لماذا تخاف إدارة كابول من اتفاق الدوحة؟

بقلم: قاري محمد يونس راشد
تعريب: أحمد القندوزي

من الواضح أنه لا مكان لطموحات إدارة كابول الباطلة في الاتفاق الموقع بين الإمارة الإسلامية و أمريكا، و هو الاتفاق الذي أيّدتْه الأمم المتحدة و مجلس الأمن والدول الكبرى في العالم بما في ذلك الدول المجاورة لأفغانستان و أعلنت دعمها للاتفاق.

إن أمريكا و حلفائها حاولوا لسنوات طويلة أن تحل طالبان بنفسها القضية الأفغانية مع إدارة كابول، لأن كلا الطرفين أفغاني و النزاع بين الأفغان، لكن الإمارة الإسلامية منذ البداية صرحت وبكل وضوح للأمريكيين وغيرهم من المحتلين أنها لن تعترف بشرعية إدارة كابول التي أقاموها، وأن تلك الإدارة لا تملك صلاحية لإنهاء الاحتلال وتحديد مصير البلاد لتتفاوض معها. فكان من الواجب في البداية التفاوض أولاً مع الطرف الرئيسي في الحرب والذي استولى فعلياً على سلطة البلاد بالغزو الغاشم.

وفي النهاية، استعدت أمريكا للتفاوض المباشر مع الإمارة الإسلامية والتوصل إلى اتفاق معها لإنهاء الاحتلال بعد سنوات من الحرب بعد أن استخدمت كل أنواع الحيل والمناورات.

اتفاق الدوحة هو الأساس لمستقبل أفغانستان!

تم توقيع اتفاق الدوحة بين الطرف المنتصرِ والطرف المضطر؛ والطرف الأخير هو أمريكا التي اضطرت لتأييد نضال الإمارة الإسلامية السياسي والعسكري الطويل الذي سيؤدي بعد إنهاء الاحتلال إلى تمكين أفغانستان من الوقوف على قدميها ولديها نظام إسلامي كامل.

بعض البنود الرئيسية للاتفاق والتي أنجزتها الإمارة الإسلامية كنتائج مطلوبة:

أولاً- إنهاء الاحتلال: يشمل الاتفاق الاستقلال الكامل للبلاد، تعتقد الإمارة الإسلامية بأن أي نوع من المصالحة مع المحتلين مع بقاء حالة الاحتلال هو خيانة للدين والوطن و استسلام لعدو العقيدة، لذلك كان الهدف الأول والرئيسي إنهاء الاحتلال من أجل تمهيد الطريق لباقي جوانب الاتفاق.

ثانياً- النظام الإسلامي: إن الإمارة الإسلامية ترفض شرعية أي دستور أو نظام أُقيم في ظل الاحتلال، و تريد للأفغان أن يقيموا نظاماً إسلاميّا في ظل أفغانستان مستقلة يُطبق فيها الشريعة الإسلامية لتداوي جروح الأفغان و تبني العلاقات مع دول العالم على أساس التعاون المتبادل وتقود البلاد نحو التقدم و الازدهار.

ثالثًا – المفاوضات الأفغانية: إن الإمارة الإسلامية رسَمتْ موقفها بإدراج مصطلح “المفاوضات الأفغانية” بشأن الحكومة الإسلامية الجديدة التي يحددها الحوار بين الأفغان. فالمحادثات يجب أن تكون بين الإمارة الإسلامية و سائر الأطراف الأفغانية. أما إدارة كابول فهي أحد هذه الأطراف ولا تشارك في المفاوضات كدولة أو نظام.

رابعًا- منع التدخل الأجنبي في مستقبل أفغانستان: تعهدتْ أمريكا في اتفاق الدوحة بأنها لن تتدخل في الشؤون الداخلية للأفغان بما في ذلك المفاوضات الأفغانية.

بناءً على الإنجازات المذكورة فإن الإمارة الإسلامية على يقينٍ بأنّ مستقبل مشرق لأفغانستان و في على ضوء المفاوضات الأفغانية سيتم تشكيل نظام إسلامي شامل يخدم حقيقةً الأفغان المظلومين ويوفر الأمن و السعادة لهم في ضوء الشريعة الإسلامية الغراء.

كيف تريد إدارة كابول استخدام مصطلح “القرآن والسنة”؟

إن الإمارة الإسلامية لم تجعل اتفاق الدوحة أساساً تشريعياً للمفاوضات، بل جعلته أساساً للحفاظ على الإنجازات التي يجب بها تحديد مسار المفاوضات الأفغانية، و أن الإمارة الإسلامية لا تتفاوض مع إدارة كابول كنظام أو حكومة، بل كُلّ طرف من الأطراف الأفغانية سيشارك فقط في المفاوضات نيابةً عن حزبه و شخصيته ولا ليس غير ذلك.

و ستركز المحادثات بين الأفغان على كيفية تطبيق القوانين الشرعية في إطار الحكومة الإسلامية المقبلة، و آلية حقوق المواطنين و سيتم النقاش عن المخاوف التي يحملها المشاركون في تشكيل الحكومة المقبلة و قوانينها.

إن الأمريكان اعترفوا أيضاً في اتفاق الدوحة بموقف الإمارة الإسلامية و هو احتلال أفغانستان من قِبَلهم بالفعل.

و أن الإمارة الإسلامية منعت جميع الأجانب بمن فيهم الأمريكيون من أي تدخل سياسي أو عسكري في إنشاء و تشكيل الحكومة الإسلامية المقبلة و تعهّدَ بذلك الأمريكان في اتفاق الدوحة.

