دور العملیات الاستشهادیة في هزيمة الاحتلال

محيي الدين

 

يقول أستاذ خبیر في جامعة کابل، درس السیاسة في إحدی الجامعات الخارجیة الکبیرة وهو یتحدث عن دور العملیات الاستشهادیة التي تنفذ بین الفینة والأخری في ولایة کابل: “الحقیقة المسَلّم بها هي أن للعملیات الاستشهادیة دور أکبر في هزیمة أمریکا وإحباط  مخططاتها. وإن بعض المراکز التي سعی الغربیون في إنشائها خلال ۱۵ عاماً، وهي مهمة لهم غایة الأهمیة، أطاح بها أبناء الإمارة الإسلامیة في بضع دقائق.

لا أقول أن مرد هذه الهزیمة إلی هذه العملیات تماماً، ولکن نستطیع القول بالتأکید أن لها دور کبیر في هذا الانتصار الکبیر الذي ینشده وینتظره شعبنا العظیم بفارغ الصبر. إن هذه العملیات كسرت جمیع الموازین والمقاییس المسَلّم بها في عالم السیاسیة والحروب. ولم یکن في توقع الأمریکیین والأروبیین أن يتسلّح أبناء هذا الشعب الأوفیاء بالعملیات الاستشهادیة. لذلك فإن لها الدور الکبیر في إحباط الأعداء وإدخال الرعب في قلوبهم.”

هذه کلمات رجل درس السیاسة والاجتماع. والواقع أن العملیات التي نفذها المجاهدون علی مدار الـ ۱۵ عاماً الماضية حققت حيّزاً کبیراً من الانتصار، وهیّأت المجال لهزیمة الأمریکان. خاصة تلك العملیات التي نفذها المجاهدون في العامین الأخیرین. فالعملیة التي نفذها المجاهدون علی الجامعة الأمریکیة في کابل، أدت إلى توقف کثیر من برامجهم التعلیمیة والثقافیة لمسخ شعبنا، وأدخلت الرعب الهلع في قلوب الأعداء الأجانب والعملاء.

كما أدت هذه العملیة إلى فرار بعض الأساتذة الأجانب من أفغانستان، وقد لفتت هذه العملیة الأنظار إلی هذه الجامعة وخطورتها والتحرز منها. لا نشڬ في أن هذه الجامعة أسست لتربیة الکوادر العلمیة والإداریة لأمریکا. فإن من دأب أمریکا أنها تبادر إلی تأسیس جامعات أمریکیة في کل بلد تحتله، منها الجامعة الأمریکیة في بیروت، ومنها الجامعة الموجودة في القاهرة. وقد یُدرّس في هذه الجامعات الأساتذة الأمریکیون والأساتذه المحليين الذين يؤمنون بمبادئ الغرب وقیمه وأصوله و رؤیته إلی العلم والعالم. فالحملة علیها أدت إلى هزیمتها، وحفّزت الشباب علی الالتفات إلى خطورة برامجها ومعرفة أهدافها الخبیثة.

أما العملیة التي نفذها الإخوة علی “قناة طلوع”، فقد أدخلت رعباً مدهشاً في قلوب العاملین في الإعلام الذي يُشوّه صورة الإسلام ويسعى لإفساد العقول، لاشك أن الحریة المطلقة التي أعطتها دولة کابل إلی الصحفیین، جرّأتهم علی التعدي على الإسلام والهجوم علی العلماء والدعاة، والسعي الحثیث لإضلال الشعب الأفغاني الباسل.

کما أنها لم تکن الحملة الأخیرة، بل هي رأس جبل الجليد لعملیات أخری في قادم الزمان. نحن ندرك قیمة هاتین العملیتین، فالجامعة الأمریکیة وقنوات کطلوع وغیرها، ماهي إلا أدوات ناعمة للغزو الثقافي والعلمي لشعبنا الأبي. وغزو شعبنا ثقافياً ودينياً من أهداف الغرب. فاستهداف هاذین المرکزین، أدى لتعطل كبير في مسار تطبیق الرؤی والنمازج الغربیة في أفغانستان.

أما استهدافنا لبعض الفنادق عبر العملیات الاستشهادیة فقد جعل أفغانستان جحیما للأجانب. فإنهم عندما یأتون إلی أفغانستان، یختارون الفنادق الکبیرة لارتکاب المعاصي وتعاطي المخدرات والمحرمات، وفي أکثر هذه الفنادق جمع کبیر من النسوة اللاتي یبعن عرضهن لدراهم معدودة، منهن الأجنبیات والمحليات. وقد صارت الفنادق في کابل محلات لنشر الفساد الخلقي والتفسخ الإیماني بین الشباب، وهذا مایریده الغرب. لذلك يُعد استهداف هذه الفنادق خطوة هامة لهزیمة أمریکا في تطبیق أهدافها الخبیثة.

وباعتراف من قادة المحتلین، عرقلت العملیات الاستشهادیة مسار انتصارهم في أفغانستان. لأنهم لا یواجهون المجاهدون في ساحة وجهاً لوجه؛ بل یهجمون علی المجاهدین من الجوّ. ولذلك قال أحد قادة المحتلین أنهم واقعون في مأزق في أفغانستان، أما ما تدعيه وسائل الإعلام من أرقام هائلة لمقتل الأبریاء في هذه العملیات، فلا حقیقة له.

نعم، لاننکر حدوث أخطاء، ومنها مقتل بعض الأبریاء؛ لأنّ المعرکة في قلب العدوّ ربما تسبب إراقة دماء، ولکن المجاهدین لا یستهدفون الأبریاء بذاتهم، ویبذلون قصاری جهدهم للتحرز منها. ومع الأسف، عندما تنفذ عملیة استشهادیة تقوم إدارة کابل بتقدیم أرقام معکوسة مکذوبة، فتعلن أن عدد القتلی من المحتلین وعملائهم بضع أشخاص، والحقیقة أنّ قتلاهم أکثر من هذا، وفي الوقت ذاته، تعلن أن أعداد القتلی من الأبریاء والمدنیین أکثر بکثیر، والحقیقة إما أنه لا یوجد قتیل مدني، وإما قتیل واحد أو اثنان؛ لأنّ من طبیعة العملیات التي ینفذها المجاهدون، أنها مبرمجة.، ویقرر تنفیذها في قلب العدوّ وداخل المحلات التي يقطن فیها المحتلون.

لذلك نری أن النّصر القادم القریب سوف یتحقق قسط کبیر منه، من خلال العملیات الاستشهادیة التي نفذت وتنفذ. رحم الله الرجال الذین نفذوها، واختاروا الدار الآخرة علی دار المصائب والمعاناة.