11 ربيعاً من عمر الصمود

مع بداية شهر (رجب 1437هـ)؛ تُتم مجلة الصمود الإسلامية عامها العاشر لتدخل العام الحادي عشر من عمرها الجهادي الممتد منذ 1427هـ/2006م. أبصرت “الصمود” النور وأفغانستان ترزح تحت وطأة احتلال صليبي، بربري، مجرم،

احتلال لا يُقيم وزناً لدماء الأبرياء ولا لإنسانيتهم. طلعت “الصمود” من رحم الأرض الأفغانية لتكون صوتاً للشعب المسلم الذي تكالبت عليه أمم الكفر قاطبة؛ صوتاً لآماله، وآلامه، وللحق الذي ينادي به ويجاهد من أجله. وهي نبض الحق الدفّاق الذي ينبض بالحقيقة لملايين المسلمين خارج أفغانستان ممن يبحثون عن واقع ما يجري على أرض أفغانستان، بعيداً عن الدجل الإعلامي الذي يبثّه العدو وعملائه على وسائل إعلامهم.

ولئن كانت عربدة العدو المحتل على الأرض جعلت من حمل السلاح أمراً واجباً، فإن عربدته على الإعلام جعلت من حمل القلم والكاميرا أمراً لا يقل وجوباً عن حمل السلاح. إن جهاد القتال وجهاد البيان توأمانِ متلازان لا ينفكّان عن بعضهما، وإلا لتبعثرت الجهود في الهواء هباءاً. ولهذا؛ أخذ جنود الإمارة الإسلامية على عاتقهم خوض غمار هذا الجهاد بكل ما في طاقتهم وبكل ما في وسعهم لمقارعة العدو على الجبهة الإعلامية كما قارعوه على الجبهة العسكرية.

لقد كانت “الصمود” عبر الأعوام الأحد عشر الماضية -ولا تزال- هي الصوت الوحيد الذي ينطق من قلب أفغانستان باللغة العربية لجماهير المسلمين في العالم العربي، وكانت بالنسبة للكثيرين نافذة ينظرون من خلالها إلى الأحداث والوقائع التي تجري على أرض أفغانستان بعيداً عن الدجل والإفتراء الذيْن ينتهجهما الاحتلال. وفي سبيل إيصال صوت الحق إلى أسماع المسلمين؛ بذلت “الصمود” طيلة الأعوام الخالية الكثير والنفيس، لقد بذلت ثلة من كتّابها ومراسليها شهداءً أوفياءً لإسلامهم ولقضيتهم، شهداءً أطهاراً مزجوا قطرة الحبر مع قطرة الدم فكانوا من خير كُتّاب التاريخ، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: الأستاذ الداعية المجاهد الشيخ أحمد مهاجر، والأخ المجاهد مصطفى صابر، والأخ الملا إحسان الله، رحمهم الله جميعاً، وغيرهم من الذين لا يعلمهم الناس ويعلمهم الله، وكفى به عليماً.

وحتى اليوم لاتزال “الصمود” بجنودها الأخفياء يقاومون حملة الاحتلال المسعورة ضد الإعلام الجهادي ورجاله، فهو لا يتورّع عن إيقاف المواقع الإعلامية للإمارة على شبكة الويب بهجمات حجب الخدمة أو بتهديد شركات الاستضافة وتوجيه الإنذارات لها، ويقف وراء الحذف المتكرر لصفحات الإمارة على شبكات التواصل الإجتماعي، كما لا يتورّع عن ملاحقة الإعلاميين، واعتقالهم، والتضيق عليهم، وإسكات صرير أقلامهم بكل وسيلة مهما كانت خسيسة دنيئة. يحصل هذا في الحين الذي يدّعي فيه الاحتلال دفاعه عن حرية التعبير وحفظه لحق الرأي الآخر!، لكن على ما يبدو أن حرية التعبير وحق إبداء الرأي الآخر -في العرف الأمريكي- مكفولة فقط لمن يجيدون فن التصفيق للعبودية والهتاف للباطل والتطبيل للظلم.

إن إعلام الإمارة الإسلامية، والتي تعتبر الصمود أحد مكوّناته، استطاع أن يوجع الاحتلال وأذنابه، رغم قلة الإمكانات، وتفوّق العدو على الصعيد المادي، هذا “الوجع”، بمرور الأيام، اتخذ شكل الحرب الإعلامية لقمع الإعلام الجهادي وتكميم أفواه رجاله. لكنه فاتهم أن من لم يخضع للإرهاب العسكري طيلة السنوات الأربعة عشر الماضية فلن يُخضعه الإرهاب على جبهات الإعلام، وفاتهم أيضاً أن العطاء الجهادي يرتبط بعلاقة طردية مع حرب العدو الإعلامية، فإنه كلما زاد العدو في محاربة إعلام المجاهدين؛ ازداد عطاء المجاهدين الإعلاميّين كماً وكيفاً وإبداعاً، فليس أشهى في قلب العبد المؤمن من إغاظة الكافرين والنكاية فيهم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

لقد كان للصمود من اسمها نصيب وافر، فهي التي وُلدت في خضمّ الحرب الضروس الدائرة على ثرى البلاد، وهي التي تصدّت بشموخ للعواصف الهوجاء والرياح العاتية التي اعترضت طريقها، فلم تهن أو تتضعضع مدة أحد عشر عاماً، فهل ستؤثر فيها نطحة محتل من هنا أو عميل من هناك!؟

يا ناطح الجبل الأشمّ ليوهنه *** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبلِ