برید القراء

يُسعدنا تواصل قراء مجلة “الصمود” ليعربوا عن انطباعاتهم عن المجلة وموادها بما فيها المقالات والحوارات وحياة أبطالنا الشهداء، وكذلك عن إصدارات المكتب الإعلامي. فننتظركم بفارغ الصبر لتساهموا عبر بريد المجلة الإلكتروني ([email protected]) في هذا العمود الذي اقترح كثيرٌ من القراء إيجاده في المجلة.

 

أتت رسائل وتعليقات عدة في الموقع والبريد من القراء يعربون عن انطباعاتهم وعواطفهم الجيّاشة تجاه الإمارة الإسلامية ورجالها الصادقين الباذلين مُهَجهم وأرواحهم في سبيل هذا الدين والدفاع عن أعراض المسلمين، الذين لم يضعوا أسلحتهم كابراً عن كابر، وما كلّوا وما وهنوا لِما أصابهم في سبيل الله نحو أربعة عقود على التوالي، فلله درّهم وعلى الله أجرهم، وثبّتهم على الطريق المستقيم حتى يعود النّصر وترجح الكفة لصالح المسلمين والمجاهدين.

 

فكتب الأخ “ضیاء” رسالة قصيرة وماتعة، قال فيها: (بارك الله بكم إخوتنا في الإمارة الإسلامية في أفغانستان فأنتم خيرة المجاهدين، ونحن معكم وقلوبنا أيضاً معكم ضد العدوان الصليبي على أفغانستان. اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان يا رب العالمين).

 

وأمّا القارئ الحصيف باسم “عماد الدین” فقد نصح الأمريكان بكلمة جامعة قصيرة فقال: (خيرٌ لأمريكا الخروج من أفغانستان وحفظ ما تبقى من ماء وجهها وعدم العبث أكثر بدم الشعب الافغاني؛ لأن الجميع شاهد انهزامها أمام أبطال أفغانستان).

 

أمّا الأخ طالب العلوم الشرعية ابن داوود شاه سعادت، فقد أعرب عن انطباعاته القيّمة في هذه الرسالة الماتعة إذ قال:

(کنت أتساءل لماذا تُضرب الأمة الإسلامیة شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً؟ ولم أكن أتوقع  أن قصة أصحاب الأخدود ستكرر في هذه الأمة، ولکنها للأسف عادت وتكررت، وسوریا الجريحة أعظم شاهد علی ما نقول. حيث صارت الأمة غثاءً کغثاء السیل، فشنّ علیها اليهود والنصارى الغارة تلو الغارة، واجتمعوا لاستئصالها کالکلاب العاقرة والذئاب الضارية فسفکوا دماء أبناء الأمة المحمدیة.

وبعد الإمعان والتفکیر في هذه الأمور، لم أجد سبباً لوصول الأمة إلى هذا الحال إلاعدم الأخوة والمحبة، والتفرق والاختلاف والتنازع فیما بینهم، کما قال الله عز وعلا: [ولاتناعوا فتفشلوا وتذهب ریحکم].

فیا جموع المسلمین، إنّ للوحدة والمحبّة أهمیّة في الإسلام، کما في قوله ـ تعالى ـ: (واعتصموا بحبل الله جمیعاً ولا تفرقوا) [سورة آل عمران:103].

إنّ الإسلام يحرض المسلمین قاطبة علی التضامن والتعاطف الإسلامي والأخوة والمحبة والألفة ويطلب منهم أن یکونوا کالجسد الواحد وأن لا یکونوا شعوباً متناثرة متباعدة فیما بینها، بل کلهم إخوة، کما قال تبارك وتعالی ـ: ( إنّما المؤمنون إخوة) [ الحجرات:10]. وقال الحبیب المصطفی ـ صلی الله علیه وسلم ـ: «تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى» [رواه البخاري].

 

أیّها القراء الأعزاء، لاغروَ أنّ للمودّة والوحدة فضل وکرامة، وأنها عبادة یتقرب بها المسلمون إلی الله، وهي من الأعمال الصالحة، ونجاة من عذاب الله یوم یفرّ المرء من أخیه وأمه وأبیه وصاحبته وبنیه، وتجعل المتحابین في الله تحت ظل عرشه تعالی، یوم لا ظل إلا ظله.

فعن عمر بن الخطاب رضی الله تعالی عنه – أنّ رسول الله صلوات الله وسلامه علیه – قال: “إن من عباد الله لأُناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله”. قالوا: يا رسول الله، تخبرنا من هُم؟ قال عليه الصلاة والسلام: “قومٌ تحابّوا بروح الله على غير أرحامٍ بينهم، ولا أموالٍ يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس”، وقرأ هذه الآیة: [ألا إنَّ أولیاءَ الله لاخوف علیهم ولاهم یحزنون » — یونس:۷۲] — (رواه أبو دا‌‌وود).

وإن للاعتصام بحبل الله فوائد عظیمة وکثیرة، فعندما کان المسلمون یداً واحدةً علی من سواهم، وصفاً واحداً أمام العدو، وقلباً واحداً فیما بینهم، کانت لهم هیبة، وعزة، وعلو، وأمجادٌ، وما کان للکفار وللمشرکون أن یثبتوا ويصمدوا أمامهم، فقد کانو یملکون ما بین المحیط الأندلسي إلی تخوم الصین، وتصل امبرطوريتهما إلى مناطق واسعةٍ داخل أوربا، وکانت أعلامهم تُرفرفُ فوق بلاد القوقاز وما وراء النهر.

