السيرة الذاتية للقائد الشهيد القارئ محمد عالم شاه

لقد جربت أمريكا الصليبية جميع أساليب التعذيب في سجونها الوحشية على أسرى المسلمين، حتى أن المعذِبين اعترفوا بأن ما عاناه هؤلاء الأسرى تنوء عن حمله الجبال والفضل ما شهدت به الأعداء.

يقول الجندي الأمريكي المتقاعد شين دي بايكر:

((هناك افراد مستعدون لبذل حياتهم في سبيل عقيدتهم من الصعب قهر الروح ومعنويات الرجل، خصوصا إذا تسلح بعقيدة ما، من الصعب إيجاد أمريكي واحد بهذا الإيمان، أقولها بكل تجرد، وأنا أحترم هؤلاء الأشخاص، أحترم هؤلاء الأشخاص لأنهم أقوياء فعلا، وشديدو الإحتمال والصبر، إنهم شديدو الإحتمال والصبر على الأذى وعلى التعذيب)). (معاناة في غياهب غوانتامو فيلم وثائقي قناة الجزيرة).

حقا لهؤلاء المساكين أن يتعجبوا من صبر ومصابرة أسرانا، فإن فنون سحرهم بطلت وظبات أسلحتهم فلت دون دروع صبرنا، تعب المعتدون بالتنكيل بنا لكن صبرنا لم ينفد، ألا فانتبهوا يا أعداء الله! وموتوا بغيظكم فنحن لا نتألم بتعذيبكم بل إننا بصبرنا نحول المحن إلى منح والآلام إلى نِعَم، إننا نجد لذة العيش ومتعة الحياة في الصبر على إيذائكم، ففي البخاري عن عمر أبن الخطاب رضي الله عنه: “وجدنا خير عيشنا الصبر”.

وقال الخليل عليه وعلى نبينا صلوات الله وسلامه: (ما كنت أياماً قط وليالي قط أطيب عيشاً مني إذ كنت في النار، ووددت أن عيشي كله مثل عيشي إذ كنت فيها).

إن المجاهدين يرون الإيذاء في الله مفخرة يتباهون بها، إن أولياء الله يتقربون إلى الله في الشدائد. وأنتم ستحملون تبعات تعذيب السجناء المستضعفين.

قال الملا عبد السلام ضعيف في مقال له حول أسباب إنتشار ظاهرة الإنتحار في صفوف القوات المعتدية المحتلة: “إن من أكبر أسباب ظاهرة الإنتحار في صفوف القوات المحتلة هو شعورهم بأنهم على الباطل، وقد رأيت ذلك في سجن كوبا بأم عيني وسمعته بأذني حيث كان الجنود يبكون ويقولون لقد ورطتنا أمريكا في هذه الحرب موهمة إيانا بأننا نحارب الإرهاب ونعذب شرار الناس لكن لما رأيناكم ورأينا عبادتكم وتضرعكم لربكم تيقنّا أنكم خيار الناس ونحن شرارهم لأننا نؤذي خيار الناس”.

ويضيف الضعيف: “بأن من استشعر منهم بهذا الشعور كان إما أن يدخل في الإسلام، أو ينتحر أو يبتلي بالأمراض النفسية”.

إن هذه السجون الوحشية وهمجيتكم لم ولن تحطم معنويات أسرانا، و لن تهزم عزائمهم بإذن الله، فإن الله سبحانه وتعالى يؤيد أسرانا بتأييد غيبي، قال الأستاذ محمد ياسر تقبله الله :  (حتى كثير من الذين كانوا يُعذبّون ويُضربون سألتهم فكانوا لا يشعرون بألم.. فأنا أشجّع الناس على أن لا يخافوا من السجن والطغاة؛ فإن الله تعالى سيؤيّدهم تأييدًا غيبياً من حيث لا يتوقّعون).

ولقد شاهدنا إخواننا المجاهدين وقعوا في أسركم وعذبتموهم بأبشع أنواع التعذيب ولاقوا أشد الإبتلاءات والمحن في سبيل الله لكنها لم تحل بينهم وبين الجهاد في سبيل الله ومن هؤلاء الإخوة القائد الشهيد القارئ محمد عالم شاه تقبله الله نحسبه كذلك والله حسيبه.

