وفرّ النیبالیون أیضا من أفغانستان
بقلم: قاري حبیب
نفّذ مجاهدوا الإمارة الإسلامیة في شهر یولیو من هذا العام 2016م هجوماً استشهادیاً بسيّارة مفخخة في منطقة بنائي في الحوزة الأمنیة التاسعة بمدینة كابل ضدّ الجنود الأجانب. بعد الهجوم بلحظات اعترفت الجهات الإعلامیة بأنّ الهجوم كان ضدّ المرتزقة النیبالیین الذین یعملون حُرّاساً في إحدی الشركات الأمنیة الغربیة، وكانوا مكلفین بحراسة سفارة (كندا) في العاصمة (كابل).
كان الحراس النیبالیون في طریقهم إلی مطار(كابل) للذهاب إلی نيبال لقضاء إجازاتهم السنویة حین تعرضت حافلتهم للهجوم الفدائي الذي أسفر عن مقتل 14 حارساً وإصابة 5 آخرین منهم. وبعد يومين من الهجوم أعلنت الصحافة النيبالية أنّ اثنين من الجرحی أيضاً فارقا الحياة، وبذلك ارتفع عدد القتلی إلی 16 شخصاً.
المسلّحون النيبالييون في أفغانستان:
إنّ تواجد المرتزقة النيباليين في أفغانستان ليس كوجود القوات الأمريكية أو القوات الغربية، لأنّ النيبال نفسها عاشت زمناً طويلاً تحت الاستعمار وهي ليست في المكانة التي تؤهّلها لاحتلال البلاد الأخری. وبما أنّ مستوی الفقرعالٍ جدّا في ذلك البلد، فإنّ كثيراً من رجال ذلك البلد، وبخاصة الجنود المحالين إلی التقاعد أو المطرودين من الخدمة العسكرية، يعملون كمرتزقة في الشركات الأمنية للدول الأخری.
إنّ شركة (بلاك ووتر) الأمريكية الأمنية التي تقف وراءها C.I.A وعدد من الأثرياء من الحزب الجمهوري قد أُنشئت كقوة عسكرية خاصة للقيام بالمهمات الحربية غير المشروعة التي ينأی عن القيام بها الجيش الأمريكي الرسمي، ويعمل فيها المرتزقة الذين لا يلتزمون بأيّ خُلُق أو قانون، وهي إحدی الشركات الحربية التي تقاتل لأمريكا في أفغانستان وغيرها. يقول “جيرمي سكاهل” الصحفي الغربي الذي ألّف كتاباً عن هذه الشركة أنّ هذه الشركة توظّف في صفوف مرتزقتها العناصر الشرّيرة والأوباش من أهل الفلبّين والنيبال والتشيلي وكولمبيا والسلفادور وهندوراس وبنما وبعض الدول الإفريقية الفقيرة، وتستخدمهم في العمليات الخاصة الظالمة.
إنّ تواجد المرتزقة النيباليين في أفغانستان أيضا كان في إطار شركة (بلاك ووتر) وغيرها من الشركات غير الحكومية الشبيهة بها، وكانوا يقومون بالعمليات الإجرامية بأمر القيادات الغربية ضدّ أبناء الشعب الأفغاني.
حيث كان المرتزقة النيبالييون -إلی جانب قيامهم بالعمليات القتالية الخاصة في إطار شركة (بلاك ووتر)- يقومون بوظيفة حراسة السفارات والإدارات والمؤسسات الغربية والدبلوماسيين الأجانب ضمن المجموعات الأمنية التي أوجدها الغربييون. وعدد هؤلاء النيباليين في أفغانستان يبلغ حسب الأرقام الرسمية للحكومية النيبالية ثلاثة آلاف مرتزق. إلا أنّ الأرقام غير الرسمية تقدّر عدد النيباليين الذين وصلوا إلی أفغانستان من مختلف الطرق السرية والعلنية أكثر من ثمانية آلاف مرتزق.
إن هذا الهجوم علی المرتزقة النيباليين ليس هو الأول بل تحمّلوا القتل والجروح في حوادث أخری أيضاً في مناطق مختلفة مثل قتل وإصابة عدد منهم في الهجومين الذين وقعا في مدينتيّ (مزار شريف) والعاصمة (كابل)، إلا أنّ تأثير الهجومين السابقين علی النيباليين لم يكن علی الحكومة النيبالية مثل تأثير الهجوم الأخير عليها.
ودُقّت طبول الرحيل:
بعد الهجوم الأخير ضدّ النيباليين بأربعة أيام، أعلنت الحكومة النيبالية بأنها ستُخرج من أفغانستان جميع مرتزقتها الذين يعملون في حراسة المكاتب الغربية. وإلی جانب ذلك، فرضت الحكومة النيبالية ،من خلال مرسوم رسمي، على النيباليين حظر العيش والقيام بأي نوع من العمل في أفغانستان.
وأعلن وزير العمل النيبالي (غواندا ماني بهورتل) أنّ علی جميع النيباليين الموجودين في أفغانستان مغادرة هذا البلد، لأنّ حياتهم معرّضة للخطر فيه.
ومع أنّ بعض السياسيين والنقابات العمّالية النيبالية اعترضت علی القرار الحكومي، إلا أنّ الحكومة لازالت مصرّة علی تنفيذ قرارها الذي يأمر بإخراج جميع المرتزقة الذين حرسوا المؤسسات الغربية العسكرية والمدنية بأرواحهم.
ولا شك في أنّ فرار آلاف النيباليين من أفغانستان هو مكسب كبير للجهاد في هذا البلد. ولا شك أنّ هذا الفرار سيترك أثراً سيّئاً علی الشركات الأمنية الخاصة من جانب، ومن جانب آخر فإنّ مؤسسات المحتلين التي كانت تحرس فيما مضی من قِبَل هؤلاء المرتزقة ستصبح بعد هذا أهدافاً سهلة للمجاهدين، وهذا ما سيؤدّي إلی ازدياد خسائر المحتلين في هذا البلد إن شاء الله تعالی.