إعدام الأسرى لن يوقف الزحف الجهادي

بقلم: الأستاذ خليل (وصيل)

تسبب الاحتلال الغربي البغيض بفتح أبواب من أنواع القهر وألوان الظلم على الشعب الأفغاني المسلم المضطهد، فإلى جانب التقتيل والتشريد والتدمير كانت قوات الاحتلال تشن مداهمات على بيوت الأفغان العزل في سواد الليل المدلهم وتفجر أبواب المنازل بالمتفجرات وتوقظ الأطفال والشيوخ والنساء على أصوات إرهابهم، وترهبهم وتخوفهم وتخرجهم من بيوتهم بوحشية في الشتاء القارص ثم يوثقون أيدي الرجال ويغطون وجوههم بالأكياس السوداء وينقلونهم إلى معتقلاتهم الوحشية في غوانتامو وباغرام وقندهار وغيرها، ثم ينكلون بهم و يعذبونهم بتهمة الانتماء إلى المجاهدين، وهكذا كان الأبرياء يمكثون سنوات تحت وطأة التعذيب في غياهب سجون الاحتلال من دون أن يُقدموا إلى المحاكمات أو أن تُفتح الملفات ومن دون أن تكون هناك معلومات ووثائق حول تورطهم في الجرائم والإنتهاكات.

ووفقا لإحصائية فإن القوات الأمريكية ونظام كابول العميل قاموا باعتقال مليونين من الشعب الأفغاني المضطهد خلال الأعوام الخمسة العشر الماضية وزجوا بهم في سجونهم الوحشية وعذبوهم بأشد أنواع التنكيل والتعذيب مما تشيب لهوله الولدان ومما لم ير له العالم مثيلاً في التاريخ.

ولما ازداد نزيف الاحتلال بسبب ضربات المجاهدين البطولية وقرر الانسحاب من معظم قواعده فوّض مهمة التقتيل والتعذيب والتدمير والترويع إلى عملائه الأوفياء.

لقد قام الاحتلال الأمريكي في البلد العزيز بإنشاء عصابات إجرامية مكونة من القتلة المجرمين والشيوعين المفسدين والبربريين الهمجيين وكان على رأسها جهاز المخابرات أو ما يسمى بجهاز الأمن الوطني.

لقد اجتمع في هذا الجهاز من الهمج القساة العتاة الطغاة من لا يعرفون لشعبهم كرامة ولا لدمائهم حرمة، وبما أن معظم عناصر هذا الجهاز هم من فلول الشيوعيين لذلك يعتبر هذا الجهاز أكثر قساوةً وضراوةً وعداوةً على الإسلام والمسلمين. حيث لا يهم عناصره إلا الولاء لأمريكا، وأصبحوا مطيات وأدوات لتنفيذ الأجندات الأمريكية ومخططات الاحتلال التدميرية، يمارسون أفظع الجرائم وأبشع الإنتهاكات في حق شعبهم الأبي المسلم إرضاء لسيدتهم ربيبة اليهود أمريكا.

والجرائم المروعة والمجازر البشعة التي تقوم بها هذه الأجهزة أكثر من أن تحصى، إلا أننا سنذكر بعضاً منها:

– لهذا الجهاز يد طولى في قصف الطائرات الأمريكية التي تستهدف مجاهدي الإمارة الإسلامية والعزل من أبرياء المسلمين حيث يعطي عناصر وجواسيس هذا الجهاز إحداثيات المواقع للاحتلال ومن ثم تقوم طائراته بقصفها.

– يقوم هذا الجهاز باختطاف واعتقال الشباب من مختلف أنحاء البلاد ويعذبونهم في فروعهم المختلفة بأنواع من التعذيب وأصناف من التنكيل، مثل قلع الأظفار، وربط الأثقال الثقيلة بالأعضاء التناسلية، وثقب الجسم، الخنق بأكياس بلاستيكية، التعليق من الأطراف، الحرمان من النوم لفترات طويلة، وما إلى ذلك من التعذيبات والتنكيلات الهمجية الوحشية.

– اغتيال المشايخ والدعاة ووجهاء الشعب ممن لا ينامون على الضيم ولا يقبلون الاحتلال.

– مساندة ودعم الانحرافات الفكرية والضلالات العقائدية التي جاء الاحتلال بها، ومنها السخرية والاستهزاء بشعائر الإسلام كالحجاب والحدود والأضحية.

– إدارة قنوات وإذاعات وصحف ومجلات تحارب الفكر الإسلامي وتنشر الرذائل والفواحش والخلاعة والإباحية.

ولذلك كان هذا الجهاز مدرجاً على قائمة الأهداف المطلوبة للإمارة الإسلامية، وقد استهدف المجاهدون عدداً من أفرعه وعناصره بهجمات مختلفة.

