جهاد الشعب الأفغاني ضد الفساد (الحلقة الثانية)

الفساد حضارة عالمية، ومنظومة استعمارية للحكم

 

أ. مصطفى حامد – أبو الوليد المصري

 

تمّ بناء دولة الفساد في أفغانستان على مرحلتين:

أولا: مرحلة تأسيس الفساد المنظم (2004 ــ 2014).

ثانيا: مرحلة الانطلاق العظيم للفساد (2014ـ 2021) واستمرّت طول حكم أشرف غني ولها مميزات غير عادية.

♦ أراد الأمريكان صرف الشعب عن حمل السلاح ضد جيوشهم المحتلة، وأن يتحول الناس إلى النضال السلمي -تحت إشرافهم- ضد النظام الفاسد عبر الانتخابات والمحاكم ووسائل التواصل الاجتماعي.

قتل الغيرة على المرأة هو المدخل الأساسي لسيطرة اليهود على أي مجتمع.

اليهود: إفساد المرأة من خلال إمرأة. أو إفساد نساء الشعب من خلال زوجة الرئيس.

♦ “رولا” هي الرائدة الأكبر للحركة النسائية في أفغانستان. وهي وثيقة الصلة بالموساد الإسرائيلي والمخابرات الأمريكية.

♦ معلومات أفادت أن قاعدة باجرام الجوية كانت تحتوي على أكبر معامل الهروين والمخدرات المستحدثة.

♦ يعتقد أن قاعدة باجرام ضمت في ترسانتها صواريخ نووية يمكنها تهديد روسيا والصين وإيران.

♦ هناك دور بارز لأعضاء البرلمان، كسماسرة لتمرير العمولات من التجار المترددين على المنافذ وبين الموظفين الكبار.

♦ في ظل الاحتلال و”رولا غني”، كانت المرأة تلاقي أسوأ معاملة في السفارات بالرشاوي والتحرش. وكانت الرشاوي الجنسية تُطلَب من النساء. والمعاملات الهامة لا يمكن إتمامها بدون أن تدفع المرأة الأتعاب كاملة.

♦ تحرير المرأة بهذا الشكل لا يتفق مع الدين ولا الفطرة الإنسانية السليمة. ولا ينادي بذلك غير المنحرفين ومشايخ الماسونية.

 

 

أسست الولايات المتحدة دولة للفساد في أفغانستان، كانت هي الأسوأ في العالم. وقد استغرق بناؤها عشرون عامًا، حكم البلاد خلالها رئيسان هما: حامد كرازاي (2001 ـ 2014). ثم أشرف غني (2014ـ 2021).

بدأ الأمريكيون حكمهم لأفغانستان بحملة علاقات دولية واسعة، تلبّسوا فيها شخصية الرجل المجنون المستعد لأن يرتكب أي جريمة كبرى، كونه طُعِن في كرامته بأحداث الحادي عشر من سبتمبر. ورفع الرئيس الأمريكي جورج بوش شعاره الشهير: (من ليس معي فهو ضدي).

تصرفاته العنيدة وشخصيته الحمقاء، وملامح التخلف العقلي التي تكسو وجهه، أعطت مصداقية لتهديداته المجنونة، وأنه سيدخل في حرب ضد من يعارض غزوه لأفغانستان. فانصاع العالم أجمع لجنون البقر الأمريكي.

وخلال مؤتمرات دولية وحملات علاقات عامة، حصلت أمريكا على موافقة دول العالم على موقفها من الحرب على أفغانستان، رغم أنها دخلت الحرب بدون تفويض من الأمم المتحدة. سَوَّقَت أمريكا أكاذيبها بشأن عميلها حامد كرزاي كمحرر لبلاده أفغانستان وأنّ الولايات المتحدة قد جاءت لمساعدته، وأدخلته إلى مسقط رأسه بالمروحيات. وتم تنصيبه رئيسًا بإجماع عالمي. وتسابقت الدول (المانحة) للتبرع للنظام الجديد بمليارات الدولارات لبناء وإعمار أفغانستان.

لم يصل من تلك الأموال الموعودة سوى القليل. كما لم تشاهد أفغانستان أي إعمار سوى قصف الطائرات وغارات القوات المحمولة، وإنشاء دولة جديدة في أفغانستان قائمة على الفساد في الداخل والفساد في علاقاتها الخارجية، حتى اشتهر النظام الجديد بأنه من الأكثر (أو حتى الأكثر) فساداً في العالم.

