الثقافة الإسلامیة ووزارة الحج والأوقاف كلية.
والیوم یری المحتلون المجال متاحاً لتطبیق مخططاتهم الخطیرة، وسوف يتدفق جمع كبیر من المرشحین العلمانیین إلی مجلس النواب في الانتخابات المقبلة. وسوف نشاهد في ظل هذه الحكومة حملات أشرس ضد الإسلام وما یتعلق به من المساجد والمواد الدراسیة، لا قدر الله.