المؤتمرات الفاضحة

بقلم أبو عبد الله

 

لم نكن نتوقع خيرا من المؤتمرات التي انطلقت سلسلتها بعد تصريحات الجنرال الأمريكي “نيكولسن” الفاضحة والكاشفة عن حقيقتها بأنها ليست إلا استجابة لطلباته وتوفيرا للمواد الخام لضغوطه الدينية التي توعد بها المجاهدين في أفغانستان.

فها قد ارتفعت وتيرة الجرائم الأمريكية في حق الشعب الأفغاني بعد انعقاد مؤتمرات أمريكا الإفتائية باسم علماء المسلمين، وإصدارهم لبيان ينص على تحريم الجهاد الأفغاني ضد المحتلين المعتدين وعملائهم الخائنين، وصار الشعب الأفغاني أكثر عرضة للقصف الأمريكي الهمجي المتواصل.

فقد شهدنا موجة من الجرائم الأمريكية البشعة في كل من ولاية باكتيا، وقندوز، ونانجرهار، ولوجر، وخوست، راح ضحيتها مئات من النفوس البرئية من الأطفال والنساء والشيوخ، فإنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل.

يا من تدعون حمل أمانة العلم، أهكذا تؤدى الأمانة التي تقع على عواتقكم؟ أين أنتم من قوله تعالى: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }آل عمران187

إن مقتضى علمكم أن تنصروا إخوانكم المسلمين المستضعفين، وتقفوا معهم، وتتبرأوا من الكفار المحاربين المعتدين.

لماذا تغاضيتم عن جرائم الاحتلال الأمريكي، أم يجوز عندكم قتل الناس وتدمير منازلهم بقنابل الطائرات والصواريخ الموجهة، والسلاح المتطور الفتاك؟

اتقوا الله، الله الله في دماء الأبرياء والمسلمين، لقد أعنتم أمريكا الظالمة علينا، أعنتموها بالكلمة الكاملة، وفي الأثر عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِىَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبٌ عَلَى جَبْهَتِهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ”.

لا تعطوا أمريكا المجرمة الكافرة جواز قتلنا وسفك دمائنا، واحتلال بلادنا، وانتهاك حرماتنا فلقد أعطيتموها الضوء الأخضر لتقصف وتدمر منازلنا وقرانا ومدارسنا ومستشفياتنا، ولا تحاولوا تبرير جرائمها وتبرئتها مما ارتكبته وترتكبه في حق المسلمين.

ألا تدرون أن أفغانستان محتلة، احتلتها أمريكا، وعاثت فيها فسادا، ألا تسمعون صرخات الثكالى، وآهات اليتامى، ألا ترون الأشلاء الممزقة وحمامات الدماء؟ ألا توقظ ضمائركم أجسادنا الممزقة، وأشلاءنا المقطعة؟ ألا تقض مضاجعكم المجازر المروعة التي ترتكبها أمريكا في حق الأبرياء العزل من الشعب الأفغاني؟ أم أنكم تزعمون أن أمريكا تقود العالم نحو الأمن والاستقرار! وتريد ارساء الأمن وإحلال السلام في المنطقة؟ فساء ما تزعمون.

ألا ترون طائرات الصليب التي تشحن في بلادكم وتحلق في سماء الأفغان وتقصف منازلهم الطينية بأطنان من المتفجرات وقنابل الفسفور الحارقة؟ أم تحسبون أنها تمطر الورود وتوزع الهدايا عليهم؟

تعالوا إلى أفغانستان فهي جزء من كوكب الأرض الذي تعيشون عليه، ولا تقع على كوكب المريخ، تعالوا وشاهدوا جرائم أمريكا، تعالوا وشاهدوا شعبا مستضعفا، مقهورا ومظلوما ثم اجعلوا الله شهيدا على ما تقولونه وأصدروا الفتوى.

أفغانستان ليست ببعيدة عنكم، عجبا لكم كيف تسمعون أزيز الرصاصات التي يطلقها الأفغان على المحتلين وعملائهم ولا تسمعون أصوات أمهات القنابل التي تمطرها الطائرات الأمريكية!

إنكم تريدون أن تطلقوا الكلاب وتربطوا الحجارة، وتنهوا عن المعروف وتأمروا بالمنكر، فبئس ما تأمرون، اعلموا أنكم تشجعون الجلاد على ارتكاب مزيد من الظلم وتلومون الضحية لانتفاضها تحت سكين الظلم.

واعلموا أنكم ترشون الملح على جراح المستضعفين وتزيدون في معاناتهم، وتحاولون إمساك أيديهم وتسليمهم للكفار ليفتنوهم عن دينهم ويقتلوهم كيفما شاؤوا، أين أنتم من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِم ، لا يَظْلِمهُ ، وَلاَ يُسْلمُهُ)؟

أطفال أفغانستان ينادونكم بأننا بتنا ضحية صمتكم وسكوتكم عن الحق وموقفكم المخزي تجاه قضية أفغانستان، ووالله لتؤدن ثمن خذلان المستضعفين الذين تستضعفهم أمريكا في مشارق الأرض ومغاربها، تفتك بهم وتقتل أطفالهم ونساءهم وتدمر منازلهم وتشردهم وتهجرهم من أوطانهم وتفعل بهم الأفاعيل.

وإننا على يقين كامل بأن الأفغان سينتصرون بفضل من الله في هذه الحرب، وستهرب أمريكا ذليلة خائبة خاسرة من أرضهم، وستذهب فتاويكم إلى مزبلة التاريخ وستلعنكم أجيال المسلمين القادمة لانحيازكم ووقوفكم تحت لواء الصليب.

فاتقوا الله ولا تنصروا أعداء الإسلام على إخوانكم المستضعفين والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.