
شبكةُ الحديد لفعت عمليةَ “الخنجر” واصطادت قراصنةً صليبية في هلمند
نعلم جميعا أنه قامت ما يقارب عشرة آلاف جندي من قوات الاحتلال الأمريكية والناتو – يشايعهم جنود إدارة كرزاي العميلة- بعملية واسعة النطاق في ولاية هلمند بهدف القضاء على المجاهدين (لا سمح الله)، واجتياح المناطق التي تسيطرعليها إمارة أفغانستان الإسلامية في تلك الولاية؛ وذلك في بداية الشهرالجاري 2 يوليو 2009م.
والعملية هذه -والتي قامت بتغطية أنبائها وسائل الإعلام الأجنبية بكثافتها- تعتبر أكبرعملية اعتدائية تنفذها القوات الأمريكية ضد معارضيها بعد معركة “فيتنام” كما تعد أكبر عملية قتالية تقوم بها القوات البريطانية بعد حرب جزر “فوكلاند” ضد الأرجنتين عام 1982.
فلو لاحظنا بالدقة والإمعان معطيات تلك العملية، وآثارها على أرض الواقع، وماجرى لأبطالها من الأمريكان والبريطانيين من القتل والذعر – لاستبان أنهم مُنوا بالإخفاق والفشل، وتكبدوا خسائر جسيمة لم تكن في حسبانها قط، ولم يتوقعوا بل ولم يكونوا مستعدين لمثلها أبدا.
فإن سألهم سائل: ماذا حققتم من الانتصارات ضد المجاهدين، وإلى أي مدى تمكنتم من تحريرالمناطق -على حد تعبير المحتل- الخاضعة لسيطرة المجاهدين. فإن صدقوا فالجواب بلا شك: خسرنا وخسرنا. لأنهم خسروا تلك المعركة ولم ينالوا خيرا، ولم يحصلوا شيئا؛ رغم أنهم صرفوا في سبيلها أموالا باهظة، وحشدوا لها جيشا مدججا بالأسلحة الفتاكة على مستوى العالم، وجهزوا لأجلها الكثير والكثير من الإمكانيات العسكرية والمادية والإعلامية.
وقد اعترف كثير من القادة العسكريين والساسة الغربيين بفشل هذه العملية ورسوبها، كما اعترفوا بقدرة المجاهدين على تسيير المعركة، وعلو معنوياتهم، وتفوق قوتهم على قوة المعتدين ماديا وعسكريا.
فهذا روبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكي في أول تصريح له عن نتائج عملية خنجر يعترف بهزيمة جنوده أمام قوة المجاهدين، ويقول: إن “طالبان لن يُهزَموا، ولا يبدو أننا حققنا أي تقدمٍ في هذه العملية سوى إرهاق جنودنا والشعب الأمريكي بأكمله”.
وهذا قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس يصرح: إن “هناك أوقاتا عصيبة قادمة تنتظرنا في أفغانستان في ظل تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد”.
ويعترف النائب البريطاني السابق ماثيو باريس بقوله: “إن انتصار قواتنا في أفغانستان “أمر مستحيل، وإن الهزائم المتتالية التي تلحق بقواتنا، والحقائق على الأرض مرة وقاسية…”.
ويشاركه في الاعتراف الكاتب الأمريكي ديفيد بيك قائلا: “إن جنودنا قد أمضوا قرابة سبع سنوات يقاتلون ويموتون في أفغانستان، البلاد التي توصف عبر التاريخ بأنها ما انفكت تقهر الغزاة، ولا يبدو أن الوجود الأميركي في أفغانستان أقرب إلى الانتصار منه إلى الهزيمة”.
ولماذا لا يكون انتصار القوات الأجنبية في هذه العملية أمرا مستحيلا وقد قتل فيها العشرات من جنودها ؟!!.
وأدت الأوضاع الراهنة إلى انهيار روح المقاومة في صفوفها، وخاصة القوات البريطانية التي ارتفع عدد قتلاها باعترافها إلى أكثر من 15 قتيلا في غضون أيام قليلة، حتى قتلت -والحمد لله رب العالمين- ثمانية منهم في يوم واحد، وكان من بينهم العقيد (روبرت ثورنيلو) قائد الكتيبة الأولى لقوات الحرس الخاص بمقاطعة ويلز، وهو أرفع ضابط بريطاني يقتل بعد حرب جزر فوكلاند ضد الأرجنتين في ثمانينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى تدمير العشرات من الآليات العسكرية وإسقاط أربع طائرات حربية.
لقد تمكن المجاهدون في هلمند من تصدي ضربات الخنجر وتعقيمها باستخدام الاستراتيجية التقليدية لمواجهة قوات الناتو والقوات الأمريكية لا على طريقة الجيوش المنظمة، لكونهم لايملكون قوة بحجم قوة القوات الأجنبية، وهذا أمر بديهي؛ لكنهم استطاعوا باستخدام هذه الاستراتيجية الناجحة إنزال أقوى ضربات بالقوات الأجنبية، ونجحوا في قتل عدد أكبر من جنودها، وارتفع معدل الخسائر اليومي لتلك القوات عما كان من قبل ارتفاعا كبيرا، مما دفع الرأي العام البريطاني إلى القول بانسحاب القوات البريطانية من أفغانستان.
وقد أثر انتصار المجاهدين في هذه العملية في ارتفاع روح المقاومة في صفوف المجاهدين، وتمكنوا من توسيع العمليات العسكرية وتشديدها في كافة الولايات الأفغانية، واستطاعوا بفضل الله تعالى من إحراز تقدم ملموس ونجاح باهر، وذلك بإسقاط عدد لا يستهان به من طائرات عسكرية ومروحية، وتدمير آليات حربية كثيرة للقوات الأجنبية، بالإضافة إلى تحرير 3 مديريات من جنود إدارة كرزاي العميلة مقابل استيلائهم على مديرية واحدة في ولاية هلمند.
فبناءً على ذلك نستطيع أن نحسم القول بأن عملية الخنجر قد فشلت فشلا ذريعا أمام صمود قوة المجاهدين العسكرية، والخنجر الذي كانوا يستعملونه ضد المجاهدين في هلمند قد إرتد إلى صدر أوباما وجوردن براون وغيرهم من أئمة الكفر، فضاقت صدورهم بفشل جميع استراتيجياتهم وسياساتهم الماكرة في أفغانستان المسلمة.
وتمكن المجاهدون بفضل الله ونصرته من الصمود في مواجهة جميع تحديات الأعداء العسكرية والسياسية والإعلامية وغيرها.
هذا وإن إمارة أفغانستان الإسلامية تذكر الأمريكان وجميع المحتلين مرة أخرى بقول أمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد حفظه الله تعالى إذ خاطبهم من منبر إذاعة صوت الشريعة قبل ثماني سنوات “بأن لا تغتروا أنتم بأسلحتكم الحربية وتقنيتكم المتطورة؛ لأنها تستطيع القتل، ولكنها لا تستطيع أن تمنع القتل.
فالإمارة الإسلامية تبين لهم موقفها السديد مرة أخرى بأن أسلحتكم المطورة والفتاكة لا تمنحكم الأمن، ولا توفر لكم حزام الأمان، ولا تستطيعون بها التجنب عن مخاطر القتل والإصابة والشلل في الأعصاب”.
كما تذكر إدارة أوباما المحكومة بالهزيمة والخسران بأن إرسال القوات الإضافية إلى أفغانستان لايفيدها بإذن الله تعالى سوى المزيد من الهزائم والخسائر، وارتفاع عدد القتلى والجرحى في صفوف قواتها المعتدية.
فعليكم أن تفكر تفكيرا عميقا في وقته المناسب في انسحاب قواتكم الوحشية المحتلة من أفغانستان؛ لا الازدياد في إرسالها إليها، وإلا فاستعدوا للتمزق الكامل والتشتت التام، وستكون عملية خنجر قاضية عليكم، بل ستكون مسمارا أخيرا على تابوت استراتيجية أوباما الفاشلة. بإذن الله تعالى.
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.