 

السنوات الخادعة (2001 ــ 2005):

السنوات (2001ـ 2005) يمكن تسميتها (بالسنوات الخادعة). وكان المستهدف الأول بالخداع هو شعب أفغانستان، ثم ما يسمّونه بالمجتمع الدولي. كانت تلك السنوات مليئة بوعود الرفاهية والرخاء التي ستصيب كل أفغاني في عهد الاحتلال، بمشاريع هائلة لا نظير لها في تاريخ أفغانستان. وكان ذلك بهدف تشجيع الدول الخارجية على التبرع لصالح النظام الجديد. ومن جهة أخرى تهدئة روع الشعب الأفغاني وإقناعه بعدم رفع السلاح ضد الاحتلال. خاصة وأن كل الأحزاب الأفغانية من كافة الاتجاهات، بما فيها أحزاب المجاهدين السابقين، قد انضوت تحت سقف الاحتلال لتشاركه اللعبة الجديدة، على أمل أن يكونوا من المستفيدين والرابحين بلا قتال. فلم يتبق في المعارضة سوى الإمارة الإسلامية فقط.

كانت أمريكا سخية في تقديم الرشاوى الاقتصادية لعدد من الدول على حساب الشعب الأفغاني وثروته، من خلال منحها مشاريع ضخمة بمزايا خيالية. كانت الصين في مقدمة المستفيدين من ذلك الكرم الأمريكي الكاذب، تلتها الهند وعدد من الدول الأوربية. وفازت إيران بمجرد السماح لها بالتعامل مع النّظام الجديد بعد أن كانت في حالة أقرب إلى الصراع المسلح مع نظام الإمارة الإسلامية.

وكانت إيران قد أوفت بمعظم ما وعدت به في مؤتمرات الدول المانحة. ومع ذلك جاءت في ذيل قائمة المستفيدين من نظام الاحتلال الذي أبدت معه تعاطفًا ورغبة في التعاون عند بدايته الأولى. كانت إيران ومعها الصين من أكبر ضحايا الخداع الأمريكي في تلك السنوات الخادعة (2001 ــ 2005).

خلال فترة الخداع المذكورة (2001ـ 2005) تمكنت الولايات المتحدة من إعادة الانتعاش لزراعة الأفيون، التي أوقفتها الإمارة الإسلامية في آخر عام لحكمها. وهيأت بنية تحتية لتصنيع الهيروين، خاصة في قاعدة باجرام الجوية في شمال كابل. ورتّبت خطوط النقل الجوي إلى العالم بالطائرات الحربية، إلى جانب خطوط النقل البرية والبحرية الأخرى.

صناعة المخدرات هي الجانب الذي ظلّ ثابتًا طوال عهد الاحتلال رغم أنّه تمّ تشييده في بداية مرحلة الخداع. فجميع ما تمّ بناؤه في تلك المرحلة المخادعة قد ألغي أو استبدل. وجميع الدول التي أخذت الامتيازات، خاصة الصين، فقدتها فيما بعد. وتبقى للصين فقط عقد بناء ميناء (جوادر) على بحر العرب في باكستان، لصالح قوات الغزو الأمريكية. وهو قريب من الحدود الأفغانية الجنوبية.

 

تم بناء دولة الفساد في أفغانستان على مرحلتين:

أولا: مرحلة تأسيس الفساد المنظم (2004 ــ 2014) وبدأت تلك المرحلة في عام (2004) تقريبا في عهد كرزاي. واستنفذت أغراضها في عام (2014) حيث استبعد كرزاي من الحكم (بانتخابات ديمقراطية أشرف عليها الاحتلال الأمريكي عام 2014).

ثانيًا: مرحلة الانطلاق العظيم للفساد (2014ـ 2021) واستمرّت طول حكم أشرف غني ولها مميزات غير عادية سنتكلم عنها.

قبل الحديث عن مرحلة الانطلاق العظيم للفساد نذكر أهم النتائج الاستراتيجية التي أسفرت عنها مرحلة حامد كرزاي لتأسيس (الفساد المنظم).

 

تلك الإنجازات هي:

1 ـ إقامة علاقات أوثق بين الدولة الأفغانية وإسرائيل في كافة المجالات. بدأت بالاقتصاد وتدرّجت إلى تعاون شامل ظهر بقوة في العصر الثاني للفساد (عصر الانطلاق العظيم).

كان لإسرائيل انخراطاً عضوياً في عملية الغزو من خلال الأجهزة المسلحة الأمريكية، أي الجيش والمخابرات الأمريكية.

2 ـ في مرحلة التأسيس بدأت مظاهر الفساد تنتشر على سطح الحياة في أفغانستان، ويقابلها المواطن في أي تعامل حكومي. ويقابلها التجار في حركتهم التجارية ومعاملاتهم المالية وفي الصفقات التجارية.

 

إفساد الدولة.. لتحويل مسيرة الجهاد بعيدًا عن الاحتلال:

بدأ التحوّل الأهم في تاريخ مكافحة الأمريكان للجهاد في أفغانستان، بأن تجعل الشعب الأفغاني يتحول إلى الصدام مع ظاهرة الفساد ويعتبرها الأكثر أهمية من مواجهة الاحتلال الأمريكي. وكان الأمريكان يهدفون إلى صرف الشعب عن حمل السلاح ضد جيوشهم المحتلة. ويتحول الناس إلى النضال السلمي -تحت إشرافهم- ضد النظام الفاسد عبر الانتخابات والمحاكم ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

إنطلاقة الفساد الكبرى: عصر”رولا” وزوجها “غني”:

– البطل الحقيقي لتلك المرحلة هو السيدة “رولا” زوجة الرئيس “أشرف غني”. وهي مسيحية مارونية من لبنان. أظهرت في أفغانستان تعاوناً غير عادي مع إسرائيل وبرامجها، سواء في الاقتصاد أو التبشير، أو إفساد الأخلاق، عبر برامج تحرير وتمكين المرأة. والأكثر دقة هو تعريف ذلك العصر باسم (عصر رولا وزوجها غني) لأن تلك السيدة هي المحرك والدافع الأكثر قوة ونشاطاً في برامج إفساد أفغانستان وتخريبها.

 

 فساد لا يمكن إصلاحه: 3 أهداف يهودية للإفساد العظيم

وهنا نذكر قاعدة هامة جدًا وأساسية لعمل إسرائيل وأمريكا في (عصر رولا وزوجها غني) وهو أن الهدف الأساسي من تلك المرحلة هو إفساد وتخريب أفغانستان إلى درجة يستحيل إصلاحها فيما بعد. كما فعلت إسرائيل بنجاح في عدة دول عربية كبرى وحيوية من السهل التعرف عليها.

الهدف الثاني: إقناع الشعب بأن معركته الأساسية ليست مع الاحتلال الأجنبي بل مع الفساد الداخلي الذي يديره النّظام الحاكم بمعاونة شبكة شيطانية تغطي الدولة كلها.

الهدف الثالث: تخريب الاقتصاد الأفغاني ومنع قيام أي اقتصاد حقيقي في ذلك البلد وإبقائه تحت مستوى خط الفقر ومنع قيام الصناعة، وإبقاء الزراعة ضعيفة ومتخلفة، وتخريب البيئة، وتقليص مصادر المياه وحرمان أفغانستان منها.

الهدف الرابع: إبقاء الاحتلال اليهودي الأمريكي في أفغانستان إلى الأبد. ولتحقيق ذلك هناك طريق واحد يمر بعدد من المحطات.

 

معالم في الطريق لدوام الاحتلال الأمريكي اليهودي لأفغانستان:

الفصل بين الشعب والإسلام (إبقاء الشعائر والشعارات الإسلامية وإلغاء الشريعة تماماً واستبعادها). فلا يصل الإسلام إلى الحكم أو السلطة السياسية أو مجالات الاقتصاد والثقافة والعلوم. (أي الإبقاء على إسلام يخدم أمريكا وإسرائيل فقط ولا يخدم المسلمين). وذلك شائع في عدد من الدول العربية والإسلامية.

2 ـ القضاء على فضيلة الغيرة لدى الأفغان. وتبدأ بالقضاء على غيرة الرجل على المرأة. المدخل إلى ذلك إدخال المرأة إلى سوق العمل الخارج عن سيطرة الإسلام، وإقحام المرأة في الحياة الاجتماعية التي ينخرها الفساد. وترك المرأة تتعامل مباشرة مع المجتمع الفاسد والنظام الفاسد، وهي محرومة من حماية الزوج أو العائلة أو القبيلة أو الإمارة.

فإذا تلاشت الغيرة على المرأة؛ تلاشت الغيرة على الدين والمقدسات والأوطان والشرف وجميع المثل العليا. فكان الاستهتار بكل شيء، والسلبية والأنانية والخلافات الداخلية على كل أساس ممكن، من دين ومذهب وعرق، أو حتى خلافات أمزجة وتعصبات رياضية كروية.

النتيجة النهائية: قتل الغيرة على المرأة هو المدخل الأول والأساسي لسيطرة اليهود على أي مجتمع.

والقضاء على مثله العليا واستبعاد الدين عن تأثيره الاجتماعي، وإبقائه في دائرة الضمير المخفي الذى لا يشهد على وجوده الفعلي شيء.

 

 اليهود: إفساد المرأة من خلال امرأة أو إفساد نساء الشعب من خلال زوجة الرئيس:

تلك النتيجة الهامة والقاعدة اليهودية الشهيرة الراسخة جعلت التعامل اليهود مع “رولا” هو دستور عملهم في أفغانستان لفرض سيطرتهم عليها وطرد الإسلام منها. فكان ذلك عصر “رولا”ــ السيدة الأولى!! ــ وليس عصر زوجها رئيس الجمهورية “أشرف غني”. أي أن إسرائيل دخلت مجال الإفساد العظيم للمرأة في أفغانستان من خلال امرأة، هي زوجة رئيس الجمهورية.

من أهم مميزات “رولا” هو حماسها الفائق للعمل ضد الإسلام. وكان واضحًا في ذهنها أنّ الخطوة الأساسية لتخريب المرأة هو سحبها خارج مظلة الحماية الاجتماعية التي يوفرها المجتمع المسلم في أفغانستان للمرأة، والمتمثلة في حماية الرجل والأسرة والقبيلة. سعى اليهود إلى تحويل المرأة إلى عنصر متمرد على الإسلام والمجتمع والأسرة في آن واحد. متهمات المجتمع بأنه مجتمع ذكوري ـ حسب تلقينات منظمات الماسونية ــ مفضلات المجتمع الغربي المخنث على مجتمعهم الرجولي المسلم الذي يقارع العالم كله دفاعا عن دينه ومبادئه. وكان ذلك واضحاً في مظاهرات النساء في كابل غيرها.

 

دعم يهودي هائل للإفساد النسائي:

ورغم ضئالة تلك الفئة النسائية من ناحية العدد والتأثير، إلا أن التركيز الإعلامي الغربي عليهن كان هائلاً. وكل الماكينة الدعائية والمالية لليهود كانت في خدمة ثورتهم في أفغانستان. بل أنهم دعموا تلك الثورة النسائية بمجموعات إرهابية مسلحة شكلت لهم درعاً من النيران والرهبة. وارتكبوا في سبيل ذلك الكثير من جرائم القتل والتخريب. أي أن الثورة النسائية الدائرة ليست ثورة مخملية بل دموية وإرهابية في وجهها الآخر المخفي عن الرأي العام، بفعل التواطؤ الإعلامي الدولي اليهودي.

 

“رولا” رائدة نسائية من الطراز اليهودي الأول:

يمكن اعتبار “رولا” هي الرائدة الأكبر للحركة النسائية في أفغانستان. وأحد أهم الرائدات التاريخيات للحركة التحررية للنساء المتمكنات. وهي وثيقة الصلة بالموساد الإسرائيلي تحديداً، وبالمخابرات الأمريكية أيضا.

ومن المرجح أن لها دور بارز في بناء الشبكات النسائية التي أسسها الاحتلال لتمارس مجموعة من النشاطات التخريبية أساسها (صناعة الدعارة المنظمة) والتجسس علي الشعب، وأعمال إجرامية شتى بالتعاون مع الجماعات الإرهابية والجيش السري الذي جهزه الاحتلال الأمريكي، ودعمه بالطائرات المسيرة وأساسيات أخرى.

ونجحت “رولا” والإسرائيليين في خلق كيان موحد يجمع شبكات تحرير المرأة وصناعة الدعارة المنظمة متحدين مع العمل الإرهابي في أفغانستان بشقيه الداعشي والجيش السري.

ما كان يميز “رولا” هو جرأتها النادرة في اقتحام مجالات الإفساد، والمضي فيها قدما بكل جرأة، بصفتها النسوية، وصفتها السياسية، كرئيس فعلي لأفغانستان إلى جانب الرئيس الرسمي زوجها أشرف غني، الذي كان يعيش في ظلها محتميا بقوة علاقتها مع إسرائيل.

أشرف غني حقق بجهوده إنجازات هامة في عملية انطلاق الفساد في أفغانستان. وسنذكر إنجازاته بشكل منفصل.

كان لابد له أيضا أن يتعاون مع اليهود أصدقاء “رولا” حيث أن إنجازاته الكبرى تتعلق بالسيطرة على البنوك والحركة المصرفية في البلاد. ولكن ما فعلته “رولا” في مجال إفساد المرأة لا يمكن مقارنته بأي إنجاز إفسادي آخر في عصر الانطلاق العظيم للفساد.

كما خاضت “رولا” في مجال التنصير وبناء الكنائس. وتميز ذلك النشاط بأن معظمه كان سريا والقليل منه كان يشاهد من خلال بعثات تبشيرية قادمة من بلدان لم يتوقعها أحد، مثل كوريا الجنوبية. وكان جزء كبير من تلك الحركة ينتشر من خلال المدارس والجامعات، مع تركيز خاص على النساء والفتيات. وارتبط التبشير بتوزيع الأموال استغلالا للفقر المدقع. كما ارتبط بحفلات الترفيه الإفسادي التي دارت في الأحياء والمناطق الخاصة.

وعندما وجهت الإمارة الإسلامية بعض الضربات لمراكز تبشيرية تحصنت بمدارس الفتيات، قامت الدنيا ضدهم ولم تقعد. وشنع اليهود عليهم بأنهم ضد تعليم الفتيات. وخرجت فتاوى إسلامية تقول بأن الإسلام لا يعارض تعليم المرأة. وكأن التعليم النسوي والتبشير شيئان متلازمان.

كما جعلوا (توظيف النساء المتمكنات) متلازماً مع انتشار صناعة الدعارة المنظمة. وعندما تعرَّض طالبان لذلك الانحراف الأخلاقي، تصدى العالم اليهودي لهم. وقال المحور الصهيوني أن طالبان تمنع “توظيف النساء”.

مجال النشاط النسوي المنحرف، وجد بيئة راعية في مكاتب الهيئات والشركات الدولية العاملة في أفغانستان. حيث أوكار للمافيات النسائية يديرها الاحتلال. وعندما قررت الإمارة الإسلامية منع النساء من التوظيف فيها، خرجت الهيئات الماسونية والتبشيرية لتهاجم ذلك القرار. وكأن تلك الجهات الكافرة هي الناطق الرسمي باسم الإسلام الصحيح الذي اخترعته أمريكا للمسلمين.

 

إنجازات أشرف غني في دنيا الفساد

منحت أمريكا وإسرائيل جوائز كبرى لأشرف غني وزوجته “رولا” لقاء خدماتهما في عالم الفساد. من أهم تلك الجوائز كان تمكين أشرف غني وزوجته من السيطرة على بنك الدولة والنظام المصرفي في البلاد، بعد عدة سنوات من الصراع لانتزاع تلك الفريسة الكبرى من بين أنياب الرئيس السابق حامد كرزاي وشقيقة الذي كان مسيطراً على البنك، والذى أطلَق عليه الوسط المالي في أفغانستان لقب (الحوت الجائع أبدا). لأن يده طالت كل شيء، واقتسم الأموال مع جميع المتعاملين. وكوَّن ثروة تفوق الحصر من غسيل الأموال. وهي عمليات نسبة الربح فيها تزيد أحيانا عن ربح تهريب المخدرات.

في عمليات غسيل الأموال استخدمت الأموال القادمة إلى أفغانستان كمعونات، سواء من هيئات دولية أو الولايات المتحدة. وكان يتحتم إيداعها في بنك الدولة التي يتحكم فيه كرزاي وشقيقه.

الأموال الملوثة والقذرة، الناتجة عن تهريب المخدرات أو أي أعمال غير قانونية، كانت تشحن إلى كابل بالطائرات من حول العالم، ثم تستبدل من البنك بأموال نظيفة. بنسبة ربح للبنك قد تصل إلى 50% من الأموال المغسولة. وإذا لم تتوفر الأموال النظيفة كان أصحاب الأموال القذرة يحصلون في مقابلها على أراضي، الكثير منها مغتصب بالقوة من الأهالي. أو أنها ملكية عامة للدولة الأفغانية. وبهذه الطريقة ضاعت آلاف الأفدنة من أراضي الدولة لصالح المهربين الدوليين والمحليين.

من هدايا الاحتلال الأمريكي لنظام الفساد التي أدارته “رولا” وزوجها “غني” كان منحهم حق مصادرة إيرادات المنافذ الحدودية والمطارات (حصل غني لنفسه على عائدات مطار كابل)، وتوزع حق السيطرة على المنافذ على أقوى رجال النظام، بمن فيهم جنرالات الجيش والمخابرات وقادة مليشيات، مثل: (عبد الرشيد دستم وعطا محمد نور) من قادة الشمال، وقد استوليا ورجالهما على عائدات مطار مزار شريف والمنافذ الحدودية مع طاجيكستان وأوزبكستان.

أما في قندهار فقد استولى على عائدات المطار والمنفذ البري في ” سبين بولدك” قائد المليشيات عبد الرزاق ورجاله (قبل أن يغتاله المجاهدون).

منح الاحتلال الأمريكي نسبة من تهريب المخدرات لكبار رجال الدولة والجيش والأمن. وتعززت بذلك قوة دولة الفساد في أفغانستان.

