
وداعًا يا بطل الجهاد والمقاومة
أبو محمد
لا يوجد جواد باذل أكبر من الشهيد في سبيل الله، وأكرّر مرة أخرى وأقول بأنه لا يوجد على وجه البسيطة أسخى وأجود من الشهيد في سبيل الله.
فالشهيد في سبيل الله جواد كريم، يحمل هموم أمّته، ويتحمل متاعب الهجرة والجلاء، يتحمل مصائب الوحدة، يتحمل مشقّات الغربة، يتحمل ألم فراق إخوانه الشهداء حتى يأتي دوره، يتحمل ألم الجراح، يتحمل الظروف العصيبة، يتحمل عناء السفر والتنقل من مكان إلى مكان حتى يصل إلى عيادة أو مشفى، يتحمل أوان الجراح والإصابة، يتحمل وحشة الدنيا وغربتها، وعالم الكفر متربّص به وهو على سرير المرض، يتحمل كل ذلك بجود وسخاء لا مثيل لهما في الدنيا.
يبذل روحه ودماءه ومُهَجه في ريعان الشباب وزهرته، ويتلذذ المرء من رؤيته المرة تلو المرة، ولا يشبع من صورته وهو قضى نحبه في سبيل الله.
فهذا الشهيد الجوّاد حريٌ بأن يكون له شأن كبير ومكان رفيع سامقٌ عند الله إلى درجة أنّ الله سبحانه وتعالى يقوم بنفسه كي يعامل مع هذا السعيد المحظوظ حيث يشتري منه سبحانه وتعالى شيئًا غاليًا كي يعطيه ما هو أغلى منه.
يا سبحان الله! هل يكون الرب مشتريًا؟ خالق البشر، فاطر السموات وخالق الأرضين هل يبادر بالشراء من عبادٍ خلقهم بنفسه.
فالسعيد من دخل في هذا البيع مع الله سبحانه، والشهيد دخل في هذه الصفقة مع الرب تبارك وتعالى، ومن هؤلاء الشهداء السعداء الذي نحسبه كذلك والله حسيبه فارسنا المغوار، الملا فضل الرحمن المعروف بـ الملا مشر رحمه الله الذي افتقدناه في ولاية فراه حال كونه المسؤول العسكري لهذه الولاية.
لا شك أنّ الشهادة في سبيل الله غاية مُنى كل مجاهد في سبيل الله سواء كان أميرًا كبيرًا أو جنديًا مجهولا لا يعرفه إلا الله، كلهم أسمى أمانيهم نيل كأس الشهادة.
وكان فقيدنا الشهيد الملا فضل الرحمن من هذا السلك الذهبي، يخطو بخطواته نحو الشهادة في سبيل الله، وكانت أقواله وأفعاله تحكي مدى هُيامه وغرامه نحو الشهادة، يدعو الله سبحانه وتعالى في صلاته وفي كل مكان أن يبلغه منازل الشهداء، وكان يتمنى أن يُمزّق جسمه وتتناثر أشلاؤه؛ لأنه كان يرى الدنيا حقيرة بجنب ما أعدّه الله سبحانه وتعالى لعباده الصالحين، وكلما تحدّثوا له عن مصائب الدنيا والمشكلات المعيشية يبتسم كأنه يقول إنّ هذه الدنيا لا قيمة له عنده ولا يروي غليله إلا الشهادة في سبيل الله.
أجل؛ إنّه كان من أسود الهندوكوش الذي طلع نجمه من ولاية هلمند، ولمّا ضمّخ ثرى ولاية فراه، حزن له الصغير والكبير في كثير من الولايات كهلمند، وفراه، ونيمروز، سواء من رآه أو سمع عنه كلهم حزنوا وأسبلوا له الدمع الحزين، وتأسفوا لا لأجل أنه نال الشهادة في سبيل الله بل لأنهم افتقدوا قائدًا رشيدًا هصورًا من أبطال الإسلام في عملية جبانة.
وقدّمت الإمارة الإسلامية بيانًا في تأبين شهيدنا المغوار، وجاء فيه: (الشهيد الملا/ فضل الرحمن كان من خيرة المسؤولين الكبار بالإمارة الإسلامية، وكان متصفًا بالحنكة، والشجاعة، والبسالة، وقد بذل في سبيل الله تعالى جهودًا عظيمة، وتحمل من المشاق ما لا تطاق.
إن الشهادة في سبيل الله مما نفتخر بها، وإن أساس الإمارة الإسلامية إنما وضع بدماء وتضحيات أمثال هؤلاء الشهداء الأبطال، وسيظل هذا الصرح العظيم يروى بدماء الشهداء.
تقدم الإمارة الإسلامية المواساة والتعزية في استشهاد الملا/ فضل الرحمن (ملا مشر) لشعبها الأبي، ومجاهدي ولاية فراه، ورفاقه، وأصحابه، وأسرته، وبفضل الله عز وجل ثم بفضل هذه التضحيات ها هو الاحتلال يجمع بساطه من أفغانستان، وسيزول الفساد، وسيقام نظام إسلامي، وستطبق الشريعة المحمدية الغراء.
تذكر الإمارة الإسلامية العدو الجبان بأن الشهادة في سيبل الله من أسمى أماني كل فرد – صغير وكبير – في الإمارة الإسلامية، ولن نمل ولن نكل عن التضحيات، ولن تحيدنا الشهادة عن سبيلنا، بل إنها تجعل أمنياتنا أكثر قيمة وأغلى ثمناً، وترفع من معنوياتنا، وتحثنا على مواصلة مسيرتنا الجهادية بعزم أقوى وحماس أكبر. إن شاء الله تعالى.
إن تقييمكم خاطئ، تحسون أنكم ستحققون إنجازاً باستشهاد كبارنا وستصلون إلى مرادكم المشؤوم؛ لكن تجارب السنوات الماضية أثبتت بأن صفنا الجهادي لم يضعف يوماً باستشهاد أحد من الكبار والمسؤولين، بل باستشهادهم جاء النصر، وعلت همة المجاهدين، وثارت حماستهم الجهادية).