بيان مجلس الشورى القيادي لإمارة أفغانستان الإسلامية حول خطاب اوباما إلى العالم الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحیم

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (البقرة (204)

يسعى أوباما رئيس أمريكا منذ فترة حملته الانتخابية لاستعادة الاعتبار الضائع لأمريكا وتوفير ماء وجه لها، متوجها خطابه إلى المسلمین فی العالم .

وبعد إلقاء خطابه ظهر يوم الخميس الماضي في القاهرة ـ بحسب تعبيره (خطاب إلى العالم الإسلامي) لم يكن في محتواه شيئا يلعب دوراً معيناً، لتقليل التنافر الذي بلغ أشده بين المسلمين وأمريكا . مع أن كلام اوباما المسهب استغرق 48 دقيقة، لكن فشل المذكور في إرسال رسالة شفافة، وصادقة إلى الأمة الإسلامية، إلى حد كبير، لأن جل كلامه انطوى على عدة مصطلحات شكلية التي لم يتجل فيه شيئا بتغير سياسة أمريكا العدائية تجاه المسلمين.

إن مجلس الشورى القيادي لإمارة أفغانستان الإسلامية إذ يعتبر خطاب اوباما تسلسلاً لشعارات أمريكا المخادعة، يصدر بخصوصه التوضيحات التالية:

1-    في الوقت الذي يدعي فيه اوباما حسن النية وحسن التعامل مع المسلمين، تداوم قواته المعتدية في قتل المسلمين وتعذيبهم وإلقاء القبض عليهم في أفغانستان والعراق، وتنتهك حقوقهم الشرعية ، وتقوم باستشهادهم لدفاعهم عن حقوقهم، وتزجهم في أبشع سجون العالم؛ فمن منظور الأعمال الوحشية والظالمة للأمريكيين لا يكون لخطاب اوباما المخادع  أي أهمية سوى الاسترسال اللفظي الفارغ.

2-    برر اوباما في خطابه احتلال أفغانستان والعراق من قبل الأمريكان، واعتبر المساعي الجارية من قبل قواته الصليبية ضد الشعبين المسلمين في البلدين كفاحاً مشروعاً

من أجل الحفاظ على المصالح الأمريكية. لكن في ضوء القوانين الوطنية والدولية لا يقال أبداً لاحتلال البلدان المستقلة، وللحرب الظالمة ضد شعوبها الحرة کفاحاٌ مشروعاٌ.

3-    يهدف باراك اوباما من إلقاء مثل هذه الخطابات الحاسدة، إيجاد الفرقة والاختلاف بين المسلمين والعالم الإسلامي، وإبعاد الأمة المسلمة من مدافعيها الحقيقيين (المجاهدون)، تلك القوة التي رعتها هذه الأمة الإسلامية بطيبها وتحت حمايتها وقامت بتقويتها.

فيسعى المذكور لانعدام الثقة فيما بين المسلمين، لكي يستفيد من خلافاتهم وتفرقتهم؛ لكن روابط الدين والعقيدة بين المسلمين ليست ضعيفة إلى هذا الحد بأن تنقطع بعدة كلمات احد مثل اوباما,لأن المسلمين الواعيين يعرفون مكائد أمريكا الشيطانية ولذا يساهمون بكل ما تيسر لهم من الإمكانيات في الجهاد، لأنهم يعرفون جيدا أن حرب أمريكا ضد المجاهدين يعتبر حرب أمريكا ضد الأمة الإسلامية بأكملها.

4-    ادعى المذكور بأن الأمريكيين ليسوا بصدد إقامة قواعد دائمة ولا عندهم نية في استمرار احتلال البلاد الإسلامية كالعراق وأفغانستان، وليس لديهم نية السيطرة على ثروات شعوب العالم الحر.

لكن إدعائه هذه ترده بشدة الحقائق والأحداث الجارية في هذه المناطق؛ لأن الأمريكان مشغولون حاليا بتدشين مطارات واسعة وقواعد عسكرية مستحكمة في أفغانستان، حيث حتى الآن دشنوا (12) قاعدة جوية واسعة تتسع لهبوط الطائرات

العسكرية الكبيرة أيضاً.

