الافتتاحية: 12 عاماً من عمر الصمود

تدخل مجلّة الصمود -مجلة الإمارة الإسلامية في أفغانستان- عامها الثاني عشر من عمرها الحافل بالدروس والعبر، وحياتها الممتلئة بالأحداث والفتن والمآسي.

في عالم الصحافة نشهد كثيراً ظهور مجلات ومواقع وقنوات في الساحة بين ليلة وضحاها، ونشهد كيف تصدر أو تبث بدعم مالي سخي وبدعم معنوي كبير، لكن سرعان ما نشهد توقف إصدارها، أو تعطلها نهائياً لأسباب تافهة أو عادية.

لكن أن تصمد وتثبت مجلة في ظل أشرس أنواع المشقات والمصاعب، وتستمر في أعمالها ونشاطاتها رغم تكالب الأمم على الجهة المصدّرة لها وعلى من يحمل مشقات إصدارها، فهذا أمر يشبه المعجزة! ويتطلب المزيد من الشكر على النعمة، فالحمد لله رب العالمين معز المؤمنين ومذل الكافرين.

والحقيقة أن مجلة الصمود بهذه الحياة المباركة أثبتت لنا أنها ثابتة صامدة برسالتها العظيمة التي حملتْها على كاهلها من أول يوم رأت فيه النور.

تلك الرسالة رسالة عظيمة تعيش بها الأمّة، وتعيش بها كل جماعة من أبناء الأمّة الإسلامية تسعى لإحيائها وصيانتها والذود عنها.

“الصمود” صمدت برسالتها لتقول للأمّة الإسلامية، التي تكالب كل ضباع العالم هذه الأيام على ارتكاب المجازر بحق أبنائها، والذين لم يسلم من قصف طيرانهم مدني أعزل في سربه، ولا مصلٍّ في محراب العبادة، ولا داعٍ مبلغ على منصة الدعوة والتبليغ، ولا طفل في ملعبه، ولا مقاتل في خندق القتال يدافع عن عرضه ووطنه، صمدت لتقول للأمة بكافة أطيافها: أنه لا مأوى ولا منجى لهم من كل هذه المآسي والبلايا إلا أن يعودوا إلى دينهم، وأن يقاتلوا حتى يكون الدين كله لله، وأن يُعدّوا ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل يرهبون به عدو الله وعدوهم.

 

“الصمود” صمدت برسالتها لتقول للحكام المسلمين الذين جعلوا من اليهود والنصارى بطانات لهم وأودعوا العلماء المصلحين والدعاة الناصحين محاكمَ التفتيش والمعتقلات والسجون، وفرضوا قيوداً ورقابات على خطاباتهم وخطبهم ومواعظهم ودروسهم، وجعلوا الحرية نصيبَ كل مفسد في العقيدة ضالٍ في الفكر لينبح في القنوات والإعلام ضد ديننا الإسلامي ومقدساتنا، صمدت لتقول لهم: إن اليهود والنصارى لن يرضوا عنهم حتى يتبعوا دينهم، وإن اتبعوا دينهم لن يكونوا مثلهم بل سيظلون أذلاء حقراء في أعينهم لا يقيمون لهم وزناً.

 

“الصمود” صمدت لتقول للأغنياء المسلمين أن العزة ليست في شراء السيارات الفارهة ولا الملابس الفاخرة ولا في بناء الأبراج والمباني الشاهقة ولا في الأسواق المزدهرة ولا في التجارة الرائجة التي يخشون كسادها؛ بل العزة في ريالات ينفقونها في سبيل الله، وفي تجهيز غزاة يدافعون عن دين الله ويقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا.

 

“الصمود” صمدت لتنقل إلى الأجيال الجديدة رسالة الجهاد من المجاهدين الكبار العظام، وتقول لهم: إن الجهاد عبادة كغيرها من العبادات لها شروطها وآدابها، وليس مجرد حرب للقتل والتدمير، وأن الغلو والتشدد لا يفسد الجهاد في سبيل الله فحسب، بل يضرّه ويضر بالأمة المسلمة ويحبط كافة المساعي التي بذلها ويبذلها المخلصون من المجاهدين في سبيل الله، ولا يخفى ذلك على أحد.

 

“الصمود” صمدت برسالتها لتقول للصليبيين الذين احتشدوا ضد المسلمين المستضعفين في أنحاء العالم، أن اعتبروا بمصير الاتحاد السوفياتي السابق كيف انهار بعدما أجرم وأفسد وارتكب أبشع الجرائم بحق المسلمين المستضعفين في العالم، فإن رب المستضعفين لبالمرصاد، وإن كيده لمتين، وإن بطشه لشديد.

وإنّ مصيرهم لن يختلف عن مصير سلفهم، وإن ما ينفقون من مال وعتاد في حربهم على المسلمين سوف يكون حسرة عليهم في نهاية المطاف.

 

إن مجلة الصمود صامدة ثابتة بإذن الله تعالى؛ لأن لديها رسالة لا بدّ من تبليغها، ولأن لها رسالة لا بد من تحقيقها، ولأن عندها رسالة لا بدّ من نقلها إلى الأجيال الجديدة، وهي رسالة “وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله”، وهي رسالة: ” قَاتلوهم يعذبهم اللَّه بأَيْديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤْمنين”.

صدق الله العظيم.