وفي التاسع من شهر أبريل المنصرم انطلقت مفرزة مكونة من ثلاثة استشهاديين لدك فرع المخابرات المعروف بـ(الوحدة 10) المسؤولة عن حماية وزراء الحكومة والشخصيات الهامة، فامتطى الأخ جمال الدين صهوة جواده المفخخ وفجره بالقرب من مبنى المخابرات ثم انغمس البطلان الآخران للإجهاز على من تبقى حياً من موظفي جهاز الأمن الوطني، واستمر الهجوم لساعات، وكانت حصيلة العملية -باعتراف وسائل الإعلام المقربة من الحكومة العميلة- مقتل واصابة المئات من عناصر الوحدة 10، وقال الانغماسي الذي خرج حياً من المعركة في حوار مع مؤسسة الإمارة للإنتاج الإعلامي بأني قتلت بيدي قرابة سبعين من عناصر المخابرات المرتبكين المذعورين.

وقد تألم العدو كثيراً لأن هذا الهجوم كان من أقوى الهجمات وأشدها نكاية مقارنة بالهجمات التي استهدفت أفرع المخابرات فيما مضى، كما كان بين القتلى أقارب المسؤولين الحكوميين فانفجروا من الغضب وعضوا أناملهم من الغيظ، وكان لزاماً على طواغيت الإدارة العميلة أن يعتبروا من هذا الهجوم وينتهوا عن الاعتداء على الأسرى المستضعفين، إلا أنهم تمادوا في طغيانهم وحاولوا صرف الأنظار عن فضيحتهم وفشلهم وذلك بأخذ الثأر من أسرى المجاهدين وإعلان إعدامهم، ولم يعلم البلهاء أنهم يسيؤون بذلك إلى أنفسهم لأنهم أظهروا ضعفهم وعجزهم عن مواجهة المجاهدين في ساحات القتال بالثأر من الأسرى المستضعفين، منتهكين بذلك جميع القوانين السماوية والوضعية.

إن الأسرى المجاهدين بعد قضائهم فترات طويلة تحت وطأة التعذيب داخل معتقلات جهاز المخابرات يتم إرسالهم إلى السجون الأخرى لتقام عليهم المحاكم، وكثيراً ما تطلب هذه المحاكم من الأسرى كميات كبيرة من الرشى وإلا فسيحكم عليهم بالإعدام، فيضطر أولياء الأسير إلى عرض شققهم وأراضيهم ودكاكينهم للبيع أو يضطرون إلى الإقتراض لينقذوا أسيرهم من الإعدام.

والسجناء الذين لا يستطيعون إعطاء شيء من الأموال يحكم عليهم بالإعدام فيقضي فترة من عمره داخل الزنازين والمعتقلات فتُشرّد عوائلهم وأهاليهم ويطردون.

وا عجباً لعقلية العملاء! يقيمون محاكم لإدانة أبناء هذا الشعب الصادقين بجرم أنهم يشكلون تهديداً ضد الاحتلال، بينما لا يستطيعون حتى إصدار بيانات لشجب وإنكار المجازر التي يرتكبها أسيادهم، لا بل هم يباركونها ويؤيدونها كما حصل في قصف مستشفى أطباء بلا حدود في مدينة كندوز.

ما أقبح العمالة والتبعية للمحتل المتغطرس كيف تورط صاحبها في جرائم وانتهاكات لصالح أسياده، فيموت ضميره ويصبح الحسن في نفسه قبيحاً والقبيح حسناً، ويذهب عقله فيتصرف بدون النظر في العواقب والتبعات، وترحل عنه إنسانيته فيصبح همجياً وحشياً لا يهمه إلا تنفيذ مخططات المحتلين التدميرية وأجنداتهم المشبوهة.

كيف يقدمون المجاهدين إلى المحاكم، وللمحاكم معايير وضوابط أهمها الاستقلالية والكفاءة والنزاهة والشفافية، ولاشك أن هذه الشروط لا يمكن توفيرها في ظل الاحتلال.

قال خبير الشؤون الحقوقية “عبد الشكور دادرس” في حوار له مع قناة شمشاد: إن الأجهزة العدلية والمحاكم القضائية تواجه عدة مشاكل في أفغانستان، وليست فيها صلاحية أن تطبق جزاء الإعدام على المتهمين. وأضاف: أنه يتم أخذ الاعترافات من المتهمين بالإكراه تحت التعذيب والتهديد. وأضاف: أنه كشاهد عيان رأى أحداث اعتقل فيها مدنيين بسبب اللحية والعمامة.

وقال “دادرس”: أن التحقيق مع المتهم هو من صلاحيات المدعي العام فقط، ولكن توجد في محاكم أفغانستان القضائية قضايا تم القبض والتحقيق فيها من قبل الأمريكيين.

وبعد الهجوم البطولي على فرع المخابرات الأفغانية العميلة، قامت السلطات الأمنية في إدارة كابول العميلة بإعدام ستة من الأسرى المجاهدين. إنا لله وإنا إليه راجعون.

ستة من شبابنا الأبطال الطيبين يُعلقون على أعواد المشانق ويُقتلون بجريرة قتال القوات الغربية المحتلة وأذنابهم وحسبنا الله ونعم الوكيل.

لقد أظهرت إدارة كابول بإعدامها المجاهدين عن حقدها وجبنها فقط، فبدلاً من أن تقارع المجاهدين في جبهات القتال جاءت وفرغت جام حقدها على الأسرى المضطهدين. وأطفأت نار غضبها بإعدامهم.