إن بناء هذا الكم الكثير من المطارات والقواعد العسكرية الضخمة يثبت بوضوح نية الأمريكان باحتلال والبقاء الدائم في المنطقة قدر الإمكان، ولذا يرسلون مزيداً من القوات الإضافية إلى المنطقة.

5-    قال اوباما إن استمرار حرب أفغانستان مكلف، ومن الجانب السياسي معقد، لذا إذا وجد اليقين حول الأمن في المنقطة فإن القوات الأمريكية ستغادر أفغانستان بكل سرور.

هذا الكلام جدير بالسخرية بأن المذكور يربط إنهاء الاحتلال الأمريكي بإحلال الأمن في المنطقة؛ لأن أساس الأزمة الجارية وانعدام الأمن في المنطقة هو تواجد الأمريكيين فيها, وما دامت القوات الأمريكية تتواجد في أفغانستان سيستمر الجهاد والمقاومة ضدها.

فلو أن اوباما يكون صادقاً في إحلال الأمن في المنطقة ، فينهي تواجده العسكري والاحتلال الجائر لأفغانستان لأن انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان يمكن الأفغان من إحلال الأمن في بلدهم ولا يبقى بعد ذالك مبررا لتهديد أمن المنطقة من الصعيد الأفغاني .

6-    احتوى خطاب اوباما على بعض قضايا الشرق الأوسط وخاصة قضية فلسطين فسعى المذكور في خطابه هذا إعطاء فكرة جديدة للمسلمين حول إسرائيل، حيث بدأ بانفعال شديد في سرد قصة اضطهاد اليهود، حيث اعتبر هم من أكثر الشعوب المضطهدة ولأجل اضطهادهم يجب على المسلمين وخاصة على الفلسطينيين الاعتراف بوجود الكيان الصهيوني رسميا. أعاد المذكور إلى الأذهان القصص الخيالية المختلقة لهولوكوست والقتل الجماعي لستة ملايين يهودي، لكنه مر على مأساة الفلسطينيين منذ قرابة سبعين سنة بعدة كلمات بسيطة، والذين يقتلون ويذبحون يوميا بأيدي الصهاينة الحاقدة،  ويتعرضون كل ساعة للتهديد بالإبادة الجماعية.

وقد أوصى اوباما زعماء الدول العربية بتوطيد علاقاتهم مع إسرائيل. لكنه لم يلق بالاً نحو أهل غزة المحاصرين، ولم يقل أي كلام حول إرسال الدواء، والغذاء، والإمدادات الأولية لهم.

يظهر من ذلك بأن اوباما لم يأت إلى العالم الإسلامي مع رسالة التصالح ؛ بل قدم عدة اقتراحات لحماية المصالح اليهودية وطالب في خطابه من المسلمين تنفيذ تلك المقترحات حفاظا على المصالح الصهيو الصليبي في المنطقة .

إن إمارة أفغانستان الإسلامية على يقين بأنه إنْ لم يتم تفكير صادق ولم تُتخذ خطوة عملية من أجل حل حقيقي وجذري للمشاكل المذكورة أعلاه، فإن معدل كراهية واشمئزاز عامة المسلمين تجاه أمريكا آخذ في التصاعد.

في الوقت الذي نعتبر خطاب اوباما هذا، في الحقيقة محاولة فاشلة لخداع العالم الإسلامي، في المقابل ننادي الأمة الإسلامية كافة وبخاصة المستضعفين في العالم الإسلامي بأن يثبتوا في مداومة الجهاد من أجل احترام مقدساتهم وبلادهم والدفاع عنهما ضد الأمريكيين المحتلين، ويقاتلوا المحتلين إلى أن ينالوا حريتهم واستقلالهم الحقيقيين.

ومن الله التوفیق.

مجلس الشورى القيادي لإمارة أفغانستان الإسلامية

۱۲ لشهر جمادي الآخرة لعام ۱۴۳۰ هـ ق