إنجازاتنا العظيمة خلال عام 2021م

غلام الله الهلمندي

 

كان عام (2021م) عامًا مليئًا بالأحداث العظام بالنسبة لبلدي الحبيب الذي أنهكته الحروب والصراعات، وبالنسبة للشعب الأفغاني الحرّ الأبي الذي حلف أبدًا على دحر الاحتلال والعدوان والعمالة، كان عامًا حافلا بأحداث سارة للأفغان الأحرار بأسرهم، هي أحداث أدخلت الفرح في قلب الأمة جمعاء، في قلب كل مؤمن غيور تهمّه قضايا الأمة في مشارق الأرض ومغاربها، هي أحداث أغاظت أعداء الله ورسوله، وأغاظت عملائهم، إنهم كادوا يموتون (والحمد لله) بغيظهم.

انهزمت الولايات المتحدة الأميركية في أرضنا، فشلت في تحقيق أهدافها الخبيثة، عادت إلى بلادها بخُفّي حنين (كما يقول المثل)، لم تستطع حفظ ماء وجهها رغم اتفاق السلام الذي وقّعته مع الإمارة الإسلامية في قطر، وطبعًا هذه الهزيمة ألحقت أضرارًا جسيمة بمصالحها، فسادت الخيبة بين جنودهم وانخفضت معنوياتهم في الحرب ضدّنا، كل ذلك من الإنجازات الكبيرة التي حققناها بفضل الله ثم بفضل سواعدنا خلال عام 2021. ولم يحصد الأعداء من هذه الحرب الطويلة إلا الألم والخيبة والحسرة والخسران، وآلاف القتلى وتريليونا دولار. والنتيحة؟ لا شيء!

سحبت أميركا جميع قواتها المنهزمة من أرضنا بعد عشرين عامًا من الاحتلال الغاشم والعدوان السافر وإهدار جميع حقوق الشعب، لقد هربوا قبل موعدهم بيوم تحت جنح الظلام الدامس، ولم يُبقوا جنديًّا واحدًا، وهذا يعني أن قد تحقق فعلًا ما شاءه الله ثم ما أراده أبطالنا الذين كانوا يقولون بكل إيمان وثقة بأننا لا نسمح ببقاء جندي أجنبي واحد في بلادنا. لقد تأكد فعلا أن بلدنا لم ولن يكون مكان آمن للأجانب، وهذا بلا شك حدث عظيم غير مسبوق على الأقل خلال التاريخ المعاصر.

ومع هروب آخر جندي أميركي انكشف للعالم أجمع أن الشعب الأفغاني شعب لا يُقهر، إنه شعب الإيمان، إنه شعب النصر، إنه شعب خُلق بالأساس ليلقّن الطغاة الدروس اللازمة. وأما الحرب الاقتصادية التي فرضها علينا الهاربون المنهزمون ظلمًا وعدوانًا فسنربحها بإذن الله كما ربحنا الحرب العسكرية بفضل الله، فإنها أيسر بكثير من الحرب العسكرية التي استمرّت عشرين عامًا، إنها أيسر بكثير من تناثر الأشلاء في الطرقات ومن تطاير الجماجم في كل مكان، إنها أيسر من البقاء تحت وطأة السجون، إنها أيسر بكثير من الأنين تحت وطأة الجراحات، إنها أيسر من فقدان أفلاذ الأكباد، إنها أسهل جدًا من القصف العشوائي على المدنيين والمذابح التي كانوا يرتكبونها ضد أناس عزل. وزد على ذلك أن هذا الشعب كان يعاني من الأزمات الاقتصادية خلال أوان الاحتلال أيضًا، إن هذا الشعب أكثر الشعوب تصبّرًا وتماسكا على هذه الأزمات.

أرجو أن يكون الأمريكان قد أدركوا أنّ الحرب على الإرهاب التي أعلنوها قبل عشرين عامًا كانت مغامرة خطيرة دفعوا ثمنها غاليًا من لحوم ودماء وجماجم أبنائهم، وأيضًا دفعوا ثمنها من سمعتهم على مستوى العالم ودفعوا ثمنها من قوتهم العسكرية العظمى، فبفضل هذه الهزيمة لم تعد الولايات المتحدة القوةَ العظمى المنتصرة في كل حرب كما في السابق، كم حاولوا على مدار العشرين سنة الماضية إخفاء خسائرهم الفادحة التي تكبدوها في المعدات والأفراد، حاولوا إخفاءها عن الرأي العام، ولكن انكشف بسبب هذه الهزيمة النكراء كلُّ شيء، شاهد العالَم كل شيء عيانًا، ولم يستطيعوا إخفاءها أكثر من ذلك، فضحتهم هذه الهزيمة وانكشف لشعبهم هول الهزيمة التي حلت بهم على أيدي جنود الإسلام.

خلال هذا العام هرب العميل أشرف غني المدعوم أميركيًا من العاصمة كابل، وبهروبه تأكّد لجميع العملاء أن أسيادهم ليسوا موضع ثقة، فهم يستعملون العملاء حيث تكون مصالحهم، وماداموا بحاجة إليهم، ثم يرمونهم على قارعة الطريق إذا استغنوا عنهم. والعجيب أن أشرف غني نفسه أدرك أخيرًا أن السبب وراء هروبه وسقوط دولته هو الثقة بالحلفاء الأجانب حسب تعبيره.

دخل المجاهدون العاصمة الأفغانية كابل من دون أي قتال أو مقاومة، ومن دون إطلاق رصاص واحد، دخلوا القصر الرئاسي على مرأى ومسمع من العالم، مشهد لا ينساه أي أفغاني ولن تنساه أجيالنا القادمة، مشهد سيبقى محفورًا في ذاكرتنا وفي ذاكرة العالم أجمع لأمدٍ طويل، ذهب الخونة والعملاء وبقي أبناء الوطن الأصلاء. (فأمّا الزبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) (سورة الرعد 17).

وأما نحن فربحنا قلوب شعبنا بعد عشرين عامًا من المساعي التي بذلها الإعلام العالمي ليشوّه سمعتنا، ولكننا ربحنا قلوبهم. ولولا ربحنا لقلوب الناس لما تهاوت الولايات أمامنا واحدة تلو الأخرى في غضون أحد عشر يومًا فقط دون مقاومة تُذكر، أليس هذا إنجازًا عسكريًا وسياسيًا مرموقًا؟

ومن إنجازاتنا المهمة أننا حرّرنا ولاية بنجشير العصية التي تتميز بجبالها الشاهقة وأنهارها العذبة وجمالها الطبيعي الخلاب. انهارت ولاية بنجشير، المعقل الأخير لعملاء الكفر أمام ضربات أبناء البلد الأقوياء بسرعة مذهلة، بسرعة لم يكن يتوقعها أي أحد من الأعداء. ولاية بنجشير كانت الأمل الأخير لأعدائنا، تحررت ووقعت بأيدي أبنائها الأصلاء بفضل الله. إن العدوّ سواء القريب أو البعيد كان يريد أن يبدأ معركة جديدة ضد الإسلام خلف جبال بنجشير، ولكن خاب ظنهم وخار عزمهم ودخل اليأس قلوبهم، وبتحرير بنجشير تم توحيد أراضينا تحت راية واحدة وتحت قيادة واحدة بعد ما ينيف على أربعين عامًا، وبهذا الانتصار خرجت بلادنا بشكل كامل من مستنقع الحرب التي فرضها علينا الجبارون. وهذا إنجاز عظيم تحقق على أيدي جنود الإسلام، أبطال الإمارة الإسلامية.

خلال هذا العام قطف المجاهدون ثمرة جهادهم الذي دام عقدين كاملين في سبيل استعادة الأرض ودحر الاحتلال. أثمرت جهودهم الجبارة التي يشيب من سماعها الولدان، وأثمر تعبهم وسهرهم واحتمالهم الجوعَ والعطشَ والحرَّ والبردَ. وخلال هذا العام أثمرت الشجرة التي سقاها الشهداء بدمائهم الطاهرة لتبقى شامخة عالية، وهاهو الشعب الأفغاني يستظل بظلالها وينعم بجمالها وخضارها، نال حريته الحقيقية واستقلاله وشرفه ومحى العار عن جبين الأمة. خلال هذا العام انضمت مفخرة جديدة إلى قائمة مفاخرنا، فأرضنا كانت ولاتزال مقبرة الإمبراطوريات، ولكن هذه المرة اعترف الطغاة الجبابرة بأن أفغانستان مقبرتُهم ومقبرة كل جبار طاغية.