يوم السادس من محرم ١٤٤٣هـ
سيف الله الهروي
كان يوم الأحد ٦ محرم ١٤٤٣ هـ ق يوماً تاريخياً خالداً للشعب الأفغاني خاصة، وللعالم الإسلامي عامّة؛ ففي هذا اليوم التاريخي انهارتْ -كلمحٍ البصر- الجمهوريةُ الفاسدة التي صنعتْها القوّات الصليبية المحتلة لأفغانستان قبل عشرين سنة، والتي أنفقتْ عليها المليارات ودعمتْها إعلاميا وسياسيا، الجمهورية الفاسدة التي عاثت في أفغانستان ظلما وفسادا وقتلا.
يومٌ هرب فيه المجرمون الذين أجرموا وأفسدوا عشرين سنة وتلطختْ أيديهم بدماء الأبرياء واغتيال العلماء والنخب.
يومٌ ترك فيه المفسدون قصورهم المزينة وبروجهم المشيدة التي بنوها من أموال الشعب وولّوا هاربين.
يوم فرّ فيه الخونة والعملاء المفسدون خجلا واستحياء، على الرغم من إعطائهم الضمان والأمان في دمائهم وأموالهم.
يومٌ انتصرت فيه الإمارة الإسلامية التي صمدتْ خلال هذه المدة ولم تستسلم ولم تخضع ولم تلن للجبابرة والطغاة حتى انتصرت على رأس الطغاة انتصاراً أبهر العالم، وأدهش المحبّ والصديق الودود كما أدهش العدوّ والخصم اللدود.
يوم أخذت فيه الإمارة الإسلامية الثأر من الطاغوت الأمريكي لكلّ دم أراقه في العالم الإسلامي، ولكلّ بيت دمّره، ولكلّ مسلم انتهك كرامته.
يومٌ أعاد أبطال الإمارة الإسلامية فيه ذكرى فتح مكة إلى الأذهان؛ لمّا وقفوا على أبواب مدينة كابول رغم قدرتهم على الاقتحام، فلم يدخلوها عنوة. ولما هرب العميل الجبان كالفأر، وتخلت الشرطة عن مهامها، دخلوها وقد أعلنوا العفو العام، وأعلنوا حفظ الأموال والدماء والأعراض للمواطنين.
يومٌ سار فيه أبطال الإمارة على نهج النبي الكريم لما قال صلى الله عليه وسلم: «إذهبوا فأنتم الطلقاء»، «ومن دخل بيته كان آمنا».
يوم الأحد السادس من محرم ١٤٤٣هـ يوم تاريخي ويوم عظيم في تاريخ أفغانستان، سجله وصنعه تلاميذ الأمير الراحل الزاهد الذي قال موقنا بوعد الله تعالى: «لقد وعدنا الله بالنصر ووعدنا بوش بالهزيمة، فلننتظر أي الوعدين أصدق».
يومٌ صدق فيه وعد الله، وتحقق فيه نصر الله لمن ينصر دينه، وانتزع فيه الشعب الذي تعود عبر التاريخ أن يعيش حراً عزيزاً غيوراً؛ حريته وكرامته.
يومٌ عاد فيه الحق إلى صاحبه، وعاد المُلك والحكم إلى من هو أحقّ وأولى به. يوم لقّن فيه الأفغان -من جديد- الأمريكان المتغطرسين درساً بأنه لا مكان للغزاة الأجانب في أرض الأحرار الفاتحين.
يومٌ علّم فيه الأفغان -من جديد- العالم الإسلامي درسا في الرجولة ودرسا آخر في الإيمان، وأن قوة الإيمان فوق كل القوى، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله تعالى.
يومٌ أثبت فيه أبطال الإمارة أن الأنظمة والحكومات التي أنتجتها الغرب وينتجها، هي أوهن من بيت العنكبوت؛ حيث لم تصمد -مع كل ما تملكه من قوة- أمام جنود الإمارة لستة أيام.
باختصار كان يوم الأحَد ٦ من سنة ١٤٤٣هـ يومُ أعظمِ هزائم أمريكا في العالم، ويوم أكبر انتصارات المسلمين في التاريخ المعاصر، الذي تحقق -بفضل الله- على أيدي تلاميذ مدرسة الأمير الملا محمد عمر رحمه الله.
ألا أيها التاريخ! كما سجلتَ عمر المختار بطلا مجاهدا وقف أمام الطليان عشرين سنة، فسجّلْ أن عمر الأفغان وجماعته صمدوا وانتصروا على الأمريكان والقوّات الصليبية، وأنهم كانوا أشداء عليهم، رحماء بينهم، أذلة على شعبهم وسائر المسلمين.
رحم الله الملا عمر، وثبّت دعائم الإمارة الإسلامية، وحفظها من الفتن والشرور. آمين.