قطع قرن الدواعش في أفغانستان

عبدالصبور الكابلي

 

يبدو أنّ قرن الدواعش قُطع في أفغانستان، وأبيدوا شرّ إبادة، وقُتلوا قتْل عاد، فهذا داعشي مارق يشتكي في بعض كتاباته من إبادتهم في أفغانستان في ظلّ إمارة الإسلام، فيقول: “…فكم من شهيد (يعني فطيسهم وقتيلهم) هممنا بالكتابة عنه استقاءً ممّن عايشه أو عاشره أو حتى عاصره، فلم نظفر بهذا ولا ذلك، إذْ أنّ كلهم مضوا إلى ربهم، ولحق من كان ينتظر بمن قضى نحبه، ففقدنا سند الرواية… ويستوي في ذلك سير القادة والجنود”.

هذا وقد نشر إعلام الإمارة الإسلامية مؤخراً مقطعًا صوتيًا مسرّبًا لكبير الدواعش وهو يصف أوضاعهم المأساوية في أفغانستان، فيقول: “فقدنا الزملاء ولم يبق لنا من الكبار والقادة إلا القليل، فُهم يُقتلون في المدن والمراكز شرّ قتلة، ولا نستطيع أن نخبر الجنود، والأوضاع مأساوية للغاية، يُقتل القادة في العاصمة والمدن الأخرى، ويُقتلون ويبقى أثر حزننا علينا، الأخ محمد (قيادي من الدواعش) مضى، مع أننا أخذنا الاحتياطات اللازمة ولكن باءت جميع محاولاتنا بالفشل ولم تبق أمامنا تدابير أخرى، ولم يبق من القادة إلا أشخاص قليلون كأصابع اليد، وإننا والله في ضيقٍ وخناق”. انتهى كلامه.

هذا غيض يسير من اعترافات كبيرهم. وما سيلاقونه في قادم الأيام أنكى وأمرّ -إن شاء الله- إن لم يتوبوا ويكفّوا أيديهم عن سفك دماء المسلمين. والرسول صلى الله عليه وسلم بشّرنا عندما قال: (يَنْشَأُ نَشْءٌ يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ). قال ابن عمر: سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ -أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً- حَتَّى يَخْرُجَ فِي عِرَاضِهِمُ الدَّجَّالُ).

إن هذه الطائفة الضالة إنما أُتِيت من عجبها وغرورها وسوء فهمها، إذ تصورت أنها فاقت الصحابة تقوىً وعلماً، وأنها فهمت الدين أحسن وأكثر من الصحابة أنفسهم الذين نقلوا لنا الدين. لذلك، كفّروا سادة الصحابة رضوان الله عليهم. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك، فروى الإمام أحمد في مسنده، عن أَبي سعيد الخُدْريّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْقُرْآنِ، كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ). قَال أبو سعيد: فَاسْتَشْرَفْنَا وَفِينَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ: (لا، وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ (يعني علي بن أبي طالب، وكان قد ذهب يخصف -يصلح ويخيط- نعلاً للنبي صلى الله عليه وسلم). قال: فَجِئْنَا نُبَشِّرُهُ. قال: وَكَأَنَّهُ قَدْ سَمِعَهُ.

ورحم الله ابن عمر إذ يقول عن هذه الطائفة، مبيناً سبب ضلالها وانحرافها، فقال الإمام البخاري في صحيحه: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللهِ، وقال: (إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي الكُفَّارِ، فَجَعَلُوهَا عَلَى المُؤْمِنِينَ).

إذن، فحربنا مع هذه الطائفة الضالة بحاجة إلى تصويب الأفهام المنكوسة، والآراء المعوجّة التي تبثها هذه الطائفة في الأمة نتيجة جهلها بالدين وسوء فهمها له. فهي حرب بالقلم واللسان، ثم بالسيف والسنان. وقد بشر النبي صلى الله علي وسلم أمته بالثواب العظيم لمن قاتلهم أو قتلوه، فقال صلى الله عليه وسلم: (شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، وَخَيْرُ قَتْلَى مَنْ قَتَلُوا) [رواه ابن ماجه].

بل حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من أن تأخذها في هؤلاء رقة أو رأفة، فقال صلى الله عليه وسلم: (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) [رواه البخاري ومسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم عنهم: (كِلاَبُ أَهْلِ النَّارِ) [رواه ابن ماجه]. وقال صلى الله عليه وسلم: (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ) [رواه أبو داود، ورواه مسلم في صحيحه بلفظ: “هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ” أَوْ “مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ”].

فالجهاد ضدّ هؤلاء الأشرار جارٍ ولاسيما في بلاد الأفغان، وأي شرف أفضل وأرفع لهم من أن يقتلوا مَنْ بشّرهم النّبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم وإبادتهم، فالمجاهدون قد شمّروا الآن عن ساق الجدّ لقتلهم وإبادتهم وقد وفقهم الله سبحانه وتعالى حتى اللحظة، وسيوفقهم لا محالة إن شاء الله في قادم الأيام.