نص كلمة النائب السياسي للإمارة الإسلامية الحاج الملا برادر حفظه الله في مؤتمر موسكو

الحمدلله رب العلمين و العاقبة للمتقين والصلوة والسلام على خير خلقه محمد وعلى آله و أصحابه اجمعين.

أما بعد!

قال الله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا. صدق الله العلي العظيم

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

بادئ ذي بدء، أرحب بجميع المشاركين في المؤتمر، وأشكر مسؤولي المؤتمر على بذل جهودهم لحل قضية أفغانستان، حيث أتاحوا فرصة لهذا الاجتماع، حتى تتم مناقشتها وإيجاد الحلول لها، وكذا أشكر الدول والجهات الأخرى التي تبذل جهودها في هذا السبيل.

 

أيها السادة!

وكما تعلمون جميعا، أن أفغانستان شاهدت مآسي عديدة منذ عدة عقود، ويريد كل أفغاني أن يخرج من هذا الوضع.

نشأت إمارة أفغانستان الإسلامية قبل 27 عاما عندما كانت أوضاع البلاد متوترة، واختل الأمن وسادت الفوضى بحيث لم تكن رؤوس الشعب في مأمن ولا أعراضه ولا ممتلكاته، وكانت البلاد تواجه خطر التقسيم بشكل فعلي، ولذلك رفع الأمير الراحل أمير المؤمنين الملا محمد عمر رحمه الله نداءه لتغيير هذا الوضع المأساوي برفقة عدد من طلبة العلم وقادة الجهاد والأصدقاء المخصلين، ونزل إلى الميدان بشكل عملي.

وفي فترة وجيزة ومع وصول مجاهدي الإمارة الإسلامية إلى العديد من ولايات البلد أصبح الوضع عاديا، وتنفس الناس الصعداء. دعنا نعترف أنه كانت هناك بعض المشاكل بسبب الظروف غير المواتية وانعدام الإمكانيات، ورغم ذلك كانت للإمارة الإسلامية بعض الخصائص والميزات التي اعترف بها العالم كله، نذكر على سبيل المثال منها: إنقاذ البلاد من التفكك، والقضاء على الفساد الإداري والأخلاقي، وضمان الأمن وحماية أرواح الناس وأموالهم، ومكافحة المخدرات بقوة وفعالية.

وبدلا من أن يقدم المجتمع الدولي مساعدات للشعب الأفغاني والإمارة الإسلامية، ويمد يد العون والتضامن لها لحل الأزمات، حتى تتقدم البلاد نحو الازدهار والتنمية؛ فرض عقوبات على الشعب الأفغاني المسكين.

وعندما وقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تطلق التهديدات، اقترحت الإمارة الإسلامية آنذاك المفاوضات وحل المشكلة بشكل سلمي، لكنها لم تجد آذانا صاغية، حتى قامت أمريكا وحلفاؤها بشن حرب غير مبررة على بلادنا الحبيبة وشعبنا المظلوم.

وبدأ الشعب الأفغاني بقيادة الإمارة الإسلامية مقارعة الاحتلال دفاعا عن أرضه ونفسه، والذي هو واجب إسلامي ووطني، وقدمت في هذا السبيل كل نوع من التضحيات وتجشمت المتاعب، وإلى ذلك حاولت إيصال رسالتها إلى العالم عبر منصتها السياسية، حتى بدأت المفاوضات بشكل رسمي مع الأمريكيين في قطر عام 2019م.

وبعد 18 شهرا من المفاوضات المستمرة والطويلة والعميقة، تم إبرام إتفاقية أخيرا في 29 من فبراير أمام ممثلي المجتمع الدولي، والتي تضمنت أربع قضايا مهمة وغيرها من المسائل، وعلى أساس تلك الإتفاقية ستنسحب القوات الأجنبية كلها من أفغانستان في غضون 14 شهرا، وقد اقترب أجله، وأن أرض أفغانستان لن تستخدم ضد أحد، وأنه سيتم إطلاق سراح 6000 أسير، وأن المفاوضات الأفغانية ستبدأ، وخلالها سيتم الإتفاق على نظام إسلامي جديد ووقف دائم لإطلاق النار.

وقد تم تحديد مسؤوليات الطرفين بوضوح في الإتفاقية، وقد أظهرت الإمارة الإسلامية التزامها الكامل بتعهداتها والتزاماتها، وتدعو الجانب الآخر إلى الوفاء بالتزاماته.

وقد أحست الأطراف المرتبطة والشعب الآثار الإيجابية لأجزاء الإتفاقية التي تم تنفيذها، فقد تم إطلاق سراح 6000 أسير، وبدأت المفاوضات الأفغانية، وانخفض مستوى العنف والقتال بشكل كبير.

وإنني على ثقة بأنه إن تم تنفيذ جميع بنود الإتفاقية بشكل صحيح؛ فإن مشاكل أفغانستان ستحل بالكامل.

إن إمارة أفغانستان الإسلامية قلصت عملياتها بشكل كبير بموجب الإتفاقية ولخلق مناخ مناسب لعملية السلام.

وعلى العكس من ذلك، فإن الجانب الآخر لم يفِ بوعوده والتزاماته بطريقة حسنة، وارتكب أكثر من ألف مخالفة بعد توقيع الإتفاق، والتي قمنا من وقت لآخر بمشاركتها كتابةً معهم ومع المجتمع الدولي ومع الدول المعنية أيضا، ولم يفِ بعد بوعوده حول القائمة السوداء وإطلاق سراح الأسرى الآخرين.

وبعد توقيع الإتفاقية، لو سارت الأمور على النحو الذي أدرجت في الإتفاقية، لوصلنا الآن إلى حل نهائي للبعد الداخلي لقضية أفغانستان، ولقام النظام الإسلامي والسلام الشامل، ولبدأ الأفغان حياة طبيعية.

وحاليا تجري المحادثات الأفغانية، ولاشك أن هناك بعض المشاكل، ومع ذلك فقد تم وضع إطار عمل، وتبادل الجانبان الأجندات، والعمل جارٍ، وأحرز بعض التقدم، وينبغي الآن بذل الجهود لمزيد من التقدم، وإزالة العقبات الموجودة أمامها، و يجب أن تبدي كل الأطراف الأفغانية آراءها لنجاحها.

نحن نريد نظاما إسلاميا شاملا يضم كافة أطياف الشعب الأفغاني، نظاما قويا يمكنه أن يمثل الشعب الأفغاني، ويسعى لإيجاد الحلول للمشاكل القائمة والعمل من أجل رفاهية الشعب واستقرار البلاد.

إن إمارة أفغانستان الإسلامية مصممة وقادرة وذات خبرة في هذا الصدد، ويجب أن تلعب الجهات الأخرى من البلاد بدورها.

الطريقة المؤثرة لحل المشاكل والمضي قدما في سبيل السلام هي إتفاقية الدوحة، والتي يمكن بتنفيذها حل المشاكل الخارجية وتهيئة مناخا أفضل لحل المشاكل الداخلية.

ونحن ندعو العالم أجمع ودول المنطقة والجوار لمساعدة الأفغان في حل المشاكل الموجودة، لأن استقرار الأمن فيها مهم للجميع وله تأثيره الخاص على الجميع.

إن قضية المخدرات، والتي هي مشكلة عالمية، سوف يفي النظام المستقبلي لأفغانستان بمسؤوليته بطريقة تضمن الخير لشعبه وبلده، وللعالم ودول الجوار، ولكنه يمكن إذا كان هناك تعاون إقليمي ودولي في هذا الصدد.

نحن لا نتدخل في شؤون الآخرين كما لا نسمح للآخرين أن يتدخلوا في شوؤن بلدنا وشعبنا.

 

وفي الختام، أود أن أقول إننا نريد في أفغانستان حكومة إسلامية ومستقرة شاملة لكافة أطياف الشعب الأفغاني، لنعيش في جو هادئ، وتطمئن دول المنطقة والجوار لأفغانستان، وبالطبع فإن القيم الإسلامية للأفغان والاستقلال والمصالح الوطنية هي أساس هذه المساعي، ويجب أن يُترك الأفغان وشأنهم ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم.

والسلام