في عصر الانطلاق العظيم للفساد بقيادة “رولا” وزوجها “غني” توسع الاحتلال واليهود في عمليات الاستخراج السرى للمعادن النادرة وفي إجراء التجارب البيولوجية على الإنسان والنبات.

وفي عصر الانطلاق العظيم للفساد، تحولت قاعدة باجرام الجوية في شمال كابل إلى دولة داخل الدولة. وأقيمت منشآت فوق الأرض وأخرى تحت الأرض (تم تدميرها بالكامل وبكل عناية قبل الانسحاب). وتم تغطية باجرام بمنظومة دفاع جوي متطورة لجميع الارتفاعات، ضمن (قبة حديدية متينة للغاية).

بعض المعلومات أفادت أن قاعدة باجرام الجوية كانت تحتوي على أكبر معامل الهرويين والمخدرات المستحدثة الأخرى. وفي باجرام تطورت مادة الهيرويين بفعل أبحاث علمية حتى تحولت إلى بلورات بنسبة نقاء 100%. وتم اختراع العديد من المواد المخدرة العضوية والكيماوية. ويعتقد أن باجرام ضمت في ترسانتها صواريخ نووية يمكنها تهديد روسيا والصين وإيران.

 

رولا = رشوة

في عهد رولا غني كانت الرشوة أشهر مظاهر الفساد في أفغانستان. فمن الصعب جداً على المواطن العادي أن يقضي يوما كاملا بدون أن يتعرض لموقف واحد على الأقل يلزمه بدفع الرشوة لأحد موظفي الحكومة حتى لو كان شرطي مرور أو مخبر سري يجوب الأسواق.

العمولة هي توأم الرشوة ولكنها متعلقة في الغالب بفئة التجار، بعكس الرشوة التي لا ينجو منها أحد سواء كان تاجرا أو متسولا يبحث عن موقع مميز يمارس فيه مهنته في أحد الأحياء أو الطرق.

يمكن كتابة موسوعة كاملة عن موضوع الرشوة في عهد (رولا وزوجها غني). وهو العصر الذي اصطلحنا على تسميته بعصر الانطلاق العظيم للفساد في أفغانستان. سنتكلم عن توظيف الخريجين كميدان مثالي يوضح قضية الرشوة والعمولة في آن واحد. كما سنتكلم عن السفارات الأفغانية في الخارج كميدان هام لممارسة نشاط الرشوة والعمولات من خلال السلك الدبلوماسي للجمهورية الأفغانية. أو ما يمكن تسميته مافيا العمل الدبلوماسي في عهد الاحتلال الأمريكي، وتحديداً في عهد رولا زوجة غني. سنشير باختصار إلى الرشاوي والعمولات في المنافذ البرية التي تربط أفغانستان بدول الجوار. والدور البارز لنواب الشعب أعضاء البرلمان، كسماسرة لتمرير العمولات من التجار المترددين على المنافذ وبين الموظفين الكبار الذين يتحكمون في قرار إدخال البضائع إلى البلد. يمكن تسميه ذلك بفساد مؤسسة التشريع، رغم أن أعضاء البرلمان قد مارس العديد منهم أكثر من نوع من الفساد، حتى ما يتعلق بتجارة المخدرات. ونظرا للديمقراطية التي أحضرها الاحتلال إلى أفغانستان، فإن الرجال والنساء كان أمامهم فرص متساوية لممارسة جميع أفرع الفساد.

 

للفساد قصص نموذجية:

نورد الآن قصة تعتبر نموذجاً للفساد في تلك المرحلة، التي تمتزج فيها الرشوة بالعمولة. ويرتبط فيها الفساد المحلي بالفساد الدولي الذي استوطن أفغانستان. فيظهران متكاملان في دور تخريبي واحد.

إنها قصة شاب أنهى تعليمه الجامعي، ويتقن اللغة الإنجليزية التي هي سلاحه الأساسي للعيش المرفه في جمهورية الاحتلال في أفغانستان، أو في أي دولة غربية تفتح أمامه مجالات الحياة الحر بلا قيود اجتماعية أو دينية.

حاول الشاب العثور على وظيفة محترمة في أحد المؤسسات الدولية تَعْرِض راتبا شهريا خياليا. ولم تشفع له المؤهلات الجامعية ولا اتقانه اللغة الإنجليزية. وتحطمت قواه من التجوال واليأس. فأشار عليه أحد الخبراء بالتوجه إلى موظف كبير في أحد الدوائر الحكومية، يمتلك اتصالات خاصة مع الهيئات الأجنبية، بحيث يمكنه تدبير وظيفة جيدة له.

سار الشاب في ذلك الطريق. وبعد مناقشات مع الموظف الوسيط تقدم إلى وظيفة في الهيئة الدولية وفاز فيها على الفور. وظن أن الأمر انتهى عند هذا الحد.

