القصف يقتل أمنيات السلام

ها قد مرت عشرة أشهر على اتفاقية انهاء الاحتلال التي تمت بين إمارة أفغانستان الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية في دولة قطر، وتزامنا مع الاتفاقية دخلت قضية أفغانستان إلى مرحلة جديدة، وانبثقت معها أمنيات حل هذه الأزمة التي استمرت طويلاً.

كان من أهم نقاط اتفاقية الدوحة، توقف القصف والعمليات العسكرية من قبل المحتلين، وفي المقابل تمنح الإمارة الإسلامية فرصة للمحتلين الأجانب لإكمال عملية خروجهم من أفغانستان بشكل آمن ومسالم.

وبما أن إمارة أفغانستان الإسلامية لها التزام شديد للتوجيهات الإسلامية، وتعتبر الوفاء بالعهد أصل ديني وأخلاقي عظيم، فإنها خلال الأشهر العشر الماضية أثبتت التزامها للاتفاقية، ولم يصدر منهما أي تصرف يناقض الاتفاقية، وهذه هي الحقيقة التي اعترف بها وزير الخارجية الأمريكي مايك بمبيو أيضاً.

لكن الطرف المقابل ارتكب – مرارا – تصرفات تناقض بنود الاتفاقية بشكل صريح، ومن جملة ذلك ما قامت به القوات الأمريكية في الآونة الأخيرة من غارات جوية في المناطق الشعبية بولايات مختلفة، وكذلك العمليات العسكرية التي تشنها جنود إدارة كابول بدعم من الأمريكيين، وهذا ما يناقض الاتفاقية تماماً، ومثل هذه الأعمال التخريبية لا تعرض اتفاقية الدوحة للخطر فحسب، بل إنها تهدد أيضاً التطور الذي تم تحقيقه في حل الأزمة الأفغانية، وتحول الأماني المنبثقة في هذا الصدد إلى اليأس والقنوط.

يعلم كل ذي لب بأن سياسة استخدام القوة في أفغانستان من قبل المحتلين الأجانب طيلة السنوات العشرين الماضية قد باءت بالفشل ولم تأت إلا بالفظائع والجرائم، وبعد التجارب الفاشلة طيلة السنوات العشرين تحقق إجماع محلي ودولي بأن قضية أفغانستان يجب حلها بشكل سلمي على أساس اتفاقية الدوحة، وبما أن الطرف الأمريكي يريد استعراض قوته مرة أخرى عن طريق شن غارات جوية، فيبدوا أنها لم تتعظ بعد من تكرار التجارب الفاشلة.

نقول للطرف المقابل بألا يلعب بحياة الشعوب ولا يستخف بأمنيات السلام بمثل هذه التصرفات الأحادية، فإن خسائر الحرب ليست أحادية؛ لأن رحى الحرب كلما دارت فإنها تهرق دماء الطرفين، لذا على المسئولين الأمريكيين بألا يعيدوا استخدام تلك التجارب والوصفات التي لم تجن طيلة السنوات الماضية سوى الفشل والهزيمة، والتي لم تحقق لهم سوى الفشل والخسارة والانهيار المادي والأخلاقي.

إن إمارة أفغانستان الإسلامية تحتل الآن موقفاً سياسي وعسكري أفضل من أي وقت مضى، وباعتبارها جهة مسئولة فإنها في محاولة دائمة لأداء دورها الفعال في حل الأزمة، وهذا الموقف ليس نابعاً عن ضعف، وإنما هو دليل على الثقة بالنفس، واحترام لأمنيات الشعب، والسمو الأخلاقي، وعلى الطرف المقابل أيضاً بأن يتعامل مع هذه القضايا المهمة والحساسة بشكل دقيق ومسئول.