صورة وصفية من الشهيد الحاج الملامحمد نسيم (كاكو) رحمه الله

لما کان الجهاد أمر قد تكرهه النفس البشرية، لما فيه من إزهاق للروح، التي هي أعز شئ عند الإنسان، رفع الله من شأن الجهاد، وجعل المجاهدين في أسمى مراتب الشرف، حيث جعل الجهاد صفقة بين متبايعين، الله – سبحانه وتعالى – فيها هوالمشتري، والمؤمن فيها هو البائع، فيعد الجهاد بيعة مع الله لايبقى بعدها للمؤمن شئ في نفسه، ولا في ماله يحتجزه دون الله – سبحانه وتعالى – ودون الجهاد في سبيله لتكون كلمة الله هي العليا، وليكون الدين كله لله، فقد باع المسلم لله في تلك الصفقة نفسه وماله مقابل ثمن محدود معلوم، وهو الجنة؛ وهو ثمن لاتعدله السلعة، ولكنه فضل من الله ومنه، وتتحد هذه المعاني في قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) {التوبة}.

والأمر الذي لا مرية فيه أن الذين باعوا هذه البيعة، وعقدوا هذه الصفقة هم صفوة مختارة، ذات صفات مميزة، وقفوا على هذه الحقيقة، ولمسوها بأيديهم، وشاهدوا ثمار البيعة بعيونهم، فأقبلوا على المعارك بصدق ووفاء بما عاهدوا الله عليه؛ لأنهم قطعوا على أنفسهم أنهم لايقيلون ولايستقيلون، وعلموا أنه لاسبيل إلى انطلاق دين الله إلا بالمضي في نفاذ هذه البيعة بتقديم أغلى شئ، وهما النفس والمال، وبخاصة أنهم يعلمون أن هذا المقابل – وهو النفس والمال- زائل في طريق الجهاد أو غيره، ولامفر من زوالهما.

فأفضل شئ أن يقدم لإعلاء كلمة الله، وتقرير دينه، وتحرير عباده من العبودية المذلة لسواه. وقد تأكدت هذه المعاني في نفوسهم، فصدقوا مع الله، فأيدهم الله بنصر من عنده، وهذه حقيقة ثابتة، بعيدة عن الوهم والخيال.
والآن نحن في هذه العجالة وفي طيات هذه الصفحات البسيطة بصدد أن نذكر سمات سامقة لأحد هؤلاء الأبطال الشجعان والبائعين نفوسهم لمولاه، ألا وهو الشهيد كما نحسبه والله حسيبه الحاج الملامحمد نسيم (كاكو) رحمه الله.

الميلاد والنشأة:

لقد أبصرالنور الشهيد الحاج محمدنسيم( قاصد) بن الحاج شاه محمد المعروف بـ “كاكو” قبل 45 عاماً في قلعة أجكزي وفي قرية نجات بقندهار.
تعلم الدروس الابتدائية لدى جده الذي كان استاذاً لجماعة كبيرة من الطلاب.
ومنذ نعومة أظافره التزم بدينه القويم، وتمسك بمبادئ شريعته الغراء، ترى في محياه أمارات التقوى وعلامات الخشوع، خالياً من الغش والخديعة والنفاق، وكان شجاعاً وبطلاً.

الحالة الاجتماعية:

متزوج وله 6 أبناء وهم إحسان الله، إقبال أحمد، بلال أحمد، شبیر أحمد، خلیل أحمد، وقار أحمد، و5 بنات و3 إخوة، كما خلف وراءه أباً وأماً عجوزين .
كما خلف وراءه آلاف من المجاهدين والكماة ولي إمرتهم أخوه الأكبر ولهم صولات وجولات على مراكز العدوّ، منها الهجوم البطولي على القوات الاسترالية في فراه بالإضافة إلى 3 انفجارات متتالية على مبنى ولاية فراه والعملية الاستشهادية على العميل عبدالصمد الذي يتأرجح بين الموت والحياة.
فأصدقائه ورفاقه يخطون خطاه ويحذون حذوه بالصدق والإخلاص والتفاني بالانسجام والوحدة، ولهم صولات وجولات على الأعداء.

مشواره الجهادي في عهد السوفيات:

وانضم الشهيد محمدنسيم رحمه الله من منذ شبابه المبكر إلى صفوف الجهاد بدءً من مديرية أرغنداب ثم إلى مناطق أخرى وصفوف جهادية مختلفة، فبرز نجمه وعلى صيته في حروب الكر والفر والعصابات؛ لأن له كانت خبرات عسكرية وتكتيكات فذة نذكر فيما ههنا إحدى ذكرياته العطرة التي قصها بعض إخوانه: (وذات مرّة وقعنا في محاصرة “الشيوعيين” في إحدي أرياف قندهار، فنفد طعامنا وكنا بحاجة إلى الطعام، فههنا قال لنا محمدنسيم رحمه الله لنا – وهو لم يزل شاب في غيسان شبابه وميعانه – علي بأن آتي لكم الطعام والغذاء، فخرج من الخندق وبعد قليل رجع إلينا بالطعام والغذاء، فلم نكد نصدق بأنه فعل هذاالأمر فسئلته : كيف عبرت من جميع الحواجز ؟

فقال: بالسهل تماماً فإني كلما وصلت إلى حاجز للعدو جهشت بالبكاء وأتكلم بلغتهم بأن جدي قد توفي وأذهب بهذا الطعام صدقة له، فكانوا يسمحون لي أن أعبر من مركز التفتيش بهذا النمط. 

دوره ونشاطاته في عهد تناحر الفصائل المقاتلة:

وعندما غادرت الاتحاد السوفیتي بلاد الإسلام یجر أذیال الخیبیة والخسران في أبریل 1992م، ازداد المشهد قتامة وفرقة وعصبیة وانحیازاً عن جادة الحق؛ فنشبت حرب مجنونة، وصراعات أهلیة حزبیة وقبلیة بین رفقاء الدین والسلاح في أفغانستان، کان أبرزها الصراعات التي جرت للسیطرة علی البلاد وولایاتها ومدیریاتها ومقدراتها بین تنظیمات وفصائل ما یسمی بالمجاهدین. 

فلما شاهد بطلنا المغوار هذه المشاهد الفظيعة والمتنكرة التي تقشعر منها الجلود، فما كان منه إلا أن يختار زاوية كما في الأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي صلىوسلمت          :

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : « ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، من تشرف لها تستشرفه ، ومن وجد فيها ملجأ فليعذ به » متفق عليه
أي : من وجد عاصمًا وموضعًا يلتجئ إليه ويعتزل فيه فليعتزل.

وعن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : « يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع
القطر ، يفر بدينه من الفتن ». رواه البخاري

وهذا يدل على فضل اعتزال الفتن عند وقوعها ، وأنها مفسدة للدين الذي هو أول ما يجب على المسلم صيانته وحفظه .

وعن أبي بكر رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : « إنها ستكون فتن . ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي فيها ، والماشي فيها خير من الساعي إليها . ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه » . قال : فقال رجل : يا رسول الله أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض ؟ قال : « يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ، ثم لينج إن استطاع النجاء . اللهم هل بلغت – ثلاثًا – » . قال : فقال رجل : يا رسول الله أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه أو يجئ سهم فيقتلني ؟ قال : « يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار »

رواه مسلم

وعن أبي موسى أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال في الفتن : « كسروا فيها سيوفكم وقطعوا أوتاركم واضربوا بسيوفكم الحجارة ، فإن دخل على أحدكم فليكن كخير ابني آدم » رواه ابن ماجة

فهذه النصوص جميعها تدل على النهي عن القتال في الفتنة ولا شك أن الخروج على الأئمة مما يؤدي إلى الفتنة ، فدل ذلك على النهي عن الخروج على الأئمة الظلمة . قال الحافظ ابن حجر : ( والمراد بالفتنة في هذا الباب : هو ما ينشأ عن الاختلاف في طلب الملك حيث لا يعلم المحق من المبطل ).

والأحاديث في باب الفتن كثيرة وليس موضعها فيما ههنا، إلا أننا نريد نثبت فيما ههنا أن القتال الدامي التي نشبت أظفارها بعد انسحاب الاحتلال إنما هي كانت من أجل طلب الملك حيث لم يكونوا يعرفون من المحق من المبطل وكل شهر سلاحه على أخيه يقتله شر قتلة، فلم يكن لشهيدنا إلا أن يعتزل من هؤلاء المتناحرين فيما بينهم لأجل السلطة والحكم، فأخذ يعبد ربه في زاوية ويقضي معه أيام التزكية والسلوك، ويسعى دوما أن يذكر الآخرين من الابتعاد في هذه الفتن الشعواء وينصحهم في الله. 

نشاطاته وتضحياته في عهد الإمارة الإسلامية:

ولما قامت الإمارة الإسلامية لقمع الفساد والفصائل الفاسدة المتناحرة واستقرار البلاد بإمرة أمير المؤمنين الملامحمدعمر مجاهد حفظه ورعاه ودامت بركاتهم العالية، كان الشهيد الملامحمد نسيم كاكو من السباقين إلى صفوف الإمارة الإسلامية بمعية القائد الميداني الملامحمد، وكان معه متعاضداً ومتكاتفاً لسخونة ميادين القتال، وعندما استشهد ذلك الفقيد في القتال مع إسماعيل خان – أخزاه الله -، أخذ يجاهد تحت قيادة الملا برادر – فك الله أسره -، وأخذ يقاتل بكامل البسالة مع الفلول الفسدة التي كانت يقودها الجاني إسماعيل خان غربي البلاد، فكان في ميدان شهر بمعية الفقيد الملارباني رحمه الله والفقيد الشهيد الملا مشر وقادات الميدانيين الكبار الآخرين، فكانوا قد سدوا أمام قوات إسماعيل خان حتى يتقدموا، فرجع إلى قندهار ومن ثم إلى جريشك دون أن يزور عائلته أو يزيل عنه تعبه ومكث هنالك إلى أن فتحت هرات وأطرافها. 

كان رحمه الله زاهداً بزخارف المسئولیة، وذات مرة عينه الشيخ الملابرادر قائداً على مجموعة من المجاهدين، ولكنه أبى وامتنع من أن يكون أميراً ورأى أن يكون كجندي يخدم في سبيل الله، وكان له دور رشيد في فتح ولاية هرات، وكان بمرافقة الملابرادر عندما فتحوا هرات.

وعندما توالت الفتوحات شرقي البلاد وكابول، كان الشهيد رحمه الله قد ذهب بمرافقة لجنة إدارية من طريق مديرية لوجر وأزري إلى مركز ولاية ننجرهار، جلال آباد، ومن هنالك قد ساهم مع المجاهدين الآخرين عند فتح كابول.

وعندما كان في شمال فوضت إليه مسئولية مواصلات المدد للمجاهدين وكانت مسئولية مهمة وصعبة،   فلم تکن المسئولیة الجدیدة داعي راحة للشهید بل قلق دائم، وعمل متواصل، وتقویة بکل ما أوتي من جهد للمجاهدین، ثم فوضت إليه مسئولية حفاظة وزارة الدفاع وكان من أخص زملاء الشهيد الباسل الملاعبيدالله رحمه الله الذي كان وزيرالدفاع للإمارة الإسلامية، وكان الشهيد المقدام والبطل الضرغام الملادادالله رحمه يذاكر مراراً وتكرارً عن بطولات الملانسيم.

ثم عيّن من جانب وزيرالدفاع قائداً لفرقة الاستناد والمدد، فكان قد حضر في كثير من المعارك الطاحنة كقائد ميداني شجاع حكيم، ثم فوضت إليه القيادة العامة لصفحات شمال، فكان يؤدي وظيفته بالشكل الحسن، وذات مرة اضطر المجاهدون أن ينسحبوا جراء مؤامرة من العدو وخديعتهم، وسقط كثير من المجاهدين شهداء عند الانسحاب، كما سقط بعض المجاهدين مع سياراتهم أسرى بأيدي العدوّ، وبعضهم قتلوا بعدما قبضوا، ولكن الشهيد الملانسيم استطاع أن ينسحب بالمجاهدين ويرجعهم إلى غوربند ومن ثم إلى كابول.

دوره بعد احتلال البلاد:

وعندما هاجمت القوات الصليبية بلاد الإسلام كان الشهيد رحمه الله آنذاك نائباً لقوات الإسناد والمدد، فلعب دوراً مثالياً في سد سيل الجارف الشماليين الذين كانوا يهجمون على المجاهدين إلى كابول ، فسد أمامهم حتى انسحب المجاهدون من طريق لوجر وبكتيا.

ثم بدأ كبيقية المجاهدين الأبطال القتال ضد عملاء الأمريكان في ضواحي قندهار، واستهدفت الطائرات الأمريكية مرات عديدة سيارته وقصفوا مرة سيارته وهو في طريق جولة في قندهار فأصيب جراء ذلك، وكان مساهما مع المجاهدين الآخرين في قندهار إلى أن سقطت بأيدي الصليبيين، ثم بعد انسحاب أبطال الإمارة الإسلامية، بادر بجمع أصحابه المجاهدين، وبدأ معهم الحرب العصابات ضد الصليبيين، وكان من السباقين في هذا المضمار، وبادر بدك حصون الطغاة ومن ضمنهم بيت أمير المؤمنين الذي تحصن فيه جنود الأمريكيون بعد السيطرة عليه، واستهدف أيضاً مبنى ولاية قندهار وبيت أحمدولي كرزاي بالصواريخ، وبهذا النمط هز عروش العملاء وأثار ضجيجاً ورعباً في البلاد، ووأسخن ميادين القتال والرباط والجهاد، وأرعبت هجماته التي كانت على طريق الكرّ والفرّ العدو المحتل في مدينة قندهار وضواحيها.

في قبضة العدوّ:

لأن مسيرة الجهاد لاتحفها الورود، ولأن حياة المجاهد محفوفة بالمكاره، مزدحمة بالابتلاءات التي تتنوع بين السجن والنفي والقتل، فقد كان للشهيد من كل ذلك نصيب، فقد تم اعتقاله بعدما نفذ كثيراً من العمليات المختلفة على ثرى ولاية قندهار، فاعتقل ومعه بعض الصواريخ التي أعدها لرمي الصواريخ على مركز العدو، ففرح والي قندهار الذي يدعى “جل آغا شيرزي” الذي ذاع صيته في القساوة والتعذيب، وأعطى هدايا ثمينة لمن ألقى القبض عليه، ثم هدد الملامحمد نسيم رحمه الله بالموت، فلم يقدر الشهيد رحمه الله أن يتحمل ما يقول ذلك المجرم فأجابه وقال له: إننا لانخاف من الموت ومستعدون للموت في سبيل الله.

ولكن جل آغا الذي كان من أقرب الناس للأمريكان فلم يتوان هذا المجرم من إشباعه بالضرب والتعذيب، وأمر أن يعلقوه إلى 3 أيام، وكان أبوه أيضاً معه وهو يقول: عندما كانوا يريدون أن يعذبوه يأخذون حزمة من الحطب الرطبة ويعذبونه بها وبعدما يغمى عليه من شدة الشرب يرجعونه إلى الغرفة، ثم يقولون لي قل: ماذا فعل؟

فكنت أقول لهم: إنكم أشبعتموه من الضرب وأفلجتم بدنه ولكنه لايعترف بشئ لكم فكيف تتوقعون أن يقول لي شئ، ثم فرج الله عني حيث كان هناك شخص يدعى “داود سرخ” أنا أعرف أباه إنه برئ، فتركوني وخلوا سبيلي.