وفي بداية الشهر التالي استلم راتبه، وتوجه سعيدا إلى بيته، ولكنه تلقى اتصالا هاتفيا نغَّص فرحته. إنه الوسيط الذي مَكَّنَة من العمل، يسأله مستنكراً: “أين المعلوم؟؟ لم أستلم منك شيء حتى الآن وهذا مخالف للاتفاق”.

ظن الشاب أنه يستطيع تجاهل ذلك الاتفاق الذي يقضي بتسليم نصف مرتب الشهر الأول لذلك الموظف السمسار. وبعد ذلك يحول إلى حسابه ثلث المرتب في أول كل شهر. الشاب الطموح ظن أنه بعد الحصول على الوظيفة يمكنه تجاهل السمسار.

ولكنه تلقى صدمة قاصمة بعد عدة أيام، إذ منعه رجال أمن المؤسسة التي يعمل فيها من دخول مكتبه، لأن بطاقة عمله قد ألغيت وعليه مغادرة المكان فوراً وبهدوء.

بعد استشارته للأصدقاء، علم أنه لابد من يسوي الموقف مع الموظف السمسار. وبعد مساومات جديدة معه وصلت نسبة العمولة إلى أكثر من الثلث. وأعيد الشاب إلى وظيفته معززاً مكرماً، ودام فيها ما دام الاحتلال.

الاستنتاج الذي لا يحتاج إلى ذكاء كثير هو أن السمسار مرتبط تمامًا مع المؤسسة الدولية، بل يكاد يكون موظفاً لديها أو فرعاً أفغانيا للفساد الدولي. وتلك هي الحقيقة الكبرى التي ذكرنا أن الاحتلال يحاول تغطيتها، وأن الفساد المحلي هو قطعة من الفساد الدولي المهيمن على البلد. وفي ظل الفساد المحلي وانشغال الشعب في مقاومته؛ يعيش الاحتلال أمناً بعيدًا عن المقاومة الشعبية، ويتوقف الجهاد ضده.

النتيجة الثانية هي أن هذا الموقف إذا تعرضت له فتاة، فإنها سَتُطالَب بدفع إتاوات نسائية تمس شرفها وكرامتها. لأجل هذا يصر الاحتلال والفاسدون من كل نوع بما فيهم (مشايخ الماسونية) على رفع عقيرتهم بأن الإسلام لا يعارض عمل المرأة أو تعليمها. متجاهلين حقيقة الموقف، لأنهم يفتون من أجل الدولار وليس لأجل الدين. فقد منعت الإمارة الإسلامية النساء من التوظيف في الهيئات الدولية والشركات العالمية، لأن الأمر لا يتعلق بعمل المرأة بل بدينها وشرفها.

 

رشاوى متأخرة!!.. ادفع.. وإلا!!

وتلك قصة أخرى مشابهة للسابقة وتفيد دروسها بأن دوائر الفساد مترابطة في الداخل وأن أي مواطن أو تاجر يريد عبور الحدود (أو المطارات) لابد أن يدفع العمولة المفروضة مع رشاوى متناثرة هنا وهناك. وإذا حاول التهرب من أحد نقاط الدفع فإنه سيقع في قبضة خط دفاع تالي، وسوف يدفع الغرامة مضافا إليها رسوم تأخير.

مثل ذلك التاجر الذي أراد أن يُدْخِل مجموعة حاويات من دولة مجاورة. وعند نقطة العبور الأفغانية اُحتَجَز رجال الجمارك بضاعته وأخبروه أن عليه أن يسدد مستحقات متأخرة. وأعطوه اسم أحد أعضاء البرلمان كي يراجع معه المشكلة، ويدفع له المستحقات المتأخرة.

مكثت بضائع التاجر في المنفذ الحدودي عدة أسابيع حتى دبر قرضاً يدفعه كرشوة للنائب البرلماني، الذي سيمررها، مخصوما منها عمولته، إلى الجهات الأعلى منه، والتي تمتلك قرار الإفراج عن البضائع المحتجزة.

تمت العملية بسلام، والتاجر حفظ الدرس وأدرك أنه لا مهرب من دفع العمولات، وأن سلسلة الفساد الموجودة عند المعبر الحدودي تمتد إلى قاعة البرلمان وإلى سياسيين كبار وجنرالات جيش وأمراء حرب.

وليس هناك مخلوق في أفغانستان يمكنه النفاذ من تلك المنظومة الجهنمية.