وأمَّا الیوم عندما تفرقوا واختلفوا، ور‌‌‌آهم الیهود والنصاری متفرقین متشرذمين، شنوا علیهم الغارةَ تلو الغارة، وهجموا علیهم کالکلاب والذئاب الضواري فسفکوا دماءهم، وشتتو شملهم، ومزقوا جمعهم، وأحرقوهم في النار حرقاً، وقتلوا في یوم خمسة آلافٍ بظلم وغارتٍ، واحتلوا الأندلس والبلاد الواقعة في أورباء كـالبُوْسنة والهرسك وغیرهما، وسيطر الروس علی ما وراء النهر والبلاد الشرقیة، واحتل الیهود بیت المقدس.

وکل ذلك، بسب الفرقة والاختلاف فیما بینهم، وسلب منهم نصر الله عز وجل، لأن نصر الله مع الجماعة، حیث قال النبي صلی الله علیه وسلم-: «ید الله علی الجماعة».

و أخیراً أسأل الله أن یعفوَ خطایاي وزلاّتي ، لأني معترف بقصور باعي في هذه اللغة الفذة الجامعة المبارکة، فهذه بضعة أسطرٍ کتبتها حول هذا الموضوع المهم؛ فلعلي بهذا أکون قد أدیتُ بعض الواجب وإن کان قلیلاً.

ونسأل الله أن یوفقنا لمافیه رضاه، ویسدد خطانا ، ویهدینا إلی سواء السبیل، إنه سمیع قریب مجیب الدعوات وماتوفیقنا إلا به، علیه توکّلنا وإلیه ننیب).

 

نشكر الأخ الطالب ونرجو له التوفيق والسداد ومتابعة المجلة، وإرسال مزيدٍ من هذه الرسالة الحارة التي تحكي عن ألم دفين في قلب ناشىءٍ يتحرق للإسلام والمسلمين والتشرذم والخلاف اللذين أذلانا وأصغرانا بعدما كنا أمة سائدة وقائدة ومعلّمة.

 

وأمّا ختام المسك رسالة صغيرة للأخ المجاهد أبي حفص النيمروزي الذي كتب من قبل لنا بعض المقالات للمجلة ونشرت سابقاً، والآن أرسل هذه الرسالة لبريد القراء، وفيما يلي نصّ ما كتبه الأخ:

(ذكـریات کلْما مرت تُبك‍ّينا العیونا * وتدرّ الدمع أشواقاً وحباً ما بقینا

ه‍ٰـکذا الدنیا لقاء وفراق یعترینا * حسبنا أنّا علی الحق وللحق دُعینا

أکتب وبي شوق لمیادین وساحات وساعات فقدتها منذ حین، وأسطر هذه الكلمات وأنا بعید عنها أمیالاً کثیرة، وما أرید من أسطري هذه إلّا تسکین قلبي الكئيب وخاطري المضطرب.

لله درّ أفغانستان ورجالها الآساد الذین لا یخافون في الله لومة لائم، رجال عشت معهم لمدة قصیرة لا تتجاوز العشرة أشهر، فأحببتهم وعرفتهم عن قرب غير ما کنت أعرفه عنهم في الصحف والمجلات والوکالات الإعلامية العالمیة.

فهم رجال وأي رجال؟!

لم يمنعهم وقوف العالم أمامهم والقتل والأسر والتشرید؛ عن الجهاد في سبیل الله وطلبهم لحکومتهم الإسلامیة، فقلیلاً ما تری رجل لم يسقط من أهل بیته وأقرب أقربائه شهید، فهذا ابنه شهید، وهذاك أخوه شهید وذاك أبوه شهید، وهذا ابن عمه، وذاٰك ابن خاله.‌‌‌‌‌

حتی وصل الأمر فیهم إلی حد ـ کما شاهدت منهم نماذج ـ أنه استشهد من عائلة واحدة خمسة وکلهم إخوان، وسادسهم قائم علی دربهم وطریقهم یجاهد بلا أجر ولا طمع من أحد، فهو یعمل في مزرعته ويرعى غنمه ویأکل من کدّ یمینه ویربّي أبناء إخوته الشهداء، وعندما یسمع معمعة المعارك فهو من أوائل الحاضرین علی دراجته النارية.

قوم تشربت قلوبهم حبُّ الله ورسوله والإسلام والجهاد، وجری في عروقهم مجری الدم. ولهذا يحبهم كل من عاشرهم وجالسهم وعاش معهم، ويجد لفراقهم ألم وکآبة، ويطمع في الالتقاء بهم ثانية أینما كان.

إني وإن حرمت في هذه الأیام معانقة السلاح ومصاحبة حاملیه الأسود والأشبال، أجد في مجلة الصمود المیمونة سلوان وتسلیة حتی نلاقیهم مرة أخری بإذن الله، فنسأل الله لهم التوفیق والسداد حیث ینفثون فینا حیویّة ونشاطاً جدیداً، بمقالاتهم الرائعة الطیبة الإیمانیّة فلا ننسی بفضل جهدهم میدان الجهاد وما ذقناه هنا من حلاوة الإیمان وصحبة السلاح، ومعمعات المشاهد وقعقعات البنادق. فجزاهم الله عنا وعن المسلمین خیراً).