تريد إدارة كابول من استخدامها لمصطلح القرآن والسنة أن تمنح لنفسها مكانة مستقلة بدلاً من المكانة الممنوحة لها في اتفاق الدوحة. إلى جانب ذلك، تريد إدارة كابول تمهيد الطريق لاستمرار تدخل القوات الأجنبية بذريعة ضمانات لتنفيذ القرارات التي تم التوصل إليها في نتيجة المفاوضات.

فتخشى إدارة كابول من اتفاق الدوحة؛ لأنه لا مكانة مستقلة لها فيه، و لا مجال فيه لتدخل الأجانب في شؤون الحكومة المقبلة.

كل قرار يصدر عن الإمارة الإسلامية سيكون في ضوء القرآن والسنة.

بدلاً من إلغاء اتفاق الدوحة كأساس للمفاوضات، يجب تنفيذه في ضوء الكتاب و السنة.

إن الإمارة الإسلامية ترى أن كل فقرة من اتفاق الدوحة تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، فقد تمت استشارة كبار الشيوخ و العلماء في كل بند من بنود الاتفاقية و تم إدارجه في الاتفاق بعد موافقتهم عليه.

والإمارة الإسلامية “التي هدفها الأساسي من النضال تطبيق الكتاب والسنة” ترى أنه من الضروري عدم طرح أية “قوانين أُنشئت في ظل الاحتلال واللادينية (العلمانية) المُروَجة باسم التقدم و غيرها من الأمور المخالفة للشريعة والتي يسمونها المكتسبات و الإنجازات في 19 عاماً” على طاولة المفاوضات، بل يجب تعديلها بما يتوافق مع التعاليم المقدسة للقرآن والسنة.

استخدام حكومة كابول لفريق التفاوض كأداة و مسؤولية أمريكا

على الرغم من وجود ملاحظات بشأن تشكيل الفريق المفاوض منذ البداية، إلا أنه ضمَّ أشخاصًا يمثلون معظم الأحزاب و التيارات في البلاد، فقرر وفد التفاوض للإمارة الإسلامية الجلوس معه على طاولة المفاوضات، لكن مسؤولي حكومة كابول المتعطشين للسلطة والنفوذ الذين يستغلون دائمًا كل فرصة لتوسيع سلطتهم و مصالحهم الشخصية، اغتنموا هذا الفرصة أيضاً وبدؤوا في استخدام فريق التفاوض كأداة للدفاع عن ما أسموه الديمقراطية و مكتسبات السنوات الـ 19 الماضية لتحقيق آمالهم وإطالة فترة حكمهم. ووصفوا الفريق المفاوض للأطراف الأفغانية بفريق مفاوض وهمي و عاجز للجمهورية الإسلامية، و كلّفوه بتقديم طلباتهم غير المجدية بدلاً من التركيز على الأمور الأساسية في المفاوضات بين الأفغان.

وبناءً على اتفاق الدوحة فالمسؤولية تقع على عاتق أمريكا لإزالة العقبات أمام فريق التفاوض و توجيهه إلى التركيز على القضايا الجوهرية، وذلك لأن الاتفاق مع الولايات المتحدة ينص على مفاوضات أفغانية يتكون الفريق فيها من أطراف أفغانية و يكون أعضاؤه مسؤولين في إطار الصلاحية الحزبية/الفردية، و تشارك فيه إدارة كابول كعضوٍ لا كحكومة شرعية.

مقترحات للفريق المفاوض من الأطراف الأفغانية

وقعت الإمارة الإسلامية اتفاق إنهاء الاحتلال مع الحكومة الأمريكية، و هي تعزم على حل القضايا الداخلية للبلاد مع الأطراف الأفغانية، ودخلت الإمارة الإسلامية في المفاوضات الأفغانية عبر اتفاق الدوحة وستتخذ المزيد من الخطوات بناءً على هذه الاتفاقية، وبما أن الحوار بين الأفغان هو طريق سهل وقصير لتحقيق طموحات و آمال الشعب الأفغاني المنكوب، فلا بد من اتخاذ خطوات جادة و مبنية على الواقعية والمشاعر الوطنية لتحقيق نتيجة رائعة.

وفيما يلي فلدي بعض الاقتراحات كمشورة للفريق المفاوض للأطراف الأفغانية:

أولاً ، يجب إخراج فريق التفاوض من الإطار الحكومي، وإذا تم تقديم الفريق نيابة عن حكومة كابول ، فهذا سيعني بوضوح إهانة فريق التفاوض وسوف يتعارض مع اتفاق الدوحة.

ثانياً: يجب على الفريق المفاوض أن يجتنب تكليف الأجندات المرتبة، وإذا كانت هناك مخاوف أو اقتراحات أو آراء حول القضايا المتعلقة بالحكومة المقبلة، فيجب مناقشتها.

ثالثًا: يجب سد الثغرة الموجودة في ظل غياب بعض الشخصيات والأطراف البارزة في فريق التفاوض، فالإمارة الإسلامية لم تدخل في المفاوضات لتتقاسم السلطة مع الأطراف، بل تريد الاستماع إلى المطالب والمخاوف لكل فريقٍ أفغاني وشخصية بارزة حتى يتم تشكيل حكومة إسلامية في المستقبل فيها جميع القبائل والعرقيات دون تمييز، وتحيا في حب وتآخ.

فيجب الآن أن يتم ضم بعض الشخصيات البارزة مثل قلب الدين حكمتيار و أفراد من عائلة أحمد شاه مسعود وبرهان الدين رباني أو غيرهم من زعماء القبائل إلى فريق التفاوض لأنهم يحذرون من أن نتيجة هذه المفاوضات غير مقبولة بالنسبة لنا.