عندما يهددنا ترامب بالإبادة!

عرفان بلخي

 

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب،في لقائه رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الذي زارالولايات المتحدة الأمريكية يوم الإثنين 22 يوليه، إنه بإمكان بلاده الانتصار في الحرب بأفغانستان خلال 10 أيام، مستدركا “لكني لا أريد قتل 10 ملايين شخص”.

وأضاف ترامب: “لو كنا نريد حربا في أفغانستان لكان باستطاعتنا الفوز بهذه الحرب خلال أسبوع، وعندها لكانت أفغانستان انمحت من وجه الأرض، حرب كهذه كانت ستنتهي خلال 10 أيام، غير أنني لا أريد اختيار هذا الطريق”.

هذه التصريحات كانت بمثابة تحقير وهتك وازدراء لشعب مقاوم صلب المراس الذي قاوم أشرس أعداء الانسانية واعتى قوة فى العالم انه شعب غيور على دينه وبلده انه شعب لم يتزعزع ايمانه من خوف اومو ت.

إن عريض القفا وصاحب عيون زرقاء لايعلم إن الجبال الصخرية تركت بصماتها على هؤلاء الناس الذين تربوا على جبروت الطبيعة فشبوا رجالا من طراز نادر مقاتلين أشداء يتميزون بالبسالة وقوة الشكيمة ولذلك تحولت بلادهم الى قلعة صلبة استعصت على الغزاة على مر التاريخ.

أشهر الغزاة مروا بتلك البلاد ولكن احدا منهم لم يهنأعلى ارضها ولم يستقر الاسكندر الاكبر وجنكيز خان وتيمور لنك وجيوش قياصرة الروس والامبراطورية البريطانية جميعهم مرت جحافلهم فوق صخور هذه البلاد بل ان المرة الوحيدة التي افنى فيها جيش لبريطانيا من جانب دولة صغرى والامبراطورية في اوج جبروتها هذه الواقعة لاتنسى في التاريخ البريطاني حدثت في افغانستان وعلى أيدي مقاتليها البواسل والاشداء وكما انزل الافغان تلك الهزيمة القاسية بالبريطانيين فقد شاءت المقادير أن ينزلوا هزيمة مماثلة بالسوفيت ” ونحن نقول قد أن الآوان انزال الهزيمة النكراء بامريكا باذن الله وليس بوسع الترامب ابادة هذا الشعب الأبي او امحاء بلدها من على وجه الأرض.ولله در الشاعر حيث قال:

 

قوم تفرست المنايا فيكم فرأت لكم في الحرب صبر كرام

تالله ما علم امروء لولاكم كيف السخاء وكيف ضرب الهام

 

إن الاسكندر المقدوني بعد ماهزم في بلادنا عام 331 قبل الميلاد كتب في رسالة لوالدته واصفا مقاومة الأفغان”بأنهم شجعان لامثيل لهم انهم يقاتلون كالأسود” حقا انهم أسود” لأنه شعب عتيد وعنيد يأبى الاحتلال بكل انواعه، ويرفض الضيم والعتو، ولا يوالي لمن احتلَّ أرضه، وهذا ما ذكره شكيب أرسلان بقوله عن هذا الشعب الاصيل:(لا ينام على الثأر، ولا يقبل أن يطأ الأجنبي أرضه ولا يواطئ العدو على استقلال بلاده”.

وليت لا يجهل ترامب كيف لقَّن الأفغان التتر دروساً في الدفاع عن دينهم وعقيدتهم ؟ بل كيف هزم جنكيز خان الذي كانت له اليد الطولى في سفك الدماء، واحتلال بلاد الإسلام، وكيف حطَّم الاستعمار البريطاني الذي جثم على أرضه 44 عاماً، وأهان المجاهدون البريطانيين في ثلاث حروب متتالية، في عام 1843 وكتب ريورند غريغ أحد قساوسة الجيش البريطاني الذي نجا من الحرب الأولى ضمن مجموعة صغيرة.. كتب في مذكراته عن تجربته الحربية في أفغانستان قائلا إن “هذه الحرب التي تتصف بمزيج غريب من الجبن والتهور بدأت لنيل أهداف غير معقولة، ولم تحقق لنا سوى المعاناة والكوارث، ولم تأت بفائدة تذكر، لا للحكومة التي خططت لها ولا للجيش الذي خاض غمارها. إن انسحابنا من تلك البلاد لم يكن إلا هزيمة عسكرية”.

