يا طالبي جوار النبي صلى الله عليه وسلم

أ. خليل

 

رمضان موسم الخيرات والبركات، يؤدي فيه المسلمون كثيرا من العبادات البدنية والمالية، لأنه الشهر الذي يتضاعف فيه أجر الأعمال الصالحة، ويتسابقون فيه إلى إطعام الجياع ومساعدة المحاويج، لأنه شهر الجود والسخاء، والبذل والعطاء، والإيثار والاحسان.

هذا، وتعلمون أن أولى الناس بصدقاتكم وتبرعاتكم فقراء أفغانستان وأيتامها، لأن بلاد الأفغان تئن عن وطأة الاحتلال الأمريكي الغاشم منذ عقود، الاحتلال المفسد للدين والدنيا، والمهلك للحرث والنسل، المشعل للحروب التي بسببها يزداد عدد الأيتام يوما فيوما في أفغانستان وتتفاقم معاناة الشعب الأفغاني.

يا طالبي جوار النبي صلى الله عليه وسلم، ها قد أطل علينا الشهر الفضيل، فانتهزوا هذه الفرصة، واغتنموها، وسارعوا إلى كفالة أيتام أفغانستان، تنافسوا في رعايتهم، وتسابقوا إلى احتضانهم، امسحوا دموع هؤلاء الأيتام وارسموا البسمة على شفاههم وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم.

نفِّسوا كربة هؤلاء الأيتام المكروبين، وارحموهم يرحمكم من في السماء، تكفّلوا معيشتهم وأعينوهم في رفع أعباء الحياة.

يا طالبي جوار النبي صلى الله عليه وسلم، نبيكم صلى الله عليه وسلم كان ثِمال اليتامى وعصمة للأرامل، ووعدكم بقرب منزلتكم من منزلته صلى الله عليه وسلم في الجنة إن قمتم بكفالة الأيتام.

فعن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا”. وقال بإصبعيه السبابة والوسطى. متفق عليه واللفظ للبخاري. ومعنى قال بإصبعيه أشار بإصبعيه. كما جاء في روايات أخرى.

قال الإمام يحيى بن شرف الدين النووي رحمه الله في كتابه (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): “كافل اليتيم: القائم بأموره من نفقة وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك، وهذه الفضيلة تحصل لمن كفله من مال نفسه، أو من مال اليتيم بولاية شرعية”.

وقال ابن بطال رحمه الله: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في فتح الباري: ويكفي في إثبات قرب المنزلة من المنزلة أنه ليس بين الوسطى والسبابة أصبع أخرى.

فهُبّوا يا طالبي جوار النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة إلى كفالة هؤلاء الأيتام، والإنفاق عليهم، وسدّ حوائجهم.

يا طالبي جوار النبي صلى الله عليه وسلم إن لم يكن بوسعكم رفع الظلم والمعاناة عن هؤلاء الأيتام، وإن كنتم لا تستطيعون أن تدفعوا عنهم شر المحتلين فبإمكانكم أن تساعدوهم بأموالكم وتبرعاتكم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وإنهم بحاجة ماسة إلى مساعدة مالية عاجلة.

وإن فاتكم الجهاد بالنفس فلا يفوتنّكم الجهاد بالمال فهو لا يقل أهمية من الجهاد بالنفس ولذلك قدّمه الله سبحانه وتعالى في كثير من المواضع في كتابه على الجهاد بالنفس.

كما أودّ أن أوجه النداء للهيئات الإغاثية والجمعيات الخيرية في أنحاء العالم أن يتحملوا مسؤوليتهم الإنسانية ويهبوا إلى مساعدة هؤلاء الفقراء وكفالة الأيتام ورعايتهم وسدّ حوائجهم من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ومعالجة.

فيا طالبي جوار النبي صلى الله عليه وسلم إليكم هذه الفرصة الذهبية انتهزوها ولا تضيعوها، الله الله في أيتام أفغانستان.