إن مسارعة العدو إلى إعدام المجاهدين ثأراً للهجوم على مبنى تابع للمخابرات أثبت أن العدو تحمل خسائر كبيرة في هذا الهجوم وفقد أعداداً كبيرة من كوادره الاستخبارية والحمد لله.

إن هؤلاء الشباب الستة كانوا معتقلين منذ خمس سنوات، وإعدامهم في قضية الهجوم على مبنى المخابرات لا تقره القوانين الوضعية ولا القوانين السماوية، بل هذا يعني ببساطة أن هذه المحاكمات والإعدامات السياسية مبنية على دوافع عدوانية وانتقامية.

إن العملاء أثبتوا بفعلتهم الشنعاء الأخيرة أنهم يعملون على تصفية كل من يعارض الاحتلال ويقف ضد مخططاته التدميرية، أو يهدد النفوذ الأمريكي في أفغانستان.

اعلموا أيها الخونة! أن المجاهدين لا يخافون من الموت في سبيل الله، بل يرون أن الشهادة فضل ومنة من رب العالمين، يتسابقون إليها ويتسارعون نحو مظانها.

ولست أبالي حين أقتل مسلما

على أي جنب في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ

يبارك في أوصال شلو ممزع

إن العدو الأبله يقيس المجاهدين في سبيل الله على مرتزقته ومليشياته، ويريد أن يخيفهم بالإعدامات، إن المجاهدين لو كانوا يخافون من الموت لما أقدموا على العمليات الاستشهادية والانغماسية.

ولو كان المجاهدون يخافون من الموت والسجون الوحشية والجروح والآلام لما سلكوا طريق الجهاد ضد العدو المتغطرس الذي يمتلك الأسلحة الفتاكة والتقنية المتطورة.

عجباً لعقل العملاء! هل ستتوقف هجمات المجاهدين بإعدام ستة من الأسرى المجاهدين؟ إعلموا يا عملاء أمريكا! أن دماء الشهداء وقود يحرك عجلة الجهاد إلى الأمام، وإذا قُطعت أغصان الشجرة فإنها تقوى وتنمو وتشتد، وقد رأينا بأعيننا أن المجموعات الجهادية التي كانت عددها في بداية الجهاد ضد أمريكا بالعشرات وصلت الآن إلى المئات على الرغم من أنها قدمت المئات من الشهداء في سبيل الله.

أعدمتم ستة من إخواننا لترهبوا بهم الذين قلوبهم زاخرة بحب الشهادة في سبيل الله ويرون القتل في سبيله تعالى أسمى وأغلى أمانيهم، إنكم لم تدركوا بعد فلسفة الشهادة في سبيل الله.

إنها حقيقة واقعية ينبغي أن تعترف بها الحكومة العميلة: أن إعدامات الأسرى المجاهدين لن يوقف زحف المجاهدين، بل إنها ستوقد نار الانتقام في صدور المجاهدين، وستشحذ هممهم وتثير حماسهم لأخذ ثأر إخوانهم المسجونين المستضعفين من الأعداء الجبناء وأذنابهم الخونة، وإنهم سيركزون ضرباتهم وهجماتهم على من حرّض على إعدام الأسرى المجاهدين.

أيها العملاء! عليكم أن تعوا جيداً بأن الشيوعيين قبلكم نفذوا إعدامات جماعية بحق أبناء هذا الشعب المسلم، ففي ولاية هرات قتلوا خمسة وعشرين ألف مسلم في يوم واحد ولم تنتصر الشيوعية والسوفييت، وبقي الشعب الأفغاني صامداً صابراً محتسباً، رغم الجراح وكل المحن، وبقي صوت الحق عالياً شامخاً.

إن العملاء في إدارة كابول العميلة ضربوا دفوف السلام الكاذبة لمدة طويلة وألقوا اللائمة على الإمارة الإسلامية أنها لا تريد السلام، إلا أنهم أثبتوا بجريمتهم النكراء هذه أنهم لا يريدون إنهاء الحرب في أفغانستان ولذلك يصبون الزيت على نارها وينفخون فيها، هذا في حين أن طالبان اعتقلوا مرات ومرات عساكر وعناصر الإدارة العميلة، وأفرجوا عنهم بدون أن يمسوهم بسوء.

إن مجاهدي الإمارة الإسلامية كثيراً ما أثبتوا أنهم أخذوا ثأر شعبهم المظلوم وإخوانهم المسجونين من العدو، وأثبتوا للعدو أن دم المسلم لن يذهب هدراً.

فقتلة هؤلاء الأبطال الستة سيدفعون الثمن الغالي لفعلهم المشين وسلوكهم المخزي مع الأسرى المستضعفين، فلينتظروا الرد القاسي من الأبطال المجاهدين. وإن الجبار المنتقم ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.

وفي الختام إننا إذ ندعوا على أعدائنا أن يهلكهم ويشدد وطأته عليهم، ندعو لأبطالنا الشهداء ونقول لهم هنيئا لكم الشهادة في سبيل الله وسلام على أرواحكم في الخالدين.