وعندما قررت بريطانيا الإنسحاب في (6/1/1842م) وكان عددهم (4) آلاف بريطاني وهندي ومعهم من الجنود التابعين، وسلك البريطانيون طريق وادي (جكدلك) -بين كابل وجلال أباد- وأعمل المجاهدون فيهم السيوف، حتى إذا وصلوا (جندمك) كان قد بقي آخر جندي من الجيش وهو (الدكتور برايدون) الذي كان الناجي الوحيد ليخبر قومه مغبة الإصطدام بجنود الإسلام في بلاده.

وأخيرا هل سمعت يا ترامب عن هزيمة الاتحاد السوفييتِّي بالأمس القريب فقد كان للشعب المجاهد دورٌ كبيرٌ في تفكيكه إلى دويلات، وعدم الاستسلام له خلال حرب دامت أكثر من عشرأعوام من الزمان، لقِّبت بعدها بلاد الأفغان بأنَّها مقبرة للغزاة والمعتدين واليوم دوركم وامريكا ومعها الناتو لتمريغ انوفكم في وحل البلاد.

 

ونحن نقول لك :

يا ناطح الجبل العالي ليكلمه اشفق على الرأس لا تشفق على الجبل

 

إن بلادكم أمريكا ارتكبت باحتلال بلادنا خطأ جسيماً لأنها ظنت أن قدرتها العسكرية الهائلة كفيلة أن تضمن لها النصر في الحرب على شعب ضعيف عسكرياً، وهذا بسبب جهلها بشعبنا المسلم، فالشعوب المسلمة لا تستسلم أمام جيوش الاحتلال، وإن لم تستطع منعها من الاحتلال لحقبة من الزمن، فالخطأ الأكبر الذي ترتكبه الدول الكبرى المتهورة هو ظلمها للدول الصغيرة، وأكثر ما تخدع به أن تجد متعاونين معها عملاء من أبناء تلك الدول، ولكنهم لا يستطيعون نصرها ولا نصر أنفسهم أيضاً، فدول الاحتلال لبلاد المسلمين ستبقى تدفع ثمن الاحتلال حتى الهزيمة النهائية ولو بعد سنين أو عقود وقرون.وإن أمريكا اليوم أمام هذه التجربة الفاشلة باحتلال بلادنا.

إن أمريكا جربت كل ما في وسعها من الاسلحة والدمار خلال 18 عاما لإبادة هذا الشعب ولكن هيهات هيهات أن تمحي هذه البلاد فلها تاريخ أطول من تاريخ أمريكا نفسها بعمر أربعة الاف وخمسمأة عام ولها شعب يدافع عنها بكل غال ونفيس.

إنَّ غمامة الإجرام الأمريكية التي ظلَّلت العالم منذ قرن من الزمان وآذتهم بشتى أساليب الإيذاء، وتعدت على دمائهم بل تغذَّت عليها، فإنَّ هذه الهمجية التي تتعامل معها أمريكا مع شعوب الأرض لن تبقى، كيف والله قد توعد الظلمة بالإهلاك، وعدم المكوث الرئاسي على هذه الأرض.

لقد بشَّر الكثير من مفكري أمريكا بسقوط هذه الدولة، وعدم بقائها على ظهر البسيطة، لأنها تعدت في حقوق الحق، وفي حقوق الخلق، ومن ذلك ما قاله توماس شيتوم وهو من قدماء المحاربين في فيتنام وصاحب كتاب الحرب الأهلية الثانية: (أمريكا ولدت في الدماء، ورضعت الدماء ،وأتخمت دماء، وتعملقت على الدماء، ولسوف تغرق في الدماء!)