يا جنود الإمارة!
أبو غلام الله
يا جنود الإمارة الإسلامية، تحية مباركة أزفّها إليكم بعد التهاني الحارة بمناسبة كسر شوكة الصليب على ثرى وطننا الجريح.
يا جنود الإمارة، إنّ الله سبحانه وتعالى جعلكم سلطانًا على البلد، فلا تظلموا أحدًا، ولا تحقروا شخصًا، ولا تغترّوا ولا تتبختروا، فالله سبحانه وتعالى نصركم، وأعزّكم، وهزم عدوّكم.
يا جنود الإمارة، فليحسّ آحاد الشعب فردًا فردًا أنكم ما جئتم إلا لطرد المحتل الغاشم، وخدمة المواطنين، ولرفع الظلم عنهم، وترفيههم، وتقديم الخدمات في شتى المجالات.
يا جنود الإمارة، لا تنسوا فقركم وعوزكم، ولا يكن همّكم الثراء وجمع المال، قبل إثراء الشعب والمواطنين وسدّ حاجاتهم، وليكن قدوتكم في ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما حيث قال: مررتُ والنّاس يأكلون ثريدًا ولحْمًا، فدعاني عمر إلى طعامه، فإذا هو يأكل خبزًا غليظًا وزيتًا، فلقتُ: منعتني أن آكل مع النّاس الثريد ودعوتني إلى هذا! قال: إنّما دعوتك لطعامي، وذاك للمسلمين. (رواه ابن أبي شيبة في المصنف: 3359).
يا جنود الإمارة، أشعروا فقراء الأفغان ومساكينهم أنّه لايزال في الدنيا فضل وعدلٌ ونبل، وليَجُدْ كل واحد منكم على من هو دونه، لا بالمال وحده، بل بالعاطفة، والتّواضع، والإنسانية؛ الرئيس على المرؤوس، والوزير على الوكيل، والوكيل على المدير، والضابط على الجندي، والجندي على العادي، فإنّ كل واحدٍ من هؤلاء -في الغالب- كعبد لمن هو أعلى منه وفرعون على من هو دونه، يتكبر عليه مَن هو فوقه ويتكبر هو على من تحته، حتى إنّ الجندي ليطغى على البائع المتجوّل، والبائع يطغى على امرأته، والمرأة على ولدها، والولد على القطّة يضربها بالعصا أو الكلب يرميه بحجر.. كلٌ يحاول أن يظلم كما ظُلم، والمجرم الأكبر هو الظالم الأوّل، إنّهم كالحيوانات؛ الجرادة تأكل البعوض، والعصفور يأكل الجرادة، والحيّة تقتل العصور، والقنفذ يقتل الحية، والثعلب يسطو على القنفذ، والذئب يسطو على الثعلب، والأسد يفترس الذئب، والإنسان يقتل الإنسان، والبعوضة تقتل الإنسان، فتُغلق الحلقة على عدوان بعد عدوان.
يا جنود الإمارة، اعلموا أنّ العقوبة بالمرصاد، كما قال ابن الجوزي رحمه الله: ما زلتُ أسمع عن جماعة من الأكابر وأرباب المناصب أنّهم يشربون الخمور، ويفسُقون، ويظلمون، ويفعلون أشياء توجب الحدود، فبقيت أتفكّر في تعطيل الحدّ الواجب عليهم، حتى رأيناهم قد نُكبوا وأخذوا مرّات، ومرّت عليهم العجائب، فقوبل ظلمهم بأخذ أموالهم، وأخذت منهم الحدودُ مضاعفةً بعد الحبس الطويل، والقيود الثقيل، والذلّ العظيم، وفيهم من قُتل بعد ملاقاة كلّ شدّة، فعلمتُ: أنّه ما يُهمِلُ من شيء، فالحذرَ الحذر، فإنّ العقوبة بالمرصاد.