مقالات العدد الأخير

وُلِد الهدى فالكائنات ضياء

مسلميار

 

ها قد أطلّ علينا شهر الربيع، والحديث عن نبي الرحمة ليس له شهور خاصة، بل لا بدّ أن يكون مولد الهادي تنبيهًا لنا كي نتذاكر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم طيلة العام الذي أمامنا، فنعيش بسيرته وسننه طوال العام، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم له حلاوة وطلاوة تتذوقها القلوب المؤمنة، وتهفو إليها الأرواح الطاهرة، وهو في ذاته قربة كبرى يتقرب بها إلى الله كل مُريد رِضوانه ومثوبته جل وعلا.

عن لقمان بن عامر قال سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَة يقول: «قُلْتُ يَا نَبِيَّ الله ما كان أَوَّلُ بَدْءِ أَمْرِك؟ قال: نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأتْ أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام»  [رواه أحمد والحاكم]. قال ابن كثير: “قوله: (ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام) قيل: كان مناماً رأته حين حملت به، وقَصَّته على قومها، فشاع فيهم، واشتهر بينهم، وكان ذلك توطئة”.

وقال ابن رجب: “خروج هذا النور عند وضعه؛ إشارة إلى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض، وأزال به ظلمة الشرك منها، كما قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة:15-16]، وقال تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:157]”.

لقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم – بفضل ربه عز وجل – أن يؤسِّس أعظم دولة عرَفها التاريخ؛ حيث أخرج للوجود أُمة، ومكَّن لعبادة الله تعالى في الأرض، ووضع أُسس العدالة الاجتماعية، وحوَّل جيلاً كاملاً من رُعاة للبقر إلى قادةٍ للأُمم، استطاع بفضل الله تعالى أن يخرج للعالم كله المواهب والعبقريات العظيمة؛ من أمثال: عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل….، وحوَّلهم مَن جيل لا يعرف إلا الفوضى إلى جيل يعرف النظام والعدل.

يقول المفكِّر البريطاني (جورج برنارد شو): “إن العالَم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد صلى الله عليه وسلم، هذا النبي الذي لو تولى أمر العالم اليوم لوفِّق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يَسعى البشر إليها”.

كما يقول أيضًا في كتابه (الإسلام الحقيقي 1:8): “إني دائمًا أكنُّ تقديرًا فائقًا لدين محمد؛ وذلك لحيويته العجيبة، ويبدو لي بأنه الدين الوحيد الذي يَمتلك السعة التي من شأنها استيعابُ مرحلة تغيير الوجود”.

ويقول: “لقد درستُ محمدًا هذا الرجل الرائع، وفي رأيي… فإنه يجب أن يُلقَّب بمنقذ الإنسانية، وإني تنبأت بأن إيمان محمد سوف يَلقى قبولاً في أوروبا الغد كبداية قبوله في أوروبا اليوم”.

أما الكاتب الأمريكي (مايكل هارت)، فقد قال في كتابه (الخالدون مائة)، والذي قام فيه بترتيب أكثر الشخصيات تأثيرًا في التاريخ، وقد كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم على رأسهم؛ قال: “إن اختياري محمدًا ليكون الأول في أهمِّ وأعظم رجال التاريخ قد يدهش القراء، لكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين الديني والدنيوي”.

 

“إن حاجة العالم إلى النبي المعلم صلى الله عليه وسلم – الآن – حاجة المريض إلى الشفاء، والعطشان إلى الماء، والعليل إلى الدواء، والنظر تتمنَّاه العين العمياء”. فاللهم صلّ صلاة تامة وسلم سلاماً تاماً على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته إلى يوم الدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى