رسالة هامّة من سجن بلتشرخي!

الحمد لله رب العالمین، والصلاة والسلام علی أشرف المرسلین سیدنا محمد و آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلی یوم الدین..

أما بعد:

بعد الفینة والأخرى یتصل بي بعض الإخوة لي – في الله – من سجن بولتشرخي الشهير الذي يقبع فيه أكثر من 4آلاف من المجاهدين.

حقیقة إنّ تفاصیل تعارفي مع هذا الأخ الكریم والقائد النبیل الذي وجّه رسالةً إلینا وإلی جمیع المجاهدین في ساحات النضال لو ذكرته بفصه ونصه، لصار كتاباً قطوراً، إلا أنني أذكر غیضاً من فیض منه.

نعم؛ تعرفت بالأخ في العاصمة كابول في “ریاسة رقم السابع عشر”.

عندما قبض العملاء علینا كنا خمسة أشخاص، فوزّعونا في خمسة غرف مختلفة حتی یكملوا معنا عملية التحقيق.

ولما أدخلوني في الغرفة السادسة في الطابق الثاني، وجدتها ضیّقة شدیدة وخمسة أشخاص آخرين كانوا فیها وصاروا معي ستة أشخاص.

 

ألقیت طرفي إلی الیمین والشمال حتی أجد مجاهداً أبسط مائدة فؤادي له حتی یرشدني في أمري، ویزیل عني كربي، ویرشدني عن تجاربه، لكن مع الأسف البالغ لم أجد ما یشفي غلیلي ویبرد علیلي.

وأدهى من هذا وذاك كاد أن یعتم لي الحیاة عندما رأیتهم یسبّون المجاهدین سيما الاستشهاديين، فيئست من أن أری فیهم بارقة أمل أو بصیص ضوء، حتی لطف الله بي عندما أدخلوا في غرفتنا شاباً قد كنت طالعت صفته في

 

 

 

 

 

 

كتاب ربي من قبل بهذه السمة: «إنهم فتیة آمنوا بربهم وزدناهم هدیً».

وهو الأخ الباسل الشیخ إرشاد (صالح محمد) – ولا أزكي علی الله أحداً- فك الله أسره مع سائر إخوانه ویثبتهم ویثبتنا في دربه المستقیم.

إنّ الأخ فك الله أسره من السجن تم القبض عليه مرة أخرى، وبعدما قضی ثلاث سنوات خرج إثر صفقة تبادل الأسری بين المجاهدين والعدو.

فخرج الأخ فيها وبعد فترة قبض علیه مرّة أخری عام 1430 هـ.ق، وإلی الآن هو مع كثیر من الأبطال قابع خلف الأسوار نسأل الله أن يفك أسره وأسر جميع إخواننا من المجاهدين الأسرى.

ولما نقلونا إلی سجن بول تشرخي كان الأخ فك الله أسره یواصینا بالصبر والثبات ویخفف عنا قدر وسعه، وینفخ فینا الروح والنشاط والحیویة بكلماته الرنّانة ممزوجاً بالأحادیث والآیات القرآنیة.

فجزاه الله عنا وعن المسلمین خیر الجزاء وفك سراحه مع جمیع إخوانه عاجلاً غیر آجل.

ففي إحدى اللیالي عندما اتصل الأخ بي تجاذبت معه أطراف الحدیث من هنا وهناك، ثم طلبت من سماحته وقلت:

هل لك من رسالة حتی أكون كترجمان لك إلی قراء مجلة الصمود؟

فتواضع بدء الأمر واستصغر بنفسه، لكنني ألحت علیه حتی وجّه رسالة قصیرة ولكنها قیمة ثمینة جداً… وإن كانت كلماتها قلیلة، لكنها حاملة الرسالة؛ بل والرسالات

إلی المسلمین عامة والمجاهدین خاصة.

نعم؛ إنّ فضیلته قال:

قبل كل شيء أوصي نفسي وإیاكم بتقوى الله عز وجل، والإخلاص له.

فإنه إذا لم یكن هنالك تقوی والخلوص في مساعي المجاهد، تكون جمیع أعماله هباءً منثوراً، ویرجع عنها شاغر الكفّین، و إن أتعب نفسه كثیراً وكثیراً، ولم یذق طوال حیاته ملذات الدنیا، بل أمطرت علیه دوماً المتاعب والمصائب…

والشيء الآخر الذي هو في غایة الأهمیة أن لا نتغافل عنه قید أنملة ولا نتقاعس عنه هنیهة؛ بل نعضه بالنواجذ دوماً دوماً، ونهتمّ به فرداً فرداً هو وحدة الصف والبعد كل البعد عن الخلافات الداخلية.

فعلی جمیع الإخوة الذین یناضلون ویجاهدون في جمیع ساحات الأفغان، أن یوحّدوا صفوفهم أكثر فأكثر، ویجمعوا رأیهم وشملهم – كما هو الآن -، ولا تخدعهم سیناریوهات الغرب الرعناء، ورمیته النازفة عبر وسائل الإعلام، الذي هو لم یزل دؤوب علی أن یجد ثلمة في المسلمین وصفوفهم، فیتسرب منها إلیهم و یمكر مكراً ویكید كیداً، حتی یذهب بریحهم.

وأخیراً یا من تسمعون نداءنا نحن بحاجة ماسّة إلی دعواتكم إن عجزتم عن فك سراحنا!!!

وقد ذكرتني كلمات الأخ الفاضل – فك الله أسره – بحدیث الحبیب صلی الله علیه وسلم عندما قال: ما قل وكفی خیر مما كثر وألهی.

ولكن یبقی كلمتي معكم أیها الأحبة أولا یوقظنا حدیث الحبیب صلی الله علیه وسلم عندما قال: « مَا مِنَ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ ، وَمَا مِنَ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ». {رواه أبوداود في سننه:4243}

أولا یقرع أذهانكم هذا الحدیث؟

أو ما تخـــــــــــــافون عن هذا الأمر بأن یهتك الله حرمتكم ویخذلكم؟؟

بالله علیكم أنظروا إلی صحیفتكم الیومیة كم تذكرون إخوانكم في الدعوات؟؟

كم؟؟

وكم؟؟؟!

لله درّ أمیر المؤمنین عمر بن الخطاب رضي الله عنه كیف كان یهمّه شأن الأسیر، وأدرك معاناته حتی فاضت عنه هذه الكلمات: «لأن استنقذ رجلاً من المسلمین من أیدي الكفار، أحبّ إلي من جزیرة العرب».

وقال الإمام مالك رحمه الله : واجب على الناس أن يفدوا الأسارى بجميع أموالهم.

وقال الإمام القرطبي رحمه الله: وتخليص الأسارى واجب على جماعة المسلمين إما بالقتال وإما بالأموال، وذلك أوجب لكونها دون النفوس إذ هي أهون منها.

فالله الله یا أیها المسلمون! أو تظنون بأننا لا نسأل عن هذا الخذلان والاستكانة ؟؟

فافقهوا بأنه لم یبق لنا عذر حتی خذلنا إخواننا مقبوعین خلف الزنازين والأسوار، یجري علیهم حكم الصلیبیین وأذنابهم العملاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظیم.

أنت أیها التاجر یا من وفّر الله علیك النعم لاختبارك أو لا تخاف من یوم الحساب یوم لا ینفع مال ولا بنون عندما يسألك الباري عز وجل وأنت واقف لدیه؟

یا من أعطاك الله الملایین إنك تقدر ببضعة ألاف أن تفك سراح لیث من لیوث الإسلام الذي لو لم یكن هو، لما كنت آمناً في بیتك تعبد ربك في أمن وأمان….

وإلی الله المشتكی..

اللهم اجعلنا من الذین یستمعون القول فیتبعون أحسنه..

اللهم فك قید أسرانا وأسری المسلمین المجاهدین، وردهم إلی أهلهم سالمین غانمین، غیر خذایا ولا مفتونین، عاجلة غیر آجلة یا رب العالمین.

اللهم إنهم في حاجة عاجلة إلی رحماتك فأنزل رحماتك یا رحمن یا رحیم.

اللهم من آذاهم فآذه ومن عاداهم فعاده..