ولادته والهجرة في سبيل الله:

ولد القارئ محمد عالم شاه إبن الحاج نظر شاه قبل إنقلاب تراقي الشيوعي بعامين في ولاية خوست وهاجرت عائلته إلى باكستان وهو إبن ثلاث سنين.

الذهاب إلى الإمارات العربية وحفظ القرآن الكريم:

ولما بلغ السابعة من عمره ذهب مع أسرته إلى الإمارة العربية المتحدة، والتحق في مدينة أبو ظبي بمدرسة لتحفيظ كتاب الله، وأتم حفظ الكتاب في ثلاث سنوات، ثم أخذ يتلقى علوم المرحلة الإبتدائية في الإمارات.

متابعة المسيرة التعليمية والرجوع إلى باكستان:

بعد مكث تسع سنوات في الإمارات العربية وأخذ علوم المرحلة الإبتدائية رجع مع أسرته إلى باكستان، وبدأ يتلقى العلوم الشرعية والعربية في مختلف مدارس باكستان وأفغانستان، كالجامعة الفاروقية في هنجو باكستان، ومظهر العلوم في مديرية صبري خوست، ومدرسة في مديرية يعقوبي إلى أن أكمل الثانوية الخاصة.

لقد كان القارئ الشهيد يجيد التحدث بالعربية والأردية والإنجليزية إضافة إلى لغته الأم الباشتو.

هجمة أمريكا وبدء صراع بين معسكري الحق والباطل:

كغيره من طلاب العلم نغصت عليه هجمة أمريكا مرحلته التعليمية فلم يتمكن من متابعة مسيرته التعليمية وإكمالها، وكان من الأوائل العشرة الذين سارعوا إلى الجهاد ضد القوات الصليبية في ولاية خوست بعد سقوط الإمارة الإسلامية.

نبذة عن عملياته الجهادية:

لقد شارك رحمه الله في كثير من العمليات الجهادية الهجومية على قواعد المحتلين ومراكزهم في ولاية خوست، ولعكم شاهدتم فيديو لصواريخ مخبأة ومرتبة في سيارة بيك آب، حيث كانت الخطة بأن أحد الإخوة سيقوم بإيقاف السيارة بالقرب من القاعدة الأمريكية صحرا باغ وبعدها ستتم رماية الصواريخ منها على القاعدة، تمت العملية بنجاح وأسفرت عن قتل أكثر من عشرة من العلوج وقد كان القارئ الشهيد صاحب الحظ الأكبر في هذه العملية المباركة.

إن القارئ محمد عالم شاه كان لايغفل دوما عن أسلحته، وكانت الأسلحة التالية متوفرة لديه في بيته كقاذف آر بي جي، ومدفع الهاون، ورشاش الكلاشنكوف، وذات ليلة كان القارئ نائما على سريره في البيت إذ أزعجه ضجيج الطائرات الأمريكية و طار نومه فحمل القاذف على عاتقه وأخذ ثمانية قذائف ثم سار في الليل وأطلق القذائف على القاعدة الأمريكية صحرا باغ، وقد أربك العدو هذا الهجوم المفاجئ فصار يطلق النار العشوائي هنا و هناك إلى الصباح.

إنفجرت عليه عبوته ولم تصبه بأي أذى:

ومن القصص العجيبة التي حدثت للقارئ الشهيد إنفجار عبوة أثناء زرعها عليه وعدم إصابته بأي أذى، يقول القارئ محمد عالم شاه ذات يوم كنت أزرع اللغم في طريق بالقرب من قاعدة صحراباغ الأمريكية وإذا به ينفجر علي، فاغمي علي ولم أشعر بأي شيء، وعندما أفقت وجدت نفسي بعيداً عن موضع اللغم، فقمت وفتشت نفسي فلم يصبني أي أذى والحمد لله.

صبره على المحن والبلايا:

مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ، يُبتلى الناسُ على قدْرِ دينِهم، فمن ثَخُنَ دينُه اشْتدَّ بلاؤُه، ومن ضعُف دينُه ضَعُف بلاؤه، وإنَّ الرجلَ لَيُصيبُه البلاءُ حتى يمشيَ في الناسِ ما عليه خطيئةٌ(

ما ارتقى أحد من المسلمين في مدارج الإيمان والعبودية والجهاد إلا واجه الشدائد والمحن والبلايا في هذا السبيل، وهكذا كان القارئ الشهيد، صقلته المحن وعركته الشدائد، فتترس بترس الصبر، حتى ثلمت سيوف الظلم وتكسرت رماح العدوان لكن لم تحطم عزيمته ولم تنهزم صبره.

ففي عام 2004 داهم الوحوش الأمريكيون منزله فقتلوا ابن عمه وأسروا القارئ الشهيد في معتقل باغرام وقد لاقى الشهيد محمد عالم شاه في معتقل باغرام صنوفاً من العذاب.

منها: أن عباد الصليب احتجزوه في غرفة، وجردوه عن الثياب سوى سروال داخلي، وأوقفوه في الشتاء القارس تحت المكيف أربعة عشر يوماً ليقر باسمه ورغم ذلك لم يعترف الجبل الأشم بأنه محمد عالم شاه، ولسبب وقوفه تحت المكيف في الشتاء كانت رجليه متورمتين عاماً كاملاً.

ومنها: ما حدثني بها رفيق دربه المولوي أحرار نقلاً عن القارئ الشهيد: بأن الأمريكان ذات يوم أحاطوا به و كبلوا يديه ورجليه إلى عنقه، ثم جاءت مجندة أمريكية تركله برجلها وتستهزئ به وتعيره وتقول ألا تخجل أني امرأة وأضربك، فقلت في نفسي ستأتي أيام الإنتقام إن شاء الله، وتلك الأيام نداولها بين الناس.

ومنها: ما حكاها لي الشيخ عبد الرحمن: بأن الأمريكان لما يئسوا من إعترافه هددوه وقالوا له: إن لم تعترف فلنأتين بزوجتك ولنغتصبنها أمامك، فأجابهم لا أبالي بذلك إذا كان في ذات الإله ولدينه.

لقد مكث رحمه الله أربع سنوات ونصف في سجن باغرام ولما منّ الله عليه بالنجاة من براثن الهمجيين، عاد إلى جبهات القتال وبينما كان يتدرب مع رفقاء دربه جاءت الطائرات بدون طيار وقصفت مركز المجاهدين واستشهد من المجاهدين تسعة عشر بمن فيهم أخاً شقيقاً للقارئ محمد عالم شاه الشهيد سعيد شاه وأصيب القارئ بجروح خفيفة.

مسؤولياته الجهادية:

كان القارئ محمد عالم شاه قائدا لمجموعات جهادية في ولاية خوست، كما كان مسؤولاً جهادياً لمنطقة لاكنو المرتبطة بمركز الولاية ثم أوكلت له مسؤولية مديرية علي شيرو فأقض مضاجع الصليبيين في هذه المنطقة وقام بتصفية جواسيسهم.

فقد الحبيب:

يقول أصحاب القارئ الشهيد بأننا فقدنا بفقده أباً رحيماً وأخاً شفيقاً وقائداً محنكاً، مع أنني لم أصاحبه لفترة طويلة لكن التقيت به وجلست معه ولما أخبرت باستشهاده لم أتمالك نفسي و بكيت من شدة الغم.

فلو شئت أن أبكي دماً لبكيته

ولكن ســـــاحة الصبر أوسع

وذلك في غرة شوال من عام 1431هـ ق، في عملية مداهمة على عميل من العملاء، ويقول إخوانه المجاهدون بأن القارئ الشهيد كان دوماً يتقدم إلى المهالك ولايرضى بأن يتأخر ويقدم المجاهدين إليها. فيا قائد المجاهدين نعزي الأمة الإسلامية، و المجاهدين والإمارة الإسلامية ونواسي عائلتك وأحبابك وإنا بفراقك لمحزونون، ورحمك الله أيها القارئ وأسكنك فسيح جنانه.