ويشف صدور قومٍ مؤمنين
فائز
أخي المسلم!
هل تعرفه؟
هل سمعت عن جرائمه؟
نعم؛ أقصد الجنرال الوحشي عبد الرازق، قائد شرطة قندهار، الذي قُتل بنيران مجاهد انغماسي، كي تكون نقطة فاصلة لجرائمه.
يقول أحد المفكّرين: كثيرًا ما يسأل الناس عن الحكمة من إمهال الله للظالم المدد الطويلة، فيستمر في ظلمه وبغيه مدة طويلة، والحكمة الإلهية تظهر في أن الله لا يؤاخذ الظالم من أول ظلمه، فلو أخذه من أول مظلمة ولو حقيرة لم تظهر سنة التأديب والاعتبار للآخرين لأن عقوبة الظالم في أول طريقه عقوبة لا يراها أحد لأنه ظالم صغير، والعقوبة الإلهية تكون بحجمها، فلا يرى العقوبة إلا أهله ومن حوله، وربما لا يشعر بها إلا هو، فالاعتبار هنا ضعيف ولكن يمهل الله الظالم ليترقى في الظلم، ويرتفع فيه حتى يبلغ السماء، فيراه ويسمع به من على الأرض شرقًا وغربًا، حينها يأمر الله به أن يُوضع ويهوي في أسفل سافلين، فكلما ارتفع الظالم وعلا كان أبين لسقوطه والاعتبار به ولهذا قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود102 ].
الألم والشدة مجتمعة لا تكون إلا بعد ارتفاع وعلو في الظلم، وهكذا ذكر الله لأخذ الظالمين في القرآن كله موصوف بنوع بطش وقسوة، وهذا لا يتناسب مع مظلمة الدينار والدرهم ومظلمة اللحظة والساعة لأن الله عادل ولا يُعاقب بعقوبة عظيمة على مظالم يسيرة، وهذا ظاهر في قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) صحيح البخاري 4686.
ومّما لا شك فيه ولا يختلف فيه اثنان أنّ الجنرال السفاح الوحشي عبد الرازق كان من هؤلاء الظالمين، الذي كان يتلذذ بسفك دماء الأبرياء، وكان يرضي الأمريكان بقتل بني جلدته، فكلما افتقد شابٌ في قندهار كان النّاس لا يطمعون في عودته؛ لأنهم تعوّدوا عندما يفقد شاب أن يجدوا بعد أيام أو أسابيع جثته المعذّبة في بئرٍ أو مذبلة أو غابة. لأنّ الجنرال السفاح المذكور كان يأمر جنوده بقتل كلّ من يشكّوا فيه، ومئات الشباب المفقودين حتى اللحظة لا يعرف أحدٌ مصيرهم أو عن حالهم شيئًا.
كان الجنرال المذكور، يعذّب الأسرى أمام أُسَرهم حتى تخرج أرواحهم ويلفظوا أنفاسهم أمام أحبابهم.
فثمّة كثير من الأمّهات ينتظرن قدوم أولادهن، وكثيرٌ من الأطفال ينتظرون مجيء آبائهم، ولكن الجنرال السفّاح قتلهم بدمٍ بارد دون أن يرق لهم فؤاده الذي قدّ من الصخرة في القساوة.
كم من البنات المسلمات افتقدن أزواجهنّ بعد شهور من زواجهنّ، وتبدّلت أفراحهنّ إلى مآتم وأتراح.
وكم من طلبة العلم الذين خرجوا من بيوتهم، لينهلوا العلم، ولكن الجنرال السفاح اعتقلهم، وعذّبهم ما يخجل المرء عن ذكره، وأترك القارئ ليتصوّر أبشع ما يمكن من التعذيب والإهانة بكرامة الإنسان، الذي اقترفه، وفي نهاية المطاف قتلهم بدمٍ بارد.
فمن كان يشك في أقوالنا فليأت إلى سوق قندهار، وليسمع ما يقوله النّاس والتجّار. فكم قتل وكم نهب من أموال النّاس، لا يعرفه إلا من جالس ساكني قندهار.
فاليوم ارتاح المواطنون، ونثروا الأفراح، وصار مقتل هذا الجنرال الظالم بلسمًا لجراح المواطنين النّازفة، وبات النّاس يلمسون معنى الآية الكريمة: (ويشفِ صدور قومٍ مؤمنين).