وبعدما يفيق الملامحمد نسيم يقف على رأسه رجل اسمه حامدزي لالي ويقول: إرفعوه، وبعدما يرفعونه يسبه ويشتمه ذلك الخبيث، فاشتاط الملامحمد نسيم غضباً على ذلك المجرم، فهدده قائلاً: لو أبقاني الله سبحانه حياً وأخرجني من السجن سأقتلك، ثم تفل على وجه ذلك المجرم.

وعندما كان الشهيد رحمه الله في السجن شل أعضاءه ولم تكن تتحرك من كثرة التعذيب، فكان المجاهدون الآخرون يخدمونه في السجن.

حفر النفق ولأول مرة في سجن قندهار:

كان الشهيد الملامحمد نسيم رحمه الله خبيراً عسكرياً وله إبداعات؛ لأنه اقترح لأول مرة على إخوانه المجاهدين حفر النفق من إحدى الغرف للخارج، فاستطاعوا بالإبداع وجهد حثيث أن يحفروا نفقاً ويخرج زهاء 30 مجاهداً من السجن، ونقلوا إلى أماكن محفوظة، وكان بعض المجاهدون الآخرون من أماكن آخرى بعيدة ولم تكن عندهم المعلومات من المنطقة فنقلهم المجاهدون إلى أماكن محفوظة ومن ثم إلى مناطقهم.


النشاطات المجددة والرجوع ثانياً إلى الخنادق:

وأصيب بجروح خطيرة جراء التعذيبات التي لاقها في السجن، فاقترحوا له أن يدواى ويُعالج، وبعد فترة قليلة وبعدما شفي قليلاً عزم كي يبدأ نشاطاته الجهادية مرة أخرى، فألب إخوانه ووحد في صفوفهم، فبدأوا نشاطاتهم الجهادية في مناطق عدة من ضواحي قندهار كالمطار، ودامان، ودند دي خواجه، وشنوا غاراتهم على مراكز العدوّ وجعل العدو يكوي في أتون الجهاد، وفي هذا الدرب استشهد وجرح كثيرمن زملائه، كما أسر كثير منهم، ولكن تفت تلك الحوادث في عضده شيئاً، بل صبر ومضاء على طريق الجهاد، ويواسي بعوائل الشهداء ويبذل قصارى جهوداته الجبارة لعلاج الجرحى، وفكاك الأسرى، وكان هو وأصدقائه في ميدان الجهاد كعائلة واحدة.
وكان الشهيد رحمه الله ضمن فعاليت الجهادية على قندهار، عين كمسئول عسكري لولاية فراه بطلب من الحاج يوسف زميله، واستطاع في مدة قصيرة أن يكسب إنجازات مرموقة في تلك الولاية منها : عمليات  الكمين، صناعة الألغام اليدوية، دك حصون وقلاع العدوّ بالصواريخ، تنسيق العمليات الاستشهادية، وعمليات أخرى كثيرة ومهمة على مراكز العدوّ التي أربكتهم ودوخت رئوسهم، وانهارت بها معنويات العدو.

موعده مع الشهادة

ودعت الإمارة الإسلامية بتاريخ 2 من مايو2013م رجلاً من رجال أفغانستان العباقر الذين حملوا همّ الأمة على أكتافهم، وقائداً عظيماً من قادات الإمارة الإسلامية، ألا وهو القائد الملامحمد نسيم رحمه الله الذي اغتالته طائرات العدو المحتل الصليبي في السيارة التي كان يستقلها في قرية رنج بمديرية خاك سفيد هو و5 من رفاقه ومعهم 2 من الاستشهاديين في عمر يناهض 45 عاماً.

وكانت له 3 امنيات في حياته أولاهما: خروج المحتلين من بلاده، وثانيها: الحج، وثالثها: الشهادة في سبيل الله. فنال إثنان منها وبقيت الأمنية الثالثة وهو قضى نحبه في سبيل الله.