 

الفساد الدبلوماسي (فساد وزارة الخارجية، والسفارات):

لا يتصور أحد مدى الفساد الذي غرقت فيه السفارات الأفغانية في عهد الاحتلال، خاصة مرحلة “رولا” زوجة الرئيس “غني”، المرأة التي تحولت إلى رمز لمرحلة (الانطلاق العظيم للفساد) في أفغانستان.

العمل الخارجي في السفارات هو أحد الأحلام الكبرى للشباب خريجي الجامعات، نظراً لما يوفره من فرص للإثراء وانفتاح مجالات أوسع للفساد في العالم الخارجي. فنشاط الدبلوماسيين الأفغان لا يقتصر على مقار السفارات، بل يمتد إلى الشوارع لمطاردة النساء، والقيام بمغامرات في الملاهي الليلية والأماكن سيئة السمعة.

 

سفارات قطاع خاص

الكثير من المعاملات كان يجريها موظفي السفارات بشكل شخصي خارج خطوط العمل الدبلوماسي. فأقاموا لأنفسهم مسالك فساد خاصة تمتد من السفارة إلى مقر وزارة الخارجية في كابل.

وعموما لم تكن تجري أي معاملة في أي سفارة أفغانية بدون دفع رشاوي محددة. وفي ظل الاحتلال وحكومة رولا غني رائدة حقوق المرأة في أفغانستان، كانت المرأة تلاقي أسوأ معاملة في السفارات بالرشاوي والتحرش. وكانت الرشاوي الجنسية تُطلَب من النساء المراجعات بإلحاح. والمعاملات الهامة لا يمكن إتمامها بدون أن تدفع المرأة الأتعاب كاملة.

الموظف كان يرسل المعاملات بالبريد إلى صديق له في وزارة الخارجية ليستكمل الأوراق بشكل قانوني، ثم يعيدها بالبريد أيضا. مقابل تسعيرة محددة لكل معاملة.

وجواز السفر الأفغاني تحول إلى سلعة للبيع. فيمكن الحصول على جواز قانوني ومسجل رسميا بمبلغ يتغير من دولة إلى أخرى. فيباع في أوربا بمبلغ 700 يورو، ويباع في إيران بمبلغ 1500 يورو.

 

الفاتورة النهائية للفساد.. من يدفعها؟؟

بالطبع يدفعها المواطن العادي الذي هو الضحية النهائية لمنظومة الفساد التي تبدأ من الاحتلال، إلى رأس الدولة، ثم الدوائر الحكومية، وفي الأخير المواطن العادي الذي يدفع كافة التكاليف.

والشاب الذي يقبل وظيفة بالرشوة، ويدفع الإتاوة المنظمة عن كل راتب يستلمه يندفع كالوحش الجريح في ميادين الفساد ليستخلص المال الذي خسره من جيوب الناس الذين يتعامل معهم بحكم وظيفته.

والتاجر الذي يدفع الرشوة في المنافذ الحدودية والمطارات، يأخذ بضاعته إلى السوق بنفسية المنتقم الذي يمتص دماء المستهلكين تعويضًا لما دفعه لمنظومة الفساد التي امتصت دمه. وتكون المرأة هي الضحية الأولى لذل الفساد في جميع أماكنه، حيث التحرش بالمرأة عملا رسميا في الدوائر الحكومية. وهذا يجعل شعارات تحرير المرأة وتمكينها وفتح أبواب التعليم والتوظيف هي شعارات لخدمة الفساد ولتثبت أركانه وليس لخدمة المرأة التي هي الضحية الأولى لذلك الفساد.

الهدف من تعدد الفساد إلى اجتماعي وسياسي واقتصادي، وجعله حقيقة اجتماعية عظمى؛ هو تحطيم العزة الأفغانية والحط من كرامة الإنسان الأفغاني ودينه سواء كان رجلا أو امرأة. وأن يصبح الأفغان (مثل شعوب أخرى) فيقبلون بالإذلال والاحتلال ويتخلون عن الأوطان والغيرة والدين. تلك الأمراض التي ابتلي بها العالم إسلامي في عصره الحديث.

ولأجل كسر خصوصية الأفغان ورجولتهم، يضغطون على الإمارة الإسلامية حتى يقبلوا بها في (الأسرة الدولية). بشرط أن تقبل بمشاركة الفاسدين في شغل المناصب الهامة، وتطلق سراح المرأة كفريسة في قفص الفساد الدولي، بداية من التعليم وصولاً إلى التوظيف ثم شغل مناصب عليا وقيادية في سلسلة الفساد نفسها. تحرير المرأة بهذا الشكل لا يتفق مع الدين ولا الفطرة الإنسانية السليمة. ولا ينادي بذلك غير المنحرفين ومشايخ الماسونية.