الأثرةُ والثورةُ

أبو عبدالله

 

في صحيح البخاريّ، قال صلّى الله عليه وسلم للأنصار: “إنكم سترون بعدي أثرةً شديدةً، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على الحوض”.

والأثرة التي وجدها الأنصار، أن الخلفاء والأمراء وكذلك غالب الوُلاة كانت من قريش دون الأنصار.

الأثرة شيءٌ طبيعيٌّ في قضايا الحكم والإمارة والسياسة، فالزعيم أو الأمير يكون شخصاً واحداً ولا يكون إثنان، وهذا الواحد في الغالب يكون من القومية الكبيرة، وفي القومية يكون من القبيلة الأكبر، وهكذا الوزراء والأمراء معدودون، وإذا اختار الأمير خاصته وبطانته وحاشيته ووزرائه وأمرائه وولاته، ربما يرجّح حزبه، أو قبيلته أو أهل بلده على الأجانب لأسباب مختلفة، وبسبب كلّ هذه الأمور سيجد طوائف من الشعب أثرةً شديدة.

فموقف المسلم تجاه هذه الأثرة؛ الصبر، وإليه أوصى نبيّ الله الأنصار.

أما الثورة، وبها تمسّك أناسٌ أيام خلافة عثمان رضي الله عنه، تلك الثورة كانت فاسدة وظالمة، ولم تحقق لهم شيئاً، ولكن أثيرت فتنة، وأريقت دماء واستبيحت المدينة وقُتل الخليفة مظلوماً، وفتحت باب الفتنة للأبد.

 

بعد رحيل الاحتلال الأمريكي وعودة أفغانستان مرّة أخرى إلى حضن الإمارة الإسلامية، قد يجد البعض من الشعب الأفغاني أثرة في أنفسهم، وهذه الأثرة ليست العياذ بالله بسبب تعصب قومي ولا قبائلي في قادة الإمارة، لأن قادتها علماء، والعلماء لا قومية لهم ولا قبيلة، وأن هذه الأثرة لا علاج لها إلا الصبر، ولو كان لها علاج آخر لأوصى بها نبي الله الأنصار. أما الثورة والمقاومة، والتحريض  والبغي، فلم ينفع شيء من ذلك قديما ولا ینفع الآن ولا يحقق حلما، وإنما يفتح باب الفتنة والفوضی. لذلك من وجد أثرة، فالحل أن يصبر، ولا يفسد وطنه ولا غاية جهاد المجاهدين المخلصين بالبغي والفساد والفتنة